هل حان الوقت لتقاعد «الناتو»؟

هل حان الوقت لتقاعد «الناتو»؟


اعتبر إعجاز حسين المحلل المتخصص في أمن جنوب آسيا والشرق الأوسط أنه آن الأوان لحلف شمال الأطلسي (الناتو) أن يتقاعد بعد أن أصبح منهكاً ومتعباً، وبالتالي على منظمة الأمن والتعاون في أوروبا (OSCE)أن تبسط عضلاتها بالتصدي لقضايا الأمن الأوروبي.

وكتب حسين، في مقال لمجلة “غلوبال فيليدج سبيس”، أن منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، ومقرّها فيينا، قادرة تماماً على التعامل مع القضايا المتعلقة بالأمن لجميع الأعضاء الـ57 في أوروبا، حيث يحتاج الأوروبيون إلى تحالف أوروبي قوي للتخلص من حلف “الناتو” الذي عفا عليه الزمن، والذي ظلوا منذ عام 1949 يقدمون له مساهمات منتظمة ومتساوية، مالية وبشرية وضمانات، لكنهم لا ينعمون بفوائده على قدم المساواة.

واعتبر أن خطة الولايات المتحدة للقيام بعمل عسكري بتفويض من الأمم المتحدة وبقيادة “الناتو” ردًا على الحرب الروسية على اوكرانيا، “مُنيت بالفشل”، وأن بايدن لن يدفع البنتاغون قط إلى مهاجمة روسيا، كما أنه سيبقي الأمين العام لحلف “الناتو”، ينس ستولتنبرغ مقيداً أكثر؛ إذ لن يقوم الناتو بعمل أحادي الجانب أيضاً.

ورأى أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي سيستسلم قريبًا دون قيد أو شرط، وأن الهجوم الروسي سينتهي بعد الاستسلام بأيام قليلة.
وهذه المرة سوف يُدرج في التاريخ نصراً معنوياً روسياً بشرف، وضربة قاسية لهيمنة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والناتو على أوروبا والمناطق المجاورة الأخرى.

واعتبر حسين أن هذا سيكون نهاية مبدأ مونرو (1823)، وسيكون مصدر استياء هائل لواضعي قانون مكافحة أعداء أمريكا من خلال العقوبات (2017)، و517 من أعضاء الكونغرس الأمريكي الذين صوتوا لصالحه.
وأكد أنه لا يمكن لبايدن وحلفائه أن يذهبوا إلى أبعد من مجرد فرض عقوبات على بوتين، لكن هذه المرة، بدلًا من التأثير في روسيا، ستضرّ هذه العقوبات بمنطقة الاتحاد الأوروبي بأكملها اقتصادياً وسياسياً.

ورأى أنه في غضون 6-12 شهراً سيتمّ إغلاق عدد من المصانع الأوروبية، وستشهد أوروبا مستويات عالية من البطالة، وانقطاع الكهرباء، والاضطرابات الاجتماعية والسياسية من بولندا إلى إسبانيا وفنلندا وحتى إيطاليا.

ولفت إلى أن العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة لم تحقق النتائج المرجوة في إيران والعراق وسوريا وأفغانستان وكوريا الشمالية والصين، موضحاً أن تداعيات العقوبات المفروضة على روسيا ستكون كارثية بالنسبة لأوروبا ككل- إذا استمرتّ لفترة طويلة.
بعد الخطأ الفادح الأوكراني، قد لا تشن الولايات المتحدة حرباً بالوكالة ضد روسيا. لقد أصبح بايدن بين مطرقة روسيا من جانب، وسندان الصين القوية من ناحية أخرى.

وفشلت الولايات المتحدة في حشد الدعم الكافي من حلفائها السابقين الذين يمكنهم القتال في أوروبا، إلى جانب البنتاغون، ضد روسيا. وبدلاً من ذلك، يرجّح حسين أن يقدم بايدن، في غضون أيام قليلة، تنازلات جوهرية لإيران، برفع عدد من العقوبات الاقتصادية. كما أنه قد يعلن أيضاً التخفيف من حدة المشكلات الاقتصادية المستمرة في أفغانستان.

كما أن بريطانيا لن تتحرك ضد القوات الروسية، ارضاءً لحلفائها على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي.
وبالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها الطموحين، فإن إمكانية متابعة المرحلة الثانية من الحرب الباردة- ضد الصين وروسيا- تتضاءل بسرعة. بعبارة أخرى، لم تعد تايوان وكوريا الجنوبية واليابان والهند في وضع يسمح لها بالوقوف إلى جانب الأمريكيين ضد الصين تحت بند أي معاهدة، سواء أكان تحالف كواد (QUAD) الرباعي أو معاهدة أوكوس (AUKUS). وبالمثل، فإن البلدان الصغيرة مثل أوكرانيا ودول البلطيق، وجمهورية التشيك، وحتى بريطانيا في عهد جونسون لن تصمد أمام روسيا عسكرياً.

وأكد حسين أن منظمة الأمن والتعاون في أوروبا جاهزة للخروج من الجدران الخرسانية في فيينا لتكون بمثابة عصبة جديدة قوية في أوروبا.
وقال إن السفيرة هيلغا شميت، الأمينة العامة الحالية للمنظمة، تتمتّع بنضج إستراتيجي ووضوح عملياتي وقدرة بشرية لتقديم بديل أمني أفضل للأوروبيين، مما يمكن أن يوفره ستولتنبرغ، واصفاً اياها بأنها “حازمة وواسعة المعرفة ومقنعة».