مكمل غذائي يحمي العظام والنظام المناعي من أمراض عضال

هكذا تعرف إن كنت تعاني نقص فيتامين "د"... وهذه الحلول

هكذا تعرف إن كنت تعاني نقص فيتامين

لعلك سمعت سابقاً بفيتامين "د" D - وهو المكمل الغذائي الذي يجمع الخبراء على ضرورة تناوله، لا سيما خلال فصل الشتاء. ولكن مرد ذلك إلى أن فيتامين "د" ليس فيتاميناً بالمعنى العلمي الدقيق، إنما هرمون في الحقيقة. إنه تحديداً، هرمون تنتجه أجسامنا عند التعرض لأشعة الشمس. لذا، حين تقصر النهارات وتغلب العتمة، يتراجع إنتاجنا الطبيعي منه بصورة ملحوظة.

كذلك في المستطاع تعزيز مستويات فيتامين "د" في أجسامنا من طريق تناول الأطعمة التي تحويه، ولكن الكمية التي نحصل عليها عبر الغذاء لا تتجاوز في الغالب 10 في المئة من حاجتنا الكلية إليه. فماذا يحدث إذاً حين يكون التعرض لأشعة الشمس محدوداً، ولا تزودنا وجباتنا اليومية سوى بعُشر، أو ربما أقل، من إجمال ما يحتاج إليه الجسم من هذا الفيتامين؟
تحذر "هيئة الخدمات الصحية الوطنية" ("أن أتش أس" NHS) في بريطانيا من أن نقص فيتامين "د" من شأنه أن يؤدي إلى تشوهات في العظام، من قبيل داء "الكساح" rickets (لين العظام وضعفها) لدى الأطفال، وآلام في العظام سببها حالة صحية لدى البالغين تسمى "لين العظام" osteomalacia. ويعزى ذلك إلى أن فيتامين "د" يساعد الجسم في تنظيم مستويات الكالسيوم والفوسفات (يعمل الفوسفات مع الكالسيوم لتشكيل بلورات فوسفات الكالسيوم التي تعد المكون الرئيس للمادة المعدنية للعظام)، محافظاً بذلك على متانة العظام وسلامة الأسنان والعضلات. كذلك يضطلع بدور جوهري في تنظيم مزاجنا وجودة نومنا.
وربطت المستويات المنخفضة من فيتامين "د" بظهور اضطرابات في المزاج مثل القلق والاكتئاب. كذلك يسهم النقص في هذا الهرمون البالغ الأهمية في تفاقم أعراض "الاضطراب العاطفي الموسمي" (اختصاراً أس أي دي" SAD) (يبدأ غالباً في الخريف والشتاء مع ضعف ضوء النهار وينحسر في الربيع أو الصيف). ووفق "الكلية الملكية للأطباء النفسيين"، يكابد نحو ثلاثة في المئة من سكان البلاد هذا الاضطراب، فيما تشير تقديرات "هيئة الخدمات الصحية الوطنية" إلى أن النسبة تصل إلى شخص واحد من كل 20 شخصاً، أي زهاء خمسة في المئة من السكان.
وتشير "هيئة الخدمات الصحية" البريطانية أيضاً إلى أن احتمال الإصابة بنقص فيتامين "د" يفوق كثيراً احتمال الحصول على كميات مفرطة منه، لا سيما إذا لم يكن المرء يتناول مكملات غذائية منه خلال أشهر الشتاء في المملكة المتحدة. ومع ذلك، فإن تحديد ما إذا كانت مستويات هذا الفيتامين في الجسم دون الحد الأمثل، أو ضمن النطاق الصحي، أو حتى مرتفعة، يبقى أمراً صعباً ما لم تظهر أعراض واضحة تدل على النقص.
طلبت من مجموعة خبراء أن يوضحوا لي الأسباب الكامنة وراء نقص فيتامين "د"، والعلامات المهمة التي تستدعي الانتباه، فضلاً عن الأخطار المترتبة على عدم الحصول على كميات كافية منه، أو الإفراط في تناوله.
كذلك سألتهم عن أفضل الطرق لمراقبة مستويات فيتامين "د" في الجسم، وأكثر الأساليب أماناً وفاعلية لرفع هذه المستويات بما يتوافق مع حاجات كل شخص، ونمط حياته، وحالته الصحية. تابع القراءة (فيما يلي) لتكتشف الحقائق العلمية وأفضل السبل للحفاظ على مستويات صحية من هذا الفيتامين، بما يضمن لك أيها القارئ البقاء بصحة جيدة والتمتع بالحيوية والسعادة طوال فصل الشتاء.

ما الأسباب وراء نقص فيتامين "د"؟
تتعدد أسباب نقص فيتامين "د"، بدءاً من التقدم في العمر، مروراً بالعادات الغذائية، ووصولاً إلى بعض الأمراض المزمنة. ولما كانت أشعة الشمس تمثل المصدر الطبيعي الأهم لهذا الفيتامين، فإن أيام الشتاء القصيرة واحتجاب الشمس خلف الغيوم خلال هذا الفصل يشكلان العاملين الأبرز وراء تراجع مستوياته في الجسم.
تحدثت في هذه المسألة خبيرة التغذية ماز باكهام، من مؤسسة "نورشفل نيوتريشن" Nourishful Nutrition المتخصصة بالتغذية الصحية المتوازنة، فأوضحت أن "أجسامنا تنتج فيتامين "د" في البشرة استجابة للأشعة فوق البنفسجية، تحديداً الأشعة فوق البنفسجية من نوع بي أو المتوسطة" (اختصاراً "يو في بي" UVB). بناء عليه، ليس مستغرباً أن يعاني كثر في المملكة المتحدة نقصاً أو قصوراً في مستويات هذا الفيتامين بفعل العوامل الموسمية".
ولكن التعرض المباشر والمطول لأشعة الشمس من دون أي وسيلة حماية ليس الطريقة الأكثر أماناً لتعويض النقص في فيتامين "د"، إذ من شأنه أن يتسبب في تضرر البشرة وتلفها، وربما يفضي على المدى القصير إلى مشكلات مثل حروق الشمس وضربات الحرارة، وإلى سرطان الجلد على المدى الطويل. ويجمع أطباء الجلد على أن واقيات الشمس، وإن كانت تحد من وصول بعض الأشعة فوق البنفسجية المتوسطة، فإنها لا تحجبها إلى درجة تعطل إنتاج فيتامين "د" في الجسم بصورة ملموسة. لذا، ينبغي الاستمرار في استخدامها لحماية البشرة من أضرار الشمس على مدار العام.
تشير اختصاصية التغذية العلاجية إيف كالينيك إلى أنه على رغم أن قصر ساعات النهار خلال فصل الشتاء في المملكة المتحدة يؤثر مباشرة في مستويات فيتامين "د"، ليس مستبعداً أن يعاني سكان المناطق المشمسة بدورهم نقصاً في مستويات هذا الفيتامين. لذا، يبقى التحليل المخبري الفردي خطوة بالغة الأهمية (لضمان الكشف عن النقص وتحديد الجرعة المناسبة من المكمل الغذائي).
استناداً إلى المعاهد الوطنية للصحة في الولايات المتحدة، يظل أصحاب البشرة الداكنة أكثر عرضة للنقص في مستويات فيتامين "د" مقارنة بذوي البشرة الفاتحة. يعود ذلك إلى كمية "الميلانين" في البشرة (و"الميلانين" صبغة طبيعية بروتينية تمنح البشرة لونها وتحميها من الأشعة فوق البنفسجية، مما يسهم في الحماية من السرطان). ومعلوم أن لدى ذوي البشرة الفاتحة كمية أقل من "الميلانين"، مما يسمح لبشرتهم بامتصاص "الأشعة فوق البنفسجية المتوسطة" بكفاءة أكبر وإنتاج فيتامين "د" بصورة أكثر فاعلية مقارنة بالأشخاص (أصحاب البشرة الداكنة) الذين تنتج أجسامهم كمية أكبر من هذه الصبغة الطبيعية. بناء عليه، تتحكم في مستوى النقص عوامل عدة (وراثية وخارجية)، من بينها موقعك الجغرافي، ومدى تعرضك لأشعة الشمس، ولون بشرتك، وطبيعة نمط حياتك.
أضف إلى ذلك أن بعض الفئات أكثر عرضة لنقص فيتامين "د" مقارنة مع غيرها. تشرح هانا ألديرسون، اختصاصية تغذية معتمدة ومتخصصة في الهرمونات، أن "فيتامين ’د‘ يؤدي دوراً مهماً في الوظائف المتعلقة بالخصوبة والقدرة على الإنجاب وفي تنظيم توازن سكر ’الغلوكوز‘ في الجسم"، والحفاظ على مستوياته ضمن المعدل المطلوب. لذا، فإن المصابين بالسكري، كما توضح ألديرسون، ومن يعانون اضطرابات هرمونية مثل "متلازمة تكيس المبايض" (اختصاراً PCOS)، يكونون أكثر عرضة للنقص في هذا الفيتامين.
تضيف ألديرسون أن نسبة انتشار نقص فيتامين "د" بين النساء المصابات بـ"متلازمة تكيس المبايض" تراوح ما بين 67 و85 في المئة، بينما تصل النسبة في أوساط كبار السن إلى 37 في المئة تقريباً، لا سيما لدى الشريحة العمرية 60 سنة فما فوق، وذلك بحسب دراسة تعود إلى عام 2019". وتشير الخبيرة إلى أن "هذه الأرقام ربما بلغت معدلات أعلى بعد جائحة "كورونا" (نظراً إلى العزلة وتراجع التعرض لأشعة الشمس).
وعلى رغم أن النظام الغذائي يوفر جزءاً من فيتامين "د"، فإن هذه الكمية تبقى ضئيلة جداً. أضف إلى ذلك، أن بعض الأنظمة الغذائية ربما تخلو منه تماماً إذا لم تتضمن أطعمة غنية به. وتوضح ألديرسون قائلة: "يمكننا الحصول على قدر محدود من فيتامين ’د‘ من طريق أطعمة معينة، من بينها الفطر والأسماك الزيتية ومنتجات الألبان والبيض. ولكن هذه الكمية وحدها لا تكفي لتلبية حاجات الجسم الفعلية منه".
ومع ذلك، من الضروري إدراج الأطعمة الغنية بفيتامين "د" في نظامنا الغذائي طوال العام، حرصاً على تناول وجبات متنوعة تزخر بجميع العناصر الغذائية الأساس.
وتوضح إيف كالينيك أن "بعض الأشخاص يعانون ضعفاً في امتصاص فيتامين "د" بسبب مشكلات في صحة الجهاز الهضمي، أو نتيجة أمراض مثل "كرون"، و"السيلياك" (أو الداء البطني، مما يجعل تعويض النقص من خلال الطعام أمراً أكثر صعوبة.
وتكون "بعض الفئات بطبيعتها أكثر عرضة لنقص فيتامين ’د‘، مثل كبار السن أو أصحاب البشرة الداكنة"، تضيف كالينيك.

ما علامات نقص فيتامين "د"؟
يظهر النقص في فيتامين "د" بصور عدة. وتشير كالينيك إلى أن "زيادة القابلية للإصابة بالعدوى والفيروسات" من دون سبب واضح تشكل العلامة الأولى التي تستحق الانتباه، إذ يعد فيتامين "د" عنصراً أساساً في دعم قوة الجهاز المناعي وكفاءته.
وتتجلى علامات النقص أيضاً في "آلام العظام أو ضعف العضلات" (ذلك أن فيتامين "د" يسهم في تحقيق توازن الكالسيوم في الجسم)، إضافة إلى المزاج السيئ والشعور بالإرهاق المستمر، وهي أعراض ترتبط غالباً بـ"الاضطراب العاطفي الموسمي"، تضيف كالينيك.
عموماً، يبقى الشعور بالتعب أحد الأعراض الأولى التي يلاحظها الأشخاص عادة. غير أن فصل الشتاء يجلب معه عوامل عدة تخفي هذا النقص، من قبيل تغير التوقيت، واضطرابات النوم، أو عوامل صحية محتملة مثل التقلبات الهرمونية، مما يجعل من الصعب تمييز نقص فيتامين "د" بوضوح.
وقد تتوالى الأعراض كما أحجار الدومينو، فالإرهاق يفضي إلى تكرار الإصابة بالأمراض، والمزاج السيئ، وزيادة الوزن. كذلك يتطور فقدان الكتلة العظمية إلى هشاشة العظام أو لين العظام، مما يفاقم خطر التعرض لكسور، وقد تصبح هذه المشكلة مهددة للحياة خلال المراحل المتقدمة من العمر. وفي حالات النقص الشديد جداً، يعاني المرء نوبات تشنجية.

ماذا أفعل إذا كنت أعاني نقصاً في فيتامين "د"؟
الخطوة الأولى لمعرفة ما إذا كنت تعاني نقصاً في فيتامين "د" الخضوع لاختبار دم منزلي. هذه الاختبارات متوافرة بسهولة، وتقدم مؤشراً أولياً على مستوى الفيتامين في الجسم. كذلك يوضح تحليل الدم المخبري بدقة حجم النقص لديك.
للحصول على تقييم شامل لنقص العناصر الغذائية لديك، وأي مشكلات هرمونية محتملة، إضافة إلى الأضرار الصحية الناجمة عن النقص الطويل الأمد، يستحسن زيارة طبيب صحة عامة أو مقدم رعاية صحية مؤهل بغية إجراء الفحوص اللازمة. يمكن للطبيب حينها تحديد الجرعة المثلى من فيتامين "د" لتحقيق أفضل النتائج، وتقديم المشورة في شأن أي أدوية أخرى أو تغييرات ضرورية في أسلوب العيش.
أما مكملات فيتامين "د" فتتوافر بجرعات منخفضة وأخرى مرتفعة، فإن كان النقص لديك أدنى قليلاً من المستويات الموصى بها، ربما تكفيك جرعة منخفضة منه. أما بالنسبة إلى آخرين (في حالات النقص الحاد)، فقد تستلزم الحالة جرعات أعلى (بإشراف طبي).
تحوي مكملات فيتامين "د" فيتامين "د 2" (D2) المعروف باسم "إرغوكالسيفيرول" ergocalciferol، أو على فيتامين "د 3" (D3) واسمه "الكوليكالسيفيرول" cholecalciferol. وغالباً ما يستخلص الأخير من مصادر حيوانية مثل "اللانولين" lanolin، مادة دهنية شمعية مستخرجة من صوف الغنم، ويعدها بعض الأشخاص غير مناسبة للنباتيين، بينما يستخلص فيتامين "د 2" من مصادر نباتية مثل الفطريات أو الخميرة.
ومن المهم الإشارة إلى أن أخذ جرعة غير ملائمة من فيتامين "د" يؤدي إلى آثار جانبية ضارة، إذ يمكن الإفراط في تناوله. وتوضح ألديرسون أنه "من الصعب جداً التعرض لتسمم بفيتامين "د"، ولكنه وارد أيضاً لأنه من الفيتامينات القابلة للذوبان في الدهون". هكذا، فإن الكميات الكبيرة منه قد تتراكم في الجسم وتصل إلى مستويات سامة محتملة. وتضيف خبيرة التغذية أنه من المهم توخي الحذر عند استخدام مكملات غذائية متنوعة تحوي هذا الفيتامين.
لذا، في حال راودتك أي شكوك في شأن الجرعة المناسبة من فيتامين "د"، من الأفضل استشارة طبيبك لإجراء فحص دم أو لشرح نتائج اختبارك المنزلي. أما أثناء الحمل، فيمكن تناول مكملات فيتامين "د" بأمان، ذلك أنها لا تتفاعل عادة مع معظم الأدوية. في المقابل، من الضروري مراعاة المكملات الغذائية الأخرى التي تتناولها (لتفادي أي تأثير متبادل محتمل).
في الواقع، تناول جرعات مرتفعة من معادن مختلفة مثل الكالسيوم أو الزنك أو المغنيسيوم إلى جانب فيتامين "د" في الوقت نفسه، يقود إلى حالة تسمى "تنافس المعادن"، وفيها تتسابق هذه العناصر على الامتصاص في الأمعاء (فيصعب على الجسم امتصاصها بصورة كاملة، مما يقلص فعاليتها الغذائية).
وتضيف ماز باكهام أنه إلى جانب تناول المكملات، يمكن زيادة مستويات فيتامين "د" عبر التعرض المباشر لأشعة الشمس. وتوضح: "حاول قضاء 25 إلى 30 دقيقة في ضوء الشمس وقت الظهيرة، حين تكون الشمس في أوجها في السماء، مما يجعل عملية تصنيع فيتامين ’د‘ في الجسم أكثر كفاءة".ختاماً، يجمع الخبراء على ضرورة إدراج الأسماك الزيتية، واللحوم الحمراء، وصفار البيض في النظام الغذائي. ولكنهم يقرون أيضاً بأنه حتى عند اتباع كل الخطوات المذكورة سابقاً، يبقى تناول مكملات فيتامين "د" من علامة تجارية موثوقة الخيار الأفضل لضمان الحصول على مستويات كافية من هذا الفيتامين، لا سيما خلال أشهر الشتاء في المملكة المتحدة.