ستوكهولم العضو الثاني والثلاثين في الناتو

نيويورك تايمز: الناتو أكثر تصميماً مع انضمام السويد

نيويورك تايمز: الناتو أكثر تصميماً مع انضمام السويد


كان الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا قبل عامين صدمة هائلة للأوروبيين. لكن حسب كبير مراسلي صحيفة «نيويورك تايمز» في أوروبا ستيفن إيرلانغر، كانت الصدمة الكبرى في فنلندا بحدودها الطويلة والتوترات التاريخية مع روسيا، وكذلك في السويد التي فككت 90% من جيشها و70% من قواتها الجوية والبحرية في السنوات التي تلت انهيار الاتحاد السوفييتي.
مع انضمام فنلندا السنة الماضية إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو)، ومع موافقة البرلمان المجري على طلب السويد يوم الاثنين، يجد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نفسه الآن في مواجهة حلف أطلسي موسع ومتحفز، وهو حلف لم يعد يحلم بالسلام الدائم. وتشير بعض الدول الأعضاء إلى أنه إذا نجح بوتين في أوكرانيا فسيختبر إرادة الناتو الجماعية في الأعوام الثلاثة إلى الخمسة المقبلة.
قال مدير الدراسات في وكالة أبحاث الدفاع السويدية روبرت دالشو إنه إذا تم انتخاب ترامب رئيساً للولايات المتحدة في نوفمبر (تشرين الثاني) وألقى بظلال من الشك على التزام الولايات المتحدة بالدفاع عن حلفائها في الناتو، «فقد يقلب هذا الموازين بالنسبة إلى بوتين لاختبار عزم الناتو». لكن دالشو يضيف أنه سواء انتُخب ترامب أم لا، يتعين على أوروبا الاستعداد لجيل على الأقل من الاحتواء والردع الأوروبيين المشددين مع تعسكر روسيا، حيث من الواضح أن بوتين «يتمتع بدعم شعبي كبير لنزعته الانتقامية العدوانية».
بمجرد تسليم المجر رسالة تصادق على الموافقة البرلمانية إلى وزارة الخارجية الأمريكية، ستصبح السويد العضو الثاني والثلاثين في الناتو، وستكون جميع البلدان المحيطة ببحر البلطيق، باستثناء روسيا، جزءاً من الحلف.

لسنا جداراً
قال دالشو إنه بالنظر إلى جغرافيا السويد، بما فيها جزيرة غوتلاند التي تساعد في السيطرة على مدخل بحر البلطيق، «ستجعل (العضوية) تحقيق الدفاع والردع أسهل بكثير». وقالت آنا فيسلاندر، السويدية التي تتولى منصب مديرة شمال أوروبا في أتلانتيك كاونسيل: «بشكل عام الشعور هو أننا سنكون أكثر أماناً».
أضاف دالشو أن التاريخ مهم أيضاً. وأوضح: «إذا انضمت فنلندا، توجب علينا فعل ذلك – إذ لم يكن بمقدورنا أن نكون جداراً بين فنلندا ومساعديها في الغرب مرة أخرى»، كما كانت السويد المحايدة خلال «حرب الشتاء» الشجاعة والخاسرة لفنلندا ضد الاتحاد السوفييتي سنة 1939، عندما اضطرت إلى التنازل عن نحو 11% من أراضيها لموسكو.

مراقبة معززة
مع انضمام السويد وفنلندا إلى الناتو، سيسهل كثيراً احتجاز القوات البحرية الروسية في بحر البلطيق ومراقبة أقصى الشمال. لا تزال روسيا تمتلك ما يصل إلى ثلثي أسلحتها النووية المخصصة للضربة الثانية هناك، في شبه جزيرة كولا.
قال نيكلاس غرانهولم، نائب مدير الدراسات في وكالة أبحاث الدفاع، إن العضوين الجديدين سيساعدان في توفير مراقبة معززة لجزء أساسي من الجيش الروسي.
فالأسطول الروسي في كالينينغراد، على بحر البلطيق بين بولندا وليتوانيا، لا يبعد سوى 200 ميل (321 كيلومتر) فقط، وكذلك صواريخ إسكندر ذات القدرة النووية. لطالما قلق مخططو الناتو بشأن كيفية دعم دول البلطيق إذا استولت روسيا على «فجوة سوفالكي» التي يبلغ طولها 40 ميلاً (64 كيلومتراً) بين كالينينغراد وبيلاروسيا، لكن موقع السويد الذي يمتد بين بحر الشمال وبحر البلطيق سيجعل إرسال تعزيزات لحلف شمال الأطلسي أسهل بكثير. ستظل روسيا محتفظة بصواريخها الأرضية بطبيعة الحال، لكن غواصاتها المسلحة نووياً قد تجد صعوبة أكبر في المناورة ضمن البحر المفتوح بدون أن يتم اكتشافها.
تصنّع السويد، بصناعتها الدفاعية المتقدمة ذات التقنية العالية، طائراتها المقاتلة الممتازة والطرادات البحرية والغواصات المصممة للعمل في بيئة بحر البلطيق الصعبة. وقد سبق أن بدأت بتطوير وبناء فئة جديدة من الغواصات الحديثة والطرادات الأكبر حجماً للدفاع الساحلي والجوي. ومع العضوية الأطلسية، سيكون من الأسهل الآن التنسيق مع فنلندا والدنمارك اللتين تمتلكان أيضاً جزراً رئيسية في بحر البلطيق، ومع النرويج.

لم تعد شيئاً من الماضي
بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، قررت ستوكهولم أن الحرب أصبحت شيئاً من الماضي. أخرجت جميع قواتها تقريباً من غوتلاند، وخفضت الجيش الوطني بنحو 90% والقوات البحرية والجوية بنحو 70%.
تجري استعادة القوات ببطء، والإنفاق على الجيش الذي اقترب من 3% من إجمالي الناتج القومي خلال الحرب الباردة لكنه عاد وانخفض إلى نحو 1%، سيصل هذه السنة إلى 2%، وهو المعيار الحالي للناتو. وقال غرانهولم: «ستستغرق هذه الاستثمارات وقتاً، ونحن بحاجة إلى التحرك بشكل أسرع».
وقد تنضم السويد أيضاً إلى اللواء الأمامي المعزز والمتعدد الجنسيات التابع للناتو في لاتفيا، والذي يهدف إلى نشر قوات التحالف في كل دول الحلف المتاخمة لروسيا.
وقالت فيزلاندر من أتلانتيك كاونسيل إن المهام الرئيسية للسويد تتمثل في المساعدة على حراسة بحر البلطيق والمجال الجوي فوق كالينينغراد كما ضمان أمن غوتنبرغ، وهو أمر أساسي لإعادة الإمداد والتعزيزات. وستخدم السويد كمنطقة انطلاق للقوات الأمريكية والناتو مع اتفاقيات للتمركز المتقدم للمعدات والذخيرة والإمدادات والمستشفيات الميدانية.
الوداع الطويل
بالنسبة إلى كل من فنلندا والسويد، تمثل العضوية نهاية لعملية طويلة استمرت 30 عاماً، وهو ما سماه دالشو «وداعنا الطويل للحياد».
 أولاً، جــــاء انهيـار الاتحاد السوفييتي وقرار الانضمام إلى الاتحـــــــاد الأوروبي، وهو ما كان يعني التخلي عن الحياد في ما أطلق عليه البلدان «عدم الانحياز العسكري».
وقــــــــال إن السويد التي حصلت على ضمانات دفاعيــــــة هادئة من الولايات المتحدة أصبحت تدريجياً أكثر أطلسية بشكل واضح فاندمجت أكثر وأكثر في الناتو. «والآن نتخذ الخطوة الأخيرة».
ومثل فنلندا، ستحتاج السويد إلى دمج قواتها في منظمة الناتو وتطوير قدرات جديدة للدفاع الجماعي بدلاً من التركيز فقط على الدفاع عن الوطن.
قال غرانهولم: «إنه منحنى تعلّمي حاد». 
وأضاف: «ليس لدينا بعد الصورة الكاملة لخطط الناتو الإقليمية»، لكن سيتحقق ذلك مع التمتع الآن بعضوية كاملة. «ثم سيتعين علينا أن نتعمق في ما يريد الناتو منا أن نفعله، وما نريد أن نفعله. نحن نفعل هذا لحماية أنفسنا، في نهاية المطاف».