هل لا تزال الصين عاملاً مهماً عند الناخبين التايوانيين؟

هل لا تزال الصين عاملاً مهماً عند الناخبين التايوانيين؟


بعد حملة انتخابية استمرت نصف عام تقريباً، اختتمت الانتخابات المحلية التايوانية 2022 في 26 نوفمبر-تشرين الثاني 2022، وجاءت نتائجها مخيبة لآمال مؤيدي الحزب التقدمي الديمقراطي الحاكم، الذي فاز بخمس من إجمالي 22 مدينة، ومناصب العمدة فيها، مقابل 13 حزب كومينتانغ المعارض الرئيسي، بما في ذلك أربع مدن كبرى، هي تايبه، ونيو تايبه، وتاويوان، وتايشونغ.
وفاز حزب الشعب التايواني، المعارض الصغير بدعم سياسي غير مباشر من حزب كومينتانغ، بأول منصب عمدة له في مدينة هسينشو.
تشونغ تونغ تشين، الذي انتخب رئيساً لبلدية مقاطعة مياولي، هو أيضاً عضو في كومينتانغ. وسيتحكم الحزب بشكل مباشر أو غير مباشر في إدارة 15 مدينة تايوانية، مع الأخذ في الاعتبار مدينة هسينشو ومقاطعة مياولي. إجمالاً، كانت الانتخابات انتصاراً ساحقاً لحزب كومينتانغ.

عوامل حاسمة
وقال هسين مينغ لين، أستاذ مساعد في قسم الإدارة العامة، الجامعة الوطنية المفتوحة في تايوان، في تحليل على منصة “منتدى شرق آسيا”، لا توجد في تايوان استطلاعات رأي يمكن أن تساعد في تحليل التصويت. لكن من المرجح أن سوء الإدارة، والأزمة الاقتصادية خلال جائحة كورونا، والفشل في تحفيز المؤيدين الشباب على التصويت، كانت عوامل حاسمة في خسارة الحزب الديمقراطي التقدمي في الانتخابات.
وأشار الكاتب إلى أن تايوان تمكنت من إدارة الوباء بنجاح في 2020-2021 عندما كان هناك عدد محدود من الحالات المؤكدة. لكن حكومة الرئيس تساي إنغ وين واجهت صعوبات في الحصول على اللقاحات الكافية ضد كورونا، بسبب المقاطعة السياسية للحزب الشيوعي الصيني، والمنافسة السياسية المحلية بين الحزب الديمقراطي التقدمي، وحزب كومينتانغ.
ومع زيادة عدد الإصابات، أعرب  مستخدمو فيس بوك عن استيائهم وتركوا رسائل غاضبة على صفحة وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية.
وكان التضخم المرتفع في تايوان قضية حرجة أخرى. وبلغ متوسط ارتفاع أسعار المواد الغذائية بين يناير-كانون الثاني ويونيو -حزيران 2022 ذروته بـ 5.83%، وهو أعلى بكثير دول شرق آسيا مثل اليابان، وكوريا الجنوبية، وسنغافورة، وتايلاندا، وهونغ كونغ.
وانعكس فقدان الحزب الديمقراطي التقدمي للدعم في الانتخابات في انخفاض معدل المشاركة، خاصة بين الأجيال الشابة. وبلغ المعدل 59.86% فقط، وهي أدنى نسبة منذ 2008.
تأييد الحزب الديمقراطي التقدمي
وأوضح الكاتب أن الحزب الديمقراطي التقدمي يحظى بدعم أعلى من أي حزب سياسي كبير، في صفوف الأقل من 40 عاماً بحوالي 30%، وكان الفشل في تحفيز المؤيدين الشباب على للتصويت سبباً مهماً في خسارة الحزب.
وكانت الهزيمة  في الاستفتاء الدستوري الأخير لخفض سن الاقتراع إلى 18 عاماً انعكاساً إضافياً لتراجع دعم الحزب الديمقراطي التقدمي بين الشباب. وستكون إعادة تحفيز الشباب أحد التحديات الحاسمة التي يواجهها الحزب الديمقراطي التقدمي في الانتخابات الوطنية المقبلة في 2024.
وقال العديد من المراقبين إنه رغم استغلال المشاعر المعادية للصين من الحزب الديمقراطي التقدمي وأحزاب “عموم الخضر” المؤيدة للاستقلال، فشل الأول في الاستفادة من العداء. ورغم أن المشاعر المعادية للصين كانت حاسمة للفوز بالمناصب السياسية على المستوى الوطني، فإن السياسة الخارجية ليست عاملاً رئيساً في الانتخابات المحلية.
وهذا لا يعني أن الصين لم تعد عاملاً مهماً أو أن المواقف من الصين تغيرت. تعد العلاقات عبر المضيق قضية مهمة في الانتخابات الوطنية كل أربع سنوات. ويميل حزب كومينتانغ إلى تأكيد ما يعرف بـ “إجماع 1992”، بينما يشددد الحزب الديمقراطي التقدمي على الشعور “بالقهر الوطني». ويود الحزبان استخدام القضايا عبر المضيق والقضايا الإقليمية، مثل العلاقات بين تايوان والولايات المتحدة، والصين، في الانتخابات على المستوى الوطني، لكسب دعم الناخبين والتشكيك في ولاء منافسيهم للبلاد، والمواقف من الصين.
وفي استطلاع للرأي أخيراً بدا أن حكومة الحزب الشيوعي الصيني بدأت في زيادة الضغط العسكري على تايوان بإرسال طائرات عسكرية وسفن حول الجزيرة. وأشار 73% من المشاركين إلى أنهم لا يستطيعون قبول السلوك العسكري المستفز من الصين وتوقعوا رداً صارماً من إدارة تساي.

قضية الصين..عامل حاسم
ستكون قضية الصين والعلاقات عبر المضيق عاملين حاسمين في الانتخابات الرئاسية والوطنية في 2024. وقد يستخدم حزب كومينتانغ استراتيجية “مركز البوصلة المحلي” لمطالبة رؤساء البلديات المحليين بضغط أكبر على حكومة تساي لقبول “إجماع 1992” أو تعديل سياستها الحالية تجاه الصين.
وأوضح الكاتب أن فشل الحزب الديمقراطي التقدمي في الانتخابات والضغط من سياسيي حزب كومينتانغ المتحمسين لتحسين العلاقات مع الصين قد تكون لهما تداعيات