رئيس الدولة والرئيس القبرصي يؤكدان أهمية العمل على ترسيخ أسباب السلام والاستقرار الإقليميين
الحرب في أوكرانيا:
هكذا تتجه روسيا نحو حرب استنزاف دامية...!
-- لم يعد الجيش الروسي الحالي هو الجيش الأحمر في الحرب الباردة، وليس لموسكو الكثير من الاحتياطيين الجاهزين
-- يعتمد الجيش الروسي بشكل كبير على مدفعيته، مثل قاذفات الصواريخ أو المدافع، وهذا كابوس لوجستي
-- للأسف، من المعقول أن تتفاقم المذبحة، حيث يقتل أو يجرح آلاف المدنيين
-- الاتجاه نحو وضع لا يتقدم فيه الروس ولكن تظل أوكرانيا فيه أضعف من أن تصدهم
-- «بوجود 150 ألفا أو حتى 200 ألف رجل كما هو الحال في الوقت الحاضر، لا نحتل بلدًا مثل أوكرانيا، أكبر من فرنسا»
بعد فشل خطتها الأولية في أوكرانيا، تتجه روسيا نحو الاستنزاف وحرب المدن. إنها استراتيجية محفوفة بالمخاطر بالنسبة لموسكو، لكنها على وجه الخصوص مكلفة للغاية في الأرواح البشرية. منذ ما يقرب من أسبوعين عن بدء الحرب في أوكرانيا، تحيي صور الأحياء المدمرة في خاركيف أو ماريوبول ذكريات حلب، سوريا، أو غروزني، الشيشان، التي دمّرها أيضًا قصف الروس. بالنسبة لخبراء الاستراتيجية العسكرية الذين قابلتهم صحيفة لو جورنال دي ديمانش الفرنسية، فإن هذه المعارك الوحشية وهذا التدمير، يمثلان علامة على تغيير في النهج الروسي: من هدف الهزيمة السريعة لأوكرانيا، انتقلت موسكو إلى حرب استنزاف. ولفهم هذا، علينا العودة إلى خطة موسكو الأولية. في 24 فبراير، عندما أعلن عن “عملية عسكرية خاصة” في أوكرانيا، وضع فلاديمير بوتين لنفسه هدفين: “نزع السلاح” و”اجتثاث النازية” من أوكرانيا. الترجمة: تحييد الجيش وإسقاط النظام. وحسب هذا السيناريو، “كان على القوات الروسية قطع رأس حكومة كييف، واحتلال أمّة بسهولة، عبر سحق بعض كتائب المتمردين على الأكثر، والمساهمة في إقامة سلطة جديدة تابعة لموسكو” بدعم من الحرس الوطني، يوضح فيليب جروس، كبير الباحثين في مؤسسة البحوث الاستراتيجية.
«جهاز روسي في حالة
تمدد مفرط»
لقد فشلت هذه الاستراتيجية: ظل الجيش الأوكراني مخلصًا، ولا يزال الرئيس زيلينسكي يمسك بزمام الأمور، مدعومًا من قبل السكان الذين يقاومون بشدة. “بالغ الروس في تقدير قوتهم، وقللوا من شأن الأوكرانيين والتماسك الدولي، يحلل دومينيك ترينكواند، الجنرال المتقاعد والرئيس السابق للبعثة العسكرية الفرنسية لدى الأمم المتحدة، حتى الآن، حقق بوتين ثلاثة أشياء فقط: إحياء الناتو، وتسريع الاتحاد الأوروبي، والتماسك الأوكراني».
اللوجستيك والموارد البشرية والتكتيكات: يلاحظ فيليب جروس “عدم الاستعداد التام للروس لتحدي عملية قتالية كبرى تفرضها الأمّة الأوكرانية التي تم حشدها خلف رئيسها”. النتيجة: تقدم القوات المهاجمة دون إحراز زحف باهر. وحيث خططت لعملية محدودة، “تجد روسيا نفسها مجبرة على الارتجال في عملية قتالية كبيرة في الزوايا الأربع من المسرح الأوكراني”، مع تضاعف الجبهات، و”جهاز روسي مفرط الامتداد».
«اليوم، ينفذ الروس استراتيجية أخرى”، يلاحظ دومينيك ترينكواند. وتمر هذه من خلال تسريع في جنوب البلاد. “الماكنة الروسية في طريقها لغزو كل شيء بين نهر دونباس وروسيا” بهدف الاستيلاء على ميناء ماريوبول، ثم في خطوة ثانية ميناء أوديسا. “إنهما رئتان اقتصاديتان، يتابع قائلاً، وبأخذهما يخنق الروس أوكرانيا».
مخاطر حرب المدن
تخوض موسكو أيضًا حرب مدن، بشنها هجمات على المدن الكبرى في الأفق، مثل كييف، العاصمة، وخاركيف في الشمال الشرقي. ومع ذلك، يشير دومينيك ترينكواند، إلى أن “الاستيلاء على مدينة أمر معقد للغاية”. فالكثافة تجعل المناورات معقدة، وبفضل معرفته بالتضاريس، يمكن للمدافع التحرك بسهولة أكبر والتحكم في النقاط المرتفعة، مثل المباني.
تطويق مدينة، وفرض حصار محكم لمنع المخارج والإمدادات، ثم شن هجوم يتطلب تفوقًا عدديًا: “تحتاج تقريبًا إلى نسبة 1 إلى 10 للفوز بمدينة”، حسب الخبير. و”للمقارنة، خلال الغزو الثاني للشيشان عام 2000، أرسل الروس ما يقرب من 110 آلاف جندي، ليس أقل بكثير من القوات المنتشرة حاليًا في أوكرانيا، منها حوالي 50 ألفا لغروزني فقط، وهي مدينة لا يزيد عدد سكانها عن بضع عشرات الآلاف من السكان”، يذكر فيليب جروس. ولا علاقة لهذا بكييف، وسكانها البالغ عددهم 2.9 مليون نسمة، وآلاف المدافعين عنها المستعدين للمقاومة.
المشكلة: الموارد البشرية للجيش الروسي محدودة. يقول فيليب جروس: “لم يعد الجيش الروسي الحالي هو الجيش الأحمر في الحرب الباردة، وليس لموسكو الكثير من الاحتياطيين الجاهزين. على مدار الخمسة عشر عامًا الماضية، استبدل صانعو السياسات كثرة الجنود بالتحديث.
يمكن لفلاديمير بوتين تعبئة جنود الاحتياط -وقد وعد يوم الاثنين بعدم القيام بذلك -لكنهم سيفتقرون إلى الخبرة، كما تم استدعاء القوات الشيشانية. في الوقت الحالي، أبلغت موسكو مرة واحدة فقط عن خسائرها، في 2 مارس، وأعربت عن أسفها لمقتل 498 من جنودها. لكن كييف تقول إن أكثر من 11 ألف جندي روسي قتلوا، والولايات المتحدة تقدر عدد القتلى بـ “2000 إلى 4000».
المأزق الثاني: اللوجستيك. خلل هيكلي مستمر حسب الخبيرين. “يعتمد الجيش الروسي بشكل كبير على مدفعيته، مثل قاذفات الصواريخ أو المدافع، لكنه كابوس لوجستي”، يوضح فيليب جروس. مثال: تنقسم القوات إلى جيوش صغيرة، لكل منها لواء شاحنات. “ولتزويد، على سبيل المثال، كل قاذفات الصواريخ بالوقود مرة واحدة فقط، لا بد من تعبئة نصف هذه الشاحنات، يوضح الباحث، كما ان إمدادات البنزين والمواد الغذائية والذخيرة الأخرى تتعرض لإكراهات أكبر».
السيناريو “السوري»
ميزان القوى هذا، فهمه الجيش الأوكراني جيدًا، يلاحظ فيليب جروس: “لقد اختار الأوكرانيون حرب الكمائن”. بالنسبة للمهاجمين، هذا يعني أنه حتى في المناطق التي يتم مرورها تحت العلم الروسي، ستستمر المقاومة وستصبح الجبهة غير واضحة. “يبدو ان الأوكرانيين مصممون للغاية على شن حرب عصابات”، يدعم دومينيك ترينكواند، لذلك ستضطر موسكو إلى ترك قوات بأعداد كبيرة في المدن المحتلة. “بوجود 150 ألفا أو حتى 200 ألف رجل كما هو الحال في الوقت الحاضر، لا نحتل بلدًا مثل أوكرانيا، أكبر من فرنسا”، يوضح الجنرال السابق.
«ليس للروس موارد بشرية كافية للاستيلاء على هذه المدن، وبالتالي يعتمدون على قوتهم النارية”، يخشى فيليب جروس.
ونتيجة لذلك، يخاف الخبيران من سيناريو “على النمط السوري” بحصار وحشي ودامٍ، وسكان محاصرون، وخسائر فادحة في صفوف المدنيين والقوات على الجانبين.
ويضيف فيليب جروس، “لسوء الحظ، تتزايد حدة المجزرة، حيث قتل أو جرح آلاف المدنيين، وتسوّى مدن بالأرض تدريجيًا”، واصفا بانها “حرب استنزاف، على المستويات البشرية والمادية ولكن الأخلاقية أيضًا”، حيث يمكن أن يكون القصف أداة لترهيب الأوكرانيين وإحباطهم.
هذه الاستراتيجية، التي سبق تنفيذها في خاركيف على سبيل المثال، هي أيضًا محفوفة بالمخاطر بالنسبة لسيد الكرملين.
“هناك مشكلة صورة”، يرى دومينيك ترينكواند، فقد تدفع الحصارات المميتة الغربيين إلى تبني عقوبات جديدة ولكنها ستصدم أيضًا السكان الروس، في حال تراكمت الوفيات بين الجنود.
هل ستسمح هذه الخطة الروسية الجديدة لبوتين بتحقيق أهدافه؟ يعتقد فيليب جروس أن كل شيء سيتوقف على قدرة المقاومة الأوكرانية على المدى الطويل. “الحذر مطلوب، لكنني افترض أنه إذا لم تنهار القوات الأوكرانية، سيصل الروس إلى ذروة هجومهم في الأسابيع القليلة المقبلة. ووفق هذه النظرية التي طورها الاستراتيجي كلاوزفيتز، فإن الذروة هي اللحظة التي لم يعد بإمكان موسكو إحراز تقدم في تحقيق أهدافها العسكرية. “سينتهي بنا الأمر الى نوع من كش ملك في العمليات، وهو وضع يفقد فيه الروس القدرة على التقدم، ولكن تظل أوكرانيا فيه أضعف من أن تصدهم”، يطور فيليب جروس... إنها حرب -مستنقع غير أنها تبقى أشدّ فتكًا.
-- يعتمد الجيش الروسي بشكل كبير على مدفعيته، مثل قاذفات الصواريخ أو المدافع، وهذا كابوس لوجستي
-- للأسف، من المعقول أن تتفاقم المذبحة، حيث يقتل أو يجرح آلاف المدنيين
-- الاتجاه نحو وضع لا يتقدم فيه الروس ولكن تظل أوكرانيا فيه أضعف من أن تصدهم
-- «بوجود 150 ألفا أو حتى 200 ألف رجل كما هو الحال في الوقت الحاضر، لا نحتل بلدًا مثل أوكرانيا، أكبر من فرنسا»
بعد فشل خطتها الأولية في أوكرانيا، تتجه روسيا نحو الاستنزاف وحرب المدن. إنها استراتيجية محفوفة بالمخاطر بالنسبة لموسكو، لكنها على وجه الخصوص مكلفة للغاية في الأرواح البشرية. منذ ما يقرب من أسبوعين عن بدء الحرب في أوكرانيا، تحيي صور الأحياء المدمرة في خاركيف أو ماريوبول ذكريات حلب، سوريا، أو غروزني، الشيشان، التي دمّرها أيضًا قصف الروس. بالنسبة لخبراء الاستراتيجية العسكرية الذين قابلتهم صحيفة لو جورنال دي ديمانش الفرنسية، فإن هذه المعارك الوحشية وهذا التدمير، يمثلان علامة على تغيير في النهج الروسي: من هدف الهزيمة السريعة لأوكرانيا، انتقلت موسكو إلى حرب استنزاف. ولفهم هذا، علينا العودة إلى خطة موسكو الأولية. في 24 فبراير، عندما أعلن عن “عملية عسكرية خاصة” في أوكرانيا، وضع فلاديمير بوتين لنفسه هدفين: “نزع السلاح” و”اجتثاث النازية” من أوكرانيا. الترجمة: تحييد الجيش وإسقاط النظام. وحسب هذا السيناريو، “كان على القوات الروسية قطع رأس حكومة كييف، واحتلال أمّة بسهولة، عبر سحق بعض كتائب المتمردين على الأكثر، والمساهمة في إقامة سلطة جديدة تابعة لموسكو” بدعم من الحرس الوطني، يوضح فيليب جروس، كبير الباحثين في مؤسسة البحوث الاستراتيجية.
«جهاز روسي في حالة
تمدد مفرط»
لقد فشلت هذه الاستراتيجية: ظل الجيش الأوكراني مخلصًا، ولا يزال الرئيس زيلينسكي يمسك بزمام الأمور، مدعومًا من قبل السكان الذين يقاومون بشدة. “بالغ الروس في تقدير قوتهم، وقللوا من شأن الأوكرانيين والتماسك الدولي، يحلل دومينيك ترينكواند، الجنرال المتقاعد والرئيس السابق للبعثة العسكرية الفرنسية لدى الأمم المتحدة، حتى الآن، حقق بوتين ثلاثة أشياء فقط: إحياء الناتو، وتسريع الاتحاد الأوروبي، والتماسك الأوكراني».
اللوجستيك والموارد البشرية والتكتيكات: يلاحظ فيليب جروس “عدم الاستعداد التام للروس لتحدي عملية قتالية كبرى تفرضها الأمّة الأوكرانية التي تم حشدها خلف رئيسها”. النتيجة: تقدم القوات المهاجمة دون إحراز زحف باهر. وحيث خططت لعملية محدودة، “تجد روسيا نفسها مجبرة على الارتجال في عملية قتالية كبيرة في الزوايا الأربع من المسرح الأوكراني”، مع تضاعف الجبهات، و”جهاز روسي مفرط الامتداد».
«اليوم، ينفذ الروس استراتيجية أخرى”، يلاحظ دومينيك ترينكواند. وتمر هذه من خلال تسريع في جنوب البلاد. “الماكنة الروسية في طريقها لغزو كل شيء بين نهر دونباس وروسيا” بهدف الاستيلاء على ميناء ماريوبول، ثم في خطوة ثانية ميناء أوديسا. “إنهما رئتان اقتصاديتان، يتابع قائلاً، وبأخذهما يخنق الروس أوكرانيا».
مخاطر حرب المدن
تخوض موسكو أيضًا حرب مدن، بشنها هجمات على المدن الكبرى في الأفق، مثل كييف، العاصمة، وخاركيف في الشمال الشرقي. ومع ذلك، يشير دومينيك ترينكواند، إلى أن “الاستيلاء على مدينة أمر معقد للغاية”. فالكثافة تجعل المناورات معقدة، وبفضل معرفته بالتضاريس، يمكن للمدافع التحرك بسهولة أكبر والتحكم في النقاط المرتفعة، مثل المباني.
تطويق مدينة، وفرض حصار محكم لمنع المخارج والإمدادات، ثم شن هجوم يتطلب تفوقًا عدديًا: “تحتاج تقريبًا إلى نسبة 1 إلى 10 للفوز بمدينة”، حسب الخبير. و”للمقارنة، خلال الغزو الثاني للشيشان عام 2000، أرسل الروس ما يقرب من 110 آلاف جندي، ليس أقل بكثير من القوات المنتشرة حاليًا في أوكرانيا، منها حوالي 50 ألفا لغروزني فقط، وهي مدينة لا يزيد عدد سكانها عن بضع عشرات الآلاف من السكان”، يذكر فيليب جروس. ولا علاقة لهذا بكييف، وسكانها البالغ عددهم 2.9 مليون نسمة، وآلاف المدافعين عنها المستعدين للمقاومة.
المشكلة: الموارد البشرية للجيش الروسي محدودة. يقول فيليب جروس: “لم يعد الجيش الروسي الحالي هو الجيش الأحمر في الحرب الباردة، وليس لموسكو الكثير من الاحتياطيين الجاهزين. على مدار الخمسة عشر عامًا الماضية، استبدل صانعو السياسات كثرة الجنود بالتحديث.
يمكن لفلاديمير بوتين تعبئة جنود الاحتياط -وقد وعد يوم الاثنين بعدم القيام بذلك -لكنهم سيفتقرون إلى الخبرة، كما تم استدعاء القوات الشيشانية. في الوقت الحالي، أبلغت موسكو مرة واحدة فقط عن خسائرها، في 2 مارس، وأعربت عن أسفها لمقتل 498 من جنودها. لكن كييف تقول إن أكثر من 11 ألف جندي روسي قتلوا، والولايات المتحدة تقدر عدد القتلى بـ “2000 إلى 4000».
المأزق الثاني: اللوجستيك. خلل هيكلي مستمر حسب الخبيرين. “يعتمد الجيش الروسي بشكل كبير على مدفعيته، مثل قاذفات الصواريخ أو المدافع، لكنه كابوس لوجستي”، يوضح فيليب جروس. مثال: تنقسم القوات إلى جيوش صغيرة، لكل منها لواء شاحنات. “ولتزويد، على سبيل المثال، كل قاذفات الصواريخ بالوقود مرة واحدة فقط، لا بد من تعبئة نصف هذه الشاحنات، يوضح الباحث، كما ان إمدادات البنزين والمواد الغذائية والذخيرة الأخرى تتعرض لإكراهات أكبر».
السيناريو “السوري»
ميزان القوى هذا، فهمه الجيش الأوكراني جيدًا، يلاحظ فيليب جروس: “لقد اختار الأوكرانيون حرب الكمائن”. بالنسبة للمهاجمين، هذا يعني أنه حتى في المناطق التي يتم مرورها تحت العلم الروسي، ستستمر المقاومة وستصبح الجبهة غير واضحة. “يبدو ان الأوكرانيين مصممون للغاية على شن حرب عصابات”، يدعم دومينيك ترينكواند، لذلك ستضطر موسكو إلى ترك قوات بأعداد كبيرة في المدن المحتلة. “بوجود 150 ألفا أو حتى 200 ألف رجل كما هو الحال في الوقت الحاضر، لا نحتل بلدًا مثل أوكرانيا، أكبر من فرنسا”، يوضح الجنرال السابق.
«ليس للروس موارد بشرية كافية للاستيلاء على هذه المدن، وبالتالي يعتمدون على قوتهم النارية”، يخشى فيليب جروس.
ونتيجة لذلك، يخاف الخبيران من سيناريو “على النمط السوري” بحصار وحشي ودامٍ، وسكان محاصرون، وخسائر فادحة في صفوف المدنيين والقوات على الجانبين.
ويضيف فيليب جروس، “لسوء الحظ، تتزايد حدة المجزرة، حيث قتل أو جرح آلاف المدنيين، وتسوّى مدن بالأرض تدريجيًا”، واصفا بانها “حرب استنزاف، على المستويات البشرية والمادية ولكن الأخلاقية أيضًا”، حيث يمكن أن يكون القصف أداة لترهيب الأوكرانيين وإحباطهم.
هذه الاستراتيجية، التي سبق تنفيذها في خاركيف على سبيل المثال، هي أيضًا محفوفة بالمخاطر بالنسبة لسيد الكرملين.
“هناك مشكلة صورة”، يرى دومينيك ترينكواند، فقد تدفع الحصارات المميتة الغربيين إلى تبني عقوبات جديدة ولكنها ستصدم أيضًا السكان الروس، في حال تراكمت الوفيات بين الجنود.
هل ستسمح هذه الخطة الروسية الجديدة لبوتين بتحقيق أهدافه؟ يعتقد فيليب جروس أن كل شيء سيتوقف على قدرة المقاومة الأوكرانية على المدى الطويل. “الحذر مطلوب، لكنني افترض أنه إذا لم تنهار القوات الأوكرانية، سيصل الروس إلى ذروة هجومهم في الأسابيع القليلة المقبلة. ووفق هذه النظرية التي طورها الاستراتيجي كلاوزفيتز، فإن الذروة هي اللحظة التي لم يعد بإمكان موسكو إحراز تقدم في تحقيق أهدافها العسكرية. “سينتهي بنا الأمر الى نوع من كش ملك في العمليات، وهو وضع يفقد فيه الروس القدرة على التقدم، ولكن تظل أوكرانيا فيه أضعف من أن تصدهم”، يطور فيليب جروس... إنها حرب -مستنقع غير أنها تبقى أشدّ فتكًا.