رئيس الدولة ومحمد بن راشد يبحثان جهود تعزيز التنمية الوطنية والازدهار الذي يحققه الاقتصاد الوطني
سياسة أمر واقع يبدو أنها تؤتي ثمارها
هكذا يهدد سيّد الكرملين برفع سعر الغاز في أوروبا...!
يقترب فصل الشتاء، وقد أعلنت مولدوفا للتو “حالة الطوارئ بخصوص الطاقة” في 22 أكتوبر. تهدد شركة غازبروم الروسية العملاقة، مزودها الوحيد بالغاز، بإغلاق الحنفية في هذا البلد الصغير في منطقة النفوذ السوفياتي السابقة التي يمكن أن تجد نفسها ببساطة غارقة في الظلام.
على السطح، هذا الصراع هو مجرد نزاع تجاري. لا يزال يتعين على مولدوفا دفع 610 ملايين يورو للمجموعة الروسية بموجب عقد انتهى رسميًا في 30 سبتمبر. وفشل الجانبان منذئذ في الاتفاق على صفقة جديدة.
ورداً على ذلك، تهدد شركة غازبروم بفرض زيادة في التعريفة بنسبة 40 بالمائة إذا لم يتم سداد الديون، وإذا لم يتم توقيع العقد من قبل الحكومة المولدوفية بحلول شهر ديسمبر. ثمن وصفه أندريه سبينو، نائب رئيس وزراء مولدوفا، أحد أفقر البلدان في أوروبا، بأنه “غير معقول وغير واقعي».
معايير مزدوجة
في أغسطس الماضي، انتخبت مولدوفا حكومة موالية لأوروبا ملحقة الهزيمة بالمعسكر الموالي لروسيا. وطبعا، لا يعجب هذا الكرملين، المساهم الأكبر في شركة الغاز العملاقة، لكنه يؤكد أن المفاوضات مع مولدوفا تجارية بحتة ولا بُعد سياسي لها.
ومع ذلك، على سبيل المقارنة، وقّعت بيلاروسيا، بقيادة ألكسندر لوكاتشينكو، بدعم من فلاديمير بوتين، اتفاقية مع شركة غازبروم بتعريفات تفاضلية العام الماضي. وهكذا، تدفع بيلاروسيا حوالي 110 يورو مقابل 1000 متر مكعب، في حين تدفع مولدوفا 470 يورو لنفس الحجم. سعر قد يرتفع إلى 680 يورو إذا نفذت غازبروم تهديداتها.
وكدليل على أن الضغط يمكن أن يؤتي ثماره، أعلنت حكومة مولدوفا أنها قد تؤجل تطبيق اتفاقية تعاون مع الاتحاد الأوروبي، والتي كان الهدف منها تحديدا كسر احتكار شركة غازبروم، المزوّد الأول لأوروبا، مقابل أسعار أقل، بحسب وكالة أنباء تاس الروسية الحكومية.
خارج مولدوفا، انخفضت شحنات الغاز الروسي إلى أوروبا عبر خط أنابيب يامال، الذي يمر عبر بيلاروسيا ويصل إلى بولندا، بنسبة 77 بالمائة في أكتوبر، مع تسليم غازبروم ثلث قدراتها فقط.
ووفقًا لبعض المحللين الماليين، قد تؤدي ندرة الغاز الروسي إلى ارتفاع أسعار الغاز في السوق الأوروبية في فصل الشتاء.
في سبتمبر، طلب حوالي 40 من أعضاء البرلمان الأوروبي من المفوضيّة التحقيق في دور شركة غازبروم في ارتفاع أسعار الغاز. وهم يشتبهون في أن المجموعة الروسية تتلاعب بالسوق الأوروبية لدفع الاتحاد الأوروبي الى تسريع تشغيل خط أنابيب نورد ستريم 2 المثير للجدل.
ماء في الغاز
هنا مرة أخرى، تنفي غازبروم بشدة ممارسة لعبة سياسية، وتؤكد أنها تفي فقط بالتزاماتها التعاقدية، وهو ما أكده المفوض الأوروبي للطاقة قادري سيمسون الشهر الماضي، ولكن بفارق كبير: “يشير تقييمنا الأولي إلى أن روسيا أوفت بالتزاماتها، تتعاقد بشكل جيد، دون تقديم أي إمدادات إضافية”، على عكس النرويج، على سبيل المثال، ثاني أكبر مزوّد لأوروبا بعد غازبروم، التي زادت إنتاجها لتلبية الطلب المتزايد منذ بداية الوباء.
ومع ذلك، أشارت غازبروم إلى أنها ستكون قادرة بشكل جيد على توصيل 5.6 مليار متر مكعب إضافي إلى أوروبا، ولكن فقط عبر نورد ستريم 2، وبشرط تشغيله على الفور، بينما قد لا يتم منح الموافقة قبل مارس 2022. .
بعد سنوات من الجدل الدولي، أعلنت روسيا في سبتمبر عن استكمال هذا الأنبوب العملاق الذي يزيد طوله عن ألف كيلومتر ويمر في قاع بحر البلطيق. ويفترض أن يمكّن غازبروم من مضاعفة شحنات الغاز الروسي إلى ألمانيا.
لكن، في الوقت الحالي، لا شيء يأتي منه. لطالما عارضته الولايات المتحدة، خشية أن تصبح أوروبا أكثر ارتهانا للغاز الروسي. وكان دونالد ترامب، الذي أراد أيضًا بيع الغاز الصخري الأمريكي في أوروبا، قد فرض عقوبات على الشركات المشاركة في المشروع، مما أدى إلى توقف العمل لفترة وجيزة عام 2019.
وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قد نبه أيضًا المستشارة الألمانية في أغسطس: “من الخطأ ألا نرى أن نورد ستريم 2 هو سلاح خطير ليس فقط ضد أوكرانيا، وانما أيضًا ضد أوروبا ككل”، مصرا على حقيقة أن أوكرانيا، في حالة حرب ضد روسيا منذ عام 2014، هي التي ستدفع الثمن السياسي، أو حتى الأمني لهذا المشروع الجديد. لكن بالنسبة لأنجيلا ميركل، فإن نورد ستريم 2 هو شر ضروري للسماح لألمانيا بتسريع الانتقال الطاقي.
حوار في اتجاه واحد
في يوليو، انتهت إلى انتزاع انحناء الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن، الذي تخلى عن العقوبات مقابل تعهد برلين بالدعوة الى استمرار نقل الغاز الروسي عبر أوكرانيا، حيث تحصل منه كييف على دخل كبير. وبالانتهاء من نورد ستريم 2، قد تخسر أوكرانيا ما يقارب 1.5 مليار دولار سنويًا، اذ لم تعد روسيا مضطرة إلى المرور عبر أراضيها. وقد يترك هذا، المجال مفتوحًا لهجوم عسكري أكبر. في غضون ذلك، لم يُجبر الكرملين على احترام أي شيء، رغم إعلان بايدن أنه يمكن فرض عقوبات جديدة في حال حدوث “انزلاق».
ان أزمة الطاقة هذه، تسلّط الضوء على عناد عدد من القادة الأوروبيين، أنجيلا ميركل وإيمانويل ماكرون في المقدمة، للحفاظ على “الحوار” مع فلاديمير بوتين. في يوليو، اعترفت وزيرة الدفاع الفرنسية، فلورنس بارلي، مع ذلك، بأن استئناف الحوار مع الكرملين لم يسفر عن “نتائج ملموسة».
فمن سوريا إلى أوكرانيا، مرورا بليبيا وقضيتي سكريبال ونافالني، لم تمتثل روسيا أبدًا للمطالب الأوروبية. في أكتوبر، خسرت أوكرانيا جزءً من غازها الروسي بموجب اتفاق بين شركة غازبروم والمجر. لذلك دعت أوكرانيا ألمانيا والولايات المتحدة إلى الوفاء بوعودهما من خلال تطبيق العقوبات، ولكن دون جدوى حتى الآن.
كما طلبت مولدوفا من الاتحاد الأوروبي دعم مفاوضاتها مع شركة غازبروم لتجنب قضاء احتفالات نهاية العام على ضوء الشموع. وقد أكدت لها رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، “دعم الاتحاد الكامل”، حيث تبرع هذا الاخير بقيمة 60 مليون يورو لمولدوفا في 27 أكتوبر. وسواء تم دفع ثمن الغاز من قبل سكان مولدوفا أو الاتحاد الأوروبي، فسيظل الغاز روسيًا... سياسة أمر واقع يبدو أنها تؤتي ثمارها.
على السطح، هذا الصراع هو مجرد نزاع تجاري. لا يزال يتعين على مولدوفا دفع 610 ملايين يورو للمجموعة الروسية بموجب عقد انتهى رسميًا في 30 سبتمبر. وفشل الجانبان منذئذ في الاتفاق على صفقة جديدة.
ورداً على ذلك، تهدد شركة غازبروم بفرض زيادة في التعريفة بنسبة 40 بالمائة إذا لم يتم سداد الديون، وإذا لم يتم توقيع العقد من قبل الحكومة المولدوفية بحلول شهر ديسمبر. ثمن وصفه أندريه سبينو، نائب رئيس وزراء مولدوفا، أحد أفقر البلدان في أوروبا، بأنه “غير معقول وغير واقعي».
معايير مزدوجة
في أغسطس الماضي، انتخبت مولدوفا حكومة موالية لأوروبا ملحقة الهزيمة بالمعسكر الموالي لروسيا. وطبعا، لا يعجب هذا الكرملين، المساهم الأكبر في شركة الغاز العملاقة، لكنه يؤكد أن المفاوضات مع مولدوفا تجارية بحتة ولا بُعد سياسي لها.
ومع ذلك، على سبيل المقارنة، وقّعت بيلاروسيا، بقيادة ألكسندر لوكاتشينكو، بدعم من فلاديمير بوتين، اتفاقية مع شركة غازبروم بتعريفات تفاضلية العام الماضي. وهكذا، تدفع بيلاروسيا حوالي 110 يورو مقابل 1000 متر مكعب، في حين تدفع مولدوفا 470 يورو لنفس الحجم. سعر قد يرتفع إلى 680 يورو إذا نفذت غازبروم تهديداتها.
وكدليل على أن الضغط يمكن أن يؤتي ثماره، أعلنت حكومة مولدوفا أنها قد تؤجل تطبيق اتفاقية تعاون مع الاتحاد الأوروبي، والتي كان الهدف منها تحديدا كسر احتكار شركة غازبروم، المزوّد الأول لأوروبا، مقابل أسعار أقل، بحسب وكالة أنباء تاس الروسية الحكومية.
خارج مولدوفا، انخفضت شحنات الغاز الروسي إلى أوروبا عبر خط أنابيب يامال، الذي يمر عبر بيلاروسيا ويصل إلى بولندا، بنسبة 77 بالمائة في أكتوبر، مع تسليم غازبروم ثلث قدراتها فقط.
ووفقًا لبعض المحللين الماليين، قد تؤدي ندرة الغاز الروسي إلى ارتفاع أسعار الغاز في السوق الأوروبية في فصل الشتاء.
في سبتمبر، طلب حوالي 40 من أعضاء البرلمان الأوروبي من المفوضيّة التحقيق في دور شركة غازبروم في ارتفاع أسعار الغاز. وهم يشتبهون في أن المجموعة الروسية تتلاعب بالسوق الأوروبية لدفع الاتحاد الأوروبي الى تسريع تشغيل خط أنابيب نورد ستريم 2 المثير للجدل.
ماء في الغاز
هنا مرة أخرى، تنفي غازبروم بشدة ممارسة لعبة سياسية، وتؤكد أنها تفي فقط بالتزاماتها التعاقدية، وهو ما أكده المفوض الأوروبي للطاقة قادري سيمسون الشهر الماضي، ولكن بفارق كبير: “يشير تقييمنا الأولي إلى أن روسيا أوفت بالتزاماتها، تتعاقد بشكل جيد، دون تقديم أي إمدادات إضافية”، على عكس النرويج، على سبيل المثال، ثاني أكبر مزوّد لأوروبا بعد غازبروم، التي زادت إنتاجها لتلبية الطلب المتزايد منذ بداية الوباء.
ومع ذلك، أشارت غازبروم إلى أنها ستكون قادرة بشكل جيد على توصيل 5.6 مليار متر مكعب إضافي إلى أوروبا، ولكن فقط عبر نورد ستريم 2، وبشرط تشغيله على الفور، بينما قد لا يتم منح الموافقة قبل مارس 2022. .
بعد سنوات من الجدل الدولي، أعلنت روسيا في سبتمبر عن استكمال هذا الأنبوب العملاق الذي يزيد طوله عن ألف كيلومتر ويمر في قاع بحر البلطيق. ويفترض أن يمكّن غازبروم من مضاعفة شحنات الغاز الروسي إلى ألمانيا.
لكن، في الوقت الحالي، لا شيء يأتي منه. لطالما عارضته الولايات المتحدة، خشية أن تصبح أوروبا أكثر ارتهانا للغاز الروسي. وكان دونالد ترامب، الذي أراد أيضًا بيع الغاز الصخري الأمريكي في أوروبا، قد فرض عقوبات على الشركات المشاركة في المشروع، مما أدى إلى توقف العمل لفترة وجيزة عام 2019.
وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قد نبه أيضًا المستشارة الألمانية في أغسطس: “من الخطأ ألا نرى أن نورد ستريم 2 هو سلاح خطير ليس فقط ضد أوكرانيا، وانما أيضًا ضد أوروبا ككل”، مصرا على حقيقة أن أوكرانيا، في حالة حرب ضد روسيا منذ عام 2014، هي التي ستدفع الثمن السياسي، أو حتى الأمني لهذا المشروع الجديد. لكن بالنسبة لأنجيلا ميركل، فإن نورد ستريم 2 هو شر ضروري للسماح لألمانيا بتسريع الانتقال الطاقي.
حوار في اتجاه واحد
في يوليو، انتهت إلى انتزاع انحناء الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن، الذي تخلى عن العقوبات مقابل تعهد برلين بالدعوة الى استمرار نقل الغاز الروسي عبر أوكرانيا، حيث تحصل منه كييف على دخل كبير. وبالانتهاء من نورد ستريم 2، قد تخسر أوكرانيا ما يقارب 1.5 مليار دولار سنويًا، اذ لم تعد روسيا مضطرة إلى المرور عبر أراضيها. وقد يترك هذا، المجال مفتوحًا لهجوم عسكري أكبر. في غضون ذلك، لم يُجبر الكرملين على احترام أي شيء، رغم إعلان بايدن أنه يمكن فرض عقوبات جديدة في حال حدوث “انزلاق».
ان أزمة الطاقة هذه، تسلّط الضوء على عناد عدد من القادة الأوروبيين، أنجيلا ميركل وإيمانويل ماكرون في المقدمة، للحفاظ على “الحوار” مع فلاديمير بوتين. في يوليو، اعترفت وزيرة الدفاع الفرنسية، فلورنس بارلي، مع ذلك، بأن استئناف الحوار مع الكرملين لم يسفر عن “نتائج ملموسة».
فمن سوريا إلى أوكرانيا، مرورا بليبيا وقضيتي سكريبال ونافالني، لم تمتثل روسيا أبدًا للمطالب الأوروبية. في أكتوبر، خسرت أوكرانيا جزءً من غازها الروسي بموجب اتفاق بين شركة غازبروم والمجر. لذلك دعت أوكرانيا ألمانيا والولايات المتحدة إلى الوفاء بوعودهما من خلال تطبيق العقوبات، ولكن دون جدوى حتى الآن.
كما طلبت مولدوفا من الاتحاد الأوروبي دعم مفاوضاتها مع شركة غازبروم لتجنب قضاء احتفالات نهاية العام على ضوء الشموع. وقد أكدت لها رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، “دعم الاتحاد الكامل”، حيث تبرع هذا الاخير بقيمة 60 مليون يورو لمولدوفا في 27 أكتوبر. وسواء تم دفع ثمن الغاز من قبل سكان مولدوفا أو الاتحاد الأوروبي، فسيظل الغاز روسيًا... سياسة أمر واقع يبدو أنها تؤتي ثمارها.