بعد التشاور مع رئيس الدولة واعتماده.. محمد بن راشد يعلن تغييرات في حكومة الإمارات
مسرح صراعات ومنطقة اشتبكات
ما هو سرّ البحر الأسود في حرب أوكرانيا؟
في أبريل -نيسان 2022، وبعد أقل من شهرين من غزو الرئيس بوتين لأوكرانيا، سجّلت كييف نصراً دعائيّاً كبيراً، على حد وصف محرر “ذا تايمز” بيتر كونرادي، عندما أغرقت السفينة موسكفا التي تُعدُّ أبرز سفن أسطول البحر الأسود الروسي المُستقر قبالة الساحل جنوب أوديسا.
والآن، وبينما يواجه الهجوم الأوكراني المضاد براً مقاومة روسية أقوى من المتوقع، تحوّل الاهتمام مجدداً إلى البحر الأسود بعد الضربات العسكرية الجريئة التي شنتها كييف واستخدمت فيها طائرات مُسيرة وأخرى بحرية.
وقال كونرادي في “ذا تايمز”: “حققت كييف نجاحاً كبيراً في وقت مبكر من يوم الجمعة الماضي عندما ضربت إحدى طائراتها البحرية المُسيرة سفينة حربية روسية في ميناء نوفوروسيسك، حيث تستقر قاعدة بحرية على البحر الأسود شرق شبه جزيرة القرم وعلى بُعد مئات الأميال من الأراضي الأوكرانية».
ولم يتضح بعد الحجم الكامل للأضرار، وفق التحليل، غير أن هناك ترحيباً بما عُدّ أعظم الإنجازات الأوكرانية بحراً منذ الهجوم على الطراد الروسي موسكفا، رغم أن سلاح البحرية في أوكرانيا زعمَ أنه لا علاقة له بالهجوم، وهو الأمر المستبعد، حسب التحليل.
في وقت مبكر أمس، بدا أن الأوكرانيين قد وجّهوا ضربة أخرى، إذ انطلقت طائرة مُسيرة محمّلة بـ 450 كيلوغراماً من المتفجرات لاستهداف ناقلة نفط روسية يُعتقَد أنها تحمل الوقود للجيش الروسي أثناء مرورها تحت جسر مضيق كيرتش الذي يربط شبه جزيرة القرم بروسيا.
وأعلنَ فاسيل ماليوك، رئيس جهاز الأمن الأوكراني، مسؤوليته عن الواقعة، وقال إن قوات بلاده ستهاجم أي سفينة تدعم الجهود الحربية الروسية.
وجاء نصرا أوكرانيا بعد المحاولة التي زعمت موسكو فشلها الثلاثاء الماضي وأقدمَت عليها قوات كييف إذ شنت هجوماً على سفينتين روسيتين في البحر جنوب غرب سيفاستوبول في شبه جزيرة القرم.
وردّت روسيا في اليوم التالي بشن هجوم بطائرة مُسيرة على منشآت الحبوب في منطقة أوديسا، مما تسبب في اندلاع حريق مهول وأضرار جسيمة.
ما هو السرّ وراء أهمية البحر الأسود الآن؟ يتساءل معد التحليل ويقول: يبدو أن تصعيد كييف للهجمات على أهداف روسية في البحر الأسود كان نتيجة انسحاب الكرملين الشهر الماضي من اتفاق يضمن المرور الآمن للسفن المُصدِّرَة للحبوب من أوكرانيا.
ويزعم مسؤولون أوكرانيون أن 200 ألف طن من الحبوب المُخصصة للتصدير أصابها الدمار منذ ذلك الحين في هجمات بطائرات مُسيرة على أوديسا وميكولايف وعلى البحر الأسود وريني وإزمائيل وعلى نهر الدانوب.
وتزامناً مع الهجوم الأخير الذي شنته أوكرانيا، فقد أثبتت أن بوسعها مهاجمة أي سفينة من أسطول البحر الأسود الروسي، بغض النظر عن المسافة التي تفصلها عنها، بحسب تصريح رومان سفيتان المحلل العسكري الأوكراني لوكالة “أسوشيتد برس».
وظلّ البحر الأسود يتمتع بأهمية استراتيجية كبيرة منذ قرون، وتحديداً منذ أن كان شرياناً حيويّاً للتجارة لليونان القديمة وروما. وفي الحرب العالمية الأولى، قُتل آلاف الجنود البريطانيون في معركة غاليبولي على يد العثمانيين الذين سعوا إلى تأمين المضائق العثمانية التي تعد مدخلاً إلى البحر الأسود من البحر الأبيض المتوسط.
وتأكدت الأهمية الاستراتيجية للبحر الأسود بعد أيام من الغزو الروسي لأوكرانيا عندما استغلت تركيا سلطاتها بموجب اتفاقية مونتيرو لعام 1936 لإغلاق المضائق بين البحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود أمام السفن الحربية للبلدان التي لا تملك موانئ في البحر الأسود.
والبحر الأسود نفسه ليس وحده مسرحاً للصراعات ، وإنما تحولت سماواته أيضاً إلى منطقة اشتباكات محتملة. ففي مارس (آذار) الماضي، اعترضت مقاتلة روسية من طراز Su-27 طريق طائرة أمريكية مُسيرة من طراز MQ-9 Reaper أثناء تحليقها فوق البحر الأسود وألحقت بها أضراراً جسيمة، فتحطمت وسقطت في البحر.وفيما يتعلق بالأسلحة البحرية التقليدية، يبدو أن كييف لديها فرصة محدودة أمام غريمتها. فأسطول البحر الأسود الروسي قوامه نحو 50 سفينة حربية وسبع غواصات وعدد كبير من سفن الدعم، مقارنةً بأوكرانيا التي فقدت أكثر من 80% من أصولها البحرية نتيجة ضم موسكو لشبه جزيرة القرم في عام 2014.
وانقلبَ الوضع بسبب استخدام أوكرانيا المُتزايد للطائرات البحرية المُسيرة التي ابتكرها مهندسوها منذ بداية الغزو الروسي. فقد وصفَ مراسل لشبكة “سي إن إن” حصلَ على الإذن بالاطلاع على موقع سري لتطوير تلك الطائرات البحرية المسيرة الطائرة بأنها “أشبه بقارب صغير عريض” يعمل باستخدام وحدة تحكم متعددة الشاشات يمكن أن توضع داخل حقيبة سوداء طويلة.
ورجّح التحليل أن يراقب الحرب المستعرة في البحر الأسود عن كثب كبار المسؤولين من 40 دولة ممن حضروا اجتماع عطلة نهاية الأسبوع الذي بدأ في ميناء جدة السعودي أمس لمناقشة سبل إنهاء الحرب.
وتعقد أوكرانيا الآمال على أن يفضي الاجتماع إلى قمة سلام يلتئم فيها شمل قادة العالم خريف العام الجاري، على أن تستند تلك القمة إلى صيغة كييف للسلام المكونة من 10 نقاط لإنهاء الصراع.
ووفق التحليل، خابَ أمل الحكومة الأوكرانية بسبب تردد كثير من الدول النامية في انتقاد الغزو الروسي،
ولو أن هناك مؤشرات على أن هذا الوضع يمكن أن يتغير نتيجة التبعات الاقتصادية المدمرة لقرار بوتين الانسحاب من اتفاقية الحبوب.جدير بالذكر أن موسكو ترفض صيغة أوكرانيا للسلام وليس لها أي تمثيل في اجتماع جدة.