رئيس الدولة يبحث مع وزير الدفاع السعودي علاقات التعاون وتطورات الأوضاع في المنطقة
هكذا انهار تعهّد أردوغان بالإصلاح
رأى الصحافي التركي المخضرم بوراك بكديل أن جهود الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للتشبّث بالسلطة تتخذ أشكالاً أكثر بشاعة كل يوم، حتى أن تعهّداته بالإصلاح انهارت في خمسة أشهر.
وكتب بكديل، في مقال في معهد "غيتستون"، أن منتقدي أردوغان يسخرون من حديثه عن إصلاحات ديمقراطية، ووصلت السخرية إلى حدودها القصوى خلال "هجومه الساحر الأخير" في نوفمبر (تشرين الثاني)، والذي كان يهدف إلى إصلاح علاقات تركيا المتوترة بشدة مع الغرب والمؤسسات الغربية.
يومها، قال أردوغان: "لا نرى أنفسنا في أي مكان آخر سوى أوروبا. نحن نتصوّر بناء مستقبلنا مع أوروبا". وبعد يومين، وصف وزير الدفاع خلوصي أكار "الناتو" بأنه "حجر الزاوية لسياستنا الدفاعية والأمنية"، مشيراً إلى أن تركيا تتطلع إلى التعاون مع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن. كما وعد أردوغان بحزمة جريئة من الإصلاحات الديمقراطية.
لكن بعد أقلّ من خمسة أشهر، اضطر رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي إلى تسمية أردوغان بـ "الديكتاتور"، ليس من باب "إهانة" رئيس دولة مسلم.
اتهامات واعتقالات
وفقاً لموقع الأخبار التركي "غازيت دوفار"، تمّ توجيه الاتهام إلى أكثر من 128 ألف شخص في السنوات الست الماضية بتهمة إهانة أردوغان. ومن بين هؤلاء، تم تقديم أكثر من 27 ألف للمحاكمة، وأُدين أكثر من 9 آلاف آخرين.
بعد تعهّد أردوغان الإصلاحي الأخير في 21 مارس (آذار)، ألقت السلطات التركية القبض على النائب المعارض المؤيد للأكراد عمر فاروق غيرغيرلي أوغلو الذي رفض مغادرة البرلمان لعدة أيام بعد إلغاء نيابته.
في 17 مارس (آذار)، رفع مكتب المدعي العام للمحكمة العليا دعوى قضائية ضد "حزب الشعوب الديمقراطي" لإغلاقه على أساس أن له صلات بـ "أعمال إرهابية". في 14 أبريل (نيسان)، طلب المدعون العامون رفع الحصانة البرلمانية عن زعيم المعارضة الرئيسي كمال كليشيدار أوغلو وتسعة نواب من "الشعب الجمهوري". على ما يبدو، يريد أردوغان نظاماً ديمقراطياً بدون معارضة.
وهذا الشهر، قضت أعلى محكمة لحقوق الإنسان في أوروبا بانتهاك تركيا الحق في حرية التعبير للصحافي والكاتب التركي أحمد ألتان بسبب اعتقاله وسجنه بتهم تتعلق بمحاولة انقلاب عام 2016. وألتان مسجون منذ سبتمبر (ايلول) 2016، عندما تمّ اعتقاله بسبب مزاعم بأنه نشر، خلال برنامج تلفزيوني، "رسائل مموهة" تتعلق بمحاولة الانقلاب، وكذلك مقالات كتبها تنتقد الحكومة. بعد هذا الحكم بوقت قصير، أفرجت محكمة الاستئناف التركية عن ألتان. بعبارة أخرى، سُجن ألتان بشكل غير قانوني لمدة 55 شهراً، أي حوالي خمس سنوات.
تأديب القضاة
كان ذلك "طبيعياً" في بلد اعتاد فيه جيش من القضاة الموالين للحكومة تحدي الأحكام الصادرة عن المحاكم التركية العليا، بما في ذلك المحكمة الدستورية، والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. هؤلاء القضاة الذين يتجرؤون على إصدار "أحكام غير مرغوب فيها" يخضعون للتحقيق، وغالباً ما يتعرّضون لعقوبات تأديبية. ودعا شريك أردوغان في الائتلاف وحليفه السياسي، الزعيم القومي المتطرف دولت بهجلي، إلى إغلاق أعلى مؤسسة قضائية في البلاد، المحكمة الدستورية.
توقيف الأميرالات
في 5 أبريل (نيسان)، احتجز المدعون الأتراك 10 أميرالات متقاعدين بسبب انتقاداتهم العلنية لمشروع "قناة إسطنبول" الذي تبلغ تكلفته مليارات الدولارات. وجاءت مذكرات الاعتقال بعد يوم من توقيع مجموعة من 104 من كبار مسؤولي البحرية السابقين رسالة مفتوحة تحذر من أن القناة المقترحة قد تضرّ بالأمن التركي من خلال إبطال "اتفاقية مونترو" الدولية. وفسّر المسؤولون والمدّعون المؤيدون لأردوغان البيان على أنه تحدٍ مباشر من الجيش للحكومة المدنية.
انتهاك الدستور
ويُعتبر تحرّك المدّعين العامين انتهاكاً مباشراً للمادة 26 من الدستور التركي، والتي تنصّ على:
"لكل فرد الحق في التعبير عن أفكاره وآرائه ونشرها بالقول أو الكتابة أو الصور أو من خلال وسائل الإعلام الأخرى، بشكل فردي أو جماعي. وتشمل هذه الحرية حرية تلقي أو نقل المعلومات أو الأفكار دون تدخل من السلطات الرسمية ".
وسأل بكديل: "لكن من يهتم بالدستور في بلد تقترح الكتلة الحاكمة فيه إغلاق حتى المحكمة الدستورية، بالإضافة إلى حظر أحزاب المعارضة؟".
وحدثت كل هذه الإجراءات الاستبدادية في أقلّ من نصف عام، منذ تعهد أردوغان بإجراء إصلاحات ديمقراطية.
أين الـ128 مليار؟
كما سأل الكاتب: "أين الـ 128 مليار دولار؟.
يشير هذا المبلغ إلى الدولارات الأمريكية التي تبيعها المصارف الحكومية لدعم الليرة التركية في أسواق الصرف الأجنبي. بدأت هذه السياسة المالية، قبل وقت قريب من الانتخابات البلدية في مارس (آذار) 2019 وتمّ تكثيفها في عام 2020، عندما كشف وباء كوفيد 19 ضعف الليرة واعتماد تركيا على التمويل الخارجي. وحسب المصرفيين، بلغ إجمالي المبيعات 128.3 مليار دولار في 2019-2020.
مع التزام المسؤولين الحكوميين الصمت بشأن هذه المسألة، أطلق "حزب الشعب الجمهوري" المعارض مؤخراً حملة لإحراج "حزب العدالة والتنمية" الحاكم بزعامة أردوغان، من خلال تعليق ملصقات ضخمة على مبانيه في جميع أنحاء البلاد مع السؤال البسيط: أين الـ 128 مليار دولار؟ هي مجرد كلمة واحدة، لا تعليق واحد ولا إهانة واحدة. مجرد سؤال، على الرغم من أنه مزعج خاصة في وقت الأزمة الاقتصادية.
ودون أوامر من المحكمة، بدأت الشرطة التركية بتمزيق تلك الملصقات. كما اعترف أحد المدعين في رسالة إلى أحد المحافظين بأنه "لا يمكننا أن نجد ذريعة قانونية لإعلان عدم قانونية الملصقات. إذ يجب تمزيقها بحجة أسباب إدارية".
ديمقراطية من الدرجة الثالثة
وختم بكديل قائلاً إن جهود أردوغان للتشبث بالسلطة تتخذ أشكالاً أكثر بشاعة كل يوم. فقبل بضع سنوات، نفى رئيس الوزراء آنذاك أحمد داود أوغلو بشدة الادعاءات بأن تركيا كانت ديمقراطية من الدرجة الثانية. لكنه كان محقاً، ظلت تركيا منذ ذلك الحين ديمقراطية من الدرجة الثالثة".