محادثات فيينا.. ثرثرة والخيارات تتقلّص
تأرجح موقف الكاتب السياسي كيفن ويليامسون من الاتفاق النووي بين اعتباره ميتاً أو محتضراً، واصفاً محادثات فيينا بشأن إعادة إحيائه بالثرثرة. وأشار في مجلة “ناشونال ريفيو” إلى أنه وخلال ولاية باراك أوباما، توصلت مجموعة 5+1 إلى اتفاق حمل اسماً عقيماً ومدعياً: “خطة العمل الشاملة المشتركة”. تحمل هذه الكلمات انطباعاً بأنها تقول شيئاً ما، من دون أن تفعل ذلك تماماً. بحسب خطة العمل هذه، وافقت إيران على فرض بعض القيود على تطوير برنامجها النووي، لكنها لم توافق على التخلي عنه. بالمقابل، كانت إيران ستحصل على تخفيف أممي للعقوبات. كما العديد من المشاريع الكبيرة لإدارة أوباما، بدت خطة العمل الشاملة المشتركة أفضل على الورق مما هي على أرض الواقع.
مع ذلك، لم يكن النقاد، خصوصاً من اليمين، معجبين فعلاً بالخطة كما بدت على الورق. وانتقد الكتاب السياسيون في المجلة نفسها الاتفاق النووي، ووصف المرشح إلى الرئاسة الأمريكية حينذاك دونالد ترامب خطة العمل بأنها “أسوأ اتفاق تم التفاوض عليه”. مع ذلك، وجد ترامب صعوبة في الخروج من الاتفاق النووي بعدما أصبح رئيساً، مما دفع جون بولتون في 2017 إلى كتابة مقال في المجلة نفسها متسائلاً من خلاله عن سبب مصادقة الإدارة مرتين على الاتفاق وعما إذا كان ترامب هو الممسك الفعلي بالسلطة أم مستشاروه. بناء على طلب كبير المخططين الاستراتيجيين الأسبق في البيت الأبيض ستيف بانون، قدم بولتون مقترحات للانسحاب من الاتفاق. رداً على ذلك، قدمت إدارة ترامب أداءها المعتاد: نوبة غضب وتشنجاً مع القليل من المتابعة. انسحب ترامب من الاتفاق النووي وترك العمل المضني غير منجز.
ونصح بولتون الإدارة باتباع برنامج من الديبلوماسية المستدامة عبر “المشاورات المبكرة، الهادئة مع لاعبين أساسيين مثل المملكة المتحدة، فرنسا، ألمانيا، إسرائيل، والمملكة العربية السعودية” و”إعداد الدفاع الاستراتيجي الموثق عن الانسحاب”. وطالب بحملة ديبلوماسية موسعة تعقب إعلان الانسحاب بشكل فوري خصوصاً في أوروبا والشرق الأوسط، كما ببناء دعم داخلي وأجنبي من خلال تطوير وتنفيذ جهود تشريعية وديبلوماسية عامة. لكن لم يحدث سوى القليل من ذلك، وبشكل عملي لم يتم تنفيذ أي من هذه السياسات بكفاءة وفقاً لويليامسون. لقد أصر ترامب على أنه تشاور بشكل مكثف مع حلفاء الولايات المتحدة وعلى أن بلاده وشركاءها الأساسيين “كانوا متحدين في فهم التهديد” وهو أمر كان غير صحيح بشكل واضح وشفاف. فقد أصدر قادة فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة بياناً مشتركاً أعربوا فيه عن “أسف وقلق” بسبب خطوة ترامب مشددين على أن الاتفاق النووي كان فعالاً وأن “العالم مكان أفضل نتيجة لذلك”، وهو أمر يؤكد الكاتب مجدداً أنه غير صحيح بشكل واضح وشفاف. لقد كان الأوروبيون مخطئين جوهرياً بشأن الاتفاق النووي، وقد أوضح بولتون ذلك عبر الإشارة إلى صياغته الغامضة والمبهمة
كما إلى تعبيره عن غياب في التوازن لصالح إيران. وأشار في الوقت عينه إلى انتهاكات طهران وسلوكها غير المقبول على المستوى الاستراتيجي الدولي، مما يبرهن بشكل قاطع عدم خدمة الاتفاق النووي لمصلحة الأمن القومي الأمريكي. حتى إدارة أوباما أدركت أن الاتفاق النووي لم يصب في مصلحة الولايات المتحدة فخافت من إحالته إلى مجلس الشيوخ للمصادقة عليه. علاوة على ذلك لم تؤخذ بالاعتبار المصالح المشروعة لحلفاء أمريكا الأساسيين في الشرق الأوسط والمتأثرين مباشرة بهذا الاتفاق، وخصوصاً إسرائيل ودول الخليج. لكن الانسحاب ببساطة من الاتفاق وهدمه لم يكونا كافيين بحسب بولتون الذي طالب بضرورة إبداء واشنطن قيادتها عبر شرح ديبلوماسي وعام لقرار عدم مصادقة الإدارة عليه. مثل أي حملة دولية، يجب أن تكون الحملة الخاصة مقنعة وشاملة ودقيقة وهادفة إلى طمأنة المجتمع الدولي بأن قرار الولايات المتحدة سيعزز الأمن والسلام الدوليين. كتب ويليامسون عن توفر اتجاهات عدة أمكن أن تسلكها الولايات المتحدة بعد مغادرة الاتفاق النووي. دافع ديفيد فرنش وإيلاي لايك عن تغيير النظام في إيران عبر دعم واشنطن وتشجيعها لخصوم نظام الملالي الديموقراطيين والليبيراليين.