يستعيد مهرجان الظفرة الختامي بدورته الـ 18، الوظيفة التراثية للسوق في المجتمع الإماراتي، حيث لم تكن الأسواق في الأزمنة القديمة أماكن للأنشطة التجارية فقط، بل كانت ملتقيات اجتماعية، وفنية، وأدبية وترفيهية، تحتضن في مواسمها أنشطة مختلفة بجانب نشاطها التجاري الرئيسي. وفي هذا الإطار، خصصت اللجنة المنظمة للمهرجان عدة أركان موزعة في جنبات سوق الظفرة التراثي المواكب للمهرجان، لتقدم من خلالها للزوار جوانب فنية وتراثية متنوعة، تسهم في التعريف بأوجه من الإرث الحضاري الإماراتي العريق، المتمثل في المهارات المتوارثة للحرفيين والحرفيات الذين طوعوا ما تجود به بيئاتهم من أجل ابتكار أدوات ومنتجات تلبي احتياجاتهم.
وفي هذه الأركان تعمل الأنامل الحرفية لنساء الإمارات في تقديم ورش لصناعات يدوية تقليدية في عرض حي لتحويل الخامات المختلفة إلى منتج نهائي يحمل قيمة فنية ووظيفية وتعريفية للزوار من مختلف الأعمار والجنسيات، مما يحقق جانباً من أهداف مهرجان الظفرة من خلال نشر التراث الإماراتي والتعريف به وتحقيق استدامته.
وتبين هذه المعارض التراثية الحية التي تهدف إلى خلق جو تفاعلي مع التراث، عدة جوانب توضح عراقة الحرف اليدوية وأصالتها التي أنتجتها قرون من الخبرة والمعارف المتوارثة، ويتجلى ذلك في تعريفها بجوانب شديدة الخصوصية من التراث الإماراتي، مثل التوابل والمواد العطرية كالزعفران والمحلب، وصناعة الحناء واستخداماتها، والاعشاب الطبية وأنواعها.
كما تعرف الأركان الحرفية أيضاً عبر نماذج حقيقية بـ "زهبة العروس" ومكوناتها وأبعادها الفولكلورية، في إطار تفصيل وشرح طقوس الزواج التقليدية وخطواتها ومراحلها والهدايا التي يتم تقديمها فيها.
ومن الورش الحية أيضاً صناعة عتاد المطية، والتعريف بأجزائه واستخداماتها والمواد المستخدمة في صناعتها، مثل الخطام، والعدة، والبطان، والزوار، والمحجبة، والشمال، والخناقة، وغيرها من القطع التي تعد صناعتها فناً له تقاليده الخاصة، وأدواته التي يصنع بها. كما تشمل الورش منتجات المطبخ الإماراتي التقليدي ووجباته المتميزة، وغيرها من العناصر التراثية التي تظهر من خلالها المرأة الإماراتية قدراتها الفذة في تطويع الواقع والبيئة لتسهيل حياة أسرتها ومجتمعها، وتقدم للأجيال الجديدة لمحات عن حياة أجدادهم وآبائهم قديماً من أجل تقوية ارتباطهم بجذورهم الحضارية وتقاليدهم المجتمعية.