الفراغ السياسي يستقطب العنف والإرهاب

ماذا يعني خطاب حالة الاتحاد للشرق الأوسط؟

ماذا يعني خطاب حالة الاتحاد للشرق الأوسط؟


ماذا يعني خطاب "حالة الاتحاد" الذي ألقاه الرئيس الامريكي جو بايدن الخميس الماضي بالنسبة إلى السياسات الأمريكية في الشرق الأوسط.
استهلَّ بايدن خطابه مدافعاً دفاعاً مستميتاً عن حلفاء الولايات المتحدة في الناتو، وداعياً الكونغرس الأمريكي إلى تخصيص مزيد من التمويل لدعم أوكرانيا ضد الغزو الروسي. وأعاد الخطاب الأمريكيين إلى عام 1941 عندما كانت الولايات المتحدة على وشك المشاركة في الحرب العالمية الثانية، وتحتم عليها أن تستحضر الإرادة السياسية لإعادة بناء قواتها المسلحة.

مقارنة
ويقول الباحث أحمد الشراعي في مجلة "ناشبونال إنترست": "ما أشبه اليوم بالبارحة"، مشيراً إلى أن الرئيس ذكر مراراً للأمريكيين أن "التاريخ سيسجل" كيف تستجيب الأمة للأزمات، إذ قال: "لم تتعرض حريتنا وديمقراطيتنا منذ رئاسة لينكولن والحرب الأهلية، لهجومٍ في قلب الوطن كما يحصل الآن. والجانب الذي يجعل اللحظة التي نعيشها نادرةً هو أن الحرية والديمقراطية تتعرضان للهجوم في آنٍ واحد داخليّاً وخارجيّاً".
كانت هذه لحظة حاسمة للرئيس بايدن الذي يعمل جاهداً على تنفيذ أجندته الخارجية والمحلية في ظل انقسام الكونغرس الأمريكي بشأن القضايا الملحة .
وجاء إعلان بايدن الأهم على الإطلاق قرب نهاية خطابه إذ أكَّدَ  أن الجيش الأمريكي سيُنشئ "رصيفاً موقتاً في البحر الأبيض المتوسط على ساحل غزة" لإيصال شحنات المياه والغذاء والدواء.
ووعدَ بأن المهمة لن تشمل نشر قوات أمريكية براً مع السماح بتدفق الإمدادات التي ستنقذ حياة أهل غزة إلى المدينة المنكوبة.

الأزمة الإنسانية في غزة
ورغم أنَّ بايدن كرر إيمانه بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد حماس، فقد دان الأزمة الإنسانية في غزة قائلاً: "أقول لإسرائيل: لا يمكن أن تكون المساعدات الإنسانية من الاعتبارات الثانوية أو ورقة ضغط ومساومة، وإنما يجب أن تكون حماية الأرواح البريئة وإنقاذها أولوية قصوى". وبينما نتطلع إلى المستقبل، يكمن المخرج الحقيقي الوحيد من الأزمة الراهنة في حل الدولتين بمرور الوقت".
وقال  الشراعي، وهو ناشر مجلة "جيروزاليم ستراتيجيك تريبيون" وعضو في مجالس إدارة المجلس الأطلسي ومجموعة الأزمات الدولية ومركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، ومعهد أبحاث السياسة الخارجية: تدرك واشنطن وشركاؤها العرب أنه في خضم الأحداث الأليمة الجارية منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي لن يفكر الإسرائيليون والفلسطينيون في اتفاق سلام الآن أو قريباً. وهم يدركون أيضاً أن السلطة الفلسطينية التي تقوضها حكومات نتانياهو المتعاقبة وبرفضها ناخبوها بسبب عقمها وفسادها لن يكون في وسعها الاضطلاع بمهمة حُكم غزة.
ولكن، في الشرق الأوسط الحديث، لا يزال الفراغ السياسي يستقطب العنف والإرهاب. ولذلك يرى الكاتب أننا بحاجة إلى حلٍ واقعي، والأهم من كل شيء أن يكون حلاً عمليّاً يمكن أن يصمد في مواجهة الاضطرابات التي ستعقب الحرب حتماً، لا سيما أن السلطة الفلسطينية "المنبعثة من رقادها"، بحسب ما يروج لها البيت الأبيض، ليس بوسعها أن تحكم غزةً حكماً شرعيّاً بعد الحرب دون موافقة حماس. وحتى لو تحقق الدمار الشامل للأصول الإستراتيجية لحماس، فإن الأيديولوجية المتطرفة ستبقى، وستستمر إيران في دعم أي شكل سياسي تتخذه.
ويخلص الكاتب إلى القول إن إيران ستبقى متحكمة بغزة بغض النظر عن عدد القنابل التي ستُسقًط على القطاع. وتخفيف هذه القبضة هو التحدي الأكبر الماثل أمام أمريكا. إن الولايات المتحدة بحاجة إلى سياسة واضحة وثابتة تجاه إيران تُدرك في إطارها أن أهداف إيران الإستراتيجية – كالإطاحة بأمريكا من الشرق الأوسط وتقويض ديموقراطية إسرائيل – تتعارض جوهريّاً مع مصالح الولايات المتحدة.
ووصف توماس فريدمان ذلك ببراعةٍ في صحيفة "نيويورك تايمز" إذ قال: "يجب ألا تراودنا أوهام حيال المخاطر لأن الحرب التي تدور في الظل هناك يمكن تخرج إلى النور في أي لحظة".
وأخيراً، يقول الكاتب، "إننا بحاجة إلى منهجية أمريكية واقعية وجريئة يُدرك واضعوها أن الفلسطينيين بحاجة إلى بديل لأيديولوجية حماس والصراع الدائم الذي تؤججه. ولا بد أن يكفل هذا البديل أملاً حقيقيّاً في توافر الوظائف والمساكن والمدارس والمستشفيات. فمن رحم الازدهار الفلسطيني سيخرج السلام الدائم الذي يضمن الأمن والكرامة للإسرائيليين والفلسطينيين".