108 ملايين نازح حول العالم

مجلة فرنسية: البحر الأبيض المتوسط مقبرة أوروبا

مجلة فرنسية: البحر الأبيض المتوسط مقبرة أوروبا

كتب لوك دو باروشيه في مجلة “لوبوان” الفرنسية عن استحالة تحمل المذبحة التي تحصل في المتوسط، على خلفية الغرق المفجع للسفينة في 14 يونيو (حزيران) قبالة شبه جزيرة بيلوبونيز.
فمنذ مطلع السنة، غرق أكثر من ألف مهاجر غير شرعي في البحر الأبيض المتوسط أثناء محاولتهم الوصول إلى أوروبا، والآن يجب إضافة القتلى الـ 78 الذين تم انتشال جثثهم بعد انقلاب أدريانا، ومئات آخرين في عداد المفقودين، ربما هم محبوسون في هيكل السفينة التي غرقت حتى القاع. يصبح البحر الأبيض المتوسط شيئاً فشيئاً مقبرة بحرية واسعة، فمنذ 2014، اقترب عدد القتلى من 30 ألفاً حسب المنظمة الدولية للهجرة، وبما أنهم مستعدون لمقايضة الأرواح بالأرباح.. يعتبر المهربون المسؤولون الأوائل عن المأساة، إذ تجعل شبكاتهم الإجرامية التعساء يدفعون ثروات مقابل تهريبهم. وذكر ناجون انتشلهم خفر السواحل اليوناني أن الأسعار تتراوح بين 4500 و 6000 يورو لكل شخص مقابل العبور، كما أن القوارب محملة فوق طاقتها بما يتجاوز المعقول. كانت أدريانا، وهي سفينة صيد مصرية قديمة، تقل 450 راكباً على الأقل.

لم يكن لهؤلاء ما يشربوه أو يأكلوه؛ كان الأطفال والنساء المحبوسون في قاع المخزن أول من قضوا غرقوا. وقال باروشيه إن ثمة حاجة ملحة لتفكيك نموذج الأعمال الفاجرة للمتاجرين بالبشر، لأنهم يستغلون بلا خجل الشباب اليائس في البلدان التي مزقتها الصراعات أو الخاضعة للديكتاتوريات أو المتأثرة بالتغير المناخي. يتولى الاتحاد الأوروبي باعتباره نقطة جذب حقيقية للمهاجرين زمام سياسة اللجوء الخاصة به، إذ صب فشله في المضي قدماً بشأن هذه القضية، منذ الأزمة الكبيرة سنة 2015، كثيراً في مصلحة الشعبويين والغوغائيين المناهضين لأوروبا. ولكن الاتفاق الذي توصل إليه الأعضاء السبعة والعشرون في 8 يونيو (حزيران) بدأ يغير المعطيات، لأنه يسمح بتسريع المعالجة، على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، لطلبات اللجوء المقدمة من قبل المرشحين الذين لديهم فرصة ضئيلة للحصول على الوضع المرغوب.. على سبيل المثال، ستكون إيطاليا قادرة على إعادة المهاجرين غير الشرعيين إلى ليبيا أو تونس بسهولة أكبر، ولا يزال الاتفاق بحاجة إلى التفاوض مع البرلمان الأوروبي، على أمل أن يدخل حيز التنفيذ قبل الانتخابات الأوروبية سنة 2024.
 
أضاف الكاتب أنه من دون تعاون نشط من دول المغادرة والعبور، تبقى الرغبة في تثبيط عزيمة المهاجرين الذين يخاطرون بحياتهم للوصول إلى أوروبا وهماً، لهذا التعاون ثمن، كما أظهر مثل تركيا.
منذ 2015، جمع الاتحاد الأوروبي 9.5 مليار يورو لمساعدة أنقرة على الترحيب باللاجئين، هذه المساعدة فاعلة حتى الآن: انخفضت الهجرة عبر تركيا بشكل كبير خلال السنوات الثماني الماضية، ومع ذلك، يعتمد كل شيء على حسن نية السلطة التركية، وهذا قد يعرض أوروبا لابتزاز (الرئيس التركي) رجب طيب أردوغان.
 
ازدادت عمليات المغادرة غير الشرعية بالقوارب إلى إيطاليا بشكل ملحوظ خلال الأشهر الأخيرة. يبدو الأمر كما لو أن الكرملين قد رأى أنه من المناسب إعادة إطلاق أزمة اللاجئين لإفادة المتطرفين وتأجيج التوترات في أوروبا على خلفية الحرب في أوكرانيا.
منذ نهاية وباء كوفيد-19، عادت البشرية إلى التحرك مرة أخرى، إذ وصل عدد النازحين في العالم الآن إلى 108 ملايين، وهو رقم قياسي تاريخي، حسب مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين.
 
ولا يتردد البعض في استغلاله بطريقة ساخرة، وهذا يجعل تبني سياسة أوروبية فعالة وعملية بهدف تنظيم الهجرة بطريقة إنسانية أكثر إلحاحاً.. من دون ذلك، ختم دو باروشيه، سيبدو البحر الأبيض المتوسط أكثر فأكثر كمقبرة، وأوروبا ككبش فداء عاجز.