رئيس الدولة والرئيس التركي يؤكدان ضرورة تكثيف الجهود لخفض التصعيد والعودة إلى الحوار
ناشيونال إنترست: أفغانستان أرض المقايضات المشبوهة
نقل الكاتب جون ألن غاي عن البروفسور في جامعة جون هوبكنز هال براندس قوله عام 2019 إنه “من الأفضل النظر إلى أفغانستان، لا على أنها لعبة أخلاقية، وإنما مأزق للسياسة الخارجية بحيث أن كل الخيارات سيئة».
وقال في مقال في مجلة “ناشونال إنترست” دافع فيه عن قرار الانسحاب المهين الذي واجه انتقادات من العالم أجمع، إنه يمكن للمشاهد المأسوية التي تكشفت هذا الأسبوع في هذا البلد، أن تفهم في هذا السياق. ويزعم بعض المنتقدين بأن الانسحاب الأمريكي هو عمل شرير وأن إستمرار المشاركة الأمريكية في النزاع هو الخيار المفضل من الناحية الأخلاقية. وهم يتجاهلون في موقفهم الأثمان الأخلاقية الباهظة الناجمة من البقاء في الحرب، وكذلك “واجباتنا حيال أمتنا، والإخفاقات المعنوية العميقة لشركائنا في الحكومة الأفغانية، معتبراً أن أفغانستان كانت أرض المقايضات القذرة وأي حديث عن الأخلاق يجب يأخذ ذلك في الحسبان. هذه المقايضات التي لم يعد ثمة مجالاً لصنعها الآن.
إلى ذلك، يجب أن نتذكر أن الحرب هي نشاط باهظ الثمن أخلاقياً. وحتى العمليات العسكرية المصممة بدقة عالية وبنية حسنة، ستسفر عن سقوط ضحايا مدنيين، وتهجير آخرين وتدمير أملاك خاصة. وكان هذا صحيحاً في أفغانستان. وعلى غرار الكثير من القوى المتمردة، فإن مقاتلي طالبان، لا يرتدون زياً موحداً وفي إمكانهم العمل في المناطق المدنية.
خسائر عالية
وبعدما تزايد عدم التأييد الشعبي للنزاع، تحولت المهمة الأمريكية إلى غارات جوية لإبعاد مقاتلي طالبان والحفاظ على مستوى منخفض من الإصابات بين الأمريكيين. وهذا ما زاد في الخسائر بين المدنيين. ومع تزايد قوة طالبان وتردد القوات الأفغانية النظامية في القتال من دون غطاء جوي، فإن هذه الخسائر على الارجح كانت ستبقى عالية.
وتركز القتال في المناطق الريفية، بينما كانت كابول أكثر أماناً للأفغان العاديين. وقد تشكلت وجهة نظرنا بناء على الوضع في كابول-فهي متاحة للصحافيين، وخصوصاً الغربيين منهم، وهي معقل للكثيرين ممن يحترفون التحدث بالإنكليزية. وكان هذا الجزء من البلاد هو الذي استفاد أكثر من غيره من الحكومة الأفغانية التي حكمت بين عامي 2001 و2021.
ولفت ألن إلى أن تكاليف الحرب بالنسبة إلى الولايات المتحدة كانت باهظة، وعلى رغم أنها لم تكن مثل فيتنام أو الحرب العالمية الثانية. لكن مزيداً من الإصابات في صفوف الأمريكيين كانت ستقع لو نكثنا بإتفاق الدوحة الذي أوقف الهجمات ضدنا منذ أكثر من سنة.
أفواج من المتقاعدين
كما أن الحرب أدت إلى أفواج من المتقاعدين الذين يحملون جروحاً جسدية وعقلية وأخلاقية. وبعضهم عاد كأشخاص مختلفين. البعض أخفى مشاكله بالإدمان على الكحول أو المخدرات. والبعض الآخر انتحر. كما أن الكثيرين ممن عادوا تجنبوا الجلوس ما يكفي من الوقت مع عائلاتهم، وكان ذلك عاملاً في الكثير من حالات الطلاق في مجتمع العسكريين.
كذلك كان ثمة ثمن عسكري للحرب. وهناك وقت يخصص للتحضير للإنتشار، ومن ثم الانتشار، فإعادة الانتشار، وذلك على حساب الوقت الذي يجب أن يخصص للتدريب على الحاجات الأمنية الأمريكية الأخرى.
وأمضى سلاح الجو الأمريكي العقدين الأخيرين وقته، وهو يقوم بالتحليق فوق أماكن مثل أفغانستان والعراق وسوريا، في انتظار أوامر بتوجيه ضربات جوية. وقبل ذلك، أمضى سلاح الجو الأمريكي عقداً في حراسة مناطق حظر الطيران فوق العراق. كل ذلك الوقت والجهد والأموال التي أنفقت أدت إلى استهلاك القوة الجوية.
تكاليف مالية
وبالطبع، هناك التكاليف المالية للحرب. وكان مقرراً إنفاق 14 مليار دولار هذه السنة، وكان هذا الرقم مرشحاً للإرتفاع “لو بقينا في افغانستان واستمرت طالبان في التقدم”. وهذا يعني أننا كنا سننفق ما يوازي الإنفاق الفيديرالي على الضمان الصحي للأطفال سنوياً. كما أنه يعادل نصف ما ننفقه على الأبحاث الصحية والتدريب، ويساوي ما تنفقه البحرية على صناعة السفن وما يدفعه سلاح الجو لشراء حاملة طائرات. كذلك يعادل قيمة شركة “يونايتد إيرلاينز” للطيران. وهذا بالتأكيد مبلغ كبير تنفقه دولة على الخارج في الوقت الذي هناك أكثر من مليونين من مواطنيها لا يملكون مياهاً صالحة للشرب أو أنظمة صحية داخل منازلهم.