رئيس الدولة والرئيس القبرصي يؤكدان أهمية العمل على ترسيخ أسباب السلام والاستقرار الإقليميين
سيرغي شويغو وسيرغي ناريشكين:
مقرّبان من فلاديمير بوتين بين الشعبية والظل...!
-- للأول فرص أكبر لخلافة بوتين لأنه يحظى بشعبية لدى الروس، في حين يفضّل الثاني دائمًا البقاء في الظل
-- ناريشكين رجل متحضر، لطيف، مثير للاهتمام
-- من المؤكد أن هذين الرجلين ستجمعهما الحياة والموت
وزير الدفاع الروسي ورئيس جهاز المخابرات الخارجية يقفان إلى جانب بوتين في الحرب.
من مسافة بعيدة، يمكن مقارنتهما بسهولة بداني وايلد، المشاكس الشجاع من أصول متواضعة، وبريت سينكلير، الأرستقراطي المغري والمهذّب، في مسلسل سنسيرلي يورس.
قد تبدو المقارنة تافهة في مواجهة الفظائع التي يعيشها الأوكرانيون منذ عشرة أيام. ومع ذلك، فإن الثنائي في المسلسل البريطاني هما مقاربة انطلاق لفهم ما يجمع سيرغي شويغو، وزير دفاع روسيا منذ عام 2012، وسيرغي ناريشكين، رئيس جهاز المخابرات الخارجية منذ عام 2016، في تحالفهما الحديدي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. فإذا كان لدى الأول فرص أكبر لخلافة بوتين لأنه يحظى بشعبية لدى الروس، فإن الثاني يفضل دائمًا البقاء في الظل والتسويات الضرورية.
شويغو، “التعريف ذاته لما لا يمكن اختراقه»
ولد سيرغي شويغو، 66 عامًا، على حدود منغوليا، في أقصى شرق سيبيريا. من أب آسيوي وأم روسية، صعد مهندس البناء وفارس السهوب هذا سلم الجهاز المحلي لما يقرب من عشر سنوات قبل إنشاء وزارة حالات الطوارئ برئاسة بوريس يلتسين. هو الذي لا يملك خبرة عسكرية، يستمد رتبته وميدالياته من مآثر “جيشه” العديدة في خدمة مكافحة الكوارث الطبيعية والحوادث الكبرى والهجمات الإرهابية. اختاره فلاديمير بوتين لقيادة حزب حليف في مسيرته نحو السلطة عام 2000، وحصل على مكافأة بعد اثني عشر عامًا ليحل محل وزير دفاع فاشل وفاسد.
منذئذ؟ بات في رصيده شبه جزيرة القرم دون إطلاق رصاصة تقريبًا، وسوريا، لتأمين الوجود الروسي على شرفة البحر الأبيض المتوسط، والزيادة 30 بالمائة في ميزانية الدفاع. واليوم، سيظل هذا الغزو لما تبقى من أوكرانيا، مهما كانت نتائجه، من أعماله.
من زاوية نظر الكرملين، حيث كان يُفضّل لفترة طويلة استخدام أجهزة المخابرات وقواتها لتنفيذ عمليات زعزعة الاستقرار أو القمع، كما كان الحال في الشيشان، فإن الهجمات التي يقودها سيرغي شويغو تعتبر نجاحات، فقد جعلت من الممكن استعادة شكل من أشكال القوة، ومكانة المحاور الأساسي.
هل يجعل هذا من شويغو وحشًا يرتدي زيًا رسميًا دون وخز ضمير؟ قال عنه مؤخراً أحد المنظمين الفرنسيين للاجتماعات الوزارية الفرنسية الروسية في القمة: “إنه مقتصد في الكلام، ولكنه مهذب للغاية، ومختزل، وقوي”. ويقول مسؤول أوروبي سابق: “ بالنسبة لي، هو التعريف ذاته لما لا يمكن اختراقه”. هل سيثق به بوتين حتى النهاية، وفي حال وجود صعوبات على الأرض، أو جمود محتمل في وجه المقاومة الشعبية الأوكرانية؟ “من المؤكد أن هذين الرجلين على ارتباط وثيق وتعاهدا على الحياة والموت، وقد تمكنت من إدراك ذلك عندما كان علينا التفاوض أثناء الحرب في سوريا”، يجيب هذا المصدر نفسه. لطالما أظهر شويغو وبوتين تقاربهما. الصور الدعائية المجزية لبوتين عاري الصدر، يمتطي حصانًا أو يصطاد الأسماك أو في جولة صيد أو ملفوفًا في صدفة لاعب الهوكي، كلها بتوقيع الرجل السيبيري المضفر، الرجل الذي يربط بوتين بالتربة الروسية، والذي يتقاسم معه شعبيته عندما تكون الأوقات صعبة.
ناريشكين، المقرب
سيرغي ناريشكين، 67 سنة، هو بعيد آلاف الكيلومترات عن سيبيريا الأعماق هذه. ولد في لينينغراد عام 1954، قبل أن تصبح مرة أخرى سانت بطرسبرغ أسلافه، وهي واحدة من أكبر العائلات في بلاط القيصر، تعرّف على بوتين في الكي جي بي. مهندس اتصالات، تم اختياره في السبعينات، في خضم حقبة بريجنيف، لمتابعة تدريب أكاديمية دزيرجينسكي، وهي بمثابة المدرسة القومية للإدارة لأجهزة المخابرات. أصبح الاثنان صديقين ويذهبان معًا للقفز بالمظلات. في ذلك الوقت، كان بوتين ضابط حالة في دريسدن، جمهورية ألمانيا الديمقراطية، وناريشكين، الذي يتحدث الإنجليزية والفرنسية، تم إرساله إلى بروكسل. كشفه أحد المنشقين الأوكرانيين، وتم إعادته إلى الاتحاد السوفياتي.
وكما كتب فيليب كوفاشيفيتش، المتخصص في مجال الاستخبارات وكاتب العمود في موقع سباي تالك، فإنه يشارك بوتين “نفس الشعور بأنه تم إبعاده عن نخبة الحزب الشيوعي”، ولديه شكل من أشكال “الثأر” من النظام.
بعد الإبحار لفترة طويلة في الدوائر الاقتصادية في سانت بطرسبرغ، أصبح ناريشكين مقرّبا من بوتين عندما احتاج الأخير إلى رجل ثقة يُعيد النظام إلى دوما، البرلمان الروسي. ومن بين مهامه أيضًا، توحيد شبكات اليمين المتطرف الموالية لروسيا في أوروبا. في سبتمبر 2014، عندما تمت معاقبته من قبل الاتحاد الأوروبي، تمكّن من اللعب على تفاصيل البروتوكول للمشاركة في اجتماع للحوار الفرنسي الروسي في السفارة الروسية في باريس، حيث كان الصناعيين والنواب من جميع الأطراف. بعد عام، كان هو الذي يستقبل مارين لوبان في موسكو.
منذ عام 2016، على رأس جهاز المخابرات الخارجية لروسيا الاتحادية، أدار جزئيًا العلاقة المعقدة مع إدارة دونالد ترامب. ناريشكين، هو من محبي الجولف مثله، ولكنه أكثر دقة من نظيره في وكالة المخابرات المركزية مايك بومبيو، ناريشكين يتعاطى مع الأمريكيين، ولكن دون التنازل عن أي شيء يتعلق بالأساسيات.
تعود آخر زيارة لمسؤول أمريكي كبير إلى موسكو إلى الخريف. كانت القوات الروسية حينها تواصل حشدها على أبواب أوكرانيا. بيل بيرنز، الدبلوماسي المخضرم، الذي جاء لمعرفة النوايا الروسية بشأن حرب محتملة، سيغادر خالي الوفاض. طبعا، هناك تلك الثواني القليلة من اجتماع مجلس الأمن يوم الاثنين 21 فبراير، التي سبقت الغزو، حيث شاهدنا بوتين يوبخ ناريشكين على الهواء مباشرة، وهو يتلعثم في ولائه دعمًا للاعتراف باستقلال جمهوريات دونباس الموالية لروسيا.
هل ذاك المشهد علامة انقسام؟ ثغرة؟ “ناريشكين رجل متحضر، لطيف، مثير للاهتمام، عندما التقيت به، بدا أنه يقدر فرنسا وثقافتها، لكن هذا يعود إلى زمن يبدو الآن بعيدا جدًا بالنسبة لي”، يتذكر المدير السابق لـ المديرية العامة للأمن الخارجي الفرنسي برنارد باجوليه. يوم الخميس، نشر ناريشكين، في شكل من أشكال الموافقة الحماسية، نصًا يمدح فيه رؤية بوتين للعالم. “الأقنعة تسقط، يمكن أن نقرأ، الغرب لا يحاول فقط إحاطة روسيا بستار حديدي جديد... هذه محاولات لتدمير دولتنا –لإلغائها».
إن قاموس جنون العظمة الذي يتنامى أيضا عند محاوري بوتين في الأشهر الأخيرة، هو مؤشر على الأسوأ. ولكن عندما سُئل منسق المخابرات الفرنسية السابق في قصر الإليزيه عما إذا كان يعتقد أن بوتين قد يفضل في النهاية الخداع على القوة المطلقة لتجنب الأسوأ، لم يستبعد ذلك... لا شك لأنه في هذه اللعبة لا يزال من الممكن استخدام خبراء التجسس.
-- ناريشكين رجل متحضر، لطيف، مثير للاهتمام
-- من المؤكد أن هذين الرجلين ستجمعهما الحياة والموت
وزير الدفاع الروسي ورئيس جهاز المخابرات الخارجية يقفان إلى جانب بوتين في الحرب.
من مسافة بعيدة، يمكن مقارنتهما بسهولة بداني وايلد، المشاكس الشجاع من أصول متواضعة، وبريت سينكلير، الأرستقراطي المغري والمهذّب، في مسلسل سنسيرلي يورس.
قد تبدو المقارنة تافهة في مواجهة الفظائع التي يعيشها الأوكرانيون منذ عشرة أيام. ومع ذلك، فإن الثنائي في المسلسل البريطاني هما مقاربة انطلاق لفهم ما يجمع سيرغي شويغو، وزير دفاع روسيا منذ عام 2012، وسيرغي ناريشكين، رئيس جهاز المخابرات الخارجية منذ عام 2016، في تحالفهما الحديدي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. فإذا كان لدى الأول فرص أكبر لخلافة بوتين لأنه يحظى بشعبية لدى الروس، فإن الثاني يفضل دائمًا البقاء في الظل والتسويات الضرورية.
شويغو، “التعريف ذاته لما لا يمكن اختراقه»
ولد سيرغي شويغو، 66 عامًا، على حدود منغوليا، في أقصى شرق سيبيريا. من أب آسيوي وأم روسية، صعد مهندس البناء وفارس السهوب هذا سلم الجهاز المحلي لما يقرب من عشر سنوات قبل إنشاء وزارة حالات الطوارئ برئاسة بوريس يلتسين. هو الذي لا يملك خبرة عسكرية، يستمد رتبته وميدالياته من مآثر “جيشه” العديدة في خدمة مكافحة الكوارث الطبيعية والحوادث الكبرى والهجمات الإرهابية. اختاره فلاديمير بوتين لقيادة حزب حليف في مسيرته نحو السلطة عام 2000، وحصل على مكافأة بعد اثني عشر عامًا ليحل محل وزير دفاع فاشل وفاسد.
منذئذ؟ بات في رصيده شبه جزيرة القرم دون إطلاق رصاصة تقريبًا، وسوريا، لتأمين الوجود الروسي على شرفة البحر الأبيض المتوسط، والزيادة 30 بالمائة في ميزانية الدفاع. واليوم، سيظل هذا الغزو لما تبقى من أوكرانيا، مهما كانت نتائجه، من أعماله.
من زاوية نظر الكرملين، حيث كان يُفضّل لفترة طويلة استخدام أجهزة المخابرات وقواتها لتنفيذ عمليات زعزعة الاستقرار أو القمع، كما كان الحال في الشيشان، فإن الهجمات التي يقودها سيرغي شويغو تعتبر نجاحات، فقد جعلت من الممكن استعادة شكل من أشكال القوة، ومكانة المحاور الأساسي.
هل يجعل هذا من شويغو وحشًا يرتدي زيًا رسميًا دون وخز ضمير؟ قال عنه مؤخراً أحد المنظمين الفرنسيين للاجتماعات الوزارية الفرنسية الروسية في القمة: “إنه مقتصد في الكلام، ولكنه مهذب للغاية، ومختزل، وقوي”. ويقول مسؤول أوروبي سابق: “ بالنسبة لي، هو التعريف ذاته لما لا يمكن اختراقه”. هل سيثق به بوتين حتى النهاية، وفي حال وجود صعوبات على الأرض، أو جمود محتمل في وجه المقاومة الشعبية الأوكرانية؟ “من المؤكد أن هذين الرجلين على ارتباط وثيق وتعاهدا على الحياة والموت، وقد تمكنت من إدراك ذلك عندما كان علينا التفاوض أثناء الحرب في سوريا”، يجيب هذا المصدر نفسه. لطالما أظهر شويغو وبوتين تقاربهما. الصور الدعائية المجزية لبوتين عاري الصدر، يمتطي حصانًا أو يصطاد الأسماك أو في جولة صيد أو ملفوفًا في صدفة لاعب الهوكي، كلها بتوقيع الرجل السيبيري المضفر، الرجل الذي يربط بوتين بالتربة الروسية، والذي يتقاسم معه شعبيته عندما تكون الأوقات صعبة.
ناريشكين، المقرب
سيرغي ناريشكين، 67 سنة، هو بعيد آلاف الكيلومترات عن سيبيريا الأعماق هذه. ولد في لينينغراد عام 1954، قبل أن تصبح مرة أخرى سانت بطرسبرغ أسلافه، وهي واحدة من أكبر العائلات في بلاط القيصر، تعرّف على بوتين في الكي جي بي. مهندس اتصالات، تم اختياره في السبعينات، في خضم حقبة بريجنيف، لمتابعة تدريب أكاديمية دزيرجينسكي، وهي بمثابة المدرسة القومية للإدارة لأجهزة المخابرات. أصبح الاثنان صديقين ويذهبان معًا للقفز بالمظلات. في ذلك الوقت، كان بوتين ضابط حالة في دريسدن، جمهورية ألمانيا الديمقراطية، وناريشكين، الذي يتحدث الإنجليزية والفرنسية، تم إرساله إلى بروكسل. كشفه أحد المنشقين الأوكرانيين، وتم إعادته إلى الاتحاد السوفياتي.
وكما كتب فيليب كوفاشيفيتش، المتخصص في مجال الاستخبارات وكاتب العمود في موقع سباي تالك، فإنه يشارك بوتين “نفس الشعور بأنه تم إبعاده عن نخبة الحزب الشيوعي”، ولديه شكل من أشكال “الثأر” من النظام.
بعد الإبحار لفترة طويلة في الدوائر الاقتصادية في سانت بطرسبرغ، أصبح ناريشكين مقرّبا من بوتين عندما احتاج الأخير إلى رجل ثقة يُعيد النظام إلى دوما، البرلمان الروسي. ومن بين مهامه أيضًا، توحيد شبكات اليمين المتطرف الموالية لروسيا في أوروبا. في سبتمبر 2014، عندما تمت معاقبته من قبل الاتحاد الأوروبي، تمكّن من اللعب على تفاصيل البروتوكول للمشاركة في اجتماع للحوار الفرنسي الروسي في السفارة الروسية في باريس، حيث كان الصناعيين والنواب من جميع الأطراف. بعد عام، كان هو الذي يستقبل مارين لوبان في موسكو.
منذ عام 2016، على رأس جهاز المخابرات الخارجية لروسيا الاتحادية، أدار جزئيًا العلاقة المعقدة مع إدارة دونالد ترامب. ناريشكين، هو من محبي الجولف مثله، ولكنه أكثر دقة من نظيره في وكالة المخابرات المركزية مايك بومبيو، ناريشكين يتعاطى مع الأمريكيين، ولكن دون التنازل عن أي شيء يتعلق بالأساسيات.
تعود آخر زيارة لمسؤول أمريكي كبير إلى موسكو إلى الخريف. كانت القوات الروسية حينها تواصل حشدها على أبواب أوكرانيا. بيل بيرنز، الدبلوماسي المخضرم، الذي جاء لمعرفة النوايا الروسية بشأن حرب محتملة، سيغادر خالي الوفاض. طبعا، هناك تلك الثواني القليلة من اجتماع مجلس الأمن يوم الاثنين 21 فبراير، التي سبقت الغزو، حيث شاهدنا بوتين يوبخ ناريشكين على الهواء مباشرة، وهو يتلعثم في ولائه دعمًا للاعتراف باستقلال جمهوريات دونباس الموالية لروسيا.
هل ذاك المشهد علامة انقسام؟ ثغرة؟ “ناريشكين رجل متحضر، لطيف، مثير للاهتمام، عندما التقيت به، بدا أنه يقدر فرنسا وثقافتها، لكن هذا يعود إلى زمن يبدو الآن بعيدا جدًا بالنسبة لي”، يتذكر المدير السابق لـ المديرية العامة للأمن الخارجي الفرنسي برنارد باجوليه. يوم الخميس، نشر ناريشكين، في شكل من أشكال الموافقة الحماسية، نصًا يمدح فيه رؤية بوتين للعالم. “الأقنعة تسقط، يمكن أن نقرأ، الغرب لا يحاول فقط إحاطة روسيا بستار حديدي جديد... هذه محاولات لتدمير دولتنا –لإلغائها».
إن قاموس جنون العظمة الذي يتنامى أيضا عند محاوري بوتين في الأشهر الأخيرة، هو مؤشر على الأسوأ. ولكن عندما سُئل منسق المخابرات الفرنسية السابق في قصر الإليزيه عما إذا كان يعتقد أن بوتين قد يفضل في النهاية الخداع على القوة المطلقة لتجنب الأسوأ، لم يستبعد ذلك... لا شك لأنه في هذه اللعبة لا يزال من الممكن استخدام خبراء التجسس.