هل توقف إسرائيل الاتفاق النووي.. عسكرياً؟

هل توقف إسرائيل الاتفاق النووي.. عسكرياً؟


تواصل إسرائيل التحرك بشكل مكثف في مسعى لإعاقة عودة حلفيتها الولايات المتحدة الأمريكية إلى الاتفاق النووي مع إيران، حيث تعتبر تل أبيب أن الاتفاق يرفع قيوداً اقتصادية كانت مفروضة على طهران، ما سيسمح لها بالاستمرار في دعم بعض الميلبشيات في المنطقة، وخاصة في الدائرة المحيطة بإسرائيل.

ومع وصول إنجاز الاتفاق لمرحلة حاسمة ومهمة، بدأت تل أبيب تقتنع بأن فرص منع عودة واشنطن للاتفاق أصبحت شبه معدومة، وأن ما على تل أبيب فعله فقط هو تحسين الاتفاق من خلال الضغط على الإدارة الأمريكية لإضافة بعض المطالب التي تقترحها إسرائيل، أو الضغط لعدم موافقة واشنطن على بعض المطالب التي تطرحها طهران، إضافة إلى الاستعداد لخطة موازية في التعامل مع إيران بعد الاتفاق.وتؤكد إسرائيل أنها ليست طرفاً في الاتفاق أو جزءاً منه، وتشدد على أنها تحتفظ بحقها في العمل ضد إيران بالطريقة التي تراها مناسبة لمنع حيازة طهران للسلاح النووي، وهو ما يكشف عن خيارات تستعد لها إسرائيل من بينها الخيار العسكري الذي ترى تقديرات إسرائيلية أن فرص اللجوء إليه أصبحت عالية، رغم التعقيدات الكبيرة المرافقة لمثل هذا القرار.

زيارات مكوكية
ومنذ أيام يقيم مستشار الأمن القومي الإسرائيلي إيال هولتا في العاصمة الأمريكية واشنطن، حيث التقى مسؤولين عدة هناك، قبل أن تقدم واشنطن ردها على المطالب الإيرانية بناء على مسودة الاتفاق النووي الذي قدمه الاتحاد الأوروبي، قبل أن يلحق به وزير الدفاع الأمريكي بيني غانتس، الذي وصل واشنطن للقاء مسؤولين بارزين.وقال غانتس قبل مغادرته إن “الهدف من الزيارة هو إيصال رسالة واضحة بخصوص المفاوضات بين القوى وإيران، وأن أي اتفاق لا يعيد إيرانإالى ما كانت عليه في السابق، ولا يقيدها لسنوات عديدة قادمة سيضر بالأمن العالمي والإقليمي».بالتزامن مع ذلك كشفت وسائل إعلام إسرائيلية، عن محاولة لإجراء مكالمة بين رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد، والرئيس الأمريكي جو بايدن، إلا أنه تم تأجيلها، وربطت تقارير إسرائيلية عدة هذا الاتصال بأنه للحدث حول التطورات في الاتفاق النووي.

العمل العسكري
ويشير تقرير لصحيفة “يديعوت أحرنوت” الإسرائيلية، إلى أن هذه الزيارات تهدف إلى جانبين، الأول لتحسين الاتفاق والظروف المحيطة به بعد تعذر منعه، والثاني البحث عن غطاء لأي عمل عسكري تقوم به إسرائيل ضد إيران، سواء بشكل علني أو بشكل سري.وقال رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق عاموس يدلين، للصحيفة إنه “يمكن لإسرائيل أن تحتفظ بالحق في التصرف لأنها ليست من الموقعين على الاتفاقية، ولكي تهاجم إسرائيل إيران، عليها أن تحدد لنفسها أن هذه هي اللحظة الأخيرة وأن هناك ضرورة وأن جميع استراتيجيات إيقاف إيران فشلت».وأضاف أنه “لا بد من القدرة على التنفيذ، والمطلوب الشرعية من قبل العالم وواشنطن”، مشيرة إلى أن احدى المعضلات التي تواجهها إسرائيل في حال إنجاز الاتفاق هو أنه قد يبعد الإيرانيين عن القنبلة، وبالتالي تنتفي شرعية العمل العسكري الإسرائيلي ضدها.

وشدد المسؤول الإسرائيلي إلى أن المهم بالنسبة لإسرائيل هو أن تتفق مع الأمريكيين حول كيفية ضمان عدم حصول إيران على أسلحة نووية، مشيراً إلى ضرورة اتفاقية بين واشنطن وتل أبيب، لبحث خيارات عدم عودة إيران للاتفاق، وكيفية إطالة عمر الاتفاق، وما هو الخط الأحمر الذي يجب ألا تتخطاه إيران، وكيفية مواجهة التخريب والإرهاب الإيراني في المنطقة.
ويواجه قيام إسرائيل بعملية عسكرية ضد منشآت إيران النووية، احتمال اندلاع حرب إقليمية واسعة، خاصة مع انتشار المليشيات الموالية لإيران، في لبنان والعراق واليمن وغزة وسوريا، ما يعني أن على إسرائيل الاستعداد لحرب متعددة الجبهات، تختلف كل منها عن الأخرى من حيث الأداء العملياتي والتعامل.

تقليم أظافر إيران
ورأت تقديرات إسرائيلية عدة أن الحرب الإسرائيلية ضد حركة الجهاد الإسلامي في قطاع غزة، والتهديدات الإسرائيلية المتصاعدة بشأن حزب الله، والكشف عن ضرب إسرائيل لأهداف في اليمن، هي محاولات من إسرائيل لمنع القوى المؤيدة لإيران من الدخول على خط المواجهة في حال تعرض منشآت إيران النووية لعمل عسكري إسرائيلي.

وكخطوة استباقية من إيران التي باتت تدرك أن الخيار العسكري ضد منشآتها النووية بات مطروحاً على الطاولة، كشف موقع “ديبكا” الاستخباري الإسرائيلي، قبل أيام، أن طهران بعثت برسائل إلى زعيم ميليشيا حزب الله حسن نصر الله، للاستعداد لمواجهة مع إسرائيل على خلفية ترسيم الحدود البحرية بين البلدين.

وقال الموقع الإسرائيلي إن “طهران ترى أن مثل هذه الحرب قد تؤدي إلى وضع لا يتمكن فيه الجيش الإسرائيلي، الذي سينغمس في المعارك في لبنان من ضرب إيران ومنشآتها النووية، وأن طهران ستحاول استخدام الحدود الشمالية اللبنانية كضربة استباقية ضد إسرائيل».
ويشير الموقع إلى أن إيران تحاول إلهاء إسرائيل من خلال افتعال أزمات عبر ميليشياتها في المناطق المحيطة بإسرائيل، لمنع الخطر عن طهران.
بالمقابل تحاول إسرائيل فصل الجبهات وتحييدها، حيث نجحت إسرائيل في تحييد حماس من خلال تقديم بعض الامتيازات المالية التي تخفف من الأزمة في قطاع غزة، في حين وجهت ضربة قاسية لحركة الجهاد الإسلامي ستجد نفسها أمام حسابات معقدة قبل أي جولة تصعيد مقبلة، أما في لبنان حيث تسخن الجبهة الشمالية مع إسرائيل، فإن حزب الله ورغم تهديداته قد لا يبدو قادراً على حماية ما تبقى من حاضنته من الآثار المحتملة لأي مواجهة عسكرية مع إسرائيل.

عمليات غير معلنة
وبحسب تقديرات إسرائيلية، فإن من بين الخيارات التي قد تجد إسرائيل أنها الأنسب للتعامل مع التهديد النووي الإيراني، هي القيام بعمليات تستهدف منشآت وأشخاص على صلة بالبرنامج النووي الإيراني، دون الإعلان بشكل مباشر عن مسؤولية إسرائيل عن مثل هذه العملية، حيث سبق أن تم اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زادة في طهران، وتفجير استهدف منشأة نطنز النووية الإيرانية.
ورغم محدودية تأثير مثل هذه العمليات وما تكلفه من جهد استخباري وميداني كبير، إلا أنها لا تضع التزاماً أمام إيران للرد بشكل مباشر على إسرائيل.