رئيس الدولة والرئيس الأميركي يبحثان العلاقات الاستراتيجية بين البلدين والتطورات الإقليمية
غداة خطاب بوتين السنوي للأمّة
ماذا بعد انسحاب الجيش الروسي من الحدود الأوكرانية...؟
-- الرد على أي تجاوز للخطوط الحمراء التي تضعها موسكو سيكون غير متماثل وسريع وقاس
-- حتى لو بدت الحرب اليوم غير مرجحة، فإنها تظل أفقا محتملا لجميع الأطراف
-- هل حصل فلاديمير بوتين على التأثير المنشود، وهو جذب انتباه واشنطن؟
-- تخويف كييف وتذكير الأوروبيين بأن عضوية أوكرانيا في الناتو والاتحاد الأوروبي خط أحمر لا ينبغي تجاوزه
بانسحاب القوات المتجمعة على حدود دونباس الأوكرانية اعتبارًا من الجمعة، وانتهاء مناورات التدريب الروسية. هل يعتبر خفض التصعيد هذا علامة على أن فلاديمير بوتين حصل على ما كان يبحث عنه، انتباه واشنطن؟
بعد وضع الجميع في حالة طوارئ لعدة أسابيع من خلال إثارة شبح الحرب في دونباس الأوكرانية، تراجعت موسكو. “أنا أعتبر أن أهداف التدريبات المفاجئة قد تم الوفاء بها بالكامل. لقد أثبتت القوات قدرتها على ضمان دفاع موثوق عن البلاد، لذلك قررت إنهاء أنشطة التفتيش في المناطق العسكرية الجنوبية والغربية “، قال وزير الدفاع سيرجي شويغو، أثناء تواجده في شبه جزيرة القرم، حيث ينفذ 10 الاف جندي روسي مناورات في الوقت الحالي. ومن أمس الأول الجمعة بدأت القوات الروسية انسحابها إلى نقاط انتشارها الدائمة.
وقال مسؤول في الحلف، إن حلف شمال الأطلسي أحيط علما بهذا الإعلان لكنه “لا يزال يقظا”، وكذلك فعل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي رحب بهذا الانسحاب الذي أدى إلى “انخفاض نسبي في التوتر». منذ نهاية مارس، بدأت روسيا في حشد عدد كبير من القوات -ما يصل إلى 150 ألف جندي -وأسلحة ثقيلة ودبابات ومقاتلين، بالقرب من الحدود مع دونباس الأوكراني وفي شبه جزيرة القرم، كما نشرت سفنًا في البحر الأسود. وكجزء من هذه التدريبات العسكرية، كان المجال الجوي فوق شبه الجزيرة المضمومة محدودًا، وكذلك المرور النهري عبر مضيق كيرتش. وتعهدت موسكو، التي رفضت أي اتهام بالتصعيد، بأن هذه ليست سوى مناورات عادية للغاية، “لا ينبغي أن تقلق أحدا».
في نفس الوقت، تم توجيه رسائل لا لبس فيها إلى كييف، والتي اتهمها الكرملين بالاستفزاز (تم نشر القوات الأوكرانية في شرق أوكرانيا، بالقرب من خط الاتصال، في فبراير). وإلى “الزملاء الغربيين”، الأمريكيين والأوروبيين، الذين أمر الكرملين الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بكبح جماحهم. ودعا كل من جو بايدن وإيمانويل ماكرون وأنجيلا ميركل، واحدًا تلو الآخر، فلاديمير بوتين إلى إعادة قواته إلى الثكنات، وحثه وزراء خارجية مجموعة السبع على “وقف الاستفزازات”. بالتوازي، هددت الخارجيات الغربية، القلقة على مصير المعارض أليكسي نافالني، المضرب عن الطعام منذ 31 مارس في السجن، مرارًا وتكرارًا بتحميل موسكو المسؤولية إذا حدث أي سوء لهذا الأخير ...
لن تحدث الحرب،
ليس هذه المرة
جاء الإعلان عن انتهاء المناورات، الخميس، غداة الخطاب السنوي لفلاديمير بوتين للأمة، الأربعاء، الذي لم يتطرق فيه، بطريقة توضيحية، إلى هذه القضايا الدبلوماسية المشتعلة. غير ان الرئيس الروسي، حرص على التذكير بأن روسيا لن تسمح لأي عدو، لا في الداخل ولا في الخارج، بإهانتها. وأن الرد على أي تجاوز للخطوط الحمر التي تضعها موسكو، سيكون “غير متماثل وسريع وقاس”... وأن “منظمي أدنى استفزاز من شأنه أن يهدد المصالح العميقة لأمننا، سيندمون عليه كما لم يندموا عل ذلك منذ فترة طويلة».
يمكن التكهن بتوقيت وأسباب انتهاء العمليات العسكرية، والتي تشير في الواقع إلى وقف التصعيد. هل حصل فلاديمير بوتين على التأثير المنشود، وهو جذب انتباه واشنطن؟ (من المقرر عقد قمة في الصيف مع جو بايدن، الذي لم يبدِ استعجالا إثر انتخابه للقاء نظيره الروسي)؛ ان تخويف كييف وتذكير الأوروبيين بأن عضوية أوكرانيا في الناتو والاتحاد الأوروبي هي واحدة من تلك الخطوط الحمراء ممنوع تجاوزها؟
هل كانت صرخات التحذير الغربية مقنعة أكثر من المعتاد، مما أدى إلى ثني روسيا عن الشروع في عملية كانت بالضرورة مكلفة، لخزائن الدولة وكذلك للعلاقات الدولية؟ حسب أندريه كورتونوف، المدير العام للمجلس الروسي للشؤون الدولية، فإن موسكو تقدر ثمن عملية عسكرية واسعة النطاق جيدًا، وكان هدفها “الردع من خلال التخويف».
لقد رات موسكو بعين غاضبة مناورات الناتو الربيعية في بحر البلطيق والبحر الأسود، فضلاً عن تعزيز الوجود العسكري الأمريكي في ألمانيا، حسبما أعلنته واشنطن. “الأوقات معقدة، يحلل من جانبه ديمتري ترينين، رئيس مركز كارنيجي في موسكو. رغم أن الحرب اليوم تبدو غير مرجحة، إلا أنها تظل أفقاً محتملاً لجميع الأطراف. لا يتعامل العسكريون بطريقة مجردة مع سيناريوهات خيالية، إنهم لا يستعدون على سبيل المثال لانزال من المريخ، لذلك بالنسبة للعسكريين، يتم النظر إلى جميع السيناريوهات بشكل واقعي».
لكن الحرب لن تحدث هذه المرة، أو على الأقل ليس بعد. وهذا لا يعني أن الوضع قد تغير بشكل كبير أو أنه تم العثور على حلول. رغم إصراره، لم يتلق فولوديمير زيلينسكي أي وعود ملموسة، لا من باريس وبرلين ولا من واشنطن، فيما يتعلق بمطالبه بالتقارب مع التحالفات الغربية. وحصل فلاديمير بوتين بالتأكيد على محادثة هاتفية مع جو بايدن، لكن ظل كل واحد على مواقفه. وردًا على الاقتراح الذي قدمه زيلينسكي قبل أيام للقاء “في أي مكان من دونباس الأوكرانية، حيث توجد حرب”، رد بوتين يوم الخميس، بأنه ينتظر نظيره الأوكراني “في موسكو، في الوقت الذي يناسبه”. شيء واحد مؤكد، أن الرئيس الروسي يظل مرة أخرى هو الذي ينفخ، كما يشاء، الحار والبارد.
-- حتى لو بدت الحرب اليوم غير مرجحة، فإنها تظل أفقا محتملا لجميع الأطراف
-- هل حصل فلاديمير بوتين على التأثير المنشود، وهو جذب انتباه واشنطن؟
-- تخويف كييف وتذكير الأوروبيين بأن عضوية أوكرانيا في الناتو والاتحاد الأوروبي خط أحمر لا ينبغي تجاوزه
بانسحاب القوات المتجمعة على حدود دونباس الأوكرانية اعتبارًا من الجمعة، وانتهاء مناورات التدريب الروسية. هل يعتبر خفض التصعيد هذا علامة على أن فلاديمير بوتين حصل على ما كان يبحث عنه، انتباه واشنطن؟
بعد وضع الجميع في حالة طوارئ لعدة أسابيع من خلال إثارة شبح الحرب في دونباس الأوكرانية، تراجعت موسكو. “أنا أعتبر أن أهداف التدريبات المفاجئة قد تم الوفاء بها بالكامل. لقد أثبتت القوات قدرتها على ضمان دفاع موثوق عن البلاد، لذلك قررت إنهاء أنشطة التفتيش في المناطق العسكرية الجنوبية والغربية “، قال وزير الدفاع سيرجي شويغو، أثناء تواجده في شبه جزيرة القرم، حيث ينفذ 10 الاف جندي روسي مناورات في الوقت الحالي. ومن أمس الأول الجمعة بدأت القوات الروسية انسحابها إلى نقاط انتشارها الدائمة.
وقال مسؤول في الحلف، إن حلف شمال الأطلسي أحيط علما بهذا الإعلان لكنه “لا يزال يقظا”، وكذلك فعل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي رحب بهذا الانسحاب الذي أدى إلى “انخفاض نسبي في التوتر». منذ نهاية مارس، بدأت روسيا في حشد عدد كبير من القوات -ما يصل إلى 150 ألف جندي -وأسلحة ثقيلة ودبابات ومقاتلين، بالقرب من الحدود مع دونباس الأوكراني وفي شبه جزيرة القرم، كما نشرت سفنًا في البحر الأسود. وكجزء من هذه التدريبات العسكرية، كان المجال الجوي فوق شبه الجزيرة المضمومة محدودًا، وكذلك المرور النهري عبر مضيق كيرتش. وتعهدت موسكو، التي رفضت أي اتهام بالتصعيد، بأن هذه ليست سوى مناورات عادية للغاية، “لا ينبغي أن تقلق أحدا».
في نفس الوقت، تم توجيه رسائل لا لبس فيها إلى كييف، والتي اتهمها الكرملين بالاستفزاز (تم نشر القوات الأوكرانية في شرق أوكرانيا، بالقرب من خط الاتصال، في فبراير). وإلى “الزملاء الغربيين”، الأمريكيين والأوروبيين، الذين أمر الكرملين الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بكبح جماحهم. ودعا كل من جو بايدن وإيمانويل ماكرون وأنجيلا ميركل، واحدًا تلو الآخر، فلاديمير بوتين إلى إعادة قواته إلى الثكنات، وحثه وزراء خارجية مجموعة السبع على “وقف الاستفزازات”. بالتوازي، هددت الخارجيات الغربية، القلقة على مصير المعارض أليكسي نافالني، المضرب عن الطعام منذ 31 مارس في السجن، مرارًا وتكرارًا بتحميل موسكو المسؤولية إذا حدث أي سوء لهذا الأخير ...
لن تحدث الحرب،
ليس هذه المرة
جاء الإعلان عن انتهاء المناورات، الخميس، غداة الخطاب السنوي لفلاديمير بوتين للأمة، الأربعاء، الذي لم يتطرق فيه، بطريقة توضيحية، إلى هذه القضايا الدبلوماسية المشتعلة. غير ان الرئيس الروسي، حرص على التذكير بأن روسيا لن تسمح لأي عدو، لا في الداخل ولا في الخارج، بإهانتها. وأن الرد على أي تجاوز للخطوط الحمر التي تضعها موسكو، سيكون “غير متماثل وسريع وقاس”... وأن “منظمي أدنى استفزاز من شأنه أن يهدد المصالح العميقة لأمننا، سيندمون عليه كما لم يندموا عل ذلك منذ فترة طويلة».
يمكن التكهن بتوقيت وأسباب انتهاء العمليات العسكرية، والتي تشير في الواقع إلى وقف التصعيد. هل حصل فلاديمير بوتين على التأثير المنشود، وهو جذب انتباه واشنطن؟ (من المقرر عقد قمة في الصيف مع جو بايدن، الذي لم يبدِ استعجالا إثر انتخابه للقاء نظيره الروسي)؛ ان تخويف كييف وتذكير الأوروبيين بأن عضوية أوكرانيا في الناتو والاتحاد الأوروبي هي واحدة من تلك الخطوط الحمراء ممنوع تجاوزها؟
هل كانت صرخات التحذير الغربية مقنعة أكثر من المعتاد، مما أدى إلى ثني روسيا عن الشروع في عملية كانت بالضرورة مكلفة، لخزائن الدولة وكذلك للعلاقات الدولية؟ حسب أندريه كورتونوف، المدير العام للمجلس الروسي للشؤون الدولية، فإن موسكو تقدر ثمن عملية عسكرية واسعة النطاق جيدًا، وكان هدفها “الردع من خلال التخويف».
لقد رات موسكو بعين غاضبة مناورات الناتو الربيعية في بحر البلطيق والبحر الأسود، فضلاً عن تعزيز الوجود العسكري الأمريكي في ألمانيا، حسبما أعلنته واشنطن. “الأوقات معقدة، يحلل من جانبه ديمتري ترينين، رئيس مركز كارنيجي في موسكو. رغم أن الحرب اليوم تبدو غير مرجحة، إلا أنها تظل أفقاً محتملاً لجميع الأطراف. لا يتعامل العسكريون بطريقة مجردة مع سيناريوهات خيالية، إنهم لا يستعدون على سبيل المثال لانزال من المريخ، لذلك بالنسبة للعسكريين، يتم النظر إلى جميع السيناريوهات بشكل واقعي».
لكن الحرب لن تحدث هذه المرة، أو على الأقل ليس بعد. وهذا لا يعني أن الوضع قد تغير بشكل كبير أو أنه تم العثور على حلول. رغم إصراره، لم يتلق فولوديمير زيلينسكي أي وعود ملموسة، لا من باريس وبرلين ولا من واشنطن، فيما يتعلق بمطالبه بالتقارب مع التحالفات الغربية. وحصل فلاديمير بوتين بالتأكيد على محادثة هاتفية مع جو بايدن، لكن ظل كل واحد على مواقفه. وردًا على الاقتراح الذي قدمه زيلينسكي قبل أيام للقاء “في أي مكان من دونباس الأوكرانية، حيث توجد حرب”، رد بوتين يوم الخميس، بأنه ينتظر نظيره الأوكراني “في موسكو، في الوقت الذي يناسبه”. شيء واحد مؤكد، أن الرئيس الروسي يظل مرة أخرى هو الذي ينفخ، كما يشاء، الحار والبارد.