سيكون له عواقب متعددة روسيّا ودوليّا:

ماذا سيحدث إذا رحل القيصر فلاديمير بوتين...؟

ماذا سيحدث إذا رحل القيصر فلاديمير بوتين...؟

-- سيواجه خليفته العديد من القضايا الشائكة
-- نيكولاي باتروشيف، السكرتير الحالي لمجلس الأمن الروسي، يملك أوراقا رابحة جديّة تعمل لصالحه
-- على الرغم من تمتّعه بشعبية جيدة لدى الروس، إلا أن ذلك لا يجعل رئيس الوزراء الحالي «الخليفة» المعين
-- التنافس سيكون خارج ضبط النفس للفوز باللعبة، بما سيعيد خلط أوراق السلطة دون تغيير جذري في المسار


   التكهنات حول تدهور صحة فلاديمير بوتين ليست بالأمر الجديد. سرطان، عمليات جراحية، غيابات طويلة ... منذ بداية الحرب في أوكرانيا، بدأت هذه الشائعات -في الوقت الحالي لا يمكن التحقق منها -من جديد. المؤكد: رئيس الدولة الروسي، البالغ من العمر 69 عامًا، سيرحل، مثل أي شخص آخر.
   حتى الآن، لا شيء خارج عن المألوف. باستثناء أنه على عكس ما سيكون عليه الحال مع الجميع، فإنه سيكون لموته عواقب متعددة في روسيا، ولكن أيضًا على الصعيد الدولي -خاصة إذا حدث فجأة اليوم. لا تتحمل أكتاف الجميع المسؤولية الثقيلة عن الحرب.    من غزو أوكرانيا إلى عزل البلاد، فإن إدارة الملفات المحترقة التي سيتركها بوتين خلفه عند وفاته، ستؤول بعد ذلك إلى خليفته، خليفة يتسنّى رسم هويته من الآن.

رئيس وزراء ... وأوفر حظا
   «أفضل عدم الإجابة على مثل هذه الأسئلة”، سبق أن صرح سيّد الكرملين في أكتوبر 2021 حول خليفته المحتمل. ولسبب وجيه: إذا لم تخذله صحته، فقد يظل الزعيم الروسي في السلطة حتى عام 2036، بفضل قانون تم تبنيه مؤخرًا يسمح له بولايتين إضافيتين. سيناريو مفاده أن مرضًا شديدًا ملزمًا، أو حتى الموت، لا يمكن إلا أن يقلب الأوضاع رأسًا على عقب... وفي هذه الحالة، سيتولى دستور البلاد المهمة.
   سيناريوهان تم وضعهما: إذا مُنع فلاديمير بوتين مؤقتًا من القيادة، تنص المادة 92 من الدستور الروسي على أنّ رئيس الوزراء يؤمّن الفترة الانتقالية -في وقت السلم كما في زمن الحرب. وفي حالة العجز الدائم للرئيس، سيكفل رئيس الوزراء مرة أخرى الفترة المؤقتة، ولكن لمدة ثلاثة أشهر كحد أقصى، وهي الفترة الزمنية التي ينبغي خلالها تنظيم انتخابات لانتخاب رئيس جديد للدولة.

   وفي الحالتين إذن، فإن رئيس وزراء الاتحاد الروسي هو الذي سيرى نفسه مدفوعًا إلى مركز الصدارة لبعض الوقت. وفي هذه الحالة، اليوم ميخائيل ميشوستين ، في هذا المنصب منذ يناير 2020. هل يكفي هذا لجعله الخليفة الحقيقي لفلاديمير بوتين على المدى الطويل؟ ليس مؤكدا.
   على الرغم من أن الرجل، 56 عامًا، يتمتع بشعبية جيدة لدى الروس، إلا أن ذلك لا يجعله “الخليفة” المعيّن، ترى آنا كولين ليبيديف، المتخصصة في المجتمعات ما بعد السوفياتية “روسيا، بيلاروسيا، أوكرانيا” واستاذة محاضرة في العلوم السياسية بجامعة باريس نانتير.
   لن يكون لدى ميخائيل ميشوستين قاعدة حقيقية في السلطة السياسية، تكمل الديلي ميرور. بدون طموح وبدون سلطة حقيقية وبعيدًا إلى حد ما عن دائرة الجيش، لن يكون قادرًا على أن يكون الرجل القوي المستقبلي للبلاد، تخلص الصحيفة البريطانية. على الأقل، مقارنةً بسياسي روسي آخر وساعد بوتين الايمن الحقيقي: نيكولاي باتروشيف.

باتروشيف يترصد
    إنه اسم يُذكر بانتظام للخلافة الطبيعية لفلاديمير بوتين. نيكولاي باتروشيف، السكرتير الحالي لمجلس الأمن الروسي، يملك فعلا أوراقا رابحة جديّة تعمل لصالحه.
   أولا وقبل كل شيء، يتمتع بقرب ممتاز مع رئيس الدولة. ولد في نفس العام، في نفس المدينة “سانت بطرسبرغ، التي كانت تسمى آنذاك لينينغراد”، تابع باتروشيف نفس الدراسات التي اتبعها بوتين، ومرّ أيضًا ببيت المخابرات السوفياتية “كي جي بي”، أجهزة مخابرات الاتحاد السوفياتي ما بعد الستالينية.
وبالإضافة إلى أوجه التشابه المربكة هذه، فإنهما يتقاسمان خاصة نفس الرؤية: رؤية المكانة المهيمنة التي يجب أن تحتلها روسيا في العالم، لا سيما في مواجهة واشنطن والكتلة الغربية.

   مع وجود الكثير من الجينات المتشابكة، لم يكن غريبا رؤية أمين مجلس الأمن يفرض نفسه لعدة سنوات كمستشار رئيسي للرئيس، إلى جانب شخصية أخرى، سيرجي شويغو، وزير الدفاع الروسي. وهكذا كان الرجلان من بين أول من علموا بنيّة شنّ غزو أوكرانيا. دليل على الثقة من جانب فلاديمير بوتين.

   هل يجب أن نتوقع تغييرًا كليًا في السياسة، خاصة في أوكرانيا، إذا وجد رجل مثل نيكولاي باتروشيف نفسه يمسك بزمام البلاد؟ لا يمكن تأكيد دلك، انه نوع من الاستنساخ البوتيني، وحسب الاستخبارات الأمريكية، هو الذي همس في أذن رئيس الدولة لتشجيعه على مواصلة تقدمه في أوكرانيا المجاورة.

   لئن يبدو أنّ كل شيء يجعل من نيكولاي باتروشيف المرشح الاوفر حظا اليوم، فإن الواقع في الحقيقة أكثر غموضًا. في حال انسحاب بوتين بشكل نهائي، لا شك أن العشائر السياسية المختلفة في البلاد ستتصارع وتتنافس دون ضبط النفس للفوز باللعبة، بما سيعيد خلط أوراق السلطة دون تغيير جذري في المسار.