استعادا لغة الحوار مجددا:

نحو بداية الانفراج بين الصين والولايات المتحدة...؟

نحو بداية الانفراج بين الصين والولايات المتحدة...؟

-- لم يتحدث وزير الدفاع الأمريكية لويد أوستن مع نظيره الصيني حتى يومنا هذا
-- باستخدام المقاتلات وقوارب الصيادين، يستمر تخويف بكين لتايوان بلا هوادة
-- حافظت الصين على اتصالات متوسطة المستوى من خلال الملحق العسكري في السفارة الأمريكية في بكين
-- قاطعا مع سياسة سلفه، يسعى بايدن إلى إقامة قناة اتصال مع الصين من أجل منع «أي حادث غير متوقع»


    أجرى هذه المحادثات، التي دارت عن طريق الفيديو، مايكل تشيس، مساعد وزير الدفاع الأمريكي، وهوانغ زويبينغ، نائب مدير المكتب الصيني المسؤول عن التعاون العسكري الدولي. وبنهاية هذه المحادثات، اتفق الرجلان على ضرورة حل “القضايا الجادة والحادة” من خلال المفاوضات، من أجل تحسين العلاقات العسكرية بين القوتين العظميين في العالم.

قناة السفارة
 الأمريكية في بكين
   في أعقاب هذه المحادثات عن بعد، في 30 سبتمبر، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الصينية، وو تشيان، إن الحكومة الصينية ترحب ببدء هذا الحوار العسكري بين واشنطن وبكين. وأضاف، أنه يتعين على الجانب الأمريكي اتخاذ خطوات لحل هذه الخلافات الناجمة عن “الاستفزازات الامريكية المســــتمرة بهدف ترهيب الصين».
   لقد “واجهت العلاقات العسكرية (الصينية الأمريكية) العديد من الصعوبات والتحديات، لكن جيوشنا تمكنت مع ذلك من الحفاظ على قنوات اتصال”، اوضح وو تشيان، لكن تظل الحقيقة أن الولايات المتحدة تواجه صعوبات خطيرة في تصورها وفهمها للصين، وكذلك للعالم. كان هذا هو جذر الصعوبات في العلاقات بين جيشينا. “...” نأمل أن تجد الولايات المتحدة الشجاعة لتصحيح أخطائها من أجل العمل مع الصين للإجابة على السؤال الحاسم حول كيفية إدارة العلاقات بين الصين والولايات المتحدة بشكل صحيح. «

   في غضون ذلك، أوضحت وزارة الدفاع الأمريكية، أن هذه المحادثات كانت جزءً من جهود إدارة بايدن “لإدارة المنافسة بمسؤولية” بين البلدين من خلال “الحفاظ على خطوط اتصال مفتوحة” مع الصين.
   في حين قالت وزارة الخارجية، “خلال هذه المحادثات، أجرى الجانبان مناقشات صريحة ومتعمقة ومفتوحة حول مجموعة واسعة من القضايا المتعلقة بالعلاقات الدفاعية” بين الولايات المتحدة والصين، وجدد الجانبان تأكيد توافقهما على إبقاء قنوات الاتصال مفتوحة».
   ووفقًا لمصدر صيني لم يكشف عن هويته، نقلا عن صحيفة ساوث تشاينا مورنينج بوست، حافظت الصين على اتصالات متوسطة المستوى من خلال الملحق العسكري في سفارة الولايات المتحدة في بكين. وكانت الأزمة في أفغانستان أحد الموضوعات “العاجلة للغاية” التي نوقشت مؤخرًا عبر هذه القناة.

«مكاسب
جيوسياسية أنانية»
   أنشأ البنتاغون خلية لتقييم الاستراتيجيات والعمليات العسكرية الأمريكية في الصين. لكن لا يزال هناك شك كبير في الولايات المتحدة بشأن السياسة الصينية لإدارة بايدن، حيث جعل الرئيس الديمقراطي الصين “أهم عامل” في سياسته الخارجية.
    لم يتحدث وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن مع نظيره الصيني حتى يومنا هذا. وتجدر الإشارة الى إن بكين رفضت جميع طلباته للقاء شو تشي ليانغ، نائب رئيس اللجنة العسكرية المركزية، برئاسة شي جين بينغ.
  زار أوستن جنوب شرق آسيا في يوليو، واستغل جولته هذه للتنديد بمطالب بكين بشأن بحر الصين الجنوبي. وردا على ذلك، اتهم الصينيون الأمريكيين بالسعي إلى “مكاسب جيوسياسية أنانية” من خلال تناول المسألة الصينية “في جميع الأوقات».

لا تهدئة بعد
   بالنسبة لتانغ شياويانغ، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة تسينغهوا في بكين، نقلا عن صحيفة هونغ كونغ اليومية، فأن جو بايدن يسعى إلى إقامة قناة اتصال مع الصين من أجل منع “أي حادث غير متوقع”، وهي سياسة تقطع مع سياسة سلفه دونالد ترامب.
   «حكومة بايدن، كما نرى، تعمل تدريجياً على تشكيل سياستها تجاه الصين”، يؤكد تانغ شياويانغ، لكن الموقف العسكري الأمريكي تجاه الصين لم يتراجع.
 وبالتالي، فإن هذه المحادثات لم تتم بطريقة هادئة، إنها أقرب الى قياس الخطوات التي يجب قطعهـــــا لإنشاء قنوات الاتصال».

    وفي إشارة أخرى على رغبة الإدارة الأمريكية في تهدئة العلاقات مع الصين، بعث وزير الخارجية أنطوني بلينكين، برسالة تهنئة إلى الصين بمناسبة العيد الوطني الأول من أكتوبر، الذي يوافق تأسيس جمهورية الصين الشعبية على يد ماو تسي تونغ.
  وقال الوزير الامريكي في بيان “باسم الولايات المتحدة الأمريكية، أود أن أعرب عن تهانينا لشعب جمهورية الصين الشعبية بالعيد الوطني في الأول من أكتوبر. وفي الوقت الذي تسعى فيه الولايات المتحدة إلى التعاون لحل التحديات التي نواجهها جميعًا، نتمنى لشعب جمهورية الصين الشعبية السلام والفرح والازدهار لسنوات قادمة”. ربما تكون هذه الرسالة علامة أخرى على رغبة واشنطن في اذابة الجليد في علاقاتها مع بكين.

   جرت العادة أن يرسل وزير الخارجيــــــة الأمريكي رسالة تهنئة إلى الصين في يومها الوطني.
 لكن انطوني بلينكن يختلف عن سلفه مايك بومبيو. كان هذا الأخير، في أكتوبر 2020، حذف بعناية ذكر “جمهورية الصين الشعبية”، واكتفى بذكر “الشعب الصيني».

غارات قياسية
على بوابات تايوان
   ومع ذلك، لا تزال التوترات بين واشنطن وبكين عالية للغاية. في 29 سبتمبر، اتفقت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على تعميق التعاون عبر الأطلسي، والتعاون في سلاسل توريد أشباه الموصلات، مع التعهّد “بالعمل معًا وبشكل وثيق” في العديد من المجالات، في رسالة واضحة للصين. وفي 28 سبتمبر، حث السفير الصيني لدى واشنطن تشين قانغ، الأمريكيين على مضاعفة جهودهم لتهدئة العلاقات الصينية الأمريكية.
   وتأتي التطورات الأخيرة في الوقت الذي توصلت فيه الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا إلى معاهدة تنص على تسليم ثماني غواصات تعمل بالطاقة النووية إلى كانبرا. وأثارت معاهدة اوكوس هذه، غضب بكين لأنها هزت بشدة المسرح الجيوستراتيجي في المحيطين الهندي والهادئ من خلال تسريع حركة ملحوظة منذ بداية عام لتطويق الصين من جانب الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا وحتى الهند.

 وبموجب الاتفاقية، التي تم الإعلان عنها في 15 سبتمبر، ستستفيد أستراليا أيضًا من مساعدة التكنولوجيا الأمريكية الأكثر تقدمًا في مجال حساس للغاية.
   من ناحية أخرى، يستمر تخويف بكين لتايوان بلا هوادة. في 1 أكتوبر، دخلت 38 طائرة حربية صينية منطقة التعريف الجوي للجزيرة على موجتين متتاليتين.
 رقم قياسي، تم تحطيمه يوم الأحد 3 أكتوبر مع 52 مقاتلة في نفس المنطقة. وتنضاف عمليات التخويف الأخيرة هذه للعديد من العمليات الأخرى في الأشهر الأخيرة.

   تألفت الموجة الأولى من 18 مقاتلة من طراز J-16 و4 مقاتلات من طراز Su-30 وقاذفة مضادة للغواصات. وشهدت الموجة الثانية 10 J-16 و2 H-6 بالإضافة إلى طائرة استطلاع بالرادار اقتربت من ساحل تايوان.
   لقد “انخرطت الصين في عدوان عسكري، مما يضر بالسلام الإقليمي”، قال رئيس الوزراء التايواني سو تسينغ تشانغ، في الثاني من أكتوبر. هذا السبت، “لم يكن يوما جيدا”، صرح من جانبه وزير خارجية تايوان جوزيف وو.
 “تهديدات؟  طبعا “ قال منفعلا.
الصين لم تعلق بعد.

مؤلف حوالي خمسة عشر كتابًا مخصصة للصين واليابان والتبت والهند والتحديات الآسيوية الرئيسية. عام 2020، نشر كتاب “الزعامة العالمية محوره، الصدام بين الصين والولايات المتحدة” عن منشورات لوب.