هل تدفع السياسة الأمريكية إلى تحالف بين روسيا والصين؟

هل تدفع السياسة الأمريكية إلى تحالف بين روسيا والصين؟


كتب وزير الدولة السابق في وزارة الخارجية الدانماركية يورغن أورسترويم موللر في مجلة “ناشونال إنترست” الأمريكية، أنه منذ 1972، كانت مسألة إثارة الانقسام بين الصين وروسيا، حجر زاوية في السياسة الخارجية الأمريكية، وأي محاولة لتشكيل تفاهم أو حتى أسوأ من ذلك، تحالف ضمني أو مكتوب أو على شكل جنيني، ضد الولايات المتحدة، كان يتعين إحباطه.
وزار الرئيس الراحل ريتشارد نيكسون ووزير الخارجية الأسبق هنري كيسنجر الصين في 1972، لمنع ما كان يعتقد تحالفاً صينياً روسياً محتملاً.
اليوم، اختفت هذه السياسة. ويبدو أن السياسة الخارجية الأمريكية تولي أهمية قصوى لقضايا من شأنها ليس فقط دفع الصين وروسيا إلى أحضان بعضهما،رغم النزاعات الثنائية المعروفة وحتى المواجهات بينهما.

ولم يكن البلدان ينظران إلى بعضهما على أنهما صديقان طبيعيان. واندلعت مناوشات عسكرية بسبب خلافات حدودية. وتستفيد روسيا من أنها البلد الأكثر تصديراً للنفط الأحفوري، ومن ارتفاع أسعار النفط. أما الصين فهي المستورد الأكبر للنفط، وتستفيد من الأسعار المتدنية.
ويختلف البلدان في مسألة التغير المناخي، وفي 13 ديسمبر -كانون الأول 2021، استخدمت روسيا حق الفيتو لإسقاط مشروع قرار في مجلس الأمن يعتبر أزمة المناخ، تهديداً للسلام والأمن الدوليين.

أما الصين فامتنعت عن التصويت. ومنذ شهر وفي مؤتمر المناخ الذي عقدته الأمم المتحدة، وقعت الصين مع المبعوث الرئاسي الأمريكي الخاص لشؤون المناخ جون كيري، اتفاقاً أطلق عليه “خريطة طريق للتعاون في المستقبل” ملخفض انبعاثات الغاز التي تؤدي إلى الاحتباس الحراري. لكن في قمة عبر الفيديو في 15 ديسمبر-كانون الأول الجاري، أكد الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والصيني شي جين بينغ الدعم المتبادل، وأبلغا العالم بأنهما يملكان نظرة مشتركة للقضايا الجيوسياسية الرئيسية.
لكن هذه الصداقة لم تصل إلى حد التحالف، وكانت الرسالة واضحة بأن الزعيمين مستاءان من أفعال الولايات المتحدة في الخارج، وأنهما يقفان معاً في سبيل وضع حد لعصر الهيمنة الأمريكية.

لكن هل في إمكانهما الاتفاق على مسار مشترك بديلاً للنظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة، تلك مسألة مختلفة تماماً ويتعين الانتظار لمعرفتها.
وعندما دخل الرئيس جو بايدن البيت الأبيض، كان الباب مفتوحاً أمامه لإعادة توجيه السياسة الخارجية الأمريكية. وهو يواجه سلسلة من التحديات من بينها، الصين، وروسيا، وتايوان، وأوكرانيا، وإيران وكوريا الشمالية.
ويمكنه حل هذه القضايا فقط إذا كان قادراً وراغباً في تحديد أي جانب ستتخذ الولايات المتحدة، وكيف ستتصرف مع الأزمات الخارجية، وما هي خطته الكبرى بالنسبة للولايات المتحدة والعالم. وإذا كان قادراً على فعل ذلك، فإن بالإمكان العثور على حل لكل أزمة.

وإذا لم يتمكن من ذلك، فإنه سيقع في ورطة. إن السؤال الأساسي هو هل كانت الطريقة التي ترى بها الولايات المتحدة نفسها، متطابقة مع الطريقة التي ينظر بها الآخرون إليها، وكيف سيكون ميزان القوى في 2022؟
لكن السياسة الأمريكية دفعت روسيا والصين إلى الوقوف معاً في قضايا لا تتطابق وجهة نظرهما فيها. وتجاهلت الولايات المتحدة فرصة استغلال تناقض المصالح الروسية والصينية.
وفي المستقبل، وفي الوقت الذي تعمل فيه روسيا والصين بطريقة أكثر انسجاماً لمواجهة الموقع الدولي للولايات المتحدة، سيكون على أمريكا العمل بطريقة أفضل.