رئيس الدولة ونائباه يهنئون المحتفلين بعيد الميلاد في دولة الإمارات والعالم
التركيز على تهديدات الصين وروسيا معاً
هل يدوم دعم أمريكا لأوكرانيا بعد ولاية بايدن؟
خلال قمة بارزة لحلف شمال الأطلسي (ناتو) استضافتها مدريد السنة الماضية، تعهد الرئيس الأمريكي جو بايدن دعم حلفاء الولايات المتحدة وأوكرانيا ضد الغزو الروسي “طالما اقتضت الضرورة ذلك».
لكن بحسب مراسلي مجلة “فورين بوليسي” روبي غرامر وكريستينا لو، تعاني أوروبا من توترات بشأن استعداد أمريكا الفعلي لاستدامة هذا الدعم. مع تحول الانتباه الأمريكي إلى حقبة جديدة من التنافس العالمي مع الصين، وعلى أبواب انتخابات رئاسية مثيرة للجدل في 2024، بدأ العديد من الأوروبيين يتساءلون عما إذا كانت استراتيجية واشنطن ستدوم إلى ما بعد انتهاء ولاية بايدن.
الاستثناء أم القاعدة؟
المشرعون الأمريكيون والطامحون الرئاسيون من مختلف الأطياف السياسية متوافقون بشكل واسع على تشديد النهج الأمريكي تجاه الصين والاستعداد لعصر من المنافسة بين القوى العظمى. ترك ذلك أوروبا تتساءل عما إذا كان سيتم التخلي عنها بعد مغادرة بايدن منصبه، وهو احتمال سيترك تداعيات كبيرة على النزاع في أوكرانيا إذا طال.
تقول الزميلة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية ليانا فيكس إن “مستوى التعاون الذي نراه الآن بين واشنطن والعواصم الأوروبية هو شيء لم نره حقاً منذ فترة طويلة”. لكن مع اقتراب الانتخابات، “هل بايدن هو الاستثناء للقاعدة الجديدة، أم هو العودة إلى القاعدة القديمة؟ هذا هو إلى حد بعيد ما يبقي الأوروبيين مستيقظين».
«سأكذب لو قلت ذلك»
في العلن، أظهرت أرفع الشخصيات الأوروبية ثقة راسخة بالقيادة الأمريكية في أوكرانيا وبكونها ركيزة للحلف الأطلسي. لكن خلف الأبواب المغلقة، تزداد هذه الشخصيات قلقاً من إمكانية أن يصبح الشك بالحلفاء الأوروبيين لدى أبرز مرشحين جمهوريين إلى الرئاسة الأمريكية، أي الرئيس السابق دونالد ترامب وحاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس، متجذراً في السياسة الخارجية الأمريكية.
وهي تقلق أيضاً من إمكانية أن تمتص الحرب الباردة الجديدة التي تختمر مع الصين التركيز السياسي والموارد العسكرية للولايات المتحدة من أوكرانيا والمسرح الأوروبي. يقول ديبلوماسي أوروبي بارز اشترط عدم الكشف عن اسمه: “سأكذب لو قلت إننا لسنا متوترين قليلاً، خصوصاً إذا طالت الحرب في أوكرانيا نحو حرب استنزاف على مدى سنوات».
سؤال وجودي
أشارت أنباء إلى أن كبار المستشارين للرئيس الروسي فلاديمير بوتين قالوا لزملائهم إنهم يستعدون لحرب طويلة ضد أوكرانيا، وهو احتمال قد يستنزف المصلحة والحافز لدى الولايات المتحدة كي تعزز الدفاع في أوروبا على المدى البعيد. يسلط القلق المتصاعد في أوروبا الضوء على المعركة الشاقة التي تواجهها إدارة بايدن في رسم استراتيجية طويلة المدى بشأن أوكرانيا وروسيا يمكن أن تطول لفترة أطول من خدمته في المنصب.
كما أنه يستعرض سؤالاً وجودياً قد يحدد فعلاً السياسة الخارجية للولايات المتحدة في العقود المقبلة: هل بإمكان واشنطن وحلفائها التركيز على تهديدات الصين وروسيا معاً؟ هل بإمكانهم تحمل عدم فعل ذلك؟ قال الزميل الزائر في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ماثيو دروين إن “إدارة بايدن قدمت جميع الإشارات والتطيمنات إلى أنها ملتزمة جداً بأمن أوروبا. أعتقد أن علامة الاستفهام الحقيقية تتعلق بالإدارة المقبلة».
مواقف الجمهوريين
عبر الدفاع عن أوكرانيا في مواجهة روسيا، أعلن عدد من المسؤولين الأمريكيين أنهم يساعدون على ردع غزو صيني محتمل لتايوان، كما قال السيناتور ليندزي غراهام لمجلة بوليتيكو في يناير (كانون الثاني). لكن مع اقتراب الانتخابات الرئاسية المقبلة في 2024، كان عدد متزايد من الأصوات الجمهورية البارزة يشكك في مستقبل المساعدات الأمريكية إلى كييف، ومن ضمنها ترامب وديسانتيس.
حتى مع بقاء مركز الثقل في الحزب الجمهوري مؤيداً بشدة لأوكرانيا، أشار ديسانتيس إلى أن الحرب كانت “نزاعاً على الأراضي” واقترح أنها ليست “مصلحة قومية حيوية” وذلك خلال تعلقيات مثيرة للجدل تراجع عنها لاحقاً. انتقد رئيس مجلس النواب الجمهوري كفين ماكارثي إرسال ما سماه “الشيك على بياض” إلى كييف خاضعاً بذلك لضغط جناح اليمين المتطرف في حزبه مع محاولته إدارة غالبيته الضئيلة في مجلس النواب.
ما تفهمه أوروبا
ذهب بعض السياسيين الجمهوريين أبعد من ذلك فحثوا واشنطن على الحد من الدعم العسكري لأوكرانيا والتركيز عوضاً عن ذلك على الصين. خلال كلمة له في مؤسسة هريتدج الأمريكية، ربط السيناتور جوش هاولي علناً بين الدعم الأمريكي لأوكرانيا والموقف الأضعف تجاه الصين. وقال: “يجب توضيح أنه، بالنظر إلى التهديد الصيني والحاجة للردع، سنضطر إلى كبح القوات عن أي نزاع مباشر مع روسيا».
إن قضية أي من الجناحين سيفوز في الحزب الجمهوري هي أساسية لأوكرانيا وداعميها في الناتو. تقول رئيسة صندوق مارشال الألماني هيذر كونلي إن “أوروبا تفهم أنها لا تستطيع إدارة هذا النزاع بنفسها”. وقال نائب وزير الخارجية الليتواني مانتاس أدوميناس إنه “من دون دعم الولايات المتحدة، سيكون الوضع أكثر قتامة وخطورة بكثير».
أوروبا مشوشة تجاه الصين
أضاف المراسلان أن القادة الأوروبيين كانوا أكثر تناقضاً تجاه الصين، فردد بعضهم وجهات النظر المتشددة الصادرة من واشنطن بينما دعا آخرون إلى المزيد من الحوار والتعاون الاقتصادي مع القوة العظمى الناشئة. أدى ذلك إلى تقديم ذخيرة إضافية للسياسيين المشككين في الحزب الجمهوري وأسس احتمالاً للمزيد من الاحتكاك مع واشنطن حتى في حقبة بايدن.
سعى كبار القادة الأوروبيين إلى موائمة نهج أوروبا حيال الصين مع النهج الأمريكي من أجل تفادي هذه التوترات. وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين الخميس إن “الهدف الواضح للحزب الشيوعي الصيني هو تغيير ممنهج للنظام الدولي مع وجود الصين في مركزه”. وأضافت: “رأينا عرض الصداقة في موسكو والذي يقول ألف كلمة حيال هذه النظرة الجديدة لنظام دولي».
في الوقت نفسه، ربما يغنّي قادة دول في أوروبا على لحن مختلف. اصطحب المستشار الألماني أولاف شولتس وفداً تجارياً معه في زيارة إلى بكين السنة الماضية. وزار رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز الصين خلال الأسبوع الماضي، ومن المزمع أن يزور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وفون دير لاين الصين في الأسابيع المقبلة.
مخرج للمعضلة؟
تعتقد مديرة مركز كارنيغي أوروبا روزا بالفور أن الأوروبيين يريدون إبقاء بعض القنوات مفتوحة لمعرفة كيفية الانخراط مع الصين، بالرغم من أنها “لعبة صعبة”. وسط كل هذا التوتر، بإمكان ازدياد الروابط بين روسيا والصين، بما فيها تقارير عن خطط صينية لإرسال مساعدات عسكرية إلى روسيا، أن تقدم مخرجاً بشأن معضلة “الصين أو روسيا”. أو هكذا يأمل العديد من المؤمنين بالعلاقة العابرة للأطلسي.
تقول كونلي، رئيسة صندوق مارشال الألماني: “هنا سيساعدنا بوتين و(الرئيس الصيني) شي (جينبينغ) على الخروج. يجب علينا أن ننظر إلى اصطفافهما الاستراتيجي، لأنهما ينضمان إلى بعضهما بطرق جديدة الآن».