معركة الذهب.. اختبار جديد لسلطة «أسيمي غويتا» في شمال مالي المضطرب
تستعد الحكومة في مالي لخوض مهمة محفوفة بالمخاطر في شمال البلاد، بعد أن قررت استعادة السيطرة على أكبر موقع لتعدين الذهب في البلاد، الذي يقع في منطقة غاو بإقليم أزواد، حيث أصدرت أوامر لآلاف عمال المناجم الحرفيين بإخلاء الموقع فوراً، في قرار يستبعد أن يمر بسلام، خاصة أنه قد يفجر توترات أمنية في منطقة مضطربة أصلاً.
وبحسب تقرير لمجلة “جون آفريك”، فإن منجم الذهب الحرفي المذكور يقع في منطقة نتيلت بمنطقة غاوا، وقبل أكثر من عام بقليل، أي في 28 أغسطس-آب 2024، اعتمد مجلس الوزراء مشروع مرسوم يُخول شركة أبحاث واستغلال الموارد المعدنية المالية (سوريم مالي)، المملوكة بالكامل للدولة، بإجراء أعمال التنقيب في المنطقة.وفي محاولة لترجمة هذا المرسوم على الأرض، أمهل العميد مامادو ماساولي سمكي، قائد المنطقة الشرقية لعملية “استعادة الأراضي”، قبل أسابيع عمال المناجم حتى الـ 22 أكتوبر-تشرين الأول لإخلاء الموقع، حيث تسعى السلطات الانتقالية المالية الآن إلى تمكين شركة سوريم مالي من تولي السيطرة رسميًا على موقع تعدين الذهب هذا.
منجم الذهب.. أرقام وإيرادات
على بُعد حوالي 50 كيلومترًا من غاوا، يقع منجم نتاهاكا، بمساحة 97.41 كيلومترًا مربعًا، وهو أكبر رواسب الذهب في البلاد. ويصف مصدر محلي الموقع لـ”جون آفريك”، بقوله: “إنها مدينة بحد ذاتها. مساحة شاسعة، تعجّ بالنشاط ليلًا ونهارًا، حيث يحفر آلاف الشباب ويغسلون وينخلون على أمل العثور على بضعة غرامات من الذهب».ويُقدّر المصدر، أن أكثر من 10 آلاف منقب ذهب يعملون في هذا الموقع، الذي يُستغل منذ عام 2018. لكنه أصبح مركزًا لتهريب الذهب، حيث تنشط عصابات في المجال ضمن مثلث حدودي يربط بين بوركينا فاسو ومالي والنيجر.
وحتى نوفمبر-تشرين الثاني 2023، كانت المنطقة خاضعة لإدارة جماعات أزوادية مسلحة من الشمال، حيث طبقت نظام تذاكر للموقع يقضي بفرض 2000 فرنك إفريقي على الماليين، و5000 فرنك إفريقي للأجانب، تُدفع عند دخول الموقع والخروج منه، وقد حولت هذه الإتاوات التنقيب عن الذهب إلى كنزٍ ماليٍّ هائل في شمال مالي.
وتشير الأرقام الرسمية إلى أن التعدين شكل 9% من الناتج المحلي الإجمالي لمالي في عام 2023، أي ما يعادل 644 مليار فرنك إفريقي مدفوعة في الميزانية الوطنية. ومنذ دخول القانون الجديد حيز التنفيذ، أفادت التقارير أن الدولة جمعت أكثر من 1.2 مليار دولار أمريكي منذ يناير 2025.
مخاوف مشروعة
وينظر إلى قرار استعادة موقع الذهب، باعتباره أولوية لحكومة بامكو، لتأكيد سيادتها على هذا الجزء من الإقليم، كما أنه يمثل تحدياً بالنسبة للرئيس الانتقالي الجنرال أسيمي غويتا، لكون السيطرة عليه تعني الفوز بمورد حُرم منه لفترة طويلة جدًا من قِبل جهات موازية، لكن في نتاهاكا، يشعر منقبو الذهب وبعض الجماعات المسلحة، مثل جبهة تحرير أزواد، بالحرمان. وسط ترجيحات بأن تُشعل هذه الحادثة فتيل التوتر من جديد في شمال مالي، وفقاً لـ”جون آفريك».
وتعد استعادة السيطرة على هذا الموقع مهمة جدا لمد خزينة الدولة بموارد مالية كبيرة، لكن المراقبين يرون أن الاستحواذ على اقتصاد موازٍ متجذر يُعيل آلاف العائلات، سيضع الحكومة على المحك لكون التعديل الحرفي، كان الوسيلة الوحيدة للعيش في منطقة تفتقر إلى فرص العمل، ولا تستطيع السلطات الانتقالية توفير بديل عنها لسكان مسلحين، ولديهم ثأر تاريخي مع حكام مالي.