هل اقتربت نهاية النظام.. في إيران؟

هل اقتربت نهاية النظام.. في إيران؟


رأى الباحث الكبير في مشروع فيلوس فرهاد رضائي وطالب الماستر في العلوم السياسية بجامعة تورونتو سيافاش غلامي أن من الصعب التنبوء بمسار الثورات. ليس من قبيل الصدفة أن إيران كانت تشتري أنظمة مراقبة عامة من الصين طيلة سنوات.و قدم الكاتبان في مؤسسة “ناشونال إنترست” ملاحظات عن تطور الاحتجاجات في إيران عقب مقتل مهسا أميني على يد شرطة الأخلاق.

وقالا، أولاً، إن الاضطراب الواسع فريد، حيث دعمت كل المحافظات والمجموعات الإثنية الاحتجاجات، و”إيران العالمية” هذه، وهي مجموعات من هويات إثنية متنوعة تفصلها الجغرافيا “مع بعضها إلى حد كبير في المشاعر، في الهواجس، وفي الأحلام”، كما كتب الأكاديمي الأمريكي الإيراني آصف بيات. ثانياً، كانت الاضطرابات مدفوعة بأسباب اقتصادية قوية أسست مثلث برمودا افتراضياً للنظام المحاصر. فبعد سنوات من العقوبات، والإنفاق الباهظ على وكلائه في ما يسمى بـ”محور المقاومة” وسوء الإدارة والفساد الهائلين، أصبح الاقتصاد في وضع يرثى له. وسط التظاهرات، تدنى الريال الإيراني إلى مستوى قياسي وقفزت أسعار الغذاء بأكثر من 82%.

أضرب عمال في صناعات أساسية، بما فيها الغاز والنفط والصلب والغذاء عن العمل. واحتج المتقاعدون لأن معاشاتهم عاجزة عن مجاراة التضخم الجامح والزيادة الهائلة في أسعار السلع الغذائية. وأدت فضائح اختلاس حديثة ن بعض الصناديق إلى زيادة الفوضى وجذبت المزيد من المحتجين إلى الشوارع. ثالثاً، إذا نمت حركة الإضراب الوليدة، فمن المرجح أن تقلب الموازين ضد النظام، ففي 1978، استطاع إضراب عام شمل تجار البازار الأقوياء أن يحد من خيارات الشاه. وقال مراقبون إن الإضراب العام غير مطروح لأن العمال لا يظهرون اليوم شكل الوحدة التي سادت في 1978.

ويعتقد الباحثان أن هذا الاستنتاج قد يكون سابقاً لأوانه بما أن الاتحاد الحر للعمال الإيرانيين يصبح سريعاً قوة كبيرة في الاحتجاجات.
والاتحاد الحر للعمال الإيرانيين، جزء من منظمة فرونت لاين ديفندرز التي تجمع مناصرة الحقوق المدنية مع حماية العمال. وتأثير الاتحاد الحر كبير بالفعل. وهدد مجلس تنظيم احتجاجات عمال عقود النفط بالإضراب. وأعلن تجار البازار الذين كانوا يوماً ناخبين يثق فيهم رجال الدين أنهم سيغلقون أعمالهم بسبب تراجع الريال.

وأشار الكاتبان إلى أن النظام لا يزال يملك أدوات قوية لإخضاع القوى الثورية. وكما في الماضي، يبقى استخدام القوة الغاشمة خط الدفاع الأول. أنشأت قوات إنفاذ القانون التي تعد جزءاً من وزارة الداخلية وحدات خاصة للسيطرة على الحشود وقمعها معروفة باسم الوحدات الخاصة للشرطة الإيرانية. تستخدم هذه الوحدات الحاضرة في جميع المحافظات والبلدات الكبرى الذخيرة الحية لإخضاع المحتجين.

فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على رئيس هذه الوحدات العميد حسن كرامي، لدوره في القمع العنيف لتظاهرات سابقة. وتورط الباسيج الوحشي، وهي فرقة من الحرس الثوري، في قمع الاحتجاجات. ونشر وكلاء من تنظيمات مثل حزب الله، والحشد الشعبي.

تتمتع السلطات أيضاً حسب رضائي وغلامي، بطائفة واسعة من الاستخبارات وأجهزة الرقابة. جمعت وزارة الاستخبارات والأمن، ووحدة الاستخبارات المرعبة في الحرس الثوري، والوحدة السيبيرانية في قوات إنفاذ القانون، جهودها لتعقب واعتقال المحتجين وقادتهم. وليس من قبيل الصدفة أن إيران كانت تشتري أنظمة مراقبة عامة من الصين طيلة سنوات. وإلى غاية اليوم، نصبت منصات صينية بما فيها 19 مليون كاميرا في 28 محافظة إيرانية مع تركيز بشكل خاص على المدن. وتدخل النظام القضائي المحافظ فأعلن محاكمة أكثر من ألف محتج في ما يمكن أن يشكل إعادة للمحاكمات الصورية في الأيام الأولى للثورة. لفت الكاتبان إلى أن النظام حاول في الماضي مزج القوة الغاشمة بالتنازلات المادية. على سبيل المثال، خلال أعمال الشغب التي اندلعت إثر رفع أسعار الوقود في 2018، سمحت الحكومة بدعم ستين لتراً من الوقود لفئة واسعة من السائقين.