بعد التشاور مع رئيس الدولة واعتماده.. محمد بن راشد يعلن تغييرات في حكومة الإمارات
برعاية وحضور شما بنت محمد بن خالد آل نهيان
مجلس الفكر والمعرفة يستضيف الكاتبة الإماراتية مريم ناصر في ندوة نقدية حول مجموعتها «999»
برعاية وحضور الشيخة الدكتورة شما بنت محمد بن خالد آل نهيان وضمن أجواء ثقافية زاخرة بالحوار والإبداع، احتضن مجلس "الفكر والمعرفة" ندوة نقدية متميزة استضاف خلالها الكاتبة الإماراتية مريم ناصر، لمناقشة مجموعتها القصصية "999"، بحضور عدد من المثقفات والأديبات وعضوات المجلس. جاءت الأمسية لتسليط الضوء على أبعاد الأدب النسوي في الإمارات، والتطور النوعي الذي شهده فن السرد القصصي، حيث تناولت سمو الشيخة د. شما في مداخلتها الثرية قراءة نقدية معمقة للمجموعة، مشيدةً برؤية الكاتبة السردية التي "تعمق الفهم الإنساني، وتسبر أغوار الواقع الاجتماعي والنفسي".
وأكدت الشيخة أن المجموعة اتسمت بتنوع أسلوبي بين القصة القصيرة التقليدية والقصة الومضة (الفلاش)، وهي نصوص قصيرة ذات رمزية عالية تدهش القارئ وتدعوه للتأمل. وتوقفت سموها عند ثلاث قصص رئيسية وهي: "للأرض"، و"للجنة"، و"للنار"، مشيرة إلى أنها رغم قصرها إلا أنها حملت تعقيدًا فكريًا وأسئلة وجودية جوهرية، تصوغ تجربة الإنسان في الحياة، والأمل، والخوف، كرحلة دائرية تعكس الواقع النفسي العميق.
وفي حديثها عن قصة "منينه"، عبرت الشيخة شما عن إعجابها الشديد بها، ووصفتها بأنها إحدى أجمل التجارب السردية التي قرأتها مؤخرًا. وقالت:
"قصة منينه تشبه حكايات ألف ليلة وليلة، من حيث التداخل بين الواقع والفانتازيا، وبين اللغة الشاعرية والتعبير الإنساني الصادق. فالبطلة تواجه خذلانًا قاسيًا، لكنها تختار أن تقاوم من خلال الحكاية، ومن خلال صوتها، في زاويتها التي تحولت من مكان مهجور إلى مساحة تعبير وتمرد" أما قصة "999"، فقد تناولت فيها الشيخة شما ببصيرة نقدية الحالة النفسية المعقدة للبطل، وقالت:
"عند المفتتح تضعنا أمام خطيئة تربوية يعيشها الكثير من الأطفال ليكبروا وآثار الجروح باقية في نفسياتهم كتبت مريم على لسان بطل القصة (أعرف أني أرض جافة، وامتص بسرعة أقل قطرة عذوبة، ليس ذنبي أني كبرت وكلي عطش، فكل شيء كان جافا من حولي أيضا) ، هذا العطش الذي أفسد عليه حبه لياسمينته أم أحمد فكانت تجربة أنتجت مطلقين يتجرعان خيبات الانهيار العاطفي بعد حب ظل معلقا في الروح هي تجربة كثيرا ما نلتقيها في حياتنا، فيتجه البطل إلى العزلة داخل أوهامه ليروي عطشه بسراب لا يدري تفاصيله ولا من وراءه الذي يأتيه مختبئا في صوت ميحد حمد، وتتداخل مع قصة خالد والطفلة ريم، وكان الرقم 999 هو نجدة لأصحاب الخيبات الإنسانية، وليس لمن يتعرضون للخطر. صورة للعطش العاطفي الذي نتربى عليه، فنبقى عطشى طوال العمر؛ مما يؤدي إلى أن نعيش تجارب عبثية للارتواء الوهمي والخادع. تجربة 999 تجربة إنسانية عميقة بلغة سردية بسيطة ورشيقة.".
وفي ختام مداخلتها، طرحت الشيخة الدكتورة شما سؤالين محوريين؛ الأول وجّهته للكاتبة مريم ناصر:
"إلى أي مدى استطاع الأدب النسوي الإماراتي طرح القضايا المسكوت عنها والتي تخص المرأة الإماراتية؟ وهل استطاع السرد النسوي أن يُحدث فرقاً في واقعها الاجتماعي؟"
أما السؤال الثاني، فكان موجهًا لعضوات المجلس، حيث قالت:
"ما القصة في هذه المجموعة التي شعرتن بأنها لامست شيئًا من ذواتكن؟ وهل شعرت إحداكن في لحظة ما أنكن جزءا من بطلتها؟"
بدورها، عبّرت الكاتبة مريم ناصر عن امتنانها العميق لسمو الشيخة شما ولعضوات المجلس، مؤكدة أن النقاش الثري حفّزها على إعادة قراءة تجربتها من زاوية جديدة.
وأشارت الكاتبة إلى بداياتها مع الكتابة قائلة:
"شغفي بدأ بالقراءة قبل أن أكتب. كنت في الرابعة عشرة حين بدأت نشر مقالاتي على منصات التواصل الاجتماعي، وبعد أن أحببت المقال، جاءت القصة بالمصادفة، لكنها أصبحت لاحقاً شغفاً حقيقياً قادني إلى اكتشاف عوالم مختلفة من الكتابة، والآن أتجه إلى تعلم أدوات كتابة الأفلام، لأنها قريبة من روحي وأحلامي". ورداً على سؤال الشيخة د. شما، قالت مريم: "رغم حداثة الأدب النسوي في الإمارات، إلا أنه استطاع أن يحفر عميقاً في أرضٍ ظنها البعض قاحلة. كتبنا عن الوحدة والحب المحرّم، عن الأحلام المؤجلة، وعن الروح التي لا يُستأذن منها حين تتوق. لم يكن السرد النسوي محايداً، بل كان حقيقياً، وكتبنا عن المرأة في أدق لحظاتها، من الألم إلى التمرد، ومن الضعف إلى إعادة التشكل. لا أقول أنه غيّر المجتمع دفعة واحدة، لكنّه أضاء زوايا مظلمة، وطرح أسئلة كان مسكوتًا عنها، وهذا بحد ذاته خطوة في طريق التغيير" واختتمت الكاتبة حديثها بالإشادة بالمشهد الأدبي النسوي في الإمارات، مؤكدة أن هناك زخمًا كبيرًا من الأصوات النسائية القوية التي تكتب بلسانها ولسان مجتمعها، وتطرح قضايا المرأة بأسلوب أدبي جمالي وواعٍ.