الخطوة الأولى هي النصر

هل تُجري أوكرانيا انتخابات رئاسية تحت القصف؟

هل تُجري أوكرانيا انتخابات رئاسية تحت القصف؟

في ظروف عادية، من المقرر أن يواجه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الناخبين الربيع المقبل. ويقول المحللون إنه في زمن الحرب من غير المرجح إجراء الانتخابات، لكن هذا الاحتمال يتسبب ببعض القلق في كييف.
وكتب مراسل صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية في كييف أندرو إي. كرامر، أن إجراء الانتخابات الرئاسية بينما الصواريخ الروسية تتطاير في سماء العاصمة الأوكرانية والمدفعية تحول مدناً بكاملها إلى أنقاض، سيبدو وكأنه تشتيت هائل في زمن الحرب الشاملة، ناهيك عن الكابوس اللوجستي.
 
لكن زيلينسكي لا يستبعدها بالمطلق. فولايته التي تمتد خمسة أعوام تنتهي في بضعة أشهر، ولو لم يكن منشغلاً بالحرب، لكان يستعد للتنحي أو بدء حملة من أجل ولاية ثانية.
ويعتبر المحللون أن احتمال إجراء انتخابات في زمن الحرب غير وارد، وأنه بمقتضى القانون العرفي، فإن الانتخابات يتم تعليقها. ومع ذلك، ثمة حديث في أوساط الطبقة السياسية في كييف مفاده أن زيلينسكي سيسعى إلى اجراء الانتخابات، وسط مضاعفات بعيدة المدى على حكومته والحرب والخصوم السياسيين، الذين يخشون أنه سيفوز بولاية ثانية في بيئة تكون فيها التنافسية الانتخابية مستحيلة.
 
ويأتي الجدل حول الانتخابات على خلفية تصاعد الضغط على أوكرانيا كي تثبت للمانحين الغربيين أن فيها حكماً رشيداً، وهو ما يروج له زيلينسكي، في حين يقول المعارضون أن إجراء الانتخابات من جانب واحد في زمن الحرب من الممكن أن يضعف تلك الجهود.
وجمعت عريضة تعارض إجراء مثل تلك الانتخابات 114 توقيعاً من ناشطين في المجتمع المدني.
وتقول الصحيفة إن أي تفويض انتخابي جديد قد يقوي يد زيلينسكي في أي قرار حول الالتزام بقتال مديد، أو عزله في حال أدت تسوية نهائية مع روسيا إلى إضعاف شعبيته والحاق الضرر بفرص انتخابه لاحقاً.
 
وسبق لزيلينسكي القول إنه يفضل الانتخابات، لكن فقط إذا كان في مقدور مراقبين دوليين المصادقة على حريتها ونزاهتها وشموليتها، كما أنه أتى على ذكر عدد من العقبات التي يمكن أن تحول دون إجراء الاقتراع. أما الخصوم فكانوا أكثر تحديداً في رفض الانتخابات، التي كانت مقررة قبل الغزو الروسي في مارس -آذار وأبريل-نيسان من العام المقبل، قائلين إن الحرب تسببت بكثير من الاضطرابات التي تحول دون إجراء الانتخابات بشكل سليم.
ويقول سيرهي بريتولا الشخصية المعارضة ومدير جمعية خيرية تساعد الجيش إن «الخطوة الأولى هي النصر، والخطوة التالية هي كل شيء آخر» بما في ذلك السياسات المحلية في أوكرانيا. وتظهر استطلاعات الرأي بريتولا دائماً ضمن الشخصيات الثلاث الأكثر احتراماً في البلاد إلى جانب زيلينسكي وقائد الجيش الجنرال فاليري زالوجني.
 
وبريتولا، الممثل الكوميدي السابق، قد شكل لجنة استكشافية للترشح للبرلمان قبل الغزو الروسي في فبراير -شباط 2022، متبعاً مسار الانتقال من الفن إلى السياسة على خطى زيلينسكي الذي كان يلعب دور الرؤساء في المسلسلات التلفزيونية قبل أن يفوز بالرئاسة في 2019. وفي الوقت الحاضر أوقف بريتولا كل النشاطات السياسية خلال الحرب.
 
وإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن والحكومات الأوروبية التي تساند أوكرانيا عسكرياً، لم تتطرق في العلن إلى الانتخابات. لكن الفكرة حازت على مزيد من الانتباه عندما قال السناتور الجمهوري عن ولاية ساوث كارولاينا ليندسي غراهام، إن أوكرانيا يجب أن تمضي في إجراء الانتخابات على رغم الحرب.
ويتعين على أوكرانيا من أجل إجراء الانتخابات أن ترفع على الأقل مؤقتاً الأحكام العرفية في حال الاقتراع لاختيار البرلمان أو أن تعدل القانون في حال الاقتراع لاختيار الرئيس.
 
ومن بين الجمهوريات السوفياتية السابقة، فإن أوكرانيا هي البلد الأكثر تعداداً للسكان الذي نجح في التحول الديموقراطي. لكن نظامها القضائي ينخره الفساد، كما أسيئت إدارة نقل ممتلكات الدولة إلى القطاع الخاص، في حين أن الانتخابات فيها كانت تعتبر حرة ونزيهة بحسب المراقبين الدوليين. وانتخب الأوكرانيون ستة رؤساء منذ الاستقلال عام 1991.