هل تتآكل ثقة الجنود الأمريكيين في قادتهم بعد أزمة أفغانستان؟

هل تتآكل ثقة الجنود الأمريكيين في قادتهم بعد أزمة أفغانستان؟

يجد مستشار الأمن القومي الأسبق الجنرال أتش آر ماكماستر صعوبة في تجاهل السياسة الأمريكية في أفغانستان بينما تحتفل الولايات المتحدة بيوم قدماء المحاربين.
ماكماستر في صحيفة “وول ستريت جورنال” أن عواقب الحرب التي خسرتها أمريكا بفعل غياب الكفاءة، والأوهام، والهزيمة الذاتية ستتردد على نطاق أوسع من آسيا. وفي الولايات المتحدة، فإن نقص الالتزام بالفوز في الحرب والذي تبين بالاستسلام المهين أمام طالبان يفرض خطر تآكل ثقة الذين يخدمون في القوات الأمريكية في قادتهم العسكريين والمدنيين، وفقاً لماكماستر.

أسئلة أساسية
تابع الكاتب متسائلاً، إذا كان القادة يرسلون الرجال والنساء إلى أرض المعركة دون تكريس أنفسهم لتحقيق نتيجة مستحقة، فمن الذي سيتقدم ليتطوع في الخدمة العسكرية؟ ومن سيعرض تحمل المشقة والتضحية والمجازفة؟
إن الفوز في أفغانستان كان يعني ضمان منع تحول تلك البلاد مجدداً إلى ملاذ للتنظيمات الإرهابية. كانت لدى أمريكا وحلفائها الوسائل لتحقيق ذلك بدعم قليل ومستدام للأفغان الذين تحملوا وطأة القتال على الحدود الفاصلة بين البربرية والحضارة.
كلفة أكبر
قال ثلاثة رؤساء متعاقبين للشعب الأمريكي إن الحرب في أفغانستان لم تكن تستحق التضحية المتواصلة.
لقد أصبح معتاداً أن يظهر المدنيون الأمريكيون دعمهم للجيش، لا للحرب. لكن المحاربين الأمريكيين لن يثقوا طويلاً في مجتمع لا تؤمن دولته بما تقاتل من أجله، في وقت يقتل هؤلاء المحاربون الآخرين ويخاطرون بحياتهم.
يوضح ماكماستر أن كسب الحرب يعني أيضاً إقناع العدو بأنه قد هُزم. إن مقاربة الإصلاح المستعجل في أفغانستان، مع وعود مستمرة بالانسحاب، جعلت الحرب أطول وأكثر كلفة مما يجب أن تكون عليه. لقد أضعفت الحلفاء الأفغان ومكنت طالبان وحلفاءها الإرهابيين، ورعاتها الباكستانيين.
أخطاء أوباما وترامب
يتطلب الفوز في الحرب أيضاً تعزيز المكاسب العسكرية لتحقيق نتيجة سياسية مستدامة. يعني هذا تشكيل حكومة أفغانية عدوانية ضد المتطرفين، مع قوات أمنية قادرة على مواجهة القدرات المتجددة لطالبان.
توقفت إدارتا أوباما وترامب عن استهداف طالبان بشكل نشط وقدمتا لها جدولاً زمنياً للانسحاب الأمريكي ثم عمدت إلى تسوية متفاوض عليها، ولتبرير لامبالاتهم بنتيجة الحرب، استخدم القادة المدنيون وحتى بعض الجنرالات عبارات مثل “النهاية المسؤولة” بديلاً عن الانتصار.
لم يظهر العديد من القادة التصميم نفسه الذي أظهره المقاتلون الذين أرسِلوا إلى القتال.

فلسفات مدمرة
إن الحرب الطويلة ضد المنظمات الإرهابية لم تنتهِ بل دخلت مرحلة جديدة وأكثر خطورة حسب الكاتب، ومنافسو أمريكا، من بينهم الصين، وروسيا، وكوريا الشمالية، وإيران، أصبحوا أكثرة جرأة.
هم يشاهدون وزارة الدفاع التي يبدو أنها تركز أكثر على التغير المناخي من الاستعداد للقتال، وزارة تروج لنظريات ما بعد حداثية تقوض أخلاقيات المحارب وتعطي القيمة لذهنية الضحية.
ويشدد الكاتب على وجوب حماية القادة المدنيين الأمريكيين لأخلاقيات المحارب وبناء الإمكانات العسكرية الأمريكية عوض الترويج لفلسفات مدمرة ومحاولة حل مشاكل تعنى بها، وزارات أخرى.

شكر وطمأنة
في يوم قدماء المحاربين، يتابع ماكماستر، يجب شكر الرجال والنساء الذين خدموا في أفغانستان والعائلات التي قدمت كامل الإخلاص. ويجب طمأنتهم على أن حرب أمريكا في أفغانستان كانت رداً عادلاً على أكثر هجوم إرهابي تدميراً في التاريخ.
وكما قال الرئيس جورج بوش الابن في الذكرى العشرين على هجمات 11 سبتمبر: “لقد حميتم نظراءكم المدنيين من الخطر. لقد دافعتم عن معتقدات دولتكم، وحسنتم حقوق المضطهيدن. لقد كنتم وجه الأمل والرحمة في الأماكن المظلمة. لقد كنتم قوة للخير في العالم... ستظل دولتنا ممتنة لكم وللموتى المكرمين للأبد».

الحرب مستمرة
قد تطلب أمريكا قدماء المحاربين أن يخدموا مجدداً في اليوم المخصص لتكريمهم، فقدماء المحاربين هم الأفضل تجهيزاً ليشرحوا للذين يخدمون حالياً كيف يشكلون جزءاً من مجتمع تاريخي حي فخور بهم لتطوعهم في وقت حرج. ويمكن لقدماء المحاربين أن يخبروا المقاتلين الشبان أن أمريكا تحتاجهم ليكونوا جاهزين للقتال لأن الحروب لا تنتهي بمجرد أن يخرج منها طرف واحد.
ويمكن الطلب من قدماء المحاربين أن يشرحوا للذين يفكرون في الانضمام إلى الخدمة معنى المكافآت غير الملموسة، خاصةً الانتماء إلى مسعى أكبر منهم، ومعنى العمل في فريق يتخذ مزايا العائلة.
وأكد ماكماستر ختاماً أن الولايات المتحدة في حاجة إلى شبانها وشاباتها للتطوع في القوات المسلحة بشكل أكبر بعد الانسحاب من مسرح حرب، لا تزال مستمرة.