الرئاسة تنفي المسرحية رديئة الإخراج:

ما حقيقة الخطّة الانقلابية للرئيس التونسي...؟

ما حقيقة الخطّة الانقلابية  للرئيس التونسي...؟

-- دعوة خصوم «سعيد» للقصر الرئاسي والإعلان عن الخطة بوجودهم مع عدم السماح لهم بالمغادرة
-- سيتم إلقاء القبض على عدد من كبار السياسيين الآخرين ورجال الأعمال
-- تنص الوثيقة على أنه لن يُسمح للمشيشي والغنوشي بمغادرة القصر
-- سيتم نشر القوات المسلحة على مداخل المدن والمؤسسات والمرافق الحيوية


أثارت «وثيقة سرية» مسربة حصل عليها موقع «ميدل إيست آي» البريطاني لخطة انقلاب رئاسية بتونس جدلا واسعا وردود فعل في صفوف القوى السياسية او صفحات التواصل الاجتماعي.
   ونفى مصدر من الرئاسة التونسية في تصريح اذاعي أمس الاثنين صحة ما ورد في الوثيقة المسربة والتي وصفها «بالوثيقة المزعومة والمسرحية رديئة الإخراج».   وأضاف أن «رئاسة الجمهورية تترفع عن مثل هذه الادعاءات التافهة»، حسب قوله.

مواقف الأحزاب
  وقد اعتبر أمين عام حركة الشعب زهير المغزاوي في تصريح اذاعي أمس الاثنين، أن ما سمي بـ «وثيقة انقلاب رئيس الجمهورية المسربة» هي مجرد محض خيال وأضغاث أحلام لدى البعض، وتندرج في إطار صراع بين مشروع الإسلام السياسي ومشروع ينخرط فيه رئيس الجمهورية مع عدة أطراف أخرى.

   وأكد المغزاوي أن الوثيقة لا تتضمن أي دليل إدانة لأي طرف، مضيفا أن الحديث عن تفعيل الفصل 80 الوارد في الدستور لا يمكن اعتباره انقلابا ومن حق أي جهة الدعوة إلى تفعيله.    ودعا إلى الصراع بالوجوه المكشوفة، قائلا ‘’السياسة أخلاق قبل كل شيء، وتصفية الخصوم السياسيين أو إخراج البلاد من المأزق الحالي لا يكون باستخدام هذه الأساليب. وما اعتبر وثيقة مسربة تقف وراءها جهات معلومة انطلاقا من الموقع الذي نشرها والذي تحوم حوله عديد التساؤلات، والهدف من هذا «التسريب» هو مزيد تعفين الوضع>>، وفق تقديره.

   من جانبه، اعتبر رئيس كتلة حزب قلب تونس أسامة الخليفي، أن عهد الانقلابات انتهى والدولة محصنة بشعبها ومؤسساتها، مضيفا أن حزب قلب تونس لا يعطي أهمية لمثل هذه الوثائق المسربة رغم أنها تساهم في مزيد تأزم الوضع وتقدم صورة عن عدم وجود استقرار في تونس خاصة على المستوى المؤسساتي والسياسي.    كما اعتبر الخليفي أن الهدف من التسريب هو إرباك العمل داخل الدولة ولذلك وجب التصدي لهذه المحاولات.    في المقابل، اعتبر القيادي في حركة النهضة عبد اللطيف المكي، أنه لا يوجد في الوثيقة المسربة ما يفيد بأن رئيس الجمهورية يعد للانقلاب أو إشارة لشخص الرئيس قيس سعيد، ويمكن اعتبارها مسعى لتوريط الرئيس من خلال استغلال حرصه على تحقيق بعض المطالب.

   وأضاف أن الوثيقة المتداولة تتحدث عن مديرة الديوان الرئاسي نادية عكاشة والتي قد تكون على علم بأشياء لا يعلمها رئيس الجمهورية، مؤكدا أنهم يعلمون من يشتغل ويحرض لاستخدام تلك الأفكار الموجودة في الوثيقة المسربة.

   ودعا عبد اللطيف المكي الرئاسة إلى تقديم توضيح بخصوص هذا الموضوع ولا تكتفي بالصمت نظرا لخطورة ما يتم تداوله على صورة تونس، مؤكدا أنه لا سبيل لتجاوز الأزمة غير اعتماد الحوار الوطني وكل المحاولات الأخرى سيكون مصيرها الفشل في حين قال الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي، في تدوينة له امس الاثنين على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، «أن من يعتقد بأن رئيس الجمهورية يمكنه الانقلاب على الشرعية أو على مؤسسات الدولة أو على ارادة الشعب وذلك بتفعيله لمقتضيات الفصل 80 من الدستور أو استغلال هذه الآلية لنفس الغاية فهو واهم».
وأضاف أن من يملك هذا الاعتقاد غير مطلع على ما تضمنه الفصل الدستوري المذكور من شروط وقيود وضمانات جاءت بغاية الحفاظ على وحدة الدولة وأمنها واستقلالها واستقرار مؤسساتها.

فحوى الوثيقة
   وكان موقع «ميدل إيست آي» البريطاني، قد نشر الأحد، وثيقة قال إنها سرية للغاية ومسربة من مكتب مديرة الديوان الرئاسي التونسي نادية عكاشة، يعود تاريخها إلى 13 مايو الجاري، تتحدث عن تدبير انقلاب رئاسي في تونس.    وبحسب الوثيقة، فقد حث كبار المستشارين الرئيس التونسي قيس سعيد على انتزاع السيطرة على البلد من الحكومة، من خلال تفعيل المادة 80 من الدستور وإعلان الحالة الاستثنائية كأداة لتركيز جميع السلطات بيد رئيس الجمهورية، وهي حالة الاســتثناء ويعبر عنها “بالديكتاتورية الدستورية».

   وتقترح الخطة في دعوة خصوم الرئيس السياسيين إلى القصر الرئاسي والإعلان عن الخطة بوجودهم، مع عدم السماح لهم بالمغادرة، وفي الوقت ذاته سيتم إلقاء القبض على عدد من كبار السياسيين الآخرين ورجال الأعمال.
   كما توضح الوثيقة كيف سيفعّل الرئيس مادة في الدستور تمنحه في حالة الطوارئ الوطنية، سيطرة كاملة على الدولة، حيث سيدعو الرئيس إلى اجتماع عاجل لمجلس الأمن القومي في قصره بقرطاج تحت ستار الوباء والوضع الأمني والحالة المالية العامة للبلاد.

   بعد ذلك، سيعلن سعيد ما أسمته الوثيقة بـ «الدكتاتورية الدستورية»، التي يقول واضعو الوثيقة إنها أداة «لتركيز كل السلطات في يد رئيس الجمهورية»، إذ وصفت الوثيقة الوضع بأنه «حالة طوارئ وطنية» تنص على ما يلي: «في مثل هذه الحالة يكون دور رئيس الجمهورية أن يجمع كل السلطات في قبضته حتى يصبح مركز السلطة التي تمكنه حصريا من كل السلطات».

   وحسبما ورد في الوثيقة، سيعلن الرئيس سعيد للحاضرين، الذين من بينهم رئيس الوزراء هشام المشيشي ورئيس البرلمان زعيم حزب النهضة راشد الغنوشي، أنه سيفعّل الفصل 80 من الدستور الذي يسمح للرئيس بالاستيلاء على السلطات في حالة طوارئ وطنية.
   كما تنص الوثيقة على أنه «لن يُسمح للمشيشي والغنوشي بمغادرة القصر، الذي سيتم إدخاله في حالة عزلة كاملة عن الخارج، وفي تلك الأثناء سيوجه الرئيس خطابا تلفزيونيا إلى الأمة للإعلان عن انقلابه».

   في ذات السياق، تنص الوثيقة أيضا على تعيين اللواء خالد اليحياوي وزيرا للداخلية بالإنابة، وسيتم نشر القوات المسلحة «على مداخل المدن والمؤسسات والمرافق الحيوية»، كما سيتم وضع الأشخاص الرئيسيين تحت الإقامة الجبرية، منهم من حركة النهضة، نور الدين البحيري، ورفيق عبد السلام صهر الغنوشي، وعبد الكريم الهاروني، وسيد الفرجاني».

   ومن نواب حزب قلب تونس، غازي القروي، وسفيان طوبال، بالإضافة إلى رجال أعمال ومستشارين في ديوان رئيس الوزراء وغيرهم.    ولجعل الانقلاب شعبيا، تقول الوثيقة إن جميع مدفوعات الفواتير أو الكهرباء والمياه والهاتف والإنترنت والقروض المصرفية والضرائب سيتم تعليقها لمدة 30 يوما، وسيتم تخفيض أسعار السلع الأساسية والوقود بنسبة 20 بالمائة.    لاوجاء في الوثيقة أيضا أن «الجلسة ستنتهي بعد ذلك دون السماح للحاضرين بمغادرة قصر قرطاج، مع إبقاء منطقة القصر الرئاسي، قبل وبعد ذلك، منفصلة مؤقتا عن شبكات الاتصال والإنترنت».

   من جهة ثانية، تتضمن الخطة حسبما ورد في الوثيقة، مقترحات لمنع أي برلماني مطلوب للمحاكم التونسية من مغادرة البلاد، وإعفاء جميع المنتمين إلى الأحزاب السياسية من مناصبهم في البلاد.

   بعد ذلك، سيجري الرئيس «تعديلا وزاريا شاملا مع الاحتفاظ برئيس الوزراء فقط دون غيره»، وسيتم نصحه من قبل مجموعة من لجان الطوارئ، لتحييده دون الاضطرار إلى إقالته على الفور، وهو إجراء معقد، إذ ينطوي على تصويت لازم من البرلمان.    وتعاني تونس في الوقت الحالي أزمة اقتصادية واجتماعية حادة، فاقمتها تداعيات جائحة كورونا؛ حيث شهدت البلاد مظاهرات اجتماعية متفرقة خلال الفترة الماضية.    كما يسود خلاف بين سعيد والمشيشي، منذ 16 يناير الماضي، عقب إعلان الأخير تعديلا حكوميا جزئيا، حيث لم يوجه الأول دعوة إلى الوزراء الجدد لأداء اليمين الدستورية أمامه، معتبرا أن التعديل شابته «خروقات».

هوية الموقع؟
   هذا وكشفت مصادر إعلامية ومواقع على التواصل الاجتماعي، «ان الموقع مسجل في بريطانيا باسم جمال بيساسو وهو مدير التخطيط والتنمية البشرية السابق في قناة الجزيرة، وان اختصاص هذا الموقع الاشاعات والتضليل ويدخل في منظومة قناة الجزيرة».
    اما عن صاحب الموقع ديفيد هيرست، تقول صفحة «من انتم» على موقع فيسبوك، انه «شريك فيما يسمى الشرق للدراسات الاستراتيجية، وهذا الاخير جزء من منتدى الشرق، ومنتدى الشرق هو منظمة مركزها الرئيسي في تركيا وصاحبها وضاح خنفر المدير العام السابق للجزيرة.... اي ان وباختصار شديد الموقع الناشر هو موقع للإخوان المسلمين يتبع القطريين والأتراك» وفق تعبيره.