هل سيرحل الأمريكيون عن العراق أخيراً؟

هل سيرحل الأمريكيون عن العراق أخيراً؟

اغتالت الولايات المتحدة مؤخراً مشتاق جواد كاظم الجواري، القيادي في ميليشيا «النجباء» العراقية التابعة لإيران.
ووصف بيان البنتاغون هذه الميليشيا بأنها «جماعة إرهابية»، وأن عملية الاغتيال كانت «دفاعاً عن النفس».
لكن البنتاغون أغفل الإشارة إلى أن الميليشيا كانت جزءاً أيضاً من قوات الحشد الشعبي الحكومية التابعة لوزارة الدفاع العراقية التي تدربها القوات الأمريكية.
وانتقد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني عملية الاغتيال، وأعلن أن المسؤولين العراقيين والأمريكيين سيجتمعون قريباً لمناقشة رحيل القوات الأمريكية عن العراق بزعمه أنّ مبررات وجود التحالف «انتهت».
وعام 2020، أصدر البرلمان العراقي قراراً يطالب بطرد القوات الأمريكية بعد اغتيال الولايات المتحدة قاسم سليماني قائد فيلق القدس الإيراني وأبو مهدي المهندس زعيم قوات الحشد الشعبي.
فهل سيلبي السوداني هذا الطلب عام 2024؟ يتساءل جيمس دورسو، محلل الشؤون السياسية الخارجية والأمن القومي الأمريكي والذي عمل في البحرية الأمريكية  بالعراق .
 
منطقة تموج بالغضب
وقال دورسو في مقاله بموقع صحيفة «ذا هيل» التابعة للكونغرس الأمريكي: «جاء مقتل الجواري بعد أسابيع وحسب من الهجوم الإسرائيلي المضاد على قوات حماس في قطاع غزة، والمنطقة كلها تموج بالغضب من معاملة إسرائيل للمدنيين الفلسطينيين»، مؤكداً أن مقتل مسؤول عراقي في بغداد سيفضي إلى تدهور العلاقات بين بغداد وواشنطن في وقتٍ تنشغل فيه الولايات المتحدة بالصراع في غزة والبحر الأحمر.
وأشار الكاتب إلى تعرض القوات الأمريكية في العراق وسوريا للهجوم أكثر من 100 مرة منذ أكتوبر -تشرين الأول 2023، مضيفاً أن «انتقام الأمريكيين عادل بما فيه الكفاية، غير أنَّ قتل قائد عراقي كبير في الذكرى السنوية لاغتيال سليماني والمهندس سوء تصرف مهني جسيم، إذ من الواضح أن الموافقة على عمليات الاغتيال تم دون أخذ العواقب في الاعتبار».
وتابع الكاتب أن التحركات الأمريكية ستؤدي إلى زيادة الضغوط داخل الحكومة العراقية التي يتعين عليها أن تتعامل مع الغضب الشعبي إزاء تدمير إسرائيل لقطاع غزة، والتهديد الذي تتعرض له سيادتها إثر مقتل الجواري.
 
هل يرحل الأمريكيون عن العراق؟
فهل سيرحل الأمريكيون عن العراق أخيراً؟ يتساءل الكاتب ويقول: إذا أجرى الطرفان محادثات في نهاية المطاف، فمن المرجح جداً أن يلجأ الأمريكيون للمماطلة والتأخير، ثم يهددون بغداد بزيادة القيود المفروضة على احتياطيات العراق من العملات الأجنبية التي يحتفظ بها مجلس الاحتياطي الاتحادي الأمريكي.
وقد يتجاوز العراقيون ذلك ويطالبون بجدولٍ زمني مُعلن، رغم أن واشنطن ستود أن تحتفظ بسريَّة التفاصيل.
ووفق الكاتب، سيهدد إخلاء العراق دعم القوات الأمريكية في سوريا التي يدّعي البنتاغون أنها موجودة لضمان «الهزيمة الدائمة» لداعش، ويضيف الكاتب: «وفي الواقع أنه بعد هزيمة داعش في عام 2019، لا يوجد مبرر وجود القوات المتمركزة في المنطقة إلا لتأمين عمليات استخراج النفط والغاز الطبيعي والقمح من شمال شرق سوريا».
وإذا رفض الأمريكيون الرحيل، فلن يتمكن العراقيون من إجبارهم عليه، ولن تتجاوز إجراءاتهم الإعلان عن وجود القوات الأمريكية في الدولة بشكلٍ غير قانوني، وليس من واجب الدولة المضيفة حمايتهم.
حينئذ ستهاجم الميليشيات القواعد الأمريكية، غير أن التهديد الحقيقي قد ينبع من سائقي الشاحنات العراقيين الذين سيرفضون توصيل الطعام والماء والوقود إلى المواقع الأمريكية، وإذا حاولت الولايات المتحدة إعادة إمداد قواتها جواً، فمن الممكن أن تغلق بغداد المجال الجوي أمام الطائرات العسكرية الأجنبية.
وقد يحاول الأكراد التعاون مع الولايات المتحدة، إذ توجد منشأة أمريكية في مطار أربيل، غير أن جهودهم أُحبِطَت من قبل بسبب إغلاق المجال الجوي السابق.
وإذا قُطِعَ خط الإمداد إلى القواعد الأمريكية في العراق، فسيمسي الوجود الأمريكي في سوريا مُهدداً، وبحسب الكاتب فإن ذلك «سيرضي ذلك دمشق وطهران وبغداد، وستتذمر واشنطن بشأن النفوذ الإيراني المتزايد في المنطقة، غير أن غزو العراق بقيادة الولايات المتحدة عام 2003 هو الذي سلَّمَ العراق لإيران على طبقٍ من فضة».