محلل أمريكي: كوريا الشمالية لا تريد الحرب

محلل أمريكي: كوريا الشمالية لا تريد الحرب


يرى الباحث الأمريكي الدكتور ديني روي، أن حكومة كوريا الشمالية، تحت قيادة كيم جونغ أون، تواصل التحرك في اتجاه يثير قلق خصومها المحتملين: كوريا الجنوبية، والولايات المتحدة، واليابان.
وتؤدي تصرفات بيونغ يانغ الأخيرة بالفعل إلى إضعاف الأمال في تحقيق مصالحة، وتعزز وضعاً راهناً يتمثل في توتر دائم فيما يبدو في شبه الجزيرة الكورية. ولكن لا يدل نشاط بيونغ يانغ الأخير على أن كيم قرر خوض حرب ضد كوريا الجنوبية، رغم التكهنات بعكس ذلك. ويضيف روي، الباحث البارز في مركز إيست- ويست بهونولولو، والمتخصص في قضايا آسيا - الباسفيكي الاستراتيجية والأمنية، في تحليل نشرته مجلة «ناشونال إنتريست» الأمريكية، أن محاولة بيونغ يانغ لتطوير ونشر مختلف أنواع الصواريخ المتقدمة، وبينها تجارب إطلاق صواريخ كروز في الأيام القليلة الماضية، تثير القلق المبرر بشأن نوايا كوريا الشمالية. ولكن من الممكن تفسير ذلك على أنه محاولة للردع وليس استعداداً لشن حرب انتقائية، إذ أن حكومة كوريا الشمالية تعوض بذلك ضعف قواتها التقليدية، في مواجهة تيار متزايد من التهديدات النووية الأمريكية، والجهود المستمرة للولايات المتحدة وكوريا الجنوبية لحرمان كوريا الشمالية من التمتع بالقدرة على الرد على أي هجوم، وذلك من خلال الدفاع المضاد للصواريخ، واهتمام كوريا الجنوبية بـ» قطع رأس» قيادة كوريا الشمالية.


ويقول روي، الحاصل على الدكتوراة في العلوم السياسية من جامعة شيكاغو، إن الشراكة التي تم تعزيزها مؤخراً بين حكومة كوريا الشمالية وروسيا تساعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على مواصلة عدوانه في أوكرانيا، وتعزز القدرة العسكرية لكوريا الشمالية، وتقوي التحالف العالمي ضد الولايات المتحدة والذي يضم أيضاً الصين وإيران. ولكن ذلك لا يؤدي بالضرورة إلى زيادة فرص كوريا الشمالية لشن حربها الخاصة في المستقبل القريب.
ولكن شحنات الأسلحة والذخيرة التي ترسلها كوريا الشمالية إلى روسيا تشير إلى النقيض. وربما يكون الأمر الأكثر إثارة للقلق في تصرفات كوريا الشمالية الأخيرة هو نبذها للهدف القائم منذ عقود وهو إعادة توحيد الكوريتين تحت قيادة حكومة واحدة برئاسة حزب العمال الكوري. وقال كيم في خطابه أمام نواب كوريا الشمالية في 15 يناير (كانون الثاني) الماضي إنه «من الآن فصاعداً يعتبر الكوريين الجنوبيين أعداء وليسوا رفاقاً». وقامت بيونغ يانغ بحل المؤسسات الني تولت في السابق التعاون مع سيؤول.

ويرى روي أن أحد التفسيرات المحتملة هو أن هذا التغيير في السياسة يمهد الطريق لقرار كوري شمالي بخوض حرب ضد مواطنين أعادت تصنيفهم على أنهم أعداء وليسو أبناء عمومة. ومع ذلك يمكن بالمثل أن يكون ذلك دليلاً على رأي رسمي بأن غزو كوريا الجنوبية ليس متصوراً، وأن كوريا الشمالية سوف تركز بدلاً من ذلك على الحفاظ على نفسها. وعلى هذا الأساس، يبدو أن التخلي عن إعادة التوحيد سوف يجعل أي هجوم كوري شمالي مفاجىء أقل احتمالاً وليس أكثر احتمالاً.


ويوضح روي أن شن هجوم شديد غير مبرر على نطاق محدود سيكون أمراً خطيراً بالنسبة لكيم. وإحدى المشكلات تتمثل في أنه منذ عام 2010 عندما تكبدت سيؤول خسائر في الأرواح نتيجة إغراق سفينة البحرية الكورية الجنوبية شيونان، وتعرضت جزيرة يونبيونغ التي تسيطر عليها للقصف، وقالت حكومات كورية الجنوبية إنها سوف تنتقم عسكرياً رداً على هجمات كوريا الشمالية.
وبدلاً من تمتع كيم بنفوذ سياسي، يمكن أن يتوقع خسارة بعض قدراته القتالية ويفقد ماء وجهه إذا ثبت أن هجومه أضعف من هجوم كوريا الجنوبية المضاد. وهناك مشكلة أخرى، وهي أن كيم لا يستطيع أن يضمن ألا يؤدي أي هجوم كوري جنوبي محدود إلى سلسلة من التصعيد لن يكون بإمكانه التحكم فيه، مما سوف يؤدي إلى حرب عامة تهدد وجود نظامه، بل وبلاده.
وأحد السيناريوهات التي غالباً ما يتم مناقشتها هو مهاجمة كوريا الشمالية لكوريا الجنوبية منتهزة فرصة انشغال الولايات المتحدة بحرب أخرى في موقع آخر. ومن المرجح أن تستمر الحرب في أوكرانيا وغزة خلال معظم عام 2024، وحذر بعض كبار المسؤوليين العسكريين الأمريكيين من إمكانية اندلاع حرب في مضيق تايوان في عام 2025.
ورغم انشغال الولايات المتحدة، لن تجني كوريا الشمالية الكثير من وراء أي هجوم، حيث إن القوات التقليدية الكورية الجنوبية أقوى كثيراً من القوات الكورية الشمالية، كما أن الترسانة النووية الأمريكية سوف تواصل تقديم الدعم لسول.
واختتم روي تحليله بالقول إنه يتعين على من يحذرون من وقوع هجوم كوري شمالي غير مبرر توضيح ما هو المكسب الذي يمكن لكيم أن يأمل في الحصول عليه من وراء مهاجمة خصوم أقوى منه .ورغم إطلاق أسرة كيم خطاباً عدائياً عمداً، فإنها لم تكن لتبقى في السلطة لهذه الفترة الطويلة لو كانت قد تصرفت بشكل انتحاري.