رئيس الدولة يؤكد دعم الإمارات لتسوية النزاعات والتحديات في العالم عبر الحوار والحلول الدبلوماسية
مزيج العنف والجمود سيدوم خلال الشتاء على الأرجح
هل حان وقت المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا لإنهاء الحرب؟
كتب الأستاذ الفخري لدراسات السلام في جامعة برادفورد البريطانية بول روجرز أنه قبل ستة أسابيع، واجهت الحرب في أوكرانيا طريقاً مسدوداً لم يستطع خلاله أي طرف الفوز ولا الخسارة. وبدا أنّ مزيج العنف والجمود سيدوم خلال الشتاء على الأرجح. لكن منذ أوائل ديسمبر -كانون الأول تغير الكثير، الأمر الذي حمل إمكانية أن تتعدل الحرب بشكل جذري في غضون أسابيع.
وفي موقع “أوبن ديموكراسي”، تحدث برادفورد عن استحالة توقع كيفية حدوث هذا التغير، لكنه أشار إلى عناصر عدة يجب أخذها بالحسبان.
المزاج الروسي
العنصر الأول هو الرأي العام في روسيا. ازداد الشعور المناهض للحرب منذ بدء التعبئة الجزئية خلال الخريف الماضي، وهو ما برز في أكثر من قاعدة شعبية.
الأولى هي الرجال الروس الأكبر سناً ممن يتمتعون بخبرة عسكرية.
ينتقد هؤلاء بشدة قيادة الحرب، وما يصفونه بانعدام الكفاءة لدى كبار العسكريين، وقد طالت انتقاداتهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نفسه، والذين يحيطون به بشكل مباشر. تشمل القاعدة المهمة الثانية مجموعة أكبر بكثير من الروس الذين تعبوا من القيود التي فرضتها الحرب، وهو شعور تفاقمه غالباً المعرفة بوفاة أو تشوه عدد كبير من الجنود الروس الشبان. لكن ثمة ملاحظة تفصيلية هنا. لا يرقى هذا التغير إلى تيار واضح في مناهضة الحرب. يعود ذلك جزئياً على الأقل إلى السيطرة على الإعلام والجاهزية لقمع أي اعتراض. لكن ثمة عامل آخر.
قد يكون العديد من الروس مستائين ومحبطين بسبب استمرار الحرب، لكن ذلك لا يعني أنهم يريدون أن تخسر روسيا وتهان على المسرح العالمي بحسب روجرز. إذا تم إجبار روسيا على الخروج من أوكرانيا فالخوف في أن تكون البلاد فريسة للمزيد من توسع حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وبشكل محتمل، تهديد سلامة الدولة نفسها. يلائم هذا الشعور مزاعم بوتين الخاصة والتي أعرب عنها في بداية الحرب، حين قال إنه يتوجب على روسيا الفوز في أوكرانيا، كي تستبق نمط توسع الناتو الذي استمر منذ تفكك الاتحاد السوفياتي.
قريب من اليأس
أشار روجرز إلى عامل آخر يجب أخذه بالاعتبار وهو غياب التقدم الميداني في أوكرانيا. على ضوء ذلك، تراجع الجيش الروسي عن الحفاظ على أجزاء في دونباس مع تشديد على محاولة احتلال بلدة سوليدار التي تتميز بتعدين الملح كمقدمة للسيطرة على مدينة باخموت الأكثر استراتيجية. ستكون السيطرة عليها رمزية إلى حد كبير، كأول مكسب روسي بارز منذ بضعة أشهر. لكن بصرف النظر عن مزاعم الكرملين، ما تبقى من سوليدار لا يزال متنازعاً عليه. واستبدل بوتين الجنرال سيرغي سوروفيكين بالجنرال فاليري غيراسيموف الذي أصبح قائداً للجيش في أوكرانيا. بالنظر إلى أن سوروفيكين وصف بأنه صلب وغير متقبل للتسوية.
مشكلة روسية أخرى
حسب الكاتب، يواجه بوتين مشكلة أخرى وهي أن حربه الاقتصادية لا تسير على ما يرام. متوقعاً شتاء قاسياً في أوروبا الغربية، أمل الكرملين أن تنقطع الطاقة وترتفع أسعار الغاز بشكل تضخمي مما يساعد على بناء رأي عام معارض للحرب في الاتحاد الأوروبي ودول الناتو. لم يحصل ذلك حتى اليوم إذ إن أسعار الطاقة العالمية وصلت إلى ذروتها وسط طقس معتدل. لا يزال دعم أوكرانيا مرتفعاً في معظم الدول الأطلسية.
موقف أوكرانيا
تكبدت القوات الأوكرانية خسائر ملحوظة خلال الحرب لكن كييف ترى نفسها في موقف قوي. وقد يكون موقفها أقوى حتى، إذا توفرت أسلحة أكثر حداثة، وقد برزت بعض التطورات الأساسية هنا، من بينها توفير عربات مدرعة خفيفة ومتعددة الاستخدامات من ألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة يمكنها نقل القوات بسرعة. بالنظر إلى تقدمها منذ بداية الحرب، إن موقف أوكرانيا الرسمي هو إنهاء النزاع بشرط أن تكون روسيا الخاسر الواضح. قد يكون هذا الموقف الرسمي لكن ما تفعله أوكرانيا حالياً يعتمد على الولايات المتحدة بشكل أكبر بكثير مما يمكن أن يعترف به أي شخص في كييف أو واشنطن.
واشنطن ووتيرة الحرب
على الأقل منذ نهاية يوليو (تموز)، أمْلت واشنطن وتيرة الحرب الإجمالية وفق روجرز. اعتمد نجاح أوكرانيا دوماً على الأسلحة والتدريب وتقاسم المعلومات الاستخبارية وأشكال أخرى من الدعم الأمريكي. على سبيل المثال، صنع توفير أنظمة هيمارس الصاروخية في أغسطس (آب) فارقاً كبيراً، لكن لو وفرت الولايات المتحدة صواريخ أتاكمس ذات المدى الأطول لأمكن أن تدحر أوكرانيا القوات الروسية إلى نقاط أبعد بكثير نحو الحدود. الآن، قد تكون السياسة الأمريكية تجاه الحرب في طور التغيير، وثمة مؤشر إلى ذلك يكمن في قرار إرسال منظومة باتريوت للدفاع الجوي إلى أوكرانيا. يتم إرسال جنود أوكرانيين إلى الولايات المتحدة للخضوع لبرنامج تدريب مكثف على الباتريوت لمدة ستة أشهر، حتى يتمكنوا من استخدام المنظومة. وقد تعقبها منظومات أخرى أكثر تطوراً.
نظرة أمريكية...
هل تصدق؟
يبدو محتملاً الآن وجود نظرة في واشنطن تقول إن أي تهديد بالتصعيد من بوتين سيكون خداعاً. لقد تقلصت مكانة روسيا كثيراً بفعل الإخفاقات في الأشهر الأخيرة إلى درجة أن تهديداً نووياً سيخضع للإدانة من دول عدة بما فيها تلك الداعمة لروسيا. سيمثل التهديد نفسه اعترافاً بالفشل الذريع وسيضر موقف روسيا حول العالم كثيراً مما يجعل من الأفضل اتباع مسار للسلام عبر البدء بوقف لإطلاق النار والذي سيكون مرحباً به على نطاق واسع.
المشكلة في أن ذلك قد يكون خاطئاً وسوء قراءة خطيراً لنظرة بوتين العالمية. فالدول الغربية لا تملك في النهاية سجلاً جيداً في توقع مسار نزاعات كبيرة مثل أفغانستان والعراق وليبيا.
وختم الكاتب أنه كلما تمكنت العقول الحكيمة من مناصرة فكرة نهاية متفاوض عليها للحرب بعيداً من أي انتصار كامل لأي طرف، كان ذلك أفضل.