رئيس الدولة ومحمد بن راشد يبحثان جهود تعزيز التنمية الوطنية والازدهار الذي يحققه الاقتصاد الوطني
حتى «سحر» أوباما لم ينقذ الموقف
هذا ما تعنيه خسارة فرجينيا لجو بايدن...!
هزيمة الديموقراطي تيري ماك أوليف كحاكم لفرجينيا الثلاثاء الماضي في ولاية فاز بها بايدن بفارق عشر نقاط عام 2020، تقول الكثير عن حيرة الناخبين في مواجهة انقسام البلد.
لم يكن جو بايدن حذرا الثلاثاء، قبل مغادرته لغلاسكو، حين توقع فوز الحزب الديمقراطي في فيرجينيا. هل هي الثقة العمياء؟ ام كذبة بريئة لمن يعرف أنه سيخسر ولكنه يريد التعبئة حتى النهاية؟ ربما بعض الشيء من الحالتين.
عند زيارة باراك أوباما لفيرجينيا دعما لماكوليف، كان هذا الأخير وخصمه ضمن هامش الخطأ.
في الأيام التي تلت ذلك، لم يمنح أي استطلاع آخر للديمقراطي الصدارة بأكثر من ثلاث نقاط.
بمعنى أن خطاب أوباما لم يسعف المترشح، ولم يغير الاوضاع، فقد تغلّب المرشح الجمهوري، رجل الأعمال، جلين يونجكين، على خصمه ماكوليف بما يفوق قليلاً 60 ألف صوت، وبأقل من 51 بالمائة من الأصوات.
هل هذا
سيء وخطير؟
نعم... فرجينيا هي واحدة من تلك الولايات الواقعة على الساحل الشرقي، والتي ظل علم اجتماعها منـــــذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، ملتصقا بعلم اجتماع الحزب الديمقراطي، وخاصة في الشمال في ضواحي العاصمة واشنطن.
أكثر تنوعا عرقيا، وأكثر تعليما، وأكثر ثراء، وأكثر وسطية، تشبه ولاية فرجينيا الديمقراطية بشكل صارخ ما كان عليه الحزب في سنوات كلينتون وأوباما. ومن هـــــــذا المنطلق، فان مقاطعة فيرفاكس هي مقياس حرارة قدرة الحزب الديمقراطي على إبقــــــاء هذه الولاية في حضنه.
عام 2008، كان باراك أوباما أول مرشح ديمقراطي رئاسي يفوز بهذه الولاية منذ عام 1964، بفارق ست نقاط على جون ماكين، وعام 2012، أربع نقاط ضد ميت رومني، وعام 2016، تقدمت هيلاري كلينتون على دونالد ترامب بخمس نقاط، وعام 2020، فاز جو بايدن بفارق عشر نقاط على ترامب.
تحول
الناخبين المستقلين
إذن، أين العلّة؟ كما يتضح، داخل الجسم الانتخابي لولاية فرجينيا، تبرأ الناخبون المستقلون (غير المنتمين إلى الحزب الديمقراطي أو الجمهوري) من ماكوليف، أو امتنعوا عن التصويت. وأصيب الكثيرون بخيبة أمل بسبب فشل الانسحاب من أفغانستان في ولاية يعيش فيها العديد من العسكريين، خاصة في مقاطعة فيرجينيا بيتش التي عادت إلى اليمين. وشعر آخرون أن أجندة الحزب الديمقراطي يسارية جدا، وأن الميزانية الأولية لخطة “إعادة البناء بشكل أفضل” البالغة 3.5 تريليون دولار (الاجتماعية والتعليمية والبيئية) قمّة التبذير.
لكن هذا السخط، لم يكن يعني التمسك بالمرشح الجمهوري. لقد دعّم دونالد ترامب جلين يونجكين، غير ان هذا الاخير حاول أن ينأى بنفسه عن الرئيس السابق، أو أن يلعب على الجبهتين: المعتدلين والألتراس. الا ان انقلاب الناخبين المستقلين هذا، يشير إلى أنهم بين الوسط الذي يرون أنه مختطف من قبل الجناح اليساري للحزب، ومحافظ ملتبس عليه أن يقدم تعهدات للترامبية، اختاروا اليمين.
هل هذا مستدام؟ هل يمكن أن يثير انتخاب جمهوري في فرجينيا الشكوك في فوز بايدن-هاريس عام 2024 في هذه الولاية التي تضم 13 من كبار الناخبين في المجمّع الانتخابي؟ سيتوقّف هذا كثيرا على كيفية تعامل الرئيس ونائبه مع ما تبقى من احداث.
إذا نظرنا إلى الوراء، عام 2009، بعد عام من فوز أوباما في ولاية فرجينيا، تم انتخاب الجمهوري بوب ماكدونيل حاكمًا ليحل محل الديمقراطي تيم كين... ولم يمنع ذلك أوباما من الفوز مرة أخرى في ولاية فرجينيا عام 2012.
ماذا يجب أن يفعل جو
بايدن بجناحه اليساري؟
ومع ذلك، فإن هذا الهزيمة تأتي في وقت سيء للغاية بالنسبة لجو بايدن اذ لم يتم اعتماد خطته “التاريخية” للبنية التحتية في الكونجرس حتى الآن.
وترجع صعوبة تبنيها إلى حد كبير إلى عجزه على تحقيق الوحدة داخل حزبه بين “التقدميين” و”المعتدلين”. لقد انتهى الأمر بنواب الجناح اليساري إلى إدراك، في وقت متأخر جدًا، أنه لا بد من تقليص مبلغ 3500 مليار، وأن أجندة الإصلاح الرئاسي لا يجب أن تتعرض للخطر بسبب العناد رغبة في الإنفاق ببذخ.
ولكن تم ارتكاب خطأ في التسوية التي أدت إلى خفض جناحي الخطة إلى النصف: عوض تقليص المبالغ، فضل البيت الأبيض وقادة الحزب في الكونجرس خفض مدة الإصلاح إلى النصف.
بمعنى آخر، سيتم التصويت على جميع النفقات الأولية، ولكن لخمس سنوات بدلاً من عشر سنوات. الى درجة أن المبنى سيكون من السهل هدمه إذا استولى جمهوري على البيت الأبيض عام 2024، كما رأينا، جزئيًا، مع إصلاح باراك أوباما للتأمين الصحي. لقد تم هدمه، لبنة لبنة، من قبل ترامب رغم أن بعض البنود كانت قادرة على الصمود مع التمديد أو إعادة التمويل الذي صوّت عليه الكونجرس، عندما عاد للديمقراطيين عام 2018.
إن هذه الهزيمة في فرجينيا، تثير، اذن، سؤالاً حول ما يجب أن يفعله جو بايدن بجناحه اليساري: تكميمه؟
لا يمكنه فعل ذلك، ولن يكون في مصلحته.
دفعه الى التعقّل؟ تكفّل الوسطيون بهذه المهمة طوال فترة التفاوض على هذه الخطة الاستثمارية الكبرى، ولكن دون نجاح. احتضانه؟
عُرضت المناصب في البيت الأبيض والحكومة على حواريي كبار قادة التيار التقدمي، لكن لا يبدو أن هذا المسار قادهم إلى مزيد من الواقعية والتقليل من المزايدات.
لكل هذا، لا يوجد سوى هذا النوع من الصفعة الانتخابية، كالتي جرت في ولاية فرجينيا، تملك القدرة على زرع الوعي بما يريده الناخبون حقًا. وكأنه قياس درجة حرارة، ليس من قبيل الصدفة في ولاية فرجينيا، أن يأتي الناخبون بأغلبية جمهورية في مجلس الولاية المحلي، والشيء نفسه لمنصبي نائب المحافظ ووزير العدل.
إنذار أول
لقد كان هذا الموعد مع الناخبين في فرجينيا بمثابة تحذير وليس حكمًا، قبل عام واحد من انتخابات التجديد النصفي. لبايدن الآن ثمانية أصوات أغلبية فقط في مجلس النواب، وصفر في مجلس الشيوخ. وفي أفضل السيناريوهات، يقول المحللون، إنّ الديمقراطيين قد يحصلون على مقعد إلى ثلاثة مقاعد في مجلس الشيوخ عام 2022، لكنهم سيفقدون أغلبيتهم في مجلس النواب، الأمر الذي سيجعل الأمور أكثر تعقيدًا على الصعيد المالي.
باختصار، ليس على جو بايدن وفريقه فقط التفكير في طرق لإعادة توحيد الحزب على حد أدنى من الإجماع لاستعادة ثقة الناخبين المعتدلين والمستقلين، بل ان هذه المهمّة موكولة أيضًا للجناح اليساري للحزب، إلى بيرني ساندرز، والكسندريا أوكاسيو كورتيز، وإلهان عمر، وجمال بومان، وكوري بوش، وإليزابيث وارين، وأنصارهم، لفهم وإدراك فضائل التسوية والحل الوسط، إذا كانوا يريدون الاحتفاظ بأغلبية للحكم وليس العودة إلى رفاهية المعارضة.
* رئيس تحرير صحيفة لو جورنال دو ديمانش. من مؤلفاته، “هيلاري كلينتون من الألف إلى الياء”، و”العيش مع الأمريكيين”، ومترجم وكاتب مقدمة كتاب “عن العرق في أمريكا باراك أوباما».
لم يكن جو بايدن حذرا الثلاثاء، قبل مغادرته لغلاسكو، حين توقع فوز الحزب الديمقراطي في فيرجينيا. هل هي الثقة العمياء؟ ام كذبة بريئة لمن يعرف أنه سيخسر ولكنه يريد التعبئة حتى النهاية؟ ربما بعض الشيء من الحالتين.
عند زيارة باراك أوباما لفيرجينيا دعما لماكوليف، كان هذا الأخير وخصمه ضمن هامش الخطأ.
في الأيام التي تلت ذلك، لم يمنح أي استطلاع آخر للديمقراطي الصدارة بأكثر من ثلاث نقاط.
بمعنى أن خطاب أوباما لم يسعف المترشح، ولم يغير الاوضاع، فقد تغلّب المرشح الجمهوري، رجل الأعمال، جلين يونجكين، على خصمه ماكوليف بما يفوق قليلاً 60 ألف صوت، وبأقل من 51 بالمائة من الأصوات.
هل هذا
سيء وخطير؟
نعم... فرجينيا هي واحدة من تلك الولايات الواقعة على الساحل الشرقي، والتي ظل علم اجتماعها منـــــذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، ملتصقا بعلم اجتماع الحزب الديمقراطي، وخاصة في الشمال في ضواحي العاصمة واشنطن.
أكثر تنوعا عرقيا، وأكثر تعليما، وأكثر ثراء، وأكثر وسطية، تشبه ولاية فرجينيا الديمقراطية بشكل صارخ ما كان عليه الحزب في سنوات كلينتون وأوباما. ومن هـــــــذا المنطلق، فان مقاطعة فيرفاكس هي مقياس حرارة قدرة الحزب الديمقراطي على إبقــــــاء هذه الولاية في حضنه.
عام 2008، كان باراك أوباما أول مرشح ديمقراطي رئاسي يفوز بهذه الولاية منذ عام 1964، بفارق ست نقاط على جون ماكين، وعام 2012، أربع نقاط ضد ميت رومني، وعام 2016، تقدمت هيلاري كلينتون على دونالد ترامب بخمس نقاط، وعام 2020، فاز جو بايدن بفارق عشر نقاط على ترامب.
تحول
الناخبين المستقلين
إذن، أين العلّة؟ كما يتضح، داخل الجسم الانتخابي لولاية فرجينيا، تبرأ الناخبون المستقلون (غير المنتمين إلى الحزب الديمقراطي أو الجمهوري) من ماكوليف، أو امتنعوا عن التصويت. وأصيب الكثيرون بخيبة أمل بسبب فشل الانسحاب من أفغانستان في ولاية يعيش فيها العديد من العسكريين، خاصة في مقاطعة فيرجينيا بيتش التي عادت إلى اليمين. وشعر آخرون أن أجندة الحزب الديمقراطي يسارية جدا، وأن الميزانية الأولية لخطة “إعادة البناء بشكل أفضل” البالغة 3.5 تريليون دولار (الاجتماعية والتعليمية والبيئية) قمّة التبذير.
لكن هذا السخط، لم يكن يعني التمسك بالمرشح الجمهوري. لقد دعّم دونالد ترامب جلين يونجكين، غير ان هذا الاخير حاول أن ينأى بنفسه عن الرئيس السابق، أو أن يلعب على الجبهتين: المعتدلين والألتراس. الا ان انقلاب الناخبين المستقلين هذا، يشير إلى أنهم بين الوسط الذي يرون أنه مختطف من قبل الجناح اليساري للحزب، ومحافظ ملتبس عليه أن يقدم تعهدات للترامبية، اختاروا اليمين.
هل هذا مستدام؟ هل يمكن أن يثير انتخاب جمهوري في فرجينيا الشكوك في فوز بايدن-هاريس عام 2024 في هذه الولاية التي تضم 13 من كبار الناخبين في المجمّع الانتخابي؟ سيتوقّف هذا كثيرا على كيفية تعامل الرئيس ونائبه مع ما تبقى من احداث.
إذا نظرنا إلى الوراء، عام 2009، بعد عام من فوز أوباما في ولاية فرجينيا، تم انتخاب الجمهوري بوب ماكدونيل حاكمًا ليحل محل الديمقراطي تيم كين... ولم يمنع ذلك أوباما من الفوز مرة أخرى في ولاية فرجينيا عام 2012.
ماذا يجب أن يفعل جو
بايدن بجناحه اليساري؟
ومع ذلك، فإن هذا الهزيمة تأتي في وقت سيء للغاية بالنسبة لجو بايدن اذ لم يتم اعتماد خطته “التاريخية” للبنية التحتية في الكونجرس حتى الآن.
وترجع صعوبة تبنيها إلى حد كبير إلى عجزه على تحقيق الوحدة داخل حزبه بين “التقدميين” و”المعتدلين”. لقد انتهى الأمر بنواب الجناح اليساري إلى إدراك، في وقت متأخر جدًا، أنه لا بد من تقليص مبلغ 3500 مليار، وأن أجندة الإصلاح الرئاسي لا يجب أن تتعرض للخطر بسبب العناد رغبة في الإنفاق ببذخ.
ولكن تم ارتكاب خطأ في التسوية التي أدت إلى خفض جناحي الخطة إلى النصف: عوض تقليص المبالغ، فضل البيت الأبيض وقادة الحزب في الكونجرس خفض مدة الإصلاح إلى النصف.
بمعنى آخر، سيتم التصويت على جميع النفقات الأولية، ولكن لخمس سنوات بدلاً من عشر سنوات. الى درجة أن المبنى سيكون من السهل هدمه إذا استولى جمهوري على البيت الأبيض عام 2024، كما رأينا، جزئيًا، مع إصلاح باراك أوباما للتأمين الصحي. لقد تم هدمه، لبنة لبنة، من قبل ترامب رغم أن بعض البنود كانت قادرة على الصمود مع التمديد أو إعادة التمويل الذي صوّت عليه الكونجرس، عندما عاد للديمقراطيين عام 2018.
إن هذه الهزيمة في فرجينيا، تثير، اذن، سؤالاً حول ما يجب أن يفعله جو بايدن بجناحه اليساري: تكميمه؟
لا يمكنه فعل ذلك، ولن يكون في مصلحته.
دفعه الى التعقّل؟ تكفّل الوسطيون بهذه المهمة طوال فترة التفاوض على هذه الخطة الاستثمارية الكبرى، ولكن دون نجاح. احتضانه؟
عُرضت المناصب في البيت الأبيض والحكومة على حواريي كبار قادة التيار التقدمي، لكن لا يبدو أن هذا المسار قادهم إلى مزيد من الواقعية والتقليل من المزايدات.
لكل هذا، لا يوجد سوى هذا النوع من الصفعة الانتخابية، كالتي جرت في ولاية فرجينيا، تملك القدرة على زرع الوعي بما يريده الناخبون حقًا. وكأنه قياس درجة حرارة، ليس من قبيل الصدفة في ولاية فرجينيا، أن يأتي الناخبون بأغلبية جمهورية في مجلس الولاية المحلي، والشيء نفسه لمنصبي نائب المحافظ ووزير العدل.
إنذار أول
لقد كان هذا الموعد مع الناخبين في فرجينيا بمثابة تحذير وليس حكمًا، قبل عام واحد من انتخابات التجديد النصفي. لبايدن الآن ثمانية أصوات أغلبية فقط في مجلس النواب، وصفر في مجلس الشيوخ. وفي أفضل السيناريوهات، يقول المحللون، إنّ الديمقراطيين قد يحصلون على مقعد إلى ثلاثة مقاعد في مجلس الشيوخ عام 2022، لكنهم سيفقدون أغلبيتهم في مجلس النواب، الأمر الذي سيجعل الأمور أكثر تعقيدًا على الصعيد المالي.
باختصار، ليس على جو بايدن وفريقه فقط التفكير في طرق لإعادة توحيد الحزب على حد أدنى من الإجماع لاستعادة ثقة الناخبين المعتدلين والمستقلين، بل ان هذه المهمّة موكولة أيضًا للجناح اليساري للحزب، إلى بيرني ساندرز، والكسندريا أوكاسيو كورتيز، وإلهان عمر، وجمال بومان، وكوري بوش، وإليزابيث وارين، وأنصارهم، لفهم وإدراك فضائل التسوية والحل الوسط، إذا كانوا يريدون الاحتفاظ بأغلبية للحكم وليس العودة إلى رفاهية المعارضة.
* رئيس تحرير صحيفة لو جورنال دو ديمانش. من مؤلفاته، “هيلاري كلينتون من الألف إلى الياء”، و”العيش مع الأمريكيين”، ومترجم وكاتب مقدمة كتاب “عن العرق في أمريكا باراك أوباما».