في ختام مشاركته في معرض بكين الدولي للكتاب 2025‏

ندوة لـ(تريندز) تناقش تأثير الذكاء الاصطناعي على مستقبل الثقافة والمعرفة

ندوة لـ(تريندز) تناقش تأثير الذكاء الاصطناعي على مستقبل الثقافة والمعرفة


عقد مركز تريندز للبحوث والاستشارات، عبر مكتبه الافتراضي في الصين، ندوة حول «الذكاء الاصطناعي وتشكيل المستقبل الثقافي ‏والمعرفي.. التحديات والفرص»، وذلك في جناح المركز رقم‎ «E1.A01»‎، بمركز الصين الوطني للمؤتمرات. وجاءت الندوة في ختام ‏مشاركة المركز في النسخة الـ31 من معرض بكين الدولي للكتاب 2025‏‎.‎
وتركزت المناقشات في الندوة، التي أدراها طه بنغ تشو يون، مدير مكتب «تريندز» في الصين، ورئيس الفرع الإقليمي لمجلة الصين ‏في الشرق الأوسط، حول كيفية تأثير الذكاء الاصطناعي على أساليب إصدار الكتب والمحتوى الثقافي، ودوره المتنامي في الترجمة ‏الآلية وتعليم اللغات، إلى جانب دور الذكاء الاصطناعي في حفظ التراث الثقافي وتوثيقه، والتحديات الأخلاقية والتقنية المرتبطة ‏باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في المجالات الثقافية والمعرفية والعلمية‎.‎

دعم الإبداع الثقافي
واستهلت المداخلات رزان تشن جينغ، الأستاذة في كلية الشرق الأوسط بجامعة بكين للغات والثقافة، مؤكدة أن تأثير الذكاء ‏الاصطناعي في الإبداع الثقافي يتجلى بوضوح في التمكين وإعادة الإبداع، حيث تحول من أداة مساعدة إلى شريك داعم في الإبداع ‏الثقافي، كما أصبح الذكاء الاصطناعي جسراً داعماً للتواصل الثقافي والفهم المتبادل‎.‎
وحول تأثير تقنيات الترجمة بالذكاء الاصطناعي على التبادل الثقافي، ذكرت أن القيمة الأكبر للترجمة بالذكاء الاصطناعي في التبادل ‏الثقافي ليست السرعة، بل كسر حواجز اللغة وزيادة فرص التواصل، مما يتيح لكيانات ثقافية لم تكن لتمتلك فرصة الحوار المباشر أن ‏تتفاعل‎.‎
وأشارت رزان تشن جينغ إلى أن هناك العديد من التحديات الأخلاقية والتقنية للذكاء الاصطناعي في المجال الثقافي والعلمي، خاصة ‏فيما يتعلق بالتوليد والاقتباس وانتهاك حقوق الملكية الفكرية، مبينة أنه لا ينبغي أن نستخدم الذكاء الاصطناعي فقط، بل يجب أن نوجه ‏الطلبة والمستخدمين لفهم المسؤولية الثقافية الكامنة وراء التكنولوجيا‎.‎

التحيّز في البيانات
بدوره، أوضح زايد الظاهري، الباحث في مركز تريندز للبحوث والاستشارات، أن تقنيات الذكاء الاصطناعي تفرض تحديات لا يمكن ‏تجاهلها، منها التحيّز في البيانات، فالذكاء الاصطناعي لا يفكّر بذاته، بل يتعلم من البيانات التي يُزوَّد بها، وإذا كانت هذه البيانات غير ‏متنوعة أو متركّزة بلغة وثقافة واحدة فإن النتائج تكون غير دقيقة أو غير عادلة‎.‎ وأضاف أن أغلب أدوات الذكاء الاصطناعي تعتمد بشكل على المحتوى الإنجليزي، وتهمل اللغات الأخرى، ومنها العربية، وهذا يؤدي ‏إلى ضعف تمثيل الثقافة العربية في الفضاء الرقمي، بل وأحياناً إلى تشويه صورتها أو تقديمها بطريقة مبسّطة وسطحية، مبيناً أن ‏الذكاء الاصطناعي يواجه تحدياً يتعلق بملكية المحتوى، فعندما يُنتج نصاً أو صورة أو مقطع فيديو، من هو صاحب هذا العمل؟‎.‎

بين المخاطر والفرص
وأكد الظاهري أن الذكاء الاصطناعي يشكل خطراً على فقدان العنصر الإنساني في الإنتاج الثقافي، فالثقافة ليست مجرد معلومات أو ‏نصوص منظمة، بل هي تعبير عن مشاعر وتجارب وقيم وهوية، وعندما يكون المحتوى منتجاً بشكل آلي يفتقد للروح ولا يحمل ‏بصمة الإنسان الإبداعية، مضيفاً أنه رغم هذه التحديات، إلا أن الذكاء الاصطناعي يفتح أمام البشرية فرصاً واسعة في حال استخدامه ‏بوعي ومسؤولية، ففي مجال إنتاج الكتب والمحتوى والترجمة وتعليم اللغات وحفظ التراث وتوثيقه ورقمنته‎.‎ وذكر أن الذكاء الاصطناعي أداة قوية، لكنه لا يُمكن أن يحلّ محل الإنسان، لأنه يفتقر للإحساس والقيم، ولا يُعبّر عن الهُوية كما يفعل ‏الإنسان، مطالباً بضرورة الحفاظ على إنسانية الثقافة، والتوسع في المناقشات والحوارات لبناء وعي مشترك، وصياغة مستقبل ثقافي ‏يُوازن بين التطور التكنولوجي، ويحافظ على الأصالة والهوية‎.‎

قدرات وتحديات
أما هو شيويه، نائبة رئيس مركز التعاون الدولي بمعهد‎ «CCID»‎، التابع لوزارة الصناعة والمعلوماتية الصينية، فترى أن تقنيات ‏الذكاء الاصطناعي أظهرت قدرات تتجاوز المستوى البشري في العديد من الاختبارات المعيارية، خاصة في مجالات تصنيف الصور، ‏والاستدلال البصري، وفهم اللغة الإنجليزية، ومع ذلك، لا يزال هناك تحديات وقصور في المهام الأكثر تعقيداً، والتي تشمل الاستدلال ‏الرياضي على مستوى المسابقات، والاستدلال البصري القائم على الفطرة السليمة، وقدرات التخطيط المعقدة‎.‎
وبينت أن الذكاء الاصطناعي يعزز بشكل عام التبادل الثقافي بين الحضارات، ولكن يجب التمييز بين السيناريوهات المختلفة، ففي ‏السيناريوهات غير المتخصصة يمكنه تحسين كفاءة التواصل، وتوفير العمالة، وتقليل وقت التواصل، أما في السيناريوهات ‏المتخصصة، فلا يزال من الضروري ضمان دقة البيانات على أساس تطبيق الذكاء الاصطناعي، وتجنب أي انحراف في الفهم، ‏مضيفة أن جودة البيانات والكفاءات البشرية والتزييف العميق تشكل تحديات أمام تطور الذكاء الاصطناعي‎.‎

نشر الثقافة والمعرفة
وفي سياق متصل، استقطب جناح «تريندز» في معرض بكين الدولي للكتاب، دبلوماسيين وأكاديميين وباحثين ومفكرين، الذين ثمنوا ‏إصدارات المركز وبحوثه النوعية، ودور المركز في نشر ثقافة البحث العلمي ودعم المعرفة، ومنهم معالي حسين إبراهيم الحمادي، ‏سفير دولة الإمارات لدى جمهورية الصين الشعبية، وسعادة خالد محمد جديد الشحي، نائب رئيس بعثة دولة الإمارات لدى جمهورية ‏الصين الشعبية، والدكتور عبدالمحسن العقيلي، الأمين العام لجائزة الأمير محمد بن سلمان للتعاون الثقافي بين المملكة العربية السعودية ‏والصين، وسعادة علي العثمان، نائب سفير المملكة العربية السعودية لدى جمهورية الصين الشعبية، والدكتور عبداللطيف الواصل، ‏الرئيس التنفيذي لهيئة الأدب والنشر والترجمة في السعودية‎.‎