رغم تأكيده مواصلة تعهده بمهامه
منع العاملين من دخول مقر المجلس الأعلى للقضاء
-- نقابة القضاة: «الإصلاح لا يعني الدخول تحت جلباب السلطة التنفيذية»
-- المجلس الأعلى للقضاء يرفض قرار حلّه وجمعية القضاة الشبان تلوّح باستقالة جماعية
معركة أخرى تفتح في تونس، جديدها غضب هياكل القضاة، ومن تداعياتها مزيد الانقسام السياسي حيث دعت أحزاب إلى رفض قرار الرئيس قيس سعيد بحل المجلس الأعلى للقضاء في حين ساندته أحزاب أخرى ورحبت به. ولكن تظل المواقف الأساسية هي تلك الصادرة عن الهياكل القضائية والتي توحي مضامينها ونبرتها إلى أن البلاد قد تعيش مواجهة بين السلطة القضائية والسلطة التنفيذية.
غلق المقر
كشف يوسف بوزاخر رئيس المجلس الأعلى للقضاء، أمس الاثنين، أنه تم إبلاغه بطريقة رسمية بوجود تهديدات إرهابية تستهدفه معتبرا ذلك نتيجة ما وصفه بحملة تشهير وتجييش استهدفت المجلس منذ أشهر مؤكدا أن الجديد اليوم أنه تم منع أعوان المجلس والإداريين من دخول مقره بذريعة وجود تعليمات وغلقه بسلاسل حديدية.
وقال بوزاخر في مداخلة إذاعية في هذا الإطار، “نحن لا نعرف عمن صدرت التعليمات ونحمل المسؤولية مباشرة لوزير الداخلية في هذا المجال ونعتبر أننا لم نعد في مرحلة إنشاء أو وضع مرسوم يتعلق بالمجلس الاعلى للقضاء أو تغييره وانما دخلنا مرحلة افتكاك المجلس الاعلى للقضاء وكل واحد يتحمل مسؤوليته في ذلك «.
وأكدت عضو المجلس الأعلى للقضاء بسمة السلامي أمس الاثنين أن الوحدات الأمنية المحيطة بمقر المجلس الأعلى للقضاء تلقت تعليمات بمنع دخول “أي شخص” الى مقر المجلس، دون تقديم أي توضيح بخصوص ذلك، وفق تعبيرها.
هذا وعاينت عدل تنفيذ نجيبة السليتي أمام مقر المجلس الأعلى للقضاء عملية إغلاق مقر المجلس وعدم تمكن 4 موظفين من مباشرة مهامهم من خلال سماعهم وطرح مجموعة أسئلة بالخصوص. وأكدت نجيبة السليتي أنها ليست طرفا في النزاع القائم وإنما جاءت بموجب طلب تكليف بمعاينة تقدم بها رئيس المجلس يوسف بوزاخر.
رفض قرار الحلّ
وكان المجلس الأعلى للقضاء، قد عبّر عن رفضه حلّ المجلس، “في ظلّ غياب كل آلية دستورية وقانونية تجيز ذلك”، مؤكدا رفضه أيضا “المساس بالبناء الدستوري للسلطة القضائية والإهدار المفاجئ والمسقط لكافة ضمانات استقلالية القضاء، في تقويض واضح للدستور والمواثيق والمعاهدات الدولية المصادق».
وقد أعلن المجلس الأعلى للقضاء في بيان له أول من أمس الأحد عن “مواصلة تعهده بمهامه”، داعيا عموم القضاة، إلى “التمسك بمجلسهم، باعتباره الضمانة الوحيدة التي تقيهم من خطر المساس باستقلاليتهم في أداء واجبهم وخطر تعريضهم للضغط وإلى التيقظ للدفاع عن وضعهم الدستوري».
وأكّد المجلس رفض “اتهامه بالتقصير”، داعيا إلى “الكف عن مغالطة الرأي العام، بأن المجلس الأعلى للقضاء هو المكلّف بالفصل في القضايا والمسؤول عن مآلها”. كما عبّر عن رفضه ما اعتبرها “هرسلة متواصلة لرئيس وأعضاء المجلس والقضاة وما صاحبها من تجييش وتأليب وتحريض ضدهم”، محمّلا الرئيس سعيد والسلط الأمنية “المسؤولية عن إيقاف ذلك فورا».
وكان الرئيس التونسي قيس سعيّد، أعلن مساء السبت، في كلمة من مقر وزارة الداخلية، عن قراره حلّ المجلس الأعلى للقضاء، مشددا على أنه اتخذ هذا القرار من أجل وضع حد لما وصفه بـ “الوضع المزري” الذي تردّى فيه القضاء، وأنه سيصدر في الأيام المقبلة مرسوما مؤقتا في الغرض.
التلويح باستقالة جماعية
من جهتها، اعتبرت الجمعية التونسية للقضاة الشبان، أن قيس سعيد “لا يملك أي سند قانوني أو سلطة أو شرعية لحل المجلس الأعلى للقضاء المنتخب من القضاة».
ودعت الجمعية وفق بيان لها، المجلس الأعلى للقضاء إلى مواصلة أعماله بصفة عادية والدعوة لاجتماع عام يضم كافة القضاة والهياكل لاتخاذ مواقف موحدة، كما تدعو كافة مكونات المجتمع المدني وخصوصا المهن المتمتعة بعضوية في المجلس إلى الوقوف صفا واحدا أمام محاولات الاستيلاء على السلطة القضائية وتركيعها حسب تعبير البيان.
ودعت القضاة والهياكل إلى التكاتف واتخاذ موقف موحد للوقوف ضد أكبر حملة تطهير وتصفية سياسية للقضاة يعتزم رئيس الجمهورية تنفيذها إثر حل المجلس الأعلى للقضاء ورفع الحصانة عن القضاة، على غرار ما فعله مع أعضاء مجلس نواب الشعب، وكافة المحاكم إلى اصدار بيانات رافضة لذلك. وأكدت سعيها إلى التنسيق التام مع بقية الهياكل القضائية بغية إصدار مواقف وتحركات مشتركة في الأيام القليلة القادمة ودعت مجلس القضاة الشبان ومجلس حكماء الجمعية إلى الانعقاد في إطار جلسة عامة استثنائية ستنعقد يوم السبت 12 فبراير تحت اشراف الهيئة المديرة للجمعية وتدعو كافة القضاة للحضور والتصويت على القرارات التي اقترحتها الهيئة المديرة في البيانات السابقة.
واعتبر رئيس الجمعية التونسية للقضاة الشبان مراد المسعودي في تصريح اذاعي، إن قرار رئيس الجمهورية هو قرار “شفاهي” ولا قيمة له، مشيرا الى أنه لا يملك سندا قانونيا يمكنه من حل المجلس الأعلى للقضاء، مشددا على أن الهياكل القضائية ستتصدى لهذا القرار في صورة حدوثه بأقصى الوسائل الاحتجاجية الممكنة التي قد تصل الى الاضراب أو تقديم الاستقالة الجماعية على حد قوله.
من جانبه، كشف رئيس جمعية القضاة التونسيين أنس الحمايدي أمس الاثنين عن الانطلاق في مشاورات مع منظوريهم لاتخاذ الخطوات النضالية اللازمة لحماية المرفق القضائي وحرمة المحاكم، تعقيبا منه على قرار حل المجلس الاعلى للقضاء. وأقر الحمادي أن القضاة بجميع اصنافهم تحت وقع الصدمة من خطاب رئيس الدولة، مبينا أنه رئيس الجمهورية لا نية له للإصلاح بل يريد ضم السلطة القضائية له كباقي السلك الاخرى.
وختم رئيس جمعية القضاة بالقول ان “للإصلاح مقوماته».
إصلاح حقيقي
رئيسة نقابة القضاة التونسيين أميرة العمري أكدت في تصريح أمس الاثنين أنهم ليسوا من دعاة الهدم بل البناء معتبرة أن حل المجلس الأعلى للقضاء ليس غاية في حد ذاتها بل هناك نتيجة يجب بلوغها لأن مجال القضاء يعيش فراغا.
واعتبرت أميرة العمري أن ما صدر عن قيس سعيد حول المجلس الأعلى للقضاء يبقى مجرد تصريح ما لم يصدر إثره قرار أو مرسوم في الغرض موضحة أنهم ليسوا في صراع مع الرئيس ولا في خضوع لا لسياسيين ولا لسلطة تنفيذية مؤكدة أنه أمام الجميع فرصة تاريخية لبناء قضاء مستقل فعليا فرصة بعيدا عن الشبهات التي توجه له.
وبينت أميرة عمري أنهم ليسوا في دفاع عن الأشخاص ومن ارتكب جرما قاض كان أو سياسيا أو أي صاحب نفوذ يجب أن يحاسب فلا أحد فوق القانون لكن المهم هو بناء سلطة قضائية على أسس صحيحة وبإصلاح حقيقي بما يتماشى مع صالح البلاد والمجتمع التونسي.
وأوضحت أن طريقة الإصلاح يجب أن تكون بغاية البناء وبصفة تشاركية مع هياكل السلطة القضائية مشددة على وعيهم بأن الثقة اهتزت بين المجتمع التونسي والقضاء.
وأشارت إلى أن مفهومهم لإصلاح السلطة القضائية لا يعني إدخالها تحت جلباب السلطة التنفيذية أو تحت إشراف وزيرة العدل ليلى جفال أو أي هيكل آخر، معتبرة أن من يفكر في ذلك لن يتقدم بالقضاء بل سيعود به خطوات إلى الوراء وهو ما سيكون بعيدا عن مصلحة البلاد.
-- المجلس الأعلى للقضاء يرفض قرار حلّه وجمعية القضاة الشبان تلوّح باستقالة جماعية
معركة أخرى تفتح في تونس، جديدها غضب هياكل القضاة، ومن تداعياتها مزيد الانقسام السياسي حيث دعت أحزاب إلى رفض قرار الرئيس قيس سعيد بحل المجلس الأعلى للقضاء في حين ساندته أحزاب أخرى ورحبت به. ولكن تظل المواقف الأساسية هي تلك الصادرة عن الهياكل القضائية والتي توحي مضامينها ونبرتها إلى أن البلاد قد تعيش مواجهة بين السلطة القضائية والسلطة التنفيذية.
غلق المقر
كشف يوسف بوزاخر رئيس المجلس الأعلى للقضاء، أمس الاثنين، أنه تم إبلاغه بطريقة رسمية بوجود تهديدات إرهابية تستهدفه معتبرا ذلك نتيجة ما وصفه بحملة تشهير وتجييش استهدفت المجلس منذ أشهر مؤكدا أن الجديد اليوم أنه تم منع أعوان المجلس والإداريين من دخول مقره بذريعة وجود تعليمات وغلقه بسلاسل حديدية.
وقال بوزاخر في مداخلة إذاعية في هذا الإطار، “نحن لا نعرف عمن صدرت التعليمات ونحمل المسؤولية مباشرة لوزير الداخلية في هذا المجال ونعتبر أننا لم نعد في مرحلة إنشاء أو وضع مرسوم يتعلق بالمجلس الاعلى للقضاء أو تغييره وانما دخلنا مرحلة افتكاك المجلس الاعلى للقضاء وكل واحد يتحمل مسؤوليته في ذلك «.
وأكدت عضو المجلس الأعلى للقضاء بسمة السلامي أمس الاثنين أن الوحدات الأمنية المحيطة بمقر المجلس الأعلى للقضاء تلقت تعليمات بمنع دخول “أي شخص” الى مقر المجلس، دون تقديم أي توضيح بخصوص ذلك، وفق تعبيرها.
هذا وعاينت عدل تنفيذ نجيبة السليتي أمام مقر المجلس الأعلى للقضاء عملية إغلاق مقر المجلس وعدم تمكن 4 موظفين من مباشرة مهامهم من خلال سماعهم وطرح مجموعة أسئلة بالخصوص. وأكدت نجيبة السليتي أنها ليست طرفا في النزاع القائم وإنما جاءت بموجب طلب تكليف بمعاينة تقدم بها رئيس المجلس يوسف بوزاخر.
رفض قرار الحلّ
وكان المجلس الأعلى للقضاء، قد عبّر عن رفضه حلّ المجلس، “في ظلّ غياب كل آلية دستورية وقانونية تجيز ذلك”، مؤكدا رفضه أيضا “المساس بالبناء الدستوري للسلطة القضائية والإهدار المفاجئ والمسقط لكافة ضمانات استقلالية القضاء، في تقويض واضح للدستور والمواثيق والمعاهدات الدولية المصادق».
وقد أعلن المجلس الأعلى للقضاء في بيان له أول من أمس الأحد عن “مواصلة تعهده بمهامه”، داعيا عموم القضاة، إلى “التمسك بمجلسهم، باعتباره الضمانة الوحيدة التي تقيهم من خطر المساس باستقلاليتهم في أداء واجبهم وخطر تعريضهم للضغط وإلى التيقظ للدفاع عن وضعهم الدستوري».
وأكّد المجلس رفض “اتهامه بالتقصير”، داعيا إلى “الكف عن مغالطة الرأي العام، بأن المجلس الأعلى للقضاء هو المكلّف بالفصل في القضايا والمسؤول عن مآلها”. كما عبّر عن رفضه ما اعتبرها “هرسلة متواصلة لرئيس وأعضاء المجلس والقضاة وما صاحبها من تجييش وتأليب وتحريض ضدهم”، محمّلا الرئيس سعيد والسلط الأمنية “المسؤولية عن إيقاف ذلك فورا».
وكان الرئيس التونسي قيس سعيّد، أعلن مساء السبت، في كلمة من مقر وزارة الداخلية، عن قراره حلّ المجلس الأعلى للقضاء، مشددا على أنه اتخذ هذا القرار من أجل وضع حد لما وصفه بـ “الوضع المزري” الذي تردّى فيه القضاء، وأنه سيصدر في الأيام المقبلة مرسوما مؤقتا في الغرض.
التلويح باستقالة جماعية
من جهتها، اعتبرت الجمعية التونسية للقضاة الشبان، أن قيس سعيد “لا يملك أي سند قانوني أو سلطة أو شرعية لحل المجلس الأعلى للقضاء المنتخب من القضاة».
ودعت الجمعية وفق بيان لها، المجلس الأعلى للقضاء إلى مواصلة أعماله بصفة عادية والدعوة لاجتماع عام يضم كافة القضاة والهياكل لاتخاذ مواقف موحدة، كما تدعو كافة مكونات المجتمع المدني وخصوصا المهن المتمتعة بعضوية في المجلس إلى الوقوف صفا واحدا أمام محاولات الاستيلاء على السلطة القضائية وتركيعها حسب تعبير البيان.
ودعت القضاة والهياكل إلى التكاتف واتخاذ موقف موحد للوقوف ضد أكبر حملة تطهير وتصفية سياسية للقضاة يعتزم رئيس الجمهورية تنفيذها إثر حل المجلس الأعلى للقضاء ورفع الحصانة عن القضاة، على غرار ما فعله مع أعضاء مجلس نواب الشعب، وكافة المحاكم إلى اصدار بيانات رافضة لذلك. وأكدت سعيها إلى التنسيق التام مع بقية الهياكل القضائية بغية إصدار مواقف وتحركات مشتركة في الأيام القليلة القادمة ودعت مجلس القضاة الشبان ومجلس حكماء الجمعية إلى الانعقاد في إطار جلسة عامة استثنائية ستنعقد يوم السبت 12 فبراير تحت اشراف الهيئة المديرة للجمعية وتدعو كافة القضاة للحضور والتصويت على القرارات التي اقترحتها الهيئة المديرة في البيانات السابقة.
واعتبر رئيس الجمعية التونسية للقضاة الشبان مراد المسعودي في تصريح اذاعي، إن قرار رئيس الجمهورية هو قرار “شفاهي” ولا قيمة له، مشيرا الى أنه لا يملك سندا قانونيا يمكنه من حل المجلس الأعلى للقضاء، مشددا على أن الهياكل القضائية ستتصدى لهذا القرار في صورة حدوثه بأقصى الوسائل الاحتجاجية الممكنة التي قد تصل الى الاضراب أو تقديم الاستقالة الجماعية على حد قوله.
من جانبه، كشف رئيس جمعية القضاة التونسيين أنس الحمايدي أمس الاثنين عن الانطلاق في مشاورات مع منظوريهم لاتخاذ الخطوات النضالية اللازمة لحماية المرفق القضائي وحرمة المحاكم، تعقيبا منه على قرار حل المجلس الاعلى للقضاء. وأقر الحمادي أن القضاة بجميع اصنافهم تحت وقع الصدمة من خطاب رئيس الدولة، مبينا أنه رئيس الجمهورية لا نية له للإصلاح بل يريد ضم السلطة القضائية له كباقي السلك الاخرى.
وختم رئيس جمعية القضاة بالقول ان “للإصلاح مقوماته».
إصلاح حقيقي
رئيسة نقابة القضاة التونسيين أميرة العمري أكدت في تصريح أمس الاثنين أنهم ليسوا من دعاة الهدم بل البناء معتبرة أن حل المجلس الأعلى للقضاء ليس غاية في حد ذاتها بل هناك نتيجة يجب بلوغها لأن مجال القضاء يعيش فراغا.
واعتبرت أميرة العمري أن ما صدر عن قيس سعيد حول المجلس الأعلى للقضاء يبقى مجرد تصريح ما لم يصدر إثره قرار أو مرسوم في الغرض موضحة أنهم ليسوا في صراع مع الرئيس ولا في خضوع لا لسياسيين ولا لسلطة تنفيذية مؤكدة أنه أمام الجميع فرصة تاريخية لبناء قضاء مستقل فعليا فرصة بعيدا عن الشبهات التي توجه له.
وبينت أميرة عمري أنهم ليسوا في دفاع عن الأشخاص ومن ارتكب جرما قاض كان أو سياسيا أو أي صاحب نفوذ يجب أن يحاسب فلا أحد فوق القانون لكن المهم هو بناء سلطة قضائية على أسس صحيحة وبإصلاح حقيقي بما يتماشى مع صالح البلاد والمجتمع التونسي.
وأوضحت أن طريقة الإصلاح يجب أن تكون بغاية البناء وبصفة تشاركية مع هياكل السلطة القضائية مشددة على وعيهم بأن الثقة اهتزت بين المجتمع التونسي والقضاء.
وأشارت إلى أن مفهومهم لإصلاح السلطة القضائية لا يعني إدخالها تحت جلباب السلطة التنفيذية أو تحت إشراف وزيرة العدل ليلى جفال أو أي هيكل آخر، معتبرة أن من يفكر في ذلك لن يتقدم بالقضاء بل سيعود به خطوات إلى الوراء وهو ما سيكون بعيدا عن مصلحة البلاد.