تحت رعاية رئيس الدولة.. خالد بن محمد بن زايد يشهد حفل تخريج جامعة خليفة لعام 2025
تدرك جميع الأطراف العواقب الكارثية للصدام المباشر
ناشونال إنتريست: ما الذي تحققه إيران من حدوث عنف جديد في الشرق الأوسط؟
ما إن شنت حماس غارتها «المفاجئة» على إسرائيل حتى اتجهت أنظار العالم أجمع نحو إيران، لأن صدمة التوغل داخل الأراضي الإسرائيلية وحجم العملية وتعقيدها، دفعت العديد من المتخصصين إلى الشك فيما إذا كان من الممكن التخطيط والتنسيق الكامل من قبل حماس وحدها، من دون تدخل خارجي. وبحسب تقرير لـ»ناشونال إنتريست» تكهّن البعض بأن إيران قد تكون وراء هذا العمل بعد الإشادة بالهجمات من قبل السلطات الإيرانية، وبعيداً عن درجة تورط النظام الإيراني في عملية «طوفان الأقصى»، يثار عدد من الأسئلة عن مدى مصلحة الإيرانيين في اندلاع أعمال العنف المفاجئة هذه في الشرق الأدنى، وما الذي يمكن أن يحدث؟ وما هي العواقب طويلة المدى لتجدد التوتر؟.
مساعدة لوجستية
أثار مستوى التخطيط والخبرة المطلوبة لهجوم حماس الجوي والبرمائي والبري والجوي، مسألة ما إذا كانت الحركة الفلسطينية قد تصرفت بمفردها أو إذا تلقت مساعدة لوجستية من إيران، ومع ظهور الصور الأولى لعملية «طوفان الأقصى» عبر الشاشات في جميع أنحاء العالم، سارعت صحف عالمية إلى التأكيد على أن ضباط الحرس الثوري، الجيش الأيديولوجي للجمهورية الإيرانية، قد استعدوا، مع حماس، للتوغلات في الأراضي الإسرائيلية.. خلال عطلة نهاية الأسبوع المشؤومة.
وكانت طهران من أوائل العواصم التي أثنت على العملية التي شنتها حماس، وهي الحركة التي مولتها إيران علناً منذ إنشائها في عام 1988، وفي اليوم التالي أعلن الرئيس إبراهيم رئيسي أن «إيران تدعم الدفاع المشروع عن الأمة الفلسطينية».. وقبل أسبوع من الهجوم، حث المرشد الأعلى الإيراني ورئيس الجمهورية الدول العربية على عدم إبرام اتفاق مع إسرائيل لضمان أمنها، مضيفين أن القيام بذلك سيكون بمثابة «الرهان على الحصان الخاسر».
وأشارت ناشونال إنتريست إلى أنه حتى كتابة هذا التقرير، لا يوجد دليل ملموس على تورط إيران المباشر في عملية «طوفان الأقصى»، وسرعان ما توصل المسؤولون العسكريون الأمريكيون والإسرائيليون إلى النتيجة نفسها. وفي بيان منفصل، وصفت بعثة النظام الإيراني لدى الأمم المتحدة الهجوم، بأنه «مستقل بشدة ومتوافق بحزم مع المصالح المشروعة للشعب الفلسطيني».. بعد 3 أيام من أحداث غزة المأساوية، رفض خامنئي الاتهامات بأن بلاده كانت وراء الهجوم الضخم، وقال: «لقد روج مؤيدو النظام الصهيوني شائعات خلال اليومين أو الثلاثة أيام الماضية، بما في ذلك أن إيران تقف وراء هذا العمل.. إنهم كاذبون».
إيران «الأخ الأكبر»
وفي حين ترفض إيران الاتهامات بمسؤوليتها المباشرة عن إحداث «طوفان الأقصى»، فإنها لا تخفي تضامنها الكامل مع حماس.. وتم توضيح ذلك في اليوم التالي لأحداث غزة، فيما تم توثيق علاقات إيران بحماس منذ فترة طويلة، وتقدر أجهزة الاستخبارات الغربية أن إيران تساهم بمبلغ 100 مليون دولار في ميزانية حماس السنوية البالغة 500 مليون دولار. وأثبت تقرير صادر عن وزارة الخارجية الأمريكية عام 2021، أن حماس تلقت التمويل والأسلحة من إيران ومنظماتها المختلفة مثل الحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس، ويعتقد الخبراء أن إيران أقامت شراكة إستراتيجية قوية مع حماس، على الرغم من أن الأخيرة هي حركة سنية تنبع من منظمة الإخوان المسلمين العابرة للحدود الوطنية.. وعلى الرغم من أن تفاصيل التعاون الإيراني الفلسطيني لا تزال غامضة، إلا أن واشنطن ليس لديها أدنى شك حول مسؤولية إيران في الهجوم الذي وقع في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 ضد إسرائيل.
دوافع جيوسياسية
وبعيداً عن التحالف الإيديولوجي بين إيران وحماس، تظل هناك مسألة المصلحة الإستراتيجية التي قد تحظى بها إيران في حالة اندلاع أعمال العنف فجأة في الشرق الأوسط، وتعتبر السلطات الأمريكية أن التشجيع الإيراني المباشر أو غير المباشر، مدفوع بالرغبة في تعطيل عملية التقارب الدبلوماسي بين إسرائيل وعدد من الدول العربية.
ومن خلال إعادة إشعال الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، يبدو أن إيران وحماس قد نجحتا جزئياً في عرقلة قيام اتفاقات سلام جديدة في الشرق الأوسط، فيما تهز أزمة غزة المشهد السياسي في الشرق الأوسط، وسط القصف المكثف لسلاح الجو الإسرائيلي على قطاع غزة وسقوط ضحايا مدنيين ودمار، أجبر العواصم العربية على النأي بنفسها عن حكومة نتانياهو اليمينية المتطرفة.
في المقابل اتهمت الغالبية العظمى من العواصم العربية رسمياً الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية بأنه مصدر الأزمة الحالية.. وتقوم مصر والأردن، تحت ضغط الرأي العام فيهما، بمراجعة الروابط الناشئة مع الدولة اليهودية.. وعلى المدى الطويل، فإن الفتور الذي يخيم على عملية التقارب الإسرائيلي العربي يهدد بالتشكيك في إستراتيجية عزل إيران التي بدأتها واشنطن.. ما لم يؤدِّ كل هذا بالطبع إلى حريق عسكري واسع النطاق.
هل هي الحرب؟
ويتساءل العديد من المراقبين الآن ما إذا كانت الأزمة الحالية قادرة على أن تؤدي إلى صراع مفتوح. للوهلة الأولى، هناك عناصر معينة لا تشجع على التفاؤل.. الشرق الأوسط، مثله كمثل منطقة البلقان في بداية القرن العشرين، أصبح بمثابة برميل بارود حقيقي، وكما حدث في عام 1914 فإن لعبة التحالفات قد تؤدي إلى صراع إقليمي أو قد تؤدي إلى توسعه عالمياً. وبحسب الصحيفة من الممكن أن يؤدي تكثيف هجمات حزب الله على الجليل إلى انتقام إسرائيلي واسع النطاق، وهو ما قد يؤدي بدوره إلى تصعيد التوترات التي من المرجح أن تؤدي إلى حرب إسرائيلية أوسع نطاقاً. علاوة على ذلك، فإن السمة المميزة لهذا النوع من التنافس في «المنطقة الرمادية» هي الافتقار إلى الوضوح والتواصل، ما يترك مجالاً للتصعيد الخاطئ.