محمد بن راشد: التنمية هي مفتاح الاستقرار .. والاقتصاد أهم سياسة
مسلحون فلسطينيون: نقاتل من أجل جنين لا لأطراف خارجية
في مبنى تحمل جدرانه آثار طلقات الرصاص بمدينة جنين يحتفي مسلحان من حركة الجهاد بما يصفانه بأنه انتصار للفلسطينيين في مواجهة أكبر عملية إسرائيلية في الضفة الغربية منذ عقود.
وقال قادة إسرائيليون إن التوغل الذي استمر يومين في جنين الشهر الماضي أسفر عن مصادرة أسلحة وتدمير بنية تحتية يستخدمها مسلحون تمولهم طهران، يستغلون مخيم لاجئين يتكدس فيه الآلاف في مساحة تقل عن نصف كيلومتر مربع كقاعدة لمهاجمة وقتل الإسرائيليين.
وفي السابع من أغسطس آب، قال مستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنجبي إن إيران تحاول “أن تُطبق علينا” باستخدام جماعات مسلحة مثل الجهاد الإسلامي وحركة (حماس) في الضفة الغربية وحزب الله المدعوم من إيران في لبنان المجاور.
ولا يخفي المسلحون حقيقة أن الأموال تأتيهم من إيران، لكنهم يعتبرون المعركة نضالا وطنيا يؤججه الغضب من الاحتلال الإسرائيلي، ولا يبالون بالقضايا الجيوسياسية الأوسع، وهو ما أظهرته عشرات الحوارات مع المسلحين والمتعاطفين معهم في جنين.
وقال مسلح من حركة الجهاد الإسلامي عرّف نفسه باسم أبو صلاح “نحن أبناء جنين”. وقال الشاب النحيل الملتحي (36 عاما) وهو يرتدي ملابس رياضية سوداء إن المسلحين يشعرون أنه ليس لديهم بديل “نحن تحت الحصار ومحاطين من كل جهة وليس أمامنا أي خيار سوى القتال».
وأضاف بينما كان يجلس وسط كتل من الحجارة واسطوانات غاز الطهي المحترقة التي استخدمت كعبوات ناسفة أثناء التوغل الإسرائيلي “صحيح أن حركة الجهاد الإسلامي هي التنظيم الأساسي ولكن الأهم من ذلك كله أننا أبناء جنين».
وقال المسلح “أهدافنا جميعا تقريبا مثل أهداف الجهاد الإسلامي ولكن المحرك لنا هو جنين».
ولم تنقطع الاضطرابات منذ أكثر من عام في الضفة الغربية، وهي منطقة بطول نحو 100 كيلومتر وعرض 50 كيلومترا ظلت في قلب الصراع الإسرائيلي الفلسطيني منذ أن احتلتها إسرائيل في حرب 1967.
وقُتل مئات الفلسطينيين، ومعظمهم من المسلحين إلى جانب الكثير من المدنيين أيضا، في هجمات إسرائيلية منذ اندلاع أحدث موجة عنف في أوائل عام 2022. وفي نفس الفترة، قُتل عشرات الإسرائيليين في هجمات بالرصاص أو طعن أو دهس نفذها فلسطينيون.
ويتهم مسؤولون إسرائيليون إيران بشكل متكرر بتمويل جماعات مسلحة في الضفة الغربية في إطار حملة تشمل هجمات على إسرائيليين في الخارج وتمويل حزب الله وبرنامجا لتصنيع سلاح نووي.
ويرى العديد من الفلسطينيين أن هذا الاتهام يهدف لتحويل الانتباه بعيدا عن الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية والتوسع في بناء المستوطنات الذي تعتبره معظم دول العالم غير قانوني، لا سيما منذ انتخاب الحكومة اليمينية برئاسة بنيامين نتنياهو.
شكلت جنين، وهي معقل تقليدي للمقاومة الفلسطينية ضد إسرائيل، ساحة خصبة لتحقيق مصالح مسؤولي الأمن الإيرانيين وممولين يعملون في الظل والفصائل الفلسطينية المتنافسة.
ورغم أنها تقع شكليا تحت سيطرة السلطة الفلسطينية، التي تأسست قبل نحو 30 عاما بموجب اتفاقيات أوسلو للسلام، أصبحت جنين بشكل متزايد مكانا ينعدم فيه القانون حيث يجلس مسؤولو السلطة الفلسطينية خلف الجدران العالية لمقر المحافظة لا يسعهم سوى الاحتجاج على المداهمات الإسرائيلية. وقال محمود السعدي مدير الهلال الأحمر الفلسطيني في جنين، والذي يعمل هناك منذ عقود، “هذه المنطقة بدون حكومة أو سلطة».
وذكر مسؤول إسرائيلي أن نحو 25 بالمئة من العائلات هناك، بحسب الجيش الإسرائيلي، محسوبة على حركة الجهاد الإسلامي التي تتلقى نحو 90 بالمئة من تمويلها من إيران بما يصل إلى “عشرات الملايين من الدولارات” سنويا. وينحدر كثير من المهاجمين الفلسطينيين الذين نفذوا هجمات داخل إسرائيل وفي الضفة الغربية من المنطقة.
وقال تامير هيمان المدير الإداري للمعهد الإسرائيلي لدراسات الأمن القومي في تل أبيب والرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية إن إيران غير قادرة على ممارسة سيطرة مباشرة كبيرة على طريقة صرف أموالها.
وتابع “إيران تنفق الكثير من الأموال في الضفة الغربية لكنها غير قادرة على توجيهها بدقة أو إقناع نشطاء الإرهاب بفعل ما تريد بالضبط، لذا فإن الأمر لا يخلو من مجازفة».
وقال “إنهم يرسلون الأموال عن طريق تشجيع المهربين والتهريب عبر العصابات الإجرامية أو غيرهم، ويتمنون وصول مبلغ كبير بما يكفي إلى مخيم جنين وأماكن أخرى لإحداث فرق».