ما موقع أوراسيا في استراتيجية بايدن الجديدة للأمن القومي؟

ما موقع أوراسيا في استراتيجية بايدن الجديدة للأمن القومي؟


أشار العقيد الأمريكي المتقاعد روبرت هاملتون إلى أن حدثاً جيوسياسياً كبيراً يطرأ مرة كل بضعة عقود فيعيد توجيه سياسة الأمن القومي الأمريكي بشكل جوهري.
وكتب هاملتون في “معهد أبحاث السياسة الخارجية” أن نطاق إعادات توجيه مماثلة يمكن قياسه عبر دراسة استراتيجيات الأمن القومي التي صدرت في أعقاب صدمات جيوسياسية.

 شكلت هجمات 11 سبتمر -أيلول 2001 صدمة من هذا النوع، وضعت الإرهاب في واجهة التهديدات المحتملة للأمن القومي الأمريكي مفتتحة جهوداً امتدت نحو عقدين  لهزيمته.
أضاف هاملتون، وهو أيضاً أستاذ مشارك في الكلية الحربية للجيش الأمريكي، أن الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا مثل صدمة أخرى للنظام.
تروي ثلاث وثائق قصة سرعة وعمق تغير سياسة الأمن القومي الأمريكي رداً على الغزو.

وهذه الوثائق هي استراتيجية الأمن القومي التي أصدرتها إدارة ترامب في 2017، والدليل الاستراتيجي المؤقت للأمن القومي في أوائل 2021، واستراتيجية الأمن القومي الصادرة حديثاً.

كانت استراتيجية ترامب للأمن القومي في 2017 وثيقة من 68 صفحة ذكرت روسيا 25 مرة. في عشر مرات من العدد الإجمالي ذكرت روسيا مع الصين، وهو ما يتوافق مع استراتيجية رأت أن تنافس القوى العظمى، سمة محددة للبيئة الدولية، وأن الصين وروسيا منافستان أساسيتان للولايات المتحدة.

وذكرت وثيقة 2021 روسيا 5 مرات فقط، في 24 صفحة؛ وتماشياً مع  تنافس القوى العظمى في استراتيجية ترامب للأمن القومي، ذكرت روسيا مع الصين 3 مرات. وتضمنت استراتيجية 2022  روسيا 71 مرة في صفحاتها الـ48، وذكرت روسيا مع الصين 11 مرة.
بعبارة أخرى، أشارت استراتيجية ترامب إلى روسيا مرة كل 2.7 صفحات، ذكرتها استراتيجية بايدن 1.5 مرة تقريباً في الصفحة الواحدة أو أكثر من وثيقة ترامب بنحو 4 مرات.
أضاف الكاتب أن اللغة في استراتيجية بايدن الجديدة هي، وبشكل غير مفاجئ، أكثر صدامية بكثير مع روسيا، من الاستراتيجيات الأمريكية الحديثة.

وبصرف النظر عن تغير الإدارات، كان ثمة استمرارية أكثر من التغير في كيفية مقاربة استراتيجية ترامب ودليل بايدن الاستراتيجي المؤقت للملف الروسي.
رأت الوثيقتان روسيا قوة معطلة ومزعزعة للاستقرار لكن قوة مهمة لمواصلة الحوار معها.  في المقابل، ترى الاستراتيجية الجديدة للأمن القومي روسيا دولة “خطيرة للغاية” وتمثل “تهديداً مباشراً للنظام الدولي الحر والمفتوح” وتحدد هدف السياسة الأمريكية بـ”تقييد” موسكو.

بصرف النظر عن مواجهة وتقييد روسيا، فإن الهدف الأساسي لاستراتيجية الأمن القومي في أوراسيا هو دعم أوكرانيا لدحر عدوان روسيا ضدها.
ظهرت أوكرانيا مرة واحدة في وثيقة ترامب و32 مرة في استراتيجية بايدن. إن الأهداف الأمريكية في المنطقة ليست مرتبطة فقط بسياسات القوة، فدعم الديموقراطية يلعب أيضاً دوراً أساسياً. وذكر ترامب “الديموقراطية” 6 مرات فقط، وذكرها بايدن 38 مرة في وثيقة أصغر بكثير. بالنسبة إلى دول أوراسيا، فإن الرسالة واضحة وهي أن تنميتها الديموقراطية ستؤدي دوراً جوهرياً في الدعم الذي ستحصل عليه.

هز مؤسسة الأمن القومي
هز الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا مؤسسة الأمن القومي الأمريكي بطريقة لم تحصل مع أي حدث منذ هجمات 11 سبتمبر-أيلول.
لقد كان إيذاناً ببداية حقبة مواجهة مع روسيا بجهود جادة لتقييد مخططات موسكو العدوانية ضد جيرانها، ويرتسم ذلك على خلفية دعم التطور الديموقراطي في أوراسيا.
ويرى هاملتون أنه كما في جميع استراتيجيات الأمن القومي، يبقى أن يراقب العالم إذا كانت هذه الأهداف قابلة كلها للتحقيق.