رئيس الدولة يبحث مع وزير الدفاع السعودي علاقات التعاون وتطورات الأوضاع في المنطقة
هل تشبه ألمانيا تركيا في علاقتها مع أمريكا؟
ألمانيا ليست حليفاً يمكن لواشنطن الوثوق به. بهذا التحذير، توجّه الأكاديمي في معهد المشروع الأمريكي مايكل روبين إلى إدارة بايدن، كاتباً في مؤسسة “ذا ناشونال إنترست” أن واشنطن ترتكب خطأ كبيراً في التساهل مع سياسات برلين الخارجية.
وذكّر بأن قرار شركة غازبروم ودول أوروبية توسيع خطوط الأنابيب التي تنقل الغاز الروسي إلى أوروبا أطلق معارضة ثماني دول في الاتحاد الأوروبي إضافة إلى اعتراض إدارة أوباما.
يؤدي هذا القرار إلى جعل أوروبا أكثر اعتماداً على الغاز الروسي ويحرر موسكو من دفع رسوم الترانزيت لكييف، الأمر الذي يفاقم أزمتها المالية. لكن الحكومة الألمانية مضت في مشروعها. وقال السفير الألماني في الولايات المتحدة بيتر ويتيغ إن على “الأوروبيين أن يقرروا بأنفسهم في بعض الشؤون”، مقترحاً بذلك أن ألمانيا مرادفة لكل أوروبا. بالمقابل تشددت إدارة ترامب مع هذا المشروع ففرضت عقوبات عليه كي تمنع روسيا من الاستفادة المالية وألمانيا من مقايضة الأمن الأوروبي بغاز أرخص بقليل.
وبالمقابل، قلب الرئيس جو بايدن ووزير خارجيته أنتوني بلينكن المسار الأمريكي وسعى إلى إعطاء الأولوية للعلاقات المرنة مع برلين. في 19 مايو (أيار) أعلن بلينكن أن واشنطن ستعفي شركة نورد ستريم 2 أي جي ومديرها التنفيذي ماتياس وارنيغ من العقوبات على الرغم من إشارته إلى أن معارضة بلاده لمشروع أنابيب الغاز لا هوادة فيها. وشرح بلينكن أن قرار واشنطن يستند إلى الالتزام بتعهد بايدن إعادة بناء العلاقات مع الحلفاء والشركاء في أوروبا. لكن روبين يرى أن المنطق خلف هذا القرار ضعيف.
لقد روج بايدن وبلينكن لخطوط أنابيب لصالح طالبان وروسيا لكنهما في الوقت نفسه قتلا خط الأنابيب الكندي الذي أمكن إفادة الأمريكيين. ولو كان التغير المناخي “التهديد الأعظم” للولايات المتحدة بحسب ما قاله بايدن خلال زيارته أوروبا، لكان زاد من حدة معارضته لمشروع نورد ستريم 2 بدلاً من إعطاء الضوء الأخضر لإتمامه. ودعا روبين ألمانيا إلى عدم الغضب مذكراً بأنه كان من الأسهل لوجستياً ترك الاتحاد السوفياتي يمد برلين الغربية بالغاز لكن الولايات المتحدة ذهبت إلى حد تأمين إمدادات جوية للمدينة بين سنتي 1948 و1949.
وأضاف الكاتب أن افتراض بايدن وبلينكن قيام ألمانيا بالدفاع عن القيم نفسها التي تناصرها الولايات المتحدة هو افتراض خاطئ. بحسب رأيه، ألمانيا ليست حليفاً جيداً ولا يحمل قادتها النظرة العالمية الديموقراطية التي يحملها الأمريكيون. المستشار الألماني السابق غيرهارد شرودر انضم إلى غازبروم بعد مغادرته منصبه. بالنسبة إلى شرودر، يتفوق المكسب المالي القصير الأجل على المبدأ، تابع روبين. وكتب أن المسيرة المهنية والسينيكية لشرودر هي القاعدة لا الاستثناء في السياسة الألمانية حيث أن روسيا والمال الذي تقدمه يشجعان المزيد من “الشرودرة” للنخب الألمانية. ولا يزال التجسس الروسي مرتفعاً في المانيا كما كانت عليه الحال خلال الحرب الباردة مع سعي الكرملين لاختراق الطبقة السياسية الألمانية.
وفي هذه الأثناء، يبقى ماتياس وارنيغ أقدم صديق ألماني لبوتين بعدما خدم في وكالة الشرطة السرية في ألمانيا الشرقية. وذرف بايدن وبلينكن دموعاً كاذبة على ما تعرض له المعارض الروسي نافالني لكنهما يتجاهلان أن واحداً من الأسباب التي تجعل بوتين غاضباً إلى هذه الدرجة من نافالني هو كشفه علاقة الرئيس الروسي مع المدير التنفيذي لشركة نورد ستريم 2. إضافة إلى هذا المشروع، تتعاون موسكو وبرلين حول مشروع للهيدروجين. تقول الإدارة إن نهجها تجاه نورد ستريم 2 كان أكثر ليونة من أجل إقناع ألمانيا بالتحول إلى حليف أفضل لمواجهة روسيا. لكن ألمانيا لا تزال غير ملتزمة بإنفاق 2% من ناتجها القومي على الدفاع وهي تسمح للصين باستخدام ميناء موكران، وهو قاعدة عمليات لبناء نورد ستريم 2، كمكون أساسي من مبادرة الطريق والحزام. ويتابع روبين أن المخاوف الأساسية من كلفة تقوية روسيا تأكدت صحتها، إذ في أقل من شهر على الإعفاء من العقوبات، هدد بوتين أوكرانيا بمنعها من الوصول إلى الغاز الروسي.
دفن الأدلة لحماية إيران
منذ أوائل التسعينات، سمحت برلين مراراً لوعود العقود التجارية بتقويض الإجماع حول برنامج إيران النووي وانتهاكاتها الفظيعة لحقوق الإنسان. لقد تغاضى شرودر وميركل مراراً عن غش إيران في التزاماتها النووية حتى أنهما دفنا الأدلة الاستخبارية التي تظهر ذلك من أجل زيادة علاقات ألمانيا التجارية الخاصة معها. وحيت زعيمة حزب الخضر في ألمانيا السفير الإيراني في بلادها على الرغم من أن طهران اعتقلت ناشطين بيئيين. ومؤخراً، هنأ الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي في الذكرى الأربعين للثورة علماً بأن خامنئي يقلل من أهمية الهولوكوست.
الخطأ مع تركيا يتكرر مع ألمانيا
يبدو أن بايدن يريد إحالة القرارات بشأن قضايا الأمن الأوروبي إلى برلين كي يتمكن البيت الأبيض من التركيز على الصين وعلى مسائل أخرى مثل الأمن السيبيري. مع وضع جانباً وجوب تمتع واشنطن بالقدرة على التصدي لمشكلتين في وقت واحد، تبقى الثقة بألمانيا للدفاع عن النظام الدولي خياراً خاطئاً. لا ينكر روبين أن ألمانيا كانت شريكاً للولايات المتحدة لفترة طويلة وقد استضافت عشرات الآلاف من القوات الأمريكية.
لكن هذا الأمر بحد ذاته لا يظهر توافقاً في الأهداف، تماماً كما أن القواعد الأمريكية في تركيا لا تجعل الأخيرة حصناً للدفاع عن الديموقراطية. لقد مكن الرئيسان بوش الابن وأوباما أردوغان من تسريع انعطافة تركيا عبر إسناد سياستهما إلى ما كانت عليه تركيا سابقاً أو إلى ما رغبا بأن تكون عليه تركيا، عوضاً عن إسنادها إلى ما أصبحت عليه تلك البلاد بالفعل. اليوم، يرتكب بايدن وبلينكن الخطأ نفسه مع ألمانيا. قد تريد ألمانيا تصحيح العلاقات لكنها لا تستحق ضوءاً أخضر. وفي الخلاصة كتب روبين: “لقد حان الوقت للاعتراف بأن ألمانيا ليست حليفاً يمكن الاعتماد عليه أو جديراً بالثقة».