ما النبأ السيئ الذي قد يتلقاه أردوغان في سبتمبر؟

 ما النبأ السيئ الذي قد يتلقاه أردوغان في سبتمبر؟


تطرق الكاتب السياسي في شبكة “بلومبرغ” بوبي غوش إلى حدث لم يلقَ الكثير من الانتباه خلال قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) الشهر الماضي: تبادل الرئيسين الفرنسي والتركي، وهما العضوان الأكثر تناقضاً داخل الحلف، المعاملة اللطيفة. في بروكسل، وافق الرئيسان إيمانويل ماكرون ورجب طيب أردوغان على “وقف إطلاق نار كلامي” وقد وصف وزير الخارجية الفرنسي جان-إيف لودريان المرحلة المقبلة بأنها “مرحلة تعافٍ” في العلاقات الثنائية. ينبثق الحقد والاحتجاج القاسي بين ماكرون وأردوغان من العداء الشخصي بمقدار ما هو ناتج عن حسابات جيوسياسية. كرر الرئيس التركي شكوكه بالصحة العقلية لنظيره الفرنسي بينما اتهم الثاني الأول بالكذب والفشل في إظهار الاحترام لفرنسا، إضافة إلى أمور أخرى.

تقلصُ دور أردوغان
يرى غوش أنه لم يكن هنالك حدث معجّل أو قضية أو مأساة مشتركة أمكن أن تقرب الرئيسين من بعضهما البعض، كما غابت أي وساطة من صديق مشترك. التفسير الأكثر احتمالاً لهذه التهدئة بحسب الكاتب هو وصول جو بايدن إلى البيت الأبيض واقتراب مغادرة أنجيلا ميركل منصب المستشارية في ألمانيا. بالنسبة إلى أردوغان، لقد تقلص دوره فعلاً. لم يعد الرئيس التركي يتمتع بإمكانية الوصول المباشر إلى البيت الأبيض كما كانت الحال في ولاية ترامب. بعدما وصف بايدن نظيره التركي بالمستبد، لن يكون بايدن متسامحاً مع عداء الأخير تجاه الولايات المتحدة والغرب كما كان الرئيس الأمريكي السابق.

هل يفتقد ميركل أكثر؟
قد يكون هذا التحول سبب تخفيف أردوغان حدة نبرته خلال الأشهر الأخيرة. لقد كان حذراً من الإتيان برد فعل عنيف في أواخر (أبريل) نيسان بعدما وصف بايدن القتل الجماعي الذي ارتكبته السلطنة العثمانية بحق الأرمن بالإبادة.  وحين التقى الرئيسان ببعضهما في بروكسل، لم يظهر أردوغان الاختيال الذي اعتاد إبداءه حين كان يجتمع بترامب. لكن غوش يرجح أن يفتقد أردوغان ميركل أكثر من افتقاده ترامب. المستشارة هي أكثر سياسي غربي يبدو أن أردوغان يحترمه حقاً. كان بإمكانه الاعتماد عليها لضبط حلفائها الأوروبيين، من بينهم ماكرون، عن الرد بطريقة متشددة على الاستفزازات التركية.

تبلغ الرسالة
يوضح غوش أن العلاقات بين ميركل وأردوغان لم تكن دوماً سلسة. اتهم الرئيس التركي في إحدى المرات ميركل باستخدام “إجراءات نازية” حين ألغت برلين تجمعات انتخابية في المانيا مما أدى إلى توبيخه. وقد شعرت بالقلق لتهديداته المتكررة بإرسال مئات الآلاف من اللاجئين السوريين إلى أوروبا. على الرغم من ذلك، تفضلت عليه ميركل بزيارة رسمية كبيرة في خريف 2018 وقد شكلت إشارة إلى سائر دول الاتحاد الأوروبي بأن ألمانيا لن تذهب إلى مواجهة مع تركيا. بالمقابل، أصغى أردوغان إليها أكثر مما فعل مع أي زعيم غربي. حين تواجهت تركيا واليونان بحرياً في شرق المتوسط، أدى اتصال من ميركل إلى نزع فتيل التفجير. إن ماكرون الذي بدا أنه سعى إلى مواجهة تركية-أوروبية تبلغ الرسالة وتراجع.

 استفادة متبادلة
يرى الكاتب أن الرئيس الفرنسي سيكون مسروراً لتشارك بايدن معه النظرة نفسها إلى أردوغان كمستبد، وقد يشعر بالجرأة لتهميش تركيا في الشؤون الأطلسية. لكن ماكرون ينظر أيضاً باهتمام إلى عباءة ميركل كرئيسة لأوروبا بحكم الأمر الواقع. في هذه الأثناء، ثمة الكثير من تضارب المصالح بين فرنسا وتركيا بدءاً من دول الساحل مروراً بشمال أفريقيا وشرق المتوسط وصولاً إلى القوقاز. لهذا السبب، من الصعب تخيل حفاظ ماكرون وأردوغان على وقف إطلاق النار الكلامي لفترة طويلة. ويستفيد الرجلان سياسياً، في الداخل والخارج، من صراعهما.
يعزز ماكرون علاقاته مع العالم العربي حيث تجمع الطرفين شكوك تجاه سياسات أردوغان. وتحدث أيضاً عن التهديد التركي للديموقراطية الفرنسية محذراً من أن أنقرة ستطلق حملات تضليل للتأثير على الانتخابات الرئاسية الفرنسية السنة المقبلة. من جهته، لن يواجه أردوغان انتخابات رئاسية قبل صيف 2023. لكنه استخدم شبح الأعداء الخارجيين من أجل صرف انتباه الأتراك عن الحالة المزرية لاقتصاد البلاد. ماكرون القتالي سيناسب أردوغان بشكل جيد. لكن ماذا عن علاقتهما بخليفة ميركل؟

الحصان الأسود
يجيب غوش بأن كلا الرئيسين حاول صياغة علاقة مع أرمين لاشيت، المرشح الأول لمنصب المستشارية. كان أردوغان سريعاً في تهنئة لاشيت في يناير (كانون الثاني) حين أصبح رئيساً لحزب الاتحاد الديموقراطي المسيحي. واستضافه ماكرون في مناسبات عدة. إذا فاز الحصان الأسود بالمنصب، أي أنالينا بيربوك من حزب الخضر، فسيتلقى أردوغان أنباء سيئة: هي منتقدة صريحة للمستبدين ومن المرجح أن تمنح الاتحاد الأوروبي امتيازاً أكبر من الذي ستوليه إلى الناتو.