تحت رعاية رئيس الدولة.. خالد بن محمد بن زايد يشهد حفل تخريج جامعة خليفة لعام 2025
هل إسرائيل جاهزة حقاً للردّ على التهديد النووي الإيراني؟
تطرق الكاتب ياكوف كاتز في مقال بصحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية إلى خطط إسرائيل المحتملة لمواجهة التهديد الإيراني، فقال إن الأخبار الجيدة هي أنه باستثناء حدوث أمر طارئ أو دراماتيكي، فإننا لن نشاهد المقاتلات الإسرائيلية من طرازي “إف-35 “و”إف-15” تقلع في العامين المقبلين لمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية.
أما الأخبار السيئة فهي أن إيران تواصل التقدم نحو السلاح النووي بخطى غير مسبوقة، وفي غضون سنوات قليلة، سيكون على مقاتلات “إف-35” و”إف-16” الإقلاع لمحاولة تدمير المنشآت النووية الإيرانية.
قد يبدو ذلك متناقضاً، لكنه ليس كذلك. فإيران لا تزال تشكل التهديد الذي كانت تمثله منذ 20 عاماً، فيما لا تزال إستراتيجيتها هي هي: التقدم ببرنامجها النووي بينما تدفع أقل ثمن ممكن. شيء يشبه الرقص-خطوة إلى الأمام وأخرى إلى الوراء، والعكس بالعكس.
وهنا جزء آخر من الأخبار السيئة، بحسب كاتز، إذ إن إسرائيل لا تملك حالياً خطة عسكرية فعلية ضد المنشآت النووية الإيرانية، ولكن الأخبار الجيدة هي أن كل شيء سيتغير في المستقبل القريب.
وضع معقد
ومن هنا ينبع الوضع المعقد. فمن جهة، لم يخطئ نفتالي بينيت عندما قال بعد تسلمه رئاسة الوزراء، إن سلفه بنيامين نتانياهو كان جلّ إهتمامه ينصب على الحديث ضد إيران، لكنه تجاهل إتخاذ إجراء لردعها.
ورأى الكاتب أن إستراتيجية نتانياهو أخفقت. فالمؤسسة العسكرية الإسرائيلية، كانت متفقة إلى حد بعيد مع فكرة أن خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015، لم تكن إتفاقاً سيئاً، وأن إقناع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بالإنسحاب منه عام 2018، لن يحقق النتيجة المرجوة. ولم يقتصر الأمر على فشل العقوبات في إخضاع إيران أو إعادتها إلى طاولة المفاوضات، فإن طهران كانت تقول إن إنسحاب أمريكا من الإتفاق، سيحملها على إنتهاكه أيضاً.
وهذا ما حدث فعلاً. فإيران تملك حالياً خمسة أطنان من الأورانيوم منخفض التخصيب، و85 كيلوغراماً بدرجة نقاء تصل إلى 20 في المئة، وعشرة كيلوغرامات بدرجة نقاء تصل إلى 60 في المئة. وبموجب خطة العمل الشاملة المشتركة، كان يفترض أن لا تملك إيران أكثر من 200 كيلوغرام من الأورانيوم المخصب بدرجة منخفضة.
وبحسب استخبارات عسكرية، فإن إيران قد تقرر استخدام كل الأورانيوم المنخفض التخصيب، في غضون شهرين، كي تصنع منه ما يكفي من المواد الانشطارية اللازمة لصنع سلاح نووي، وهو ما يشار إليه بـ”الكمية المهمة».
«إعلان حرب»
ويقدر الجيش الإسرائيلي أن خطوة كهذه والتي يشير إليها بأنها ستكون بمثابة “إعلان حرب”، لا تعني أن إسرائيل ستذهب إلى الحرب فوراً. وحتى بوجود “الكمية المهمة” التي تعني الحصول على أورانيوم صالح لصنع القنبلة النووية، فإنه يبقى على إيران تحويل الغاز إلى معدن الأورانيوم، وهي عملية بالغة التعقيد-فضلاً عن حاجتها إلى تجميع رأس حربي لوضعه على صاروخ باليستي قادر على بلوغ إسرائيل- وتلك عملية قد تستغرق عامين.
إلا أن المشكلة تكمن في أن ثمة قصوراً إسرائيلياً. وفي عامي 2010 و 2012، كانت لدى إسرائيل خطة لمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية. وربما لم تكن تلك الخطة ناجحة أو مستوفية الشروط، لكن على الأقل كانت هناك خطة.
وتدربت أسراب من سلاح الجو وتجهزت. وكان الطيارون يعرفون أهدافهم وكيف يصلون إليها. وعندما أمكن التوصل إلى الإتفاق النووي، مع كل سيئاته، تخلت إسرائيل عن خطط الهجوم.
لكن على طريقة بناء العضلات في النادي الرياضي، يتعين عليك الحفاظ عليها. كان يتعين على الطيارين مواصلة التدريب، ويجب صيانة الذخائر، ويفترض تخصيص الموازنات.
وعندما كان الإتفاق النووي مطبقاً، تم إتخاذ قرار في مجلس الوزراء بوقف هذه الإستعدادات، وحتى ان الأمر عرض على المجلس الوزاري المصغر ووافق عليه نتنياهو، كجزء من خطة للجيش الإسرائيلي تمتد على سنوات، ويطلق عليها الإسم الرمزي “جدعون».
أما اليوم، فقد أعيد رصد الموازنات ووافق عليها الكنيست، ويمكن تعزيز هذه الخطة. وهي لم تعد كما كانت عام 2012. إذ أنه كان لدى إيران الوقت لتحصين منشآتها النووية وتقوية دفاعاتها. وهذا ما يمثل تحدياً، لكن لا يمكن تناسي أن التكنولوجيا الإسرائيلية قد تحسنت أيضاً. وإسرائيل لا تملك فقط مقاتلة واحدة من طراز إف-35” مع قدرات على التخفي كما كان الحال عام 2012، إذ أنها تملك اليوم أسطولاً من 30 مقاتلة من هذا الطراز.
المأزق الاستراتيجي لإسرائيل
كان المأزق الإستراتيجي لإسرائيل جلياً في خطاب بينيت أمام الأمم المتحدة. وبينما قال إن صبر إسرائيل شارف على النفاد، وإن الكلمات وحدها لم تعد كافية لوقف إيران، فإنه لم يعارض بقوة الجهود الأمريكية للعودة إلى الاتفاق النووي، أو يخرج بخطة واضحة لما ستفعله إسرائيل إذا ما أخفقت الديبلوماسية.
وتساءل الكاتب: “هل كان عدم إطلاق تهديد صريح عائداً إلى عدم جاهزية الخيار العسكري الإسرائيلي، أو لأن بينيت لا يريد تقويض جهود بايدن للتوصل إلى اتفاق لإحياء خطة العمل الشاملة المشتركة؟ «.
يكمن الجواب نوعاً ما في الوسط، ولذلك تركز إسرائيل على جهدين متوازيين: جعل الجيش مستعداً، ومحاولة إقناع البيت الأبيض بإطلاق تهديد عسكري موثوق.
وبحسب الجيش الإسرائيلي، فإن مثل هذه الخيارات، معطوفة على عقوبات قاسية، وحدها قد تتيح ردع إيران. وإذا ما أخفقت كل الخيارات الأخرى، فإن الخطط ستكون جاهزة في المستقبل القريب لما يلوح في الأفق.