قد تواجه اليابان وتايوان وأستراليا تأخيراً في تسلم المعدات العسكرية

هل يمكن للولايات المتحدة دعم حربين ومواصلة تحديها للصين؟

هل يمكن للولايات المتحدة دعم حربين ومواصلة تحديها للصين؟

اكتسب الوعد الأمريكي بالتحول إلى آسيا أخيراً الزخم باتفاقات أمنية مع الفلبين والهند، وتوسيع التدريبات العسكرية وتخطيط مع الحلفاء من أجل البقاء متقدمين على التكنولوجيا الصينية.
ولكن الشرق الأوسط، بحسب ما كتب داميان كايف في صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، جذب واشنطن مجدداً مثل دوامة.. وبالنسبة إلى شركاء أمريكا في المحيطين الهادي والهندي، وكثيرون منهم يشعرون بالقلق أصلاً لأن الولايات المتحدة لا تتحرك بالسرعة الكافية لمواجهة بكين، فإن التركيز المفاجئ على غزة -مع مسارعة البنتاغون إلى حشد القوات الأمريكية ونقل الأسلحة إلى إسرائيل ومسارعة الدبلوماسيين الأمريكيين إلى عواصم الشرق الأوسط- جعل الشركاء في آسيا يشعرون بالخسارة، ما سيؤدي إلى تأخير التقدم في مواجهة بعض تحدياتهم الأكثر أهمية. 
 وقال النائب والمستشار السابق في الأمن القومي الياباني أكيهيسا ناغاشيما، خلال منتدى إستراتيجي في سيدني بأستراليا الأسبوع الماضي: «أكثر ما يقلقنا هو تحويل المقدرات العسكرية الأمريكية من شرق آسيا إلى الشرق الأوسط.. إننا نأمل في أن ينتهي هذا النزاع في أسرع وقت ممكن».
 
بلينكن وأوستن
يقول القادة العسكريون الأمريكيون إن أياً من المعدات الأمريكية لم تنقل من منطقة المحيطين الهادي والهندي.. ويجول وزيرا الدفاع والخارجية الأمريكيان لويد أوستن وأنتوني بلينكن على آسيا هذا الأسبوع حاملين رسائل تطمين، وسيتوقفان بشكل منفصل أو معاً في الهند واليابان وكوريا الجنوبية وإندونيسيا.
وعلى الأرجح سيستمعان إلى مزيد من الآراء حول غزة، في وقت تبدو الهند أكثر دعماً لإسرائيل، بينما تسعى اليابان إلى مقاربة أكثر توازناً، وتعبر إندونيسيا، أكبر بلد مسلم، عن غضب متزايد حيال آلاف المدنيين الذين قتلوا في الغزو الإسرائيلي الذي أعقب هجوم حماس على إسرائيل.
لكن كل هذه الدول تتشارك في سؤال واحد وهو كيف ستوازن أمريكا بين انخراطها في حرب أخرى بعيدة، فضلاً عن أوكرانيا، وبين حاجات المحيطين الهادي والهندي.. وكثيرون يسألون عن حجم التعهدات الذي تستطيع الولايات المتحدة الالتزام به حيال كل هذه الدول، علماً أن قواتها في الخارج منتشرة بطاقتها القصوى، بينما هي منقسمة في الداخل؟ 
ولفت الكاتب إلى أن الأسلحة هي مجال للقلق المشترك.. إن الصناعة العسكرية في الولايات المتحدة تعاني من نقص في الذخيرة التي تزود بها أوكرانيا وإسرائيل، بما في ذلك قذائف المدفعية من عيار 155 ملم، كما أن الذخائر الموجهة وأنظمة أمريكية أكثر تعقيداً يتم إرسالها إلى النزاعين، حتى وإن كان شركاء أمريكا في المحيطين الهادي والهندي ينتظرون حصتهم من الأسلحة.
 
معدات عسكرية
ومن الممكن أن تواجه اليابان وتايوان وأستراليا تأخيراً في تسلم المعدات العسكرية، التي كان تم التعاقد عليها ووعدت بها الولايات المتحدة.
ويقول وزير الدفاع التايواني السابق أندرو نين-دزو، إن «الأمر لا يتعلق فقط بالمعدات فقط.. بل عليك أن تعلم وتدرب الناس على طريقـــــة استخدام هذه الأسلحة»..
 وأضاف «هناك قلق من أن لا يكون لدى الولايات المتحدة المزيد من الفاعلية والقدرة اللازمة لردع الصين». وإذا ما طالت حرب غزة، فإن تأثيراتها قد تتغير.. وبينما قد ينهك نزاع مديد الترسانات الأمريكية، فإن الصين قد تتعلم درساً مفاده أن حرب المدن صعبة للغاية، ما قد يردع بكين عن تنفيذ تهديداتها بالسيطرة على تايوان ذات الكثافة السكانية العالية، التي تنظر إليها على أنها أراضٍ ضائعة.
 
سياسة حافة الهاوية
حتى الآن، يبدو أن الصين تفضل سياسة حافة الهاوية.. وبعد أسبوعين من هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر-تشرين الأول، صدمت سفينة لحرس السواحل الصيني وزورق للميليشيات البحرية، سفناً فلبينية كانت في مهمة لنقل الإمدادات إلى موقع فلبيني في بحر الصين الجنوبي تزعم بكين ملكيته، وكان هذا الحادث الأكثر خطورة بين البلدين منذ 20 عاماً فيما يتعلق بالأراضي المتنازع عليها.
وبعد أيام، اقتربت مقاتلة صينية إلى مسافة 10 أقدام من قاذفة بـ52 أمريكية خلال مناورة ليلية فوق بحر الصين الجنوبي، ما كاد يتسبب باصطدام.. وهو ما وصفه الجيش الأمريكي «بنموذج خطير وإكراهي وسلوك عملياتي ينطوي على مجازفة».
وهدف الصين، بحسب القائد الأمريكي في منطقة المحيطين الهادي والهندي الأدميرال جون س. أكويلينو، «إرغام الولايات المتحدة على الخروج من المنطقة»، الأمر الذي يؤكد مسؤولون في البنتاغون أنه غير وارد.
 
وتتذكر الهند كيف انتقل الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش، من اعتبار الصين «منافساً إستراتيجياً» إلى محاولة التقرب منها بعد هجمات 11 سبتمبر -أيلول، والزيارة التي قام بها الرئيس الأمريكي وقتذاك إلى بكين، ولقائه الرئيس الصيني حينذاك جيانغ زيمين.
والآن، مع حرب غزة، والزيارة التي سيقوم بها الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى سان فرانسيسكو، لحضور قمة آبيك ولقائه المتوقع مع الرئيس جو بايدن هذا الشهر، فإن بعض المعلقين الهنود يتساءلون عما إذا كان بايدن سيحدث تحولاً على موقفه حيال الصين بسبب الشرق الأوسط.
وبالنسبة إلى اليابان وشركاء آخرين في آسيا، فإن الحرب في غزة تخاطر بعرقلة إمدادات النفط والتقدم على صعيد الأمن. وكلما انتهت الحرب بسرعة، بحسب رأيهم، كان في الإمكان العو
دة سريعاً إلى ما تعتبره واشنطن التحدي الأكثر أهمية: الردع والتنافس مع الصين في عالم يزداد ترابطاً.