ناشيونال إنترست: بقاء أمريكا في سوريا خطأ إستراتيجي

ناشيونال إنترست: بقاء أمريكا في سوريا خطأ إستراتيجي

تطرق الكاتب مايكل هول في مقال بموقع “ناشيونال إنترست” الأمريكي إلى الوجود العسكري الأمريكي في سوريا وعما إذا كان من مصلحة واشنطن البقاء أو الانسحاب من هناك، فقال إنه عندما انسحبت الولايات المتحدة من أفغانستان، لقيت هذه الخطوة ترحيباً وشجباً في آن واحد- وذلك بوصفها نقطة تحول ستليها سلسلة من الانسحابات العسكرية الأمريكية في الوقت الذي تعيد فيه واشنطن توجيه إستراتيجيتها الكبرى.
ومن المؤكد أن كلام الرئيس جو بايدن عن إنهاء عهد من “الحروب القاسية”، هو الذي يستدعي هذا التفسير. لكن بعد شهرين من مغادرة آخر جندي أمريكي لكابول، فإن الإدارة الأمريكية تقدم ضمانات بأنه لن يكون هناك إنسحاب من سوريا، حيث ينخرط الأمريكيون في “حرب قاسية” أخرى.
وتمثل هذه الوعود بالبقاء في سوريا خطأ إستراتيجياً وإلتزاماً بمهمة غير مستدامة، ومن دون تحديد هدف واضح يمكن تحقيقه. ويبدو الدفاع عن الأكراد يبدو كأنه واحداً من الأسباب التي تقف خلف قرار الإدارة الأمريكية بإطالة أمد إنتشار ما يصل إلى 900 جندي في سوريا.
 وفي سبتمبر(أيلول)، تم إيفاد الجنرال فرانك ماكنزي قائد القيادة الأمريكية المركزية التي تشرف على العمليات العسكرية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، في زيارة سرية للقاء قائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مظلوم عبدي. وكان الهدف من زيارة ماكنزي هو طمأنة الزعيم الكردي، بان قواته يمكنها الإعتماد على الدعم الأمريكي المستمر. وبعيد هذا اللقاء، اجتمعت مسؤولة كردية أخرى هي إلهام أحمد التي تتولى رئاسة اللجنة التنفيذية في مجلس سوريا الديمقراطية مع مسؤولين أمريكيين في واشنطن، ومن ثم صرحت: “لقد أكدوا (المسؤولون الأمريكيون) لنا أنهم باقون في سوريا ولن ينسحبوا».
وعوضاً عن إستخدام القوات الأمريكية كحامٍ لأكراد سوريا، فإنه سيكون أكثر حكمة وضع حد للتدخل الأمريكي في سوريا. وعلى خلفية تهديدات بشن هجوم تركي جديد رداً على عمليات للميليشيات الكردية، فإن الاكراد ليسوا في موقع يحسدون عليه.
وصحيح أن المقاتلين الأكراد قاتلوا إلى جانب القوات الأمريكية لطرد تنظيم “داعش” من كل الأراضي التي كانوا يسيطرون عليها. لكن الولايات المتحدة تدافع عن الأكراد في مواجهة تركيا، الدولة العضو في حلف شمال الأطلسي والتي تستضيف أسلحة نووية أمريكية.
ومع ذلك، يقول الكاتب: “بإمكاننا أن نكون ممتنين للمساعدة الكردية ضد داعش، والإعتراف في الوقت نفسه بأن المصالح تفترق في بعض الأحيان. وما من سبب للإعتقاد أن الأكراد أو أي طرف غير أمريكي، مخول الحصول على حماية أبدية من القوات الأمريكية».
إن الحماية الدائمة لأكراد سوريا تتطلب توفير عناصر إمداد وقوة بشرية دائمة، ولا تحدد شروطاً للنصر، يمكن تلبيتها لتبرير الإنسحاب.
وليس بالمفاجئ أن يكون الوجود الأمريكي في سوريا بلا هدف، منذ سقطت “خلافة” داعش. وهذا ما يطرح أسئلة مشروعة حول السبب الذي سيكون الجنود الأمريكيون من أجله معرضين للمسيرات والصواريخ والقوافل الروسية، التي يزعم المسؤولون في واشنطن أنها نتيجة للحرب الأهلية السورية التي يمكن أن تعرض الأمن الأمريكي للخطر. وبصراحة أكبر، لا تشكل سوريا جائزة يمكن الولايات المتحدة أن تطمع فيها. إن الفلول المتبقية من داعش لا تشكل خطراً كما كان عليه الحال عندما كان التنظيم في ذروته. كما أن لهؤلاء الكثير من الأعداء في المنطقة، بما في ذلك إيران وروسيا والحكومة السورية. وفي الوقت نفسه تميل كفة الحرب الأهلية منذ بعض الوقت لمصلحة الرئيس بشار الأسد بينما جيران سوريا يعترفون بذلك على نحوٍ متزايد.
وبالنسبة للأكراد، فإنه الإعلان الأمريكي عن “الانسحاب” في 2019، دفع بهم إلى المسارعة لإبرام اتفاق مع الحكومة السورية كي توفر لهم الحماية. وما يمكن استخلاصه من ذلك، هو أن الأكراد يهتمون بمن يؤمن لهم الحماية وسبل البقاء، أكثر مما يهتمون بهوية من يوفر لهم هذه الحماية. ومن الممكن للولايات المتحدة أن تشجعهم على الدخول في ترتيبات للحماية من دون أن يتوقعوا بقاء القوات الأمريكية في مناطقهم إلى الأبد. وفي حال سعى الأكراد مجدداً إلى اتفاق مع دمشق، فإن الدعم الروسي للحكومة السورية يوفر لهم رادعاً قوياً، يمنع تركيا من اتخاذ إجراءات متطرفة ضدهم.