رئيس الدولة والرئيس القبرصي يؤكدان أهمية العمل على ترسيخ أسباب السلام والاستقرار الإقليميين
ناشونال إنترست: ما لم يفهمه بوتين من لينين عن أوكرانيا
في خطابه الذي استغرق نحو ساعة في 21 فبراير(شباط) الجاري، انتقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الحكومة الأوكرانية لأنها، في نظره، غير شرعية وعاجزة.
وأكد أن هذه الحكومة والأوليغارشية التي تقف وراءها بددت الثروات التي ورثتها عن الاتحاد السوفياتي السابق، وتحولت إلى أداة بيد الغرب، واضطهدت الروس في أوكرانيا، وتسعى إلى ملكية أسلحة نووية لتهديد روسيا.
ولفت أستاذ الحكومات والسياسات في جامعة جورج مايسون مارك إن. كاتز في مجلة “ناشيونال إنترست” الأمريكية، إلى أن بوتين حمل على نحوٍ خاص على قائد الثورة البولشفية لينين، الذي حسب رأيه، أوجد أوكرانيا دون داعٍ في المقام الأول.
وقال في مستهل خطابه: “أوكرانيا الحديثة أوجدتها روسيا، ولنكون دقيقين، أوجدها البلاشفة أي روسيا الشيوعية. وهذه العملية بدأت عملياً عقب ثورة 1917، وكان لينين ومساعدوه بطريقة ما قساة على روسيا بفصل واقتطاع أراضٍ من روسيا التاريخية. ولم يسأل أحد الملايين الذين كانوا يعيشون هناك عن رأيهم».
هدف البلاشفة
وسأل بوتين نفسه لماذا فعل لينين ذلك ليجيب قائلاً، إن “ثمة تفسيراً، إذ أنه عقب الثورة، كان الهدف الرئيسي للبلاشفة البقاء في السلطة بأي ثمن، وفعلوا كل شيء لخدمة هذا الغرض” بما في ذلك تلبية “أي مطالب للقوميين داخل البلاد».
ونتيجة لذلك “كانت أوكرانيا السوفياتية نتاجاً للسياسة البولشفية أو فعلياً أوكرانيا لينين، الذي كان المؤسس والمهندس”. وبينما أزال جوزف ستالين أي درجة من الاستقلال اكتسبتها أوكرانيا أو أي جمهورية من جمهوريات الإتحاد السوفياتي، التي تأسست كلها على أساس عرقي، فإنه ترك الهيكل الفيديرالي في مكانه..
وهي “الجمهوريات الإتحادية” التي استقلت عندما تفتت الاتحاد السوفياتي، وورثت الحدود التي رسمها السوفيات وأعادوا رسمها في ما بينهم وضموا إليها كما هو الوضع في أوكرانيا أعداداً كبيرة من الروس.
وبالنسبة لبوتين، كانت أوكرانيا جزءاً من روسيا لعقود، لكن التأسيس المصطنع لجمهورية أوكرانيا الاشتراكية السوفياتية، ومن ثم انهيار الاتحاد السوفياتي في 1991، أدى إلى خطأ تاريخي فأصبحت أوكرانيا دولة مستقلة، يزعم بوتين أنها لم تكن موجودة تاريخياً.
جمهورية عرقية
لكن بوتين لم يقل لماذا أنشأ لينين جمهوريات عرقية داخل دولة ما بعد الثورة السوفياتية الجديدة، التي قامت على أنقاض الإمبراطورية القيصرية.
في الواقع إن لينين فعل ذلك ليحل مشكلة لا تزال تواجه روسيا إلى اليوم. إن الإمبراطوريـــــة القيصرية كانت، وفـــــــق لينين “ســـجناً للأمم”. وفي حين ركزت بريطانيا وفرنسا ودول أوروبية غربية أخرى، على بناء إمبراطوريات عبر البحار، بنت روسيا القيصرية مستعمرات في البر على أراضٍ احتلها الروس وتضم مجموعات مختلفة أخرى بمن فيهم الفنلنديون، والإستونيون، واللاتفيون، والليتوانيون في الشمال الغربي، والمسيحيون الأرثوذكس من غير السلاف مثل الجورجيين، والأرمن في جنوب القوقاز، وأراضٍ من الأمم المسلمة التي تتحدث التركية بشكل رئيسي مثل التتار في قلب روسيا، والشيشان في شمال القوقاز، والأذر في جنوب القوقاز، ومجموعات مختلفة في آسيا الوسطى.
الحكم الروسي لأوكرانيا
ولفت الكاتب إلى أن بوتين لا يمكنه الهروب من مشكلة أن لينين نفسه كــــــان عليـــــه حــــل مســـــــألة التوافـــق مع غير الروس الذين تحكمهم روسيا. إن فرض الحكم الروسي لأوكرانيا، لن يحقق مثل هذا التوافق.
وحتى لو نجح بوتين في فرض الحكم الروسي بالقوة في كل أوكرانيا أو في أجزاء منها، فإن من شأن ذلك أن يعزز القومية الأوكرانية، ويؤدي إلى انفجار آخر عندما تحين الفرصة.
وعلى غرار بوتين، لم يكن لينين ديمقراطياً. ومثله أيضاً أراد استعادة السيطرة على أجزاء مفقودة من الإمبراطورية، لذلك، وعوض لوم لينين، كان الأجدر به أن يستخلص الدروس من إدراك الأخير أن مقاربةً أكثر تصالحاً مع القوميين الأوكرانيين، يمكن أن تخدم مصالح روسيا بشكل أفضل على المدى البعيد.