رئيس الدولة يبحث مع وزير الدفاع السعودي علاقات التعاون وتطورات الأوضاع في المنطقة
ناشونال ريفيو: بايدن يفاوض إيران... وهو عالق في الزمن
كثرٌ هم الذين يحذرون إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن من مقاربة الملف النووي الإيراني من زاوية كرهها لإدارة ترامب. المساعد السابق لوزير الخارجية في شؤون الأمن الدولي والحد من التسلح روبرت جوزف كان أحد الذين ذكروا الإدارة أخيراً بوجوب بناء سياسة الأمن القومي على الوقائع لا العواطف. من خلال جهودها الراهنة لإحياء الاتفاق النووي، تتجاهل الإدارة الحالية أو تشوه الوقائع في صورة تظهرها غير راغبة في تعديل مسارها ومصممة على تكرار أخطاء الماضي.
نصيحة الرئيس الأمريكي الثاني
حسب تحليل جوزف الذي نشرته مجلة "ناشونال ريفيو"، يرى المسؤولون المعاد تعيينهم في الإدارة الحالية أنه رغم عيوبه القاتلة، ورفض الكونغرس شبه المؤكد له لو طُرح يومها على التصويت، يبقى اتفاق 2015 أبرز إنجاز خارجي لولاية أوباما بايدن. لقد آمنوا بذلك حينها، ويؤمنون به حالياً بصرف النظر عن السلوك الإيراني الذي قوض الحجج الداعمة للاتفاق حينها.
بالنسبة إليهم، فإن العودة إلى الاتفاق النووي أشبه بعقيدة إيمانية أكثر من استجابة محسوبة لتهديد مفروض على الأمن القومي. علاوة على ذلك، فإن رفضهم المركز للقرارات الإيرانية التي اتخذتها الإدارة السابقة والذي لا يمكن فصله عن كراهيتهم الملموسة لترامب، يعزز شعورهم بالصلاح.
لكن الوقائع عنيدة، كما كان الرئيس الأمريكي الثاني جون أدامز، يحب أن يقول.
لا يدركون ما يتحدثون عنه
وصف أوباما ونائبه بايدن الاتفاق النووي بأنه حاجز فعال يمنع إيران من المضي قدماً في مسعاها نحو السلاح النووي، رغم أن خبراء عدة قالوا إن هذا الأمر غير صحيح. اليوم، وفي ضوء تحركات إيران منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق، بات فشل الأخير في تحقيق هذا الهدف واضحاً، بما أن التحركات أظهرت احتفاظ طهران، بموجب الاتفاق نفسه، بخيار استئناف نشاطاتها النووية سريعاً ساعة تشاء.
ودون إدراك لما يتحدث عنه، يشير فريق بايدن إلى أن سلوكيات إيران هي السبب الأكثر إلحاحاً للعودة إلى الاتفاق النووي.
خرافة تغذية الاعتدال
أضاف جوزف أن مؤيدي الاتفاق وصفوه أيضاً بأنه وسيلة لهندسة تغيير إيجابي داخل إيران عبر تعزيز موقع من يسمون بالإصلاحيين في مواجهة المتشددين.
كان منطق التفكير أن مليارات الدولارات التي ستحصل عليها إيران بعد رفع العقوبات، ستستخدم لتحسين الاقتصاد الأمر الذي سيؤدي إلى الاعتدال السياسي. يرد جوزف بأنه حتى مع وضع جانباً الفرضية الخطأ التي تقول بوجود انقسامات داخل النخب الحاكمة في ظل قوانين الديكتاتورية الدينية التي وضعها المرشد الأعلى، أصبح العالم على بينة مما حدث للأموال التي سُلمت للنظام.
فالتي لم تُهدر في عمليات فساد، حولتها إيران إلى تهديد جيرانها وتغذية الانقسامات السنية الشيعية، وزعزعة استقرار المنطقة.
وحصل الحرس الثوري والجيش على ترسانة صاروخية أكثر فتكاً وعلى أسلحة حولتها طهران إلى وكلائها الإرهابيين في المنطقة، وسيحدث الأمر نفسه حين ترفع العقوبات هذه المرة أيضاً.
سيناريو 2009
استخفت إدارة بايدن بحملة الضغط الأقصى قائلة إنها فشلت. لكن السياسة أثمرت النتيجة نفسها التي صُممت لأجلها. أدى فرض العقوبات النفطية على إيران وعزلها عن الأنظمة المصرفية والمالية العالمية إلى تأثير مدمر على الاقتصاد.
انتشرت الإضرابات في قطاعات أساسية بالتوازي مع تظاهرات واسعة هددت أسس النظام. ووجه تيار التغيير هذا، ببربرية.
ورغم إثارتها لقضايا حقوق الإنسان في دول عدة، تظل إدارة بايدن صامتة على جرائم إيران ضد الإنسانية. كما حصل في 2009، عندم اختارت إدارة أوباما تجاهل القمع الوحشي للشعب الإيراني خشية أن يؤدي ذلك إلى عرقلة المفاوضات حول العودة إلى الاتفاق النووي.
يؤكد جوزف أن الاسترضاء مكلف للغاية بعد التخلي عن النفوذ الذي أمنته العقوبات الاقتصادية، وعن مبدأ الدفاع عن حقوق الإنسان.
الخطوة الأخيرة لا الأولى
إن التركيز قصير النظر على إحياء الاتفاق النووي يتجاهل أيضاً التغييرات الأساسية التي طرأت على البيئة الأمنية في منطقة الخليج منذ 2015.
ضمن التعاون المتنامي بين دول الخليج وإسرائيل عبر الاتفاق الأبراهيمي احتواء إيران وردع اعتداءاتها. ويدرك حلفاء أمريكا طبيعة النظام في طهران ويتعاونون لمواجهة التهديد. إن التنازلات التي تشير التقارير إلى نية الإدارة تقديمها ستضر بموقع حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة.
يذكر جوزف أن مسؤولي إدارة بايدن سيرفضون جميع الانتقادات الموجهة إلى سلوكهم، قائلين إن العودة إلى الاتفاق النووي ليست سوى الخطوة الأولى التي ستعقبها مفاوضات لمعالجة عيوب الاتفاق مثل فشله في الحد من الصواريخ البالستية، وتقييد سلوك إيران الخبيث في المنطقة.
كانت هذه الأهداف نفسها التي سعت إليها المفاوضات الأساسية قبل التخلي عنها بعدما رفضها المرشد الأعلى.
لم يتغير موقف إيران ولا مؤشرات على أنه سيتغير مستقبلاً. حين ترفع الولايات المتحدة العقوبات شرطاً للعودة إلى الاتفاق، سيعبر ذلك عن الخطوة الأخيرة لا الأولى. ستكون إيران قد حققت أهدافها مجدداً. وستكون واشنطن قد دفعت مجدداً ثمناً باهظاً لاتفاق سيئ.
سخرية القدر
يشير جوزف في الختام إلى أنه لإنهاء تورط إيران في الإرهاب، لا يحتاج المرء لما هو أبعد من النظر إلى المدينة التي تجري فيها المفاوضات، فيينا.
في فبراير (شباط)، حكمت محكمة بلجيكية على عميل إيراني في سفارة طهران في فيينا بالتخطيط وتوفير جهاز متفجر كان يستهدف تجمعاً سلمياً للمعارضة الإيرانية بالقرب من باريس. اليوم، تؤمن السفارة نفسها الدعم للوفد الإيراني في المحادثات الحالية. رد فعل الحكومات الأوروبية وإدارة بايدن هو الصمت الكامل. لكن الرسالة لإيران واضحة وصارخة.