ويبقى المال قوّام الأعمال في أفغانستان:

هكذا يمكن للقوى العظمى ممارسة الضغط على طالبان

هكذا يمكن للقوى العظمى ممارسة الضغط على طالبان

- الغرب يريد: لا للقمع الدموي للمدنيين، وألا تعود أفغانستان قاعدة خلفية للإرهاب الدولي من جديد
- بوريس جونسون يؤكد، أن الغرب سيحكم على «الأفعال وليس الأقوال»
- يرى الغرب أن وسائل ضغطه تقلصت، لكن تظل يده على رافعة ثمينة أخرى: المساعدات الدولية
- أرصدة البنك المركزي التي تمتلكها الحكومة الأفغانية في الولايات المتحدة لن تتاح لطالبان


  رغم رحيل جنودها من أفغانستان، إلا أن القوى الغربية تحتفظ بوسائل الضغط على طالبان بفضل روافعها الدبلوماسية والمالية.
  مساء الثلاثاء، اتفق الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون على حضور قمة افتراضية لمجموعة السبع بشأن أفغانستان “لمناقشة مقاربة واستراتيجية مشتركة”، وفق بيان صادر عن البلدين.
 ومنذ استيلاء طالبان على كابول، واجهت وزارات الخارجية الغربية معضلة: أن تكون حازمة تجاه أسياد أفغانستان الجدد، رغم رحيل جيوشها، مع الحصول على تعهدات من حركة طالبان بشأن قيادتها للبلد في الأشهر المقبلة.

الاعتراف الدولي كرافعة
   «لا يزال للمجتمع الدولي وسائل ضغط، يقول كريم باكزاد، الباحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية والمتخصص في أفغانستان، في مقابلة مع لو جورنال دي ديمانش، حركة طالبان اليوم ليست تلك التي كانت بالأمس، فهي تظهر رغبتها في حكم أفغانستان حقًا، وتسعى للحصول على اعتراف دولي”. هناك العديد من العوامل التي، حسب قوله، يمكن أن تكون بمثابة رافعات للقوى الغربية لتحقيق مطلبين رئيسيين: ألا تنخرط طالبان في قمع دموي للسكان المدنيين، وألا تصبح أفغانستان مرة أخرى، قاعدة خلفية للإرهاب الدولي.

   وقالت الولايات المتحدة يوم الاثنين، إنها لن تعترف بحكومة بقيادة طالبان إلا إذا احترمت الأخيرة حقوق المرأة ورفضت الإرهابيين.
وبالمثل، وضع وزير خارجية فرنسا جان إيف لودريان، شروطه للإبقاء على التمثيل الدبلوماسي الفرنسي في أفغانستان، معتبرًا أن الأمر متروك لطالبان “لإظهار” سلوكياتها الجديد. وأضاف “نريد فقط من هذه السلطة الجديدة أن تظهر أنها تغيّرت “...”، أي أنها ترفض الإرهاب، ولا ترحب بالقاعدة”، مشيرًا أيضًا إلى ضرورة “ أن تحترم هذه الحكومة الحقوق، ولا سيما حقوق المرأة».

   بعد يومين من توليها السلطة، عقدت حركة طالبان أول مؤتمر صحفي لها في كابول، يوم الثلاثاء، فيما يشبه عملية علاقات عامة.وأكــــد أحــــد المتحـــــدثين باسمهــــــا “ العفــــــو على كــــــل الموجــــــودين في المعسكــــــر المقـــــــابل من الألف إلى الياء... نحن لا نسعـــى للانتقام”. كما زعم أن الإسلاميين تعلموا من ادارتهم الأولى للسلطة “بين 1996 و2001”

وأنه ستكون هناك “اختلافات كثيرة” في الطريقة التي سيحكمون بها، حتى لو كان، من حيث الأيديولوجيا، “ليس هناك فرق”.
ورد بوريس جونسون الأربعاء خلال جلسة خاصة للبرلمان في لندن، أن الغرب سيحكم على “الأفعال وليس على الأقوال».

التحديات الاقتصادية والمالية
   في غياب قوات على الأرض، يرى الغرب أن وسائل الضغط لديه تقلصت، غير ان يده تظلّ على رافعة ثمينة أخرى: المساعدات الدولية. “أفغانستان بلد في حالة خراب، يلاحظ كريم باكزاد، النظام السابق بدد مليارات الدولارات، وليس هناك عمل، ولا اقتصاد حقيقي، لذا ستحتاج حركة طالبان بالضرورة إلى المال لكي تحكم”. عام 2020، بلغ الناتج المحلي الإجمالي لأفغانستان 19.81 مليار دولار بينما شكلت تدفقات المساعدات 42 فاصل 9 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، وفقًا لبيانات البنك الدولي.

   وفي الساعات الأخيرة، جمّدت عدة دول المدفوعات فعلا:
• أعلنت ألمانيا ، وهي إحدى أكبر عشرة مانحين لأفغانستان ، تعليق مساعداتها التنموية. وكان من المقرر أن تدفع ما مجموعه 430 مليون يورو هذا العام منها 250 مليونا للتنمية.
• أشارت فرنسا أيضا إلى توقف مشاريع التنمية “بحكم الأمر الواقع” بسبب الوضع الحالي واستحالة التنقل في جميع أنحاء البلاد. خصصت وكالة التنمية الفرنسية 155 مليون يورو منذ عام 2004، خاصة في مجالات الصحة ومياه الشرب وكهرباء الريف.
• كما أشار وزير الخارجية البريطاني ، دومينيك راب ، إلى وجود “روافع” مالية ، مستشهداً من بين العقوبات المحتملة تجميد “المساعدة الإنمائية الرسمية” في انتظار “إصلاحات وحكومة أكثر تمثيلا تشمل الجميع».

    بالنسبة لتشارلز كوبشان، الخبير في مجلس العلاقات الخارجية، نقلاً عن وكالة فرانس برس، فإن من “مصلحة” حركة طالبان ابراز صورة جميلة إذا كانت تريد الحصول على مساعدات اقتصادية من الغرب. خاصة أن الصين، حسب قوله، المستعدة للحفاظ على “علاقات ودية” مع طالبان، لن تحل محل الدول الغربية مالياً. “إن الصينيين تجار للغاية، ويميلون إلى الاهتمام أكثر بالبلدان التي تتمتع ببيئة أعمال جيدة، والبلدان التي يمكنهم فيها بناء طرقهم الحريرية الجديدة.»

   ولن تكون طالبان قادرة على وضع أيديها على احتياطيات البلاد التي تبلغ مليارات الدولارات، والمخزّنة إلى حد كبير في الخارج. وقد صرح مسؤول في ادارة بايدن لوكالة فرانس برس، الاثنين، ان “ارصدة البنك المركزي التي تمتلكها الحكومة الافغانية في الولايات المتحدة لن تتاح لطالبان”. وبلغ إجمالي الاحتياطيات الإجمالية للبنك المركزي الأفغاني 9.4 مليار دولار في نهاية أبريل.

   يمكن لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي أيضًا تنشيط أدوات روافع قوية.لم يدفع الأول بعد 105.6 مليون دولار كجزء من خطة مساعدات تمت الموافقة عليها في نهاية عام 2020، في حين أن للثاني عدة مشاريع تنموية جارية في البلاد وقدم لها الى الان 5.3 مليار دولار، بشكل أساسي على شكل منح.