هل أصبحت أمريكا أكثر أماناً بعد الانسحاب من أفغانستان؟

هل أصبحت أمريكا أكثر أماناً بعد الانسحاب من أفغانستان؟


يؤكد السفير والمستشار السابق لشؤون الأمن القومي جون بولتون أن الانسحاب من أفغانستان وطريقة تنفيذه سيثيران نقاشات متوترة في السنوات المقبلة ولأسباب وجيهة.
لكن السؤال المحوري عنده هو، هل أصبحت الولايات المتحدة اليوم أكثر أماناً مما كانت عليه قبل الانسحاب؟ في موقع “1945”، يرى بولتون أن الخطر المباشر اليوم في أفغانستان، حيث عززت سياسات بايدن المنتصرين، وزادت مستويات التهديد.

يريد وزير الخارجية أنتوني بلينكن حكومة طالبانية شاملة، كما لو أن وجود فصائل أفغانية سابقة سيخفف تأثير حكم طالبان.
من المؤكد أن الحركة تعلمت من الحكومات “الائتلافية” في الدول الأوروبية الخاضعة للنفوذ السوفياتي كيف يمكن إخفاء الواقع السياسي بـ”الشمولية” المزعمومة. إذا صممت طالبان على الانخراط في هذه اللعبة فستسيطر على الوكالات الأمنية مثل الدفاع، والشرطة، والاستخبارات، وبقية الأمور هي دعاية تجميلية ومجرد ادعاء من البيت الأبيض المتردد في مواجهة تداعيات أخطائه.

ينطبق الأمر نفسه على تأكيدات البيت الأبيض حشد المجتمع الدولي للتأثير على قرارات طالبان، ويسأل بايدن: “من أي كون بديل تأتي مثل هذه لغة؟”. إن المجتمع الدولي عند طالبان يتألف من روسيا والصين الممتنعتين عن التصويت على القرار الضعيف عن أفغانستان في مجلس الأمن.

وفي ذلك إشارة واضحة إلى أن القوتين ستنقضان أي قرار من خارج اتفاق داخل الأمم المتحدة التي وصفها بولتون بعديمة الجدوى.
عمد رئيس الاستخبارات الباكستانية التي دفعت الأموال طويلاً لطالبان إلى زيارة كابول. وهذا مزيد من المجتمع الدولي حسب الكاتب.
لن تتقلص هذه اللائحة حتى ولو كان الإرهابيون حول العالم يسعون إلى تأسيس ملاذات في أفغانستان.

ودعا بايدن قراءه إلى تجنب الانخداع بالتطمينات عن فاعلية إمكانات مكافحات الإرهاب “ما وراء الأفق”. سيبذل الأمريكيون ما في وسعهم لكن هذه الجهود لا يمكن أن تكون كافية دون إمكانات على الأرض، وستتجاوز التهديدات الأمنية للولايات المتحدة بعد الانسحاب التداعيات المباشرة في أفغانستان.لقد زاد خطر الاستيلاء الإرهابي الكامل في باكستان بشكل كبير، وستتحرك الصين وروسيا بعدوانية أكبر لتعزيز موقعيهما في آسيا الوسطى، والشرق الأوسط، وستسعى إيران إلى انتهاز المزيد من الفرص. باختصار، سيرى خصوم واشنطن في الانسحاب الأمريكي ضعفاً وسيتحركون وفقاً لذلك.

لكن أصدقاء واشنطن هم أكثر المتفاجئين والمنزعجين من ذلك، بدايةً بحلف شمال الأطلسي، ناتو.
بعد فوضى حقبة ترامب، اعتقد الحلفاء أن الملل المهدئ لبايدن يشير إلى نوع من العودة إلى “الحياة الطبيعية” في المواقف الأمريكية من حلف شمال الأطلسي، مواقف قد لا تكون دافئة جداً لكنها بالتأكيد غير باردة جداً.
ولكن بايدن صدم الحلفاء، ودون إخطار مسبق، قال إن الولايات المتحدة كانت بالفعل تغادر أفغانستان. ليس هذا الأمر جديداً في ناتو بما أن أعضاءه سألوا غالباً أمريكا: “هل نُستشار أم نُبلغ؟»

كان رد أوروبا أقوى من المعتاد هذه المرة. أثار القادة الأوروبيون مجدداً حاجة الاتحاد الأوروبي إلى إمكانات عسكرية مستقلة. مثل هذا الصخب الأوروبي عن ضرورة تجنب الاعتماد على الناتو أو الولايات المتحدة غير جديد أيضاً.
وقد يكون الغضب الحالي لغايات سياسية داخلية. لكن لو خُرق خط أحمر هذه المرة فسيكون الأمر خطيراً للغاية.

إن قلة من الأوروبيين تدرك كيف أن قوة مستقلة للاتحاد الأوروبي أو حتى فكرة ركيزة أوروبية داخل ناتو تشكلان خنجراً موجهاً إلى قلب ناتو. وإذا كان الأوروبيون لا يزالون يريدون علاقات دفاعية مع الولايات المتحدة، فإن التشكيك في اعتمادهم على ناتو، خطأ جسيم وخطير عاى جميع الأفرقاء المعنيين.يرى بولتون أن على أوروبا أن تتعلم أكثر من التجربة مع ترامب. ثمة تيار ضاغط في السياسات الأمريكية راض تماماً عن “ترك أوروبا تهتم بنفسها».

ومن المحتمل وجود تيار أقوى مستاء من الانتقاد الأوروبي الدائم للسياسة الأمريكية، وهو تيار قادر على التحول إلى نهج سياسي أحادي حتى دون استفزاز إضافي. وبطبيعة الحال، فإن الذين يشعرون أكثر بالتهديد الروسي خاصةً في وسط وشرق أوروبا، لا يريدون تقويض ناتو. ويدعوهم بولتون لرفع الصوت فوراً وبقوة وبفاعلية.
كانت تداعيات الانسحاب من أفغانستان واضحة دوماً لصناع القرار والمحللين ليروها ويفهمونها، ورداً على سؤاله هل أصبحت أمريكا أكثر أماناً بعده، يرى بولتون أن النتائج النهائية لم تظهر بعد، لكن المؤشرات الأولى سلبية بالتأكيد.