هل وجدت الهند الوصفة السحرية لتنميتها

ماذا تقول الأرقام عن صراع العملاقين الآسيويين؟

ماذا تقول الأرقام عن صراع العملاقين الآسيويين؟


يتزامن تراجع عدد سكان الصين لأول مرة منذ 60 عاماً مع تفوق الهند على جارتها العملاقة على عدد من الجبهات.
 ويقول بيار هاسكي في إذاعة “فرنسا إنتر” إن هذا الانقلاب في الثروة لا يزال بعيداً من إعلان زوال إحداهما أو صعود الأخرى.
وتشترك الصين والهند في سمة بارزة واحدة على الأقل: فالعملاقان الآسيويان هما البلدان الوحيدان في العالم اللذان يزيد عدد سكان كل منهما عن مليار نسمة. ومع ذلك، أعلنت بكين هذا الأسبوع أن الصين سجلت أول انخفاض في عدد السكان منذ 60 عاماً. ويأتي ذلك في الوقت الذي يستمر فيه عدد سكان الهند في النمو، وهي على طريق تجاوز الصين كأكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان.
يُعد النمو الاقتصادي نقطة أخرى ذات صلة بهذه المقارنة. بات مألوفاً منذ سنوات قيام الصين برفع أرقام النمو العالمي الإجمالية. لم يعد هذا هو الحال، حيث وصل النمو إلى أكثر بقليل من 3% عام 2022، أي حوالي نصف معدل العام السابق، وأقل بكثير من التوقعات.
في المقابل، تسجل الهند أرقام نمو قوية هي: 8.7% في عام 2021، وحوالي 7% في العام الماضي، وتستهدف معدلاً يزيد عن 6% هذا العام.

الهند والوصفة السحرية
إذن، هل وجدت الهند الوصفة السحرية لتنميتها الاقتصادية، مثلما تفقد الصين بريقها؟ إن الإجابة على هذا السؤال، برأي هاسكي، تتعلق حتماً بالجغرافيا السياسية بقدر ما تتعلق بالاقتصاد، وتساعد في شرح كيفية خلط الأوراق في جميع أنحاء العالم.
كانت النتيجة الاقتصادية الأكثر إثارة في السنوات الأخيرة هي الانخفاض الكبير في عدد الأشخاص الذين يعيشون تحت خط الفقر. ومن المتوقع أن يستمر هذا الرقم في الانخفاض، حيث يتوقع الخبراء أن تصبح الهند ثالث أكبر اقتصاد في العالم في عام 2027، ما يضاعف ناتجها المحلي الإجمالي في غضون عقد من الزمن.
ومع ذلك، لم تحل الهند جميع مشاكلها، ولا يزال تقدمها هشاً. لا تزال دولة بيروقراطية للغاية، مع عدم المساواة الهيكلية، والسلطة السياسية المشتتة.
كما تكافح الهند أيضاً مع تأثيرات عوامل مثل الجفاف، والتأثير الثقيل للقومية الهندوسية لرئيس الوزراء ناريندرا مودي، والتي تهدد مكانتها “أكبر ديمقراطية في العالم».
السؤال ليس فقط التنافس التاريخي بين عملاقين كانا بالفعل في حالة حرب في الماضي، وما زالا يتحديان بعضهما من حين لآخر في مناوشات حدودية، لكن تُعد قضية الصين ضد الهند أيضاً إحدى القضايا التي تؤثر على ميزان القوى العالمي.

هل تصبح الهند بديلاً عن الصين؟
ظلت الصين بمثابة القاطرة الاقتصادية للعالم لأكثر من 20 عاماً. ومع ذلك، يتم تقديم الهند حالياً كبديل للصين، وهي دولة تعاني من عواقب خياراتها، سواء أكانت مرتبطة بالكوفيد أو الجمود الأيديولوجي لرئيسها شي جين بينغ، أو المواجهة الخفية مع الولايات المتحدة.
كانت بقية العالم متنبهة لما هو على المحك. على سبيل المثال، يعتزم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون زيارة كل من الصين والهند في الصيف المقبل. في الحالة الأولى، ينوي ماكرون إنقاذ العلاقة التي هددها مناخ الحرب الباردة الجديدة. ومن ناحية أخرى، تبيع فرنسا طائرات مقاتلة وغواصات رافال للهند، حيث يعمل البلدان حالياً على تطوير شراكة تجارية أوثق.
ما زال يتعين كتابة مستقبل دول العالم التي يبلغ عدد سكانها مليار نسمة. هل ستكون الهند قادرة على الحفاظ على المكونات التي تدفع نموها الحالي؟ هل ستخرج الصين من حالة التوتر وعدم اليقين التي دخلت فيها؟ يعتمد جزء كبير من بقية العالم، برأي هاسكي، إلى حد ما، على الإجابة على هذه الأسئلة.