رئيس الدولة ونائباه يهنئون رئيس المجلس الرئاسي الليبي بذكرى استقلال بلاده
ناشيونال إنترست: بوتين قادر على شل أوكرانيا دون نووي
تشبيه الحرب الأهلية في أوكرانيا بأزمة الصواريخ الكوبية في 1962، شكل من أشكال الكسل الذهني، حسب الخبير الجيوسياسي في مجموعة راين الاستشارية لإدارة المخاطر، ليون هادار. في مقال بمجلة “ناشيونال إنترست” الأمريكية، رأى الكاتب أن النقاش تمحور في واشنطن وعواصم غربية أخرى في الأيام الماضية حول التهديد المزعوم من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باستخدام الأسلحة النووية في أوكرانيا، رداً على التحديات التي يرى أنها تمس المصالح الوطنية الجوهرية لموسكو.
ومع ذلك، وفي الوقت الذي ننتظر فيه نشر روسيا ترسانتها النووية، الذي قد يؤدي إلى أزمة صواريخ كوبية ثانية، يلفت الكاتب إلى أنه “يج ألا يغيب عن أذهاننا أن قوة عالمية كبرى يمكنها أن تشل قوة صغيرة أو متوسطة دون اللجوء إلى الأسلحة النووية. فباستخدام قوتها الكاملة من الأسلحة التقليدية في أوكرانيا، يمكن لروسيا أن ترغم واشنطن على القبول بالوضع الذي وجدت نفسها فيه عقب الغزو السوفيتي للمجر في1956، عندما أدركت أن إنقاذ ضحية العدوان الروسي سيتطلب تدخلاً عسكرياً أمريكياً مباشراً». وعلى نقيض الذاكرة التاريخية الجمعية، فإن القصف الأكثر تدميراً في التاريخ البشري لم يكن القنبلتين الذريتين اللتين ألقتهما الولايات المتحدة على هيروشيما وناغازاكي اليابانايتين، وإنما الغارات التي شنها سلاح الجو الأمريكي على طوكيو في ليلتين من مارس -آذار 1945، أسفرت عن مقتل مئة ألف مدني ياباني وشردت أكثر من مليون.
وبالمقارنة، فإن القصف الذري لناغازاكي تسبب بفي وفاة ما بين 40 و80 ألفاً. وكانت الهجمات العديدة على القوات المسلحة وعلى التجمعات المدينية إبان الحرب العالمية الثانية، بما فيها القصف الألماني للمدن البريطانية، والقصف المدمر لبرلين ودريسد، ومراكز ألمانية مدنية أخرى من سلاحي الجو الأمريكي والبريطاني، أكثر تدميراً من تأثيرات قنبلة نووية تكتكية. وشكلت حملة القصف الجوي من حلف شمال الأطلسي ليوغوسلافيا في 1999، واستخدام الصواريخ ضد بلغراد، وبريستينا، نقطة تحول في الحرب الأهلية وأرغمت الزعيم اليوغوسلافي السابق سلوبودان ميلوسيفيتش على الموافقة على تسوية، أدت في نهاية المطاف إلى سقوطه. ومن هذا المنظار لماذا يلجأ بوتين إلى استخدام الأسلحة النووية النووية قبل استنفاد القوة الجوية والأسلحة التقليدية الأخرى، بما فيها الصواريخ، لإرغام الزعيم الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على الموافقة على تسوية تؤمن المصالح الروسية؟
وفي رأي الكاتب فإن على بوتين أن يدرك أن من المحتمل أن يخفق قصف كييف ولفيف ومراكز مدنية أخرى في إخضاع الأوكرانيين، بالطريقة ذاتها التي عجز بها القصف الأمريكي المكثف لهانوي عن إرغام الفيتناميين الشماليين على الاستسلام الكامل.
ويمكن لشجاعة الأوكرانيين في الميدان أن تقود بوتين إلى استنتاج أنهم سيقاتلون حتى الموت. أو ربما يقع زيلينسكي، كما ميلوسيفيتش، تحت تأثير ضغط شعبه، للتوصل إلى تسوية مع روسيا. ويتساءل الكاتب: “هل سيكون مفيداً للشعب الأوكراني الانتحار الجماعي لمنع روسيا من احتلال أربعة أقاليم في الشطر الشرقي من البلاد؟».
لا تملك أوكرانيا سلاحاً نووياً يمكنها من تهديد دولة كبرى مثل روسيا. وحتى في أسوأ سيناريو عند روسيا، لن يكون في مقدور القوات الأوكرانية دخول موسكو وفرض تسوية على الكرملين.
إن السؤال الوحيد هو هل تملك أوكرانيا القدرة العسكرية والإرادة السياسية لإرغام بوتين على الإنسحاب من أراضيها المحتلة؟
إلى ذلك، من شأن استخدام الأسلحة النووية للمرة الأولى منذ 1945، أن يشكل مجازفة من المحتمل أن تقود إلى رد فعل غربي يشعل حرباً عالمية، واحتمال استخدام أسلحة نووية استراتيجية، فضلاً عن تحول في مواقف الأسرة الدولية، وانقلاب الصين والهند على روسيا.
أزمة الصواريخ الكوبية
في 1962، انتهت أزمة الصواريخ الكوبية بسحب الاتحاد السوفياتي الصواريخ النووية من كوبا، مقابل تعهد أمريكي بسحب القنابل النووية من تركيا. ولذلك فإن تشبيه الأزمة الأوكرانية بأزمة الصواريخ الكوبية هي من قبيل الكسل الذهني. وفي الوقت الحاضر لا يهدد الأمريكيون باستخدام الأسلحة النووية، ولا بالتدخل على الأرض.
من المحتمل أن استراتيجية بوتين الحالية تتمثل في التركيز على إرغام إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن والحلفاء الأوروبيين على اتخاذ قرار من احتمالات المخاطرة بالدخول في مواجهة مباشرة مع روسيا في أوكرانيا، أو التراجع وبداية الضغط على أوكرانيا لإبرام تسوية مع موسكو.