تايوان على صفيح ساخن:

هل يزعزع الضغط الجوي الصيني تحالف واشنطن-تايبيه؟

هل يزعزع الضغط الجوي الصيني تحالف واشنطن-تايبيه؟

-- التوترات الحالية بين تايبيه وبكين هي الأسوأ منذ 40 عامًا
-- جاء الإعلان عن القمة الافتراضية المقبلة في أعقاب ست ساعات من المحادثات في زيورخ
-- هناك مؤشرات على إرادة واشنطن وبكين في السعي للتهدئة ومنع الوصول إلى نزاع مسلح
-- تستمر الصين في عسكرة بحر الصين الجنوبي، ومقاتلات صينية في قواعد قريبة من تايوان


   يستمر التوتر في التصاعد بين الصين وتايوان، وتعيش تايوان تحت التهديد المستمر لغزو الصين. تعتبر بكين الأرخبيل مجرد مقاطعة يجب أن تعود عاجلاً أم آجلاً إلى حظيرتها، بالقوة إذا لزم الأمر. وازداد الضغط الصيني العسكري والدبلوماسي والاقتصادي بشكل واضح منذ وصول تساي إنغ ون إلى السلطة عام 2016، هي التي ترفض مبدأ “الصين الواحدة”، وتعتقد أن تايوان مستقلة فعليا بحكم الأمر الواقع.

«أعمال استفزازية
وغير مسؤولة»
   حثت تايبيه يوم الاثنين، 4 أكتوبر، بكين على إنهاء “أعمالها الاستفزازية وغير المسؤولة” بعد التوغل القياسي لـ 56 طائرة مقاتلة صينية، منها قاذفات H-6 ذات القدرات النووية في منطقة تحديد الدفاع بالجزيرة. وتصر الرئيسة تساي إنغ ون، على أنه “وسط التدخلات شبه اليومية لجيش التحرير الشعبي، يظل موقفنا من العلاقات بين جانبي مضيق تايوان ثابتًا: لن تستسلم تايوان للضغوط”. وأضاف وزير الدفاع التايواني تشيو كوبو تشينغ، ان التوترات الحالية بين تايبيه وبكين هي الأسوأ منذ 40 عامًا.

   ان منطقة تحديد الدفاع الجوي، هي المجال الجوي الذي ترغب كل الدولة معرفة وتحديد موقع الطائرات لأسباب تتعلق بالأمن القومي. وقد ازدادت مثل هذه الغارات الجوية الصينية في المنطقة على مدى العامين الماضيين، حيث حاولت بكين استعراض القوة في اوقات تعتبر مهمة. إنها أيضًا طريقة للصين لاختبار أسطول تايبيه القديم من الطائرات المقاتلة. في العام الماضي، تم اكتشاف 380 طائرة عسكرية صينية في منطقة تحديد الدفاع الجوي بالجزيرة، ومنذ بداية العام هناك أكثر من 600 طائرة.    يوم الثلاثاء، أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن، أنه تحدث عبر الهاتف في 9 سبتمبر مع نظيره الصيني شي جين بينغ بشأن تايوان، وأنهما توصلا إلى اتفاق على أنهما سيحترمان الاتفاقية المبرمة عام 1979 بين بكين وواشنطن أثناء إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. “لقد تحدثت مع شي عن تايوان، واتفقنا على أننا سنتمسك باتفاقية تايوان. هذا واضح لنا الآن، ويجب ألا نفعل شيئًا سوى التمسك بهذه الاتفاقية”.

وفي اجتماع التاسع من سبتمبر، اتفق قائدا أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم على الحاجة إلى الحفاظ على وسائل الاتصال وتعزيزها من أجل تجنب الصراع.    يشار الى انه بموجب اتفاقية عام 1979 هذه، قانون العلاقات مع تايوان، تعترف حكومة الولايات المتحدة ببكين وليس بتايوان، وتتبنى مبدأ الصين الواحدة، بشرط أن يتم تحديد مستقبل تايوان بالوسائل السلمية. وهذا العنصر الأخير مهم، لأن شي جين بينغ هدد الأرخبيل مرارًا وتكرارًا باستخدام القوة إذا لزم الأمر لتحقيق إعادة التوحيد مع البر الرئيسي الصيني.

قمة افتراضية
 بين بايدن وشي
   والأحد الماضي ايضا، حثت إدارة بايدن الصين على إنهاء عمليات التخويف العسكري ضد تايوان. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس، في بيان، إن “الولايات المتحدة قلقة للغاية بشأن العمليات العسكرية الاستفزازية لجمهورية الصين الشعبية التي نفذت بالقرب من تايوان، والتي كان لها تأثير زعزعة الاستقرار، وزيادة المخاطر، وتخريب السلام والاستقرار الإقليميين في المنطقة».
   لكن في هذا السياق المتوتر، هناك مؤشرات على إرادة واشنطن وبكين في السعي وراء التهدئة. وخصوصا منع تدهور الوضع إلى نزاع مسلح.
ومن أحدث هذه العلامات، هو إعلان المسؤولين الأمريكيين يوم الأربعاء “6 أكتوبر” عن عقد اجتماع عبر الفيديو بين شي جين بينغ وجو بايدن بحلول نهاية العام.

   كان جو بايدن يفضل عقد اللقاء وجها لوجه مع نظيره الصيني، غير أن بكين رفضت لأن شي جين بينغ لم يغادر الأراضي الصينية منذ ما يقارب العامين بسبب الوباء العالمي لفيروس كوفيد-19 ولا ينوي القيام بذلك في الأشهر المقبلة، حسبما أوضح مصدر صيني لم يكشف عن هويته، نقلت عنه صحيفة ساوث تشاينا مورنينج بوست.
   لن يحضر الرئيس الصيني قمة مجموعة العشرين في وقت لاحق من أكتوبر في روما. ولم يُعرف بعد موعد هذا الاجتماع بين بايدن وشي، لكن وفقًا لمصادر أمريكية رسمية، فإن مسؤولين آخرين من كلا البلدين سيحضرون.
    ومع ذلك، فإن شكل هذا الاجتماع يقدم تناقضًا صارخًا مع القمة المباشرة بين جو بايدن وفلاديمير بوتين في جنيف في يونيو الماضي. لم يلتق الرئيس الأمريكي مطلقًا بالرجل الأول في الصين جسديا منذ وصوله إلى البيت الأبيض في يناير.
   ويأتي هذا الإعلان عن القمة الافتراضية المقبلة بين الرجلين، في أعقاب ست ساعات من المحادثات في زيورخ بين جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للإدارة الأمريكية، ويانغ جيتشي، مسؤول الشؤون الخارجية بالحزب الشيوعي الصيني.

    وصرح مسؤول أميركي كبير للصحفيين، بأن المناقشات بين جيك سوليفان ويانغ جيتشي كانت “صريحة ومباشرة وواسعة”. ومع ذلك، أوضح متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، أن يانغ أبلغ مستشار جو بايدن أنه إذا كان على البلدين تعميق الاتصالات حول مواضيع مثل مكافحة الاحتباس الحراري، فيجب على الولايات المتحدة إنهاء “تدخلها في الشؤون الداخلية الصينية”. وصرح انه “لا يجب ان تستخدم كلمة ‘منافسة’ لتعريف العلاقات الثنائية، ويجب على الولايات المتحدة احترام سيادة الصين وأمنها وتنميتها».
   وتابع يانغ جيتشي: “لاحظت الصين حقيقة أن الولايات المتحدة قالت إنها لا تعتزم معارضة تنمية الصين، ولا ترغب في الدخول في حرب باردة.وتأمل أن تتبنى الولايات المتحدة سياسة عقلانية وعملية تجاه الصين، وأن تعمل مع الصين وفقًا لمصالحها الأساسية. «

«امتلاك القدرة
 للدفاع عن النفس»
   تكتسب التهديدات الصينية ضد تايوان طابعا مختلفا في ضوء التعليقات التي أدلى بها وزير الدفاع التايواني تشيو كوبو تشينغ في وقت سابق من هذا الأسبوع، بأن بكين ستكون قادرة على مهاجمة تايوان بحلول عام 2025 بأضرار بشرية محدودة.
    وحذر الوزير، ان جيش التحرير الشعبي سيكون قادرًا على شن هجوم على تايوان “مع تسجيل خسائر محدودة”، بما يعني أن الصين بحلول ذلك الوقت ستكون “قادرة تمامًا على إعلان حرب ضد الجزيرة مع فرصة للنجاح”، كما ذكرت ساوث تشاينا مورنينج بوست.
    وردا على سؤال للبرلمان التايواني عن تقييمه لقدرة بكين العسكرية على مهاجمة تايوان على جميع الجبهات، قال تشيو كوبو تشينغ: “إن الشيوعيين الصينيين يملكون هذه القدرة على القيام بذلك، لكن لا يزال يتعين عليهم التفكير في تكلفة وعواقب مثل هذه الحرب”.
  يضاف إلى ذلك، خطر صراع ينجم عن سوء تقدير في بكين والذي قد يؤدي إلى حرب غير مرغوب فيها، كما شدد وزير الدفاع التايواني قلقا ايضا.

   وفي مواجهة هذا الخطر، يتعين على تايوان تعزيز قدراتها الدفاعية “بشكل عاجل”، والحصول على أسلحة جديدة من الولايات المتحدة دون تأخير. “لم تكن لدينا أبدًا الرغبة في الدخول في سباق تسلح مع بكين لأننا لا نمتلك القدرة المالية ولا الوسائل للقيام بذلك”. وختم الوزير قائلا، “كوني عضوًا في القوات المسلحة التايوانية، يمكنني أن أخبركم أنني أؤمن بشيء واحد فقط: بدلاً من الاعتماد على كلمات يقولها آخرون، يجب أن نكون قادرين على الدفاع عن أنفسنا”، في إشارة إلى وعود واشنطن الغامضة في مساعدة الأرخبيل في حال وقوع هجوم صيني.
   من جانبها، أشارت الإدارة الأمريكية في الأيام الأخيرة، إلى أنه رغم اعتراف واشنطن بمبدأ صين واحدة، فإن العلاقات بين الولايات المتحدة وتايوان تظل “صلبة للغاية».

   في الاثناء، تستمر عسكرة الصين لبحر الصين الجنوبي. وهكذا، أظهرت صور الأقمار الصناعية وجود مقاتلات صينية من طراز J-16D مصممة للحرب الإلكترونية في قاعدة شيانغتانغ الجوية (جيانغشى)، وكذلك في قاعدة أخرى في تشانغشينغ (تشجيانغ)، وكلاهما يقع بالقرب من تايوان. وتم نشر هذه الصور يوم السبت 2 أكتوبر من قبل المجلة المختصة ومقرها في كندا، كنوا ديفانس ريفيو.
   تعلن بكين سيادتها على 4 ملايين كيلومتر مربع في بحر الصين الجنوبي، سيادة تعارضها الولايات المتحدة وأستراليا واليابان، تمامًا مثل الدول المشاطئة في هذه المنطقة، وهي تايوان وفيتنام والفلبين وإندونيسيا وماليزيا وسنغافورة.

   علامة أخرى عن قلق واشنطن، وفقا لصحيفة وول ستريت جورنال الخميس الماضي فإن الوحدات المسؤولة عن أساطيل العمليات الخاصة التابعة للجيش الأمريكي تعمل سرا على الأراضي التايوانية منذ عام على الأقل لتدريب الجيش التايواني تقنيات قتالية. ونقلت الصحيفة الأمريكية عن مسؤولين عسكريين أمريكيين، لم تحدد هويتهم، قولهم إن نحو عشرين من مشاة البحرية الأمريكية ينفذون عمليات تدريب لقوات الجيش والبحرية التايوانية.

مؤلف حوالي خمسة عشر كتابًا مخصصة للصين واليابان والتبت والهند والتحديات الآسيوية الرئيسية. عام 2020، نشر كتاب “الزعامة العالمية محوره، الصدام بين الصين والولايات المتحدة” عن منشورات لوب