من المفترض أن تكون قادرة على إنتاج مليوني ذخيرة سنوياً

هل تستطيع أوروبا الدفاع عن نفسها بدون أمريكا؟

هل تستطيع أوروبا الدفاع عن نفسها بدون أمريكا؟


تواجه أوروبا آفاق عودة الرئيس السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض واحتمال تخلي الحليف الأمريكي عنها في المستقبل. بالتالي، بات السؤال الأساسي يتمحور حول ما إذا كانت أوروبا قادرة على الدفاع عن نفسها إذا ما تُركت وحيدة في مواجهة روسيا.
حاولت مجلة «إيكونوميست» الإجابة عن هذا السؤال مشيرة إلى أنه إذا أرادت القارة العجوز أن تملأ الفراغ الذي سيخلفه غياب أمريكا المحتمل فسيتطلب ذلك منها أكثر من مجرد زيادة الإنفاق الدفاعي. يتعين عليها أن تعيد النظر في طبيعة القوة العسكرية والدور الذي يلعبه الردع النووي في الأمن الأوروبي والعواقب السياسية البعيدة المدى المترتبة على التنظيم والبنية العسكرية.

بين التفاؤل والتشاؤم
كان المزاج في مؤتمر ميونيخ للأمن خائفاً ومصمماً لكنه لم يكن مذعوراً. لا يزال المسؤولون الأمريكيون والأوروبيون يأملون وصول المساعدات الأمريكية إلى أوكرانيا. في مقابلة مع المجلة، أصر وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس على أن إنتاج الأسلحة الأوروبية يتزايد «بأسرع ما يمكن»، وقال إنه «متفائل جداً» بأنه يمكن لأوروبا سد الفجوات الأمريكية. وقال: «ليست هناك حاجة لاتخاذ قرار بشأن أي شيء قبل نوفمبر -تشرين الثاني أو يناير -كانون الثاني»، مقللاً من خطر التخلي الأمريكي عن القارة. وأضاف: «يجب أن نحافظ على الهدوء وأن ننتظر».
ليس الجميع متفائلاً إلى هذا الحد. إذا تبخرت المساعدات الأمريكية بالكامل، فمن المرجح أن تخسر أوكرانيا، كما قال أحد المسؤولين الأمريكيين للمجلة. بيستوريوس على حق في قوله إن إنتاج الأسلحة الأوروبية آخذ في الارتفاع بسرعة؛ من المفترض أن تكون القارة قادرة على إنتاج ما معدله مليون إلى مليوني ذخيرة سنوياً أواخر هذه السنة، وهو ما قد يفوق إنتاج أمريكا. لكن هذا قد يأتي بعد فوات الأوان بالنسبة إلى أوكرانيا التي تحتاج إلى نحو 1.5 مليون ذخيرة سنوياً، حسب شركة راينميتال الأوروبية لتصنيع الأسلحة. ولا يزال الشعور بالإلحاح في زمن الحرب غير موجود. يقوم المنتجون الأوروبيون بتصدير 40% من إنتاج الذخيرة إلى دول أخرى غير أوكرانيا من خارج الاتحاد؛ وعندما اقترحت المفوضية الأوروبية إعطاء الأولوية لأوكرانيا بموجب قانون، رفضت الدول الأعضاء ذلك. فالشركات الأوروبية تتذمر من أن طلبات التصنيع تبقى ضعيفة للغاية بحيث لا تضمن استثمارات كبيرة في خطوط الإنتاج.
ستوجه هزيمة أوكرانيا ضربة نفسية للغرب وستشجع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. هذا لا يعني أنه يمكن أن يستفيد على الفور. يقول الأدميرال روب باور، رئيس اللجنة العسكرية الدولية التابعة لحلف شمال الأطلسي: «لا يوجد تهديد مباشر لحلف شمال الأطلسي». ويضيف أن الحلفاء يختلفون حول المدة التي ستستغرقها روسيا لإعادة تشكيل قواتها إلى مستوى ما قبل الحرب، وسيعتمد الجدول الزمني على العقوبات الغربية. ثلاث إلى سبع سنوات هو النطاق الذي «يتحدث عنه الكثير من الناس». لكن وجهة السفر واضحة. «يمكننا توقع أنه خلال العقد المقبل، سيواجه الناتو جيشاً شاملاً على النمط السوفياتي»، وفق تحذير تقرير استخباري سنوي لإستونيا نشر في 13 فبراير. ولا يقتصر التهديد على الغزو الروسي وحسب، بل يشمل هجمات واستفزازات قد تختبر حدود المادة الخامسة، وهي بند الدفاع المشترك للحلف. يتمثل خوف أوروبا المطلق في مواجهة مثل هذه السيناريوهات وحدها.
إن الإنفاق الدفاعي الذي بدأ بالارتفاع بعد الغزو الروسي الأول لأوكرانيا سنة 2014، ارتفع الآن بشكل درامي. في تلك السنة، نجح ثلاثة أعضاء فقط من الناتو في تحقيق هدف إنفاق 2% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع، وهو ما تم تعريفه على أنه الحد الأدنى في قمة فيلنيوس الصيف الماضي. هذه السنة، ستبلغ 18 دولة على الأقل، أي 62% من الحلفاء الأوروبيين، هذا الهدف. وسيصل إجمالي الإنفاق الدفاعي في أوروبا إلى نحو 380 مليار دولار ــ وهو نفس الإنفاق الدفاعي في روسيا تقريباً، عند تعديله وفقاً لتعادل القوة الشرائية.

نمر من ورق
لا ينتج عن الإنفاق الدفاعي سوى القليل غير المتناسب من القوة القتالية، كما أن قوات أوروبا المسلحة أقل من مجموع أجزائها. لا تزال القارة على بعد سنوات من القدرة على الدفاع عن نفسها من هجوم قوة روسية معاد تشكيلها، والتي قد تظهر في وقت مبكر من أواخر عشرينات القرن الحالي. يقول مسؤولو التحالف إن الخطط لذلك ستتطلب زيادة أهداف أوروبا الحالية (وغير المحققة) على صعيد القدرة العسكرية بنحو الثلث. وهذا يعني زيادة الإنفاق الدفاعي بنحو 50% عما هو عليه اليوم، مما يرفع الإجمالي إلى 3% من الناتج القومي. فقط أمريكا وبولندا واليونان تصل إلى هذا المستوى اليوم.
لا يكفي المزيد من المال وحده. تعاني كل الجيوش الأوروبية تقريباً لتحقيق أهداف التجنيد الخاصة بها، كما هو الحال في أمريكا. علاوة على ذلك، إن الارتفاع في الإنفاق بعد 2014 لم يسفر عن نمو يذكر في القدرة القتالية. وجدت دراسة حديثة أجراها المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، وهو مركز أبحاث في لندن، أن عدد الكتائب القتالية بالكاد قد ازداد منذ 2015. أضافت فرنسا وألمانيا كتيبة واحدة فقط على سبيل المثال، بينما انخفض العدد في بريطانيا بمقدار خمس كتائب.
وفي مؤتمر عقد في السنة الماضية، أعرب جنرال أمريكي عن أسفه لأن أغلب الدول الأوروبية لا تستطيع نشر سوى لواء واحد كامل القوة (تشكيل يضم بضعة آلاف من القوات) في أفضل الأحوال. ومن المرجح أن يؤدي قرار ألمانيا الجريء بنشر لواء كامل في ليتوانيا، على سبيل المثال، إلى الضغط بشدة على جيشها.
وحتى عندما تتمكن أوروبا من إنتاج قوات قتالية، ستفتقر غالباً إلى الأشياء اللازمة للقتال بفاعلية ولفترة طويلة بما يكفي: قدرات القيادة والسيطرة، مثل ضباط الأركان المدربين على إدارة مقار كبيرة؛ الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع، مثل الطائرات بدون طيار والأقمار الاصطناعية؛ القدرات اللوجستية، بما في ذلك الجسور الجوية؛ وذخيرة تدوم لفترة أطول من أسبوع أو نحو ذلك. يقول الخبير العسكري مايكل كوفمان: «إن الأشياء التي يمكن للجيوش الأوروبية أن تفعلها، يمكن أن تفعلها بشكل جيد حقاً، لكنها عادة لا تستطيع فعل الكثير منها، ولا تستطيع فعلها لفترة طويلة جداً، وهي مخصصة للفترة الأولى من حرب ستقودها الولايات المتحدة».
وبولندا حالة مفيدة. ستنفق 4% من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع هذه السنة، وتنفق أكثر من نصف هذه الأموال على المعدات، وهو ما يتجاوز بكثير هدف الحلف البالغ 20%. لكن في ظل الحكومة السابقة، كما يقول كونراد موزيكا، محلل الشؤون الدفاعية، فعلت ذلك مع القليل من التخطيط المتماسك والإهمال التام لكيفية تجهيز هذه المعدات والحفاظ عليها، مع انخفاض أعداد الأفراد. يمكن لقاذفات صواريخ هيمارس في بولندا أن تصل لمسافة 300 كيلومتر، لكن منصات الاستخبارات الخاصة بالبلاد لا يمكنها رؤية الأهداف على تلك المسافة. سوف تعتمد على أمريكا في ذلك. يتمثل أحد الخيارات في أن يقوم الأوروبيون بتجميع مواردهم. على مدى الأعوام الستة عشر الماضية، قامت مجموعة مكونة من 12 دولة أوروبية بشراء وتشغيل أسطول من ثلاث طائرات شحن طويلة المدى، وهو في الأساس برنامج لجسر جوي مشترك. وفي يناير، وافقت ألمانيا وهولندا ورومانيا وإسبانيا بشكل مشترك على شراء ألف صاروخ في نظام الدفاع الجوي باتريوت، وذلك باستخدام كميات كبيرة لخفض التكلفة. ويمكن اتباع نفس النهج في مجالات أخرى. الصعوبة تكمن في تقسيم الغنائم. فغالباً ما تفشل البلدان التي لديها صناعات دفاعية كبيرة، مثل فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا، في الاتفاق على كيفية تقسيم العقود بين صانعي الأسلحة الوطنيين.
تريد فرنسا مقاتلات قادرة على الإقلاع من حاملات طائرات ومركبات مدرعة أخف وزناً؛ وتفضل ألمانيا الصواريخ الاعتراضية الأطول مدى والدبابات الأثقل. يكتب جان جويل أندرسون من معهد الاتحاد الأوروبي للدراسات الأمنية في ورقة بحثية حديثة أن التعاون على مستوى أوروبا في مجال الدبابات قد فشل باستمرار، كما أن الجهود الفرنسية الألمانية الجارية أصبحت موضع شك. ويثير حجم التغييرات المطلوبة أسئلة اقتصادية واجتماعية وسياسية أوسع نطاقاً. لن يكون من الممكن تحمل تكاليف النهضة العسكرية في ألمانيا بدون خفض إنفاق حكومي آخر أو التخلص من «مكابح ديون» البلاد، وهو ما يتطلب تغييراً دستورياً. يقول بيستوريوس إنه مقتنع بأن المجتمع الألماني يدعم زيادة الإنفاق الدفاعي، لكنه يعترف بأنه «علينا إقناع الناس بأن هذا قد يكون له تأثير على إنفاق آخر». ويدفع نقص القوى العاملة في أوروبا إلى مناقشات ذات أهمية مماثلة. في ديسمبر (كانون الأول)، قال بيستوريوس إن ألمانيا أخطأت، بعد تفحص الماضي، بإنهاء الخدمة الإلزامية سنة 2011. وفي يناير (كانون الثاني)، قال الجنرال السير باتريك ساندرز، قائد الجيش البريطاني، إن إعداد المجتمعات الغربية للتوازن الحربي سيتطلب جهداً حكومياً وخاصاً وإن أوكرانيا أظهرت أن «الجيوش النظامية هي التي تبدأ الحروب؛ وجيوش المواطنين هي التي تكسبها». أثارت تصريحاته ضجة وطنية بشأن التجنيد الإجباري، بالرغم من أنه لم يستخدم هذه الكلمة قط.

الخوف الأعظم... ما لا 
تريدون التفكير به
لعل أصعب قدرة يتعين على أوروبا استبدالها هي تلك التي يأمل الجميع ألا تكون هناك حاجة إليها أبداً. أمريكا ملتزمة باستخدام أسلحتها النووية للدفاع عن حلفائها الأوروبيين. كانت تلك الأسلحة ضمانة نهائية ضد الغزو الروسي. مع ذلك، من غير المرجح أن يخاطر ترامب بالمدن الأمريكية في تبادل نووي، هو الرافض أساساً للمخاطرة بالقوات الأمريكية للدفاع عن حليف أوروبي.
تمتلك كل من بريطانيا وفرنسا أسلحة نووية. لكنهما لا تملكان سوى 500 رأس حربي، في مقابل خمسة آلاف رأس حربي لدى أمريكا، ونحو ستة آلاف رأس لدى روسيا. بالنسبة إلى المدافعين عن «الحد الأدنى» من الردع، لا يشكل هذا فرقاً كبيراً: هم يعتقدون أن بضع مئات من الرؤوس الحربية، وهي أكثر من كافية للقضاء على موسكو ومدن أخرى، ستثني بوتين عن أي مغامرة متهورة. بينما يعتقد المحللون الأكثر تطرفاً أن مثل هذه الحمولة الضخمة غير المتوازنة لمصلحة روسيا، والضرر غير المتناسب الذي ستعاني منه بريطانيا وفرنسا، يمنحان بوتين ميزة.
وهذه ليست مجرد مشكلة عددية. لقد تم تخصيص الأسلحة النووية البريطانية لحلف شمال الأطلسي الذي تقوم مجموعة التخطيط النووي التابعة له بصياغة السياسة حول كيفية استخدام الأسلحة النووية. إن نظام الردع مستقل من الناحية التشغيلية: يمكن لبريطانيا أن تطلق ما يحلو لها. لكنها تعتمد على أمريكا في تصميم رؤوسها الحربية المستقبلية وتستمد قوتها من مجموعة مشتركة من الصواريخ الموجودة في ولاية جورجيا. إذا قطعت أمريكا كل أشكال التعاون، فمن المحتمل أن يكون متوسط العمر المتوقع للقوات النووية البريطانية «مقاساً بالأشهر عوضاً عن سنوات»، وفق تقييم من الحزبين الجمهوري والديمقراطي نُشر قبل عشر سنوات. بالمقابل، إن قوة الردع الفرنسية محلية بالكامل لكنها أكثر عزلة عن حلف شمال الأطلسي: على نحو فريد بين الحلفاء، لا تشارك فرنسا في مجموعة التخطيط النووي بالرغم من أنها قالت منذ فترة طويلة إن ترسانتها تساهم، «بوجودها»، في أمن الحلف. يقول الأدميرال باور إن القضايا النووية داخل الحلف ظلت لفترة طويلة ثانوية. تغير ذلك في العامين الماضيين، مع تزايد المناقشات على نطاق أوسع حول التخطيط النووي والردع. لكن خطط الناتو تتوقف بالتأكيد على القوات الأمريكية؛ لا يمكنها معالجة ما سيحدث إذا غادرت أمريكا. والسؤال المتسرب الآن هو كيف يمكن لبريطانيا وفرنسا سد هذه الفجوة.

الأسلحة النووية
في ستينات القرن العشرين، فكرت أمريكا وأوروبا في إنشاء قوة نووية «متعددة الأطراف» تحت سيطرة مشتركة. اليوم، أصبحت فكرة «مشاركة» بريطانيا أو فرنسا في قرار استخدام الأسلحة النووية فكرة غير مقبولة، كما كتب برونو تيرتري، خبير فرنسي شارك في المناقشة لعقود من الزمن، في بحث حديث.
سنة 2020، صرح ماكرون أن «المصالح الحيوية» لفرنسا، أي القضايا التي تفكر في استخدام الأسلحة النووية دفاعاً عنها، «لها الآن بعد أوروبي» وعرض «حواراً استراتيجياً» مع الحلفاء حول هذا الموضوع، وهو الموقف الذي كرره السنة الماضية.
في مجال الردع، تتمثل القضية الحاسمة في كيفية جعل الخصوم ــ والحلفاء ــ يعتقدون أن الالتزام حقيقي وليس مجرد لفتة دبلوماسية رخيصة يمكن التخلي عنها عندما تصبح المخاطر مروعة. يقترح تيرتري مجموعة من الخيارات. بالحد الأدنى، تستطيع فرنسا ببساطة أن تعد بالتشاور بشأن الاستخدام النووي مع شركائها، إذا سمح الوقت بذلك. عند مستوى أكثر تطرفاً، إذا ذهبت المظلة الأمريكية بالكامل، سيكون بوسع فرنسا أن تدعو شركاءها الأوروبيين للمشاركة في العمليات النووية، مثل توفير طائرات مرافقة للقاذفات أو حتى نشر عدد قليل من الصواريخ في ألمانيا. ويقول إن مثل هذه الخيارات قد تتطلب في النهاية «آلية تخطيط نووي مشتركة».
والناتو هيئة سياسية ودبلوماسية. إنه أيضاً بيروقراطية هائلة تنفق 3.3 مليار يورو سنوياً وتدير شبكة معقدة من المقرات: مقراً أعلى لقوات الحلفاء في أوروبا (بلجيكا)، وثلاث قيادات مشتركة كبيرة في أمريكا وهولندا وإيطاليا، وسلسلة من القيادات الأصغر. هذه هي العقول التي ستدير أي حرب مع روسيا. إذا انسحب ترامب من الناتو فسيتعين على الأوروبيين أن يقرروا كيفية أداء هذا الدور.
يقول دانييل فيوت من معهد إلكانو الملكي الإسباني إن خيار «الاتحاد الأوروبي فقط» لن ينجح. يرجع ذلك جزئياً إلى أن المقرات العسكرية للاتحاد الأوروبي لا تزال صغيرة وتفتقر إلى الخبرة، وغير قادرة على الإشراف على حرب شديدة الحدة. ويرجع ذلك جزئياً أيضاً إلى أن هذا الأمر سيستبعد بريطانيا، أكبر منفق على الدفاع في أوروبا، بالإضافة إلى أعضاء آخرين في حلف شمال الأطلسي من خارج الاتحاد الأوروبي مثل كندا والنرويج وتركيا.
مع ذلك، إن مسألة القيادة سياسية في جوهرها. ويشكك فيوت في أن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي يمكن أن تتفق على شخصية تعادل القائد الأعلى لقوات الحلفاء في أوروبا، وهو أعلى جنرال في الحلف، ووفق العرف، يكون دائماً أمريكياً. يلخص هذا كيف أدت الهيمنة الأمريكية في أوروبا إلى قمع الخلافات داخل أوروبا لعقود من الزمن.

الاستعداد للأسوأ
من المحتمل بكل تأكيد أن تكون الصدمة التي يتعرض لها الأمن الأوروبي أقل دراماتيكية مما هي عليه الخشية الحالية وفق إيكونوميست. لكن في الوقت الراهن، لا تزال المناقشات محتدمة حول المدى الذي ينبغي لأوروبا أن تتحوط فيه ضد تخلي الولايات المتحدة عن أوروبا. حذر الأمين العام للناتو ينس ستولتنبرغ مراراً من أن الفكرة عديمة الجدوى. وقال في 14 فبراير: «إن الاتحاد الأوروبي لا يستطيع الدفاع عن أوروبا. ثمانون في المائة من نفقات الدفاع في حلف شمال الأطلسي تأتي من حلفاء من خارج الاتحاد الأوروبي.»
ويرد المدافعون عن الاكتفاء الذاتي الأوروبي بأن بناء «ركيزة أوروبية» داخل حلف شمال الأطلسي يخدم هدفاً ثلاثي الأبعاد. هو يقوي الناتو طالما بقيت أمريكا، ويظهر أن أوروبا ملتزمة بتقاسم عبء الدفاع الجماعي، وإذا لزم الأمر، يرسي الأساس في حالة حدوث فراق في المستقبل. إن زيادة الإنفاق الدفاعي والأسلحة والقوات الفعالة ستكون ضرورية حتى لو ظلت أمريكا في التحالف. حتى أكثر الرؤساء محبة للأوروبيين قد يضطرون إلى تحويل قواتهم بعيداً عن أوروبا إذا انجرفت أمريكا، على سبيل المثال، إلى حرب كبرى في آسيا.