هكذا تسببت غطرسة بايدن في كارثة أفغانستان

هكذا تسببت غطرسة بايدن في كارثة أفغانستان


حدَّث الكاتب السياسي مايكل غودوين قراءه في شبكة “فوكس نيوز” عن ردة فعله حين سمع صباح السبت كيف ألغى الرئيس الأمريكي جو بايدن رحلته إلى ولايته ديلاور في عطلة نهاية الأسبوع.
أمل غودوين أن بايدن بدأ يدرك أن الوضع في أفغانستان يتدهور بوتيرة سريعة، لذلك أراد البقاء في البيت الأبيض للمساعدة على وضع خطة لتسريع الإجلاء البطيء وتخفيف قبضة طالبان الخانقة على الطرق المؤدية إلى المطار. لكن كل ذلك لم يتحقق.

في الواقع، لم يكن هنالك مؤشر على أن بايدن كان يتحرك لتغيير الوضع في أفغانستان أو حتى أنه يدرس إدخال تعديلات متواضعة على سياساته الفاشلة.
يُرجح الكاتب أن سبب بقاء بايدن في البيت الأبيض تلقيه معلومات من مستطلعي الآراء عن تعرض شعبيته للضربات، وأن مغادرة العاصمة وسط الأزمة ستبدو سيئة. في تلك الحالة، تابع الكاتب، قد يذهب بايدن إلى ديلاور أو حتى إلى ديزني. إذا لم يكن يريد أن يكون رئيساً فعلياً الآن، فمتى سيكون؟
يصف غودوين الرئيس بعنيد ومتعجرف حتى الجنون، وبوضع رئاسته على القيادة الآلية، تسبب في كارثة تضع أرواح الآلاف من الأمريكيين والأفغان في خطر، وتذل الولايات المتحدة أمام أعين العالم.

ولأن أفغانستان حرب اختارت الولايات المتحدة خسارتها، يتساءل حلفاء واشنطن في كل مكان إذا كان بإمكانهم الثقة في الولايات المتحدة في الأوقات الصعبة. حتى الديموقراطيون يعربون عن قلقهم من الرئيس بعد إطلاعهم على ما يدركه البيت الأبيض، ومتى أدركه.

تظهر التقارير أن الجيش عارض طلب بايدن سحب جميع القوات من أفغانستان وأن موظفي السفارة في كابول حذروا وزير الخارجية أنتوني بلينكن من طالبان ستسيطر بسرعة على البلاد أكبر من تقييم واشنطن، إلى جانب التغاضي غالباً عن عامل مهم وهو سرعة إخلاء الجيش الأمريكي قاعدة باغرام الجوية في إحدى ليالي يوليو (تموز) دون إنذار قائد الجيش الأفغاني الذي وصلها في اليوم التالي فوجدها خالية.

هذا الخروج الغريب ساعد في إقناع الجيش الأفغاني بأن حربه يائسة لأنه لم يعد يحظى بالدعم الجوي الأمريكي. مع ذلك، التزم بايدن بخطته للانسحاب، وتجاهل بلينكن تحذير السفارة.

يرى غودوين أن بإمكان القارئ الرهان على وجود تحذيرات أخرى، لم يدركها المراقبون،واختارت الإدارة تجاهلها، فهذا ما يفعله الأيديولوجيون دوماً، تجاهل كل ما لا يناسب سرديتهم لما يجب أن تكون عليه الأمور.

ورغم أن القيادة تتطلب أحياناً رئيساً يتخطى اعتراضات من قبيل “ماذا لو” و “ولكن”، تكمن الحكمة في معرفة متى يجب الإصغاء للمشككين.لم يكن بايدن قط مستمعاً جيداً، ولم يساعده عمره في لجم اعتداده بنفسه. ومن المناسب تذكر ملاحظة روبرت غيتس الشهيرة، التي قال فيها إن بايدن أخطأ تقريباً في جميع قضيا السياسة الخارجية البارزة خلال العقود الأربعة الماضية، على ضوء مقاربة بايدن لأفغانستان بعد دخوله البيت الأبيض.كان بايدن مصمماً على إعادة جميع قواته إلى الديار كما وعد في حملته الانتخابية. وضع بايدن بدايةً تاريخ 11 سبتمبر -أيلول2021 لسحب كامل الجيش الأمريكي، قبل أن يقرب الموعد إلى 31 أغسطس بعدما أقنعه البعض بأن اختيار ذلك التاريخ كان خطأ فادحاً.

كان ترامب أيضاً مسانداً لفكرة غالبية الأمريكيين القائلة إن الحرب استغرقت وقتاً طويلاً وكانت مكلفة جداً ولهذا السبب توجب إنهاؤها.
وقع ترامب اتفاقاً سيئاً مع طالبان، وطلب إطلاق سراح 5 آلاف سجين، وتخفيض الدعم لحكومة مدنية دعمتها واشنطن ظاهرياً. الرئيس السابق محظوظ لأنه فشل في إعادة جميع القوات إلى الولايات المتحدة قبل نهاية ولايته.
إن تسليم أفغانستان لطالبان هو خطأ تاريخي بصرف النظر عن هوية مرتكبه، حسب غودوين.
كان بإمكان بايدن أن يعكس سياسة ترامب كما فعل مع قراراته الأخرى. عوض ذلك، دعم تلك السياسة بحماسة وصفق له معظم الإعلام. كما قال الأسبوع الماضي، لم يرَ الرئيس أي مصلحة قومية في البقاء أكثر هناك.

في أبريل (نيسان) 2021، حين زار مقبرة أرلينغتون الوطنية التي تضم رفات جنود أمريكيين سقطوا في العراق، وأفغانستان، سئل بايدن إذا كان صعباً اتخاذ القرار بإنهاء الحرب. وأجاب الرئيس: “لا، لم يكن كذلك. بالنسبة لي كان الأمر واضحاً تماماً. واضحاً تماماً”. ويعلق غودوين قائاً: “أمكنه أن يضيف، اللعنة على الوقائع».

لتبرير قراره، لجأ بايدن في الأيام الأخيرة إلى الأكاذيب والأخبار الزائفة. نشرت صحيفة نيويورك تايمز مقالاً للتدقيق في الحقائق وجد أن كلام بايدن يوم الجمعة كان خاطئاً في ثلاثة مزاعم أساسية، إصراره على أن لا دولة في حلف شمال الأطلسي انتقدته، وأن القاعدة لم تعد موجودة في أفغانستان، وأن جميع الأمريكيين قادرون على الوصول إلى المطار.

إن التحذير الصادر يوم السبت، لدعوة الأمريكيين لتجنب التوجه إلى المطار بسبب تهديد إرهابي من داعش أوضح الشرخ الكبير بين مزاعم بايدن المبهجة، والواقع القاسي في كابول.ولو كان الإخلاء الكارثي مشكلة بايدن الوحيدة في سياسته، لكان الأمر سيئاً بما فيه الكفاية. لكن هناك تداعيات طويلة المدى على المنطقة، وهي مرعبة بكل ما تعنيه الكلمة.تقول روسيا والصين إنهما مستعدتان للعمل مع طالبان، ومن المحتمل أن تعترفا بها دولةً شرعيةً، وهو ما يمكن أن يحفز انضمامها الى الأمم المتحدة وهيئات عالمية أخرى. وهناك بكستان النووية التي تشترك مع أفغانستان في حدود طويلة، ولها وجود قوي لطالبان باكستانية على أراضيها. لقد مولت عناصر من الأجهزة الأمنية الباكستانية طالبان وقد ترى في النتيجة الأفغانية سبباً لمحاولة الإطاحة بالحكومة الأفغانية.

كتب السفير السابق راين كروكر مقالاً في صحيفة نيويورك تايمز عن دور غياب الصبر الاستراتيجي لدى بايدن في إعطاء دفع ضخم للإسلام المتشدد في كل مكان. وأشار كروكر الذي خدم في العراق، وأفغانستان، وباكستان إلى أن نتيجة سياسة بايدن إعطاء رواية طالبان عن الانتصار  دفعاً قوياً.علاوة على ذلك، بات لدى طالبان مخزون هائل من السلاح الأمريكي المتطور. حسب غودوين، حصل كل ذلك لأن جو بايدن تجاهل المعلومات التي لم يكن يريد سماعها.