هل ينتهي «القرن الأمريكي» في 11 سبتمبر 2021 ؟

هل ينتهي «القرن الأمريكي» في 11 سبتمبر 2021 ؟


توقع أستاذ العلاقات الدولية في أكاديمية ربدان الإماراتية وجامعة مقدونيا اليونانية الدكتور سبيريدون ليتساس أن يكون 11 سبتمبر (أيلول) 2021 يوم اختتام “القرن الأمريكي».
وأوضح في صحيفة “ذا أراب نيوز” السعودية أن الرمزية تؤدي دوراً بارزاً في السياسات الدولية حتى ولو لم تكن ضرورة استراتيجية.
بدأ خفض القوات الأمريكية في أفغانستان، وسيغادرها آخر جندي، في 11 سبتمبر (أيلول). قرر البيت الأبيض توجيه رسالة قوية عن نهاية الحلقة المفرغة، التي فتحها الإرهابيون منذ عشرين عاماً، إلى الأبد، وأنه بات بإمكان الأمريكيين العودة إلى ديارهم.

فصل جديد
يشير ليتساس إلى وجود العديد من الطرق التي يمكن بها قراءة قرار بايدن الأفغاني. يبذل الرئيس الحالي قصارى جهده لإعادة بناء صورة الولايات المتحدة “المدينة المشعة على التلة”، في نقيض لسياسة سلفه دونالد ترامب، التي أضرت بقوة واشنطن والناعمة، وفق رأيه.
وبالانسحاب من أفغانستان، يوجه بايدن رسالة عن استعداد بلاده لفتح فصل جديد في سياستها الخارجية. ومع ذلك، لم يعانِ القرار الأمريكي بمواجهة طالبان والقاعدة من أي خطب، حسب الكاتب، بل على العكس، إذا كان شبه مستحيل ردع الإرهاب لو سُمح لأفغانستان بمواصلة تقديم نفسها أرضاً بائسة منذ فترة سبقت بكثير ما تحولت إليه الرقة السورية، تحت حكم داعش.

يأسف ليتساس على استمرار وجود حركة طالبان في أفغانستان وعودة القاعدة إلى الحلبة الدولية خاصةً في اليمن. وينطبق الأمر نفسه على داعش، حيث يستمر التنظيم في التحرك في اليمن، وليبيا، ودول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، ما يؤدي إلى الاستنتاج الدامغ بأن الولايات المتحدة تنسحب من أفغانستان دون تأمين ولو سلام أو نظام هش هناك، ودون إفهام طالبان أن أي سلوك متهور، سيواجَه بتداعيات عسكرية.

ومن وجهة نظر استراتيجية، يغذي صمود طالبان نرجسيتها، بما أنها تدبرت النجاة من العمليات العسكرية لأقوى الجيوش في العالم، القوات الأمريكية، والأطلسية، إلى جانب نظرة طالبان إلى نفسها قوة غير قابلة للهزيمة، اعتماداً على ماورائيات متطرفة محيطة بها. يثير هذا الأمر مخاوف جدية على السلام في أفغانستان، يوم 12 سبتمبر (أيلول) وما بعده.

نهاية “القرن الأمريكي»
يؤيد ليتساس بشدة وجهة النظر القائلة إن قرار بايدن واقعي، بما أنه من مدرسة التفكير الأوبامية. يريد بايدن وضع حد لكلفة الحرب البشرية والمالية التي تكبدتها الولايات المتحدة بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول) الإرهابية.
يتخذ بايدن قراره معترفاً بما أدركه السوفييت، والبريطانيون، والفرنسيون، والإغريق، والفرس على مدى قرون، لا يمكن احتلال منطقة ترفض علناً أسلوب التفكير السياسي التقليدي، منطقة تملك مراكز مدينية قليلة، وتضم تضاريس من بين أصعب ما يمكن أن تواجهه الجيوش.
هذا التنازل من أقوى جيش شهدته البشرية على الإطلاق يُنهي بشكل رسمي ما سمي بـ”القرن الأمريكي” الذي بدأ مع دخول الولايات المتحدة الحرب العالمية الأولى، ويلفت الكاتب النظر إلى أن المؤرخين سيعتبرون يوم الانسحاب النهائي من أفغانستان إشارة إلى نهاية رسمية لتلك الحقبة.

مستقبل أفغانستان؟
لا تبدو البشائر جيدة وفقاً لليتساس، على الأفغان مساعدة أنفسهم بفعالية ومعارضة عودة طالبان إلى السلطة المركزية، ما يعني أنه للمرة الأولى في البلاد، يجب إعلاء حب الوطن على الولاءات القبلية والحزبية، وبعبارة أخرى، إن أبرز مهمة ستواجه أفغانستان هي اختبار عمق النظام “الوستفالي” والظهور على شكل دولة-أمة تقليدية.
تظهر بيانات الرئيس الأمريكي والمقربين منه أن واشنطن ستركز على الردع المزدوج للصين وروسيا. وسيرتفع العداء أكثر، ولكن الكاتب يرى أن هذا الأمر سيبنى على الاستقرار المنهجي عوض غياب الاستقرار، فالساحة الدولية في نشاط عدواني مستمر، ما يعني أن ظروف التعددية القطبية أقرب إلى ما تتحدث عنه نظرية العلاقات الدولية عن “الشذوذ المنهجي».

ويضيف الكاتب أن نهاية “القرن الأمريكي” أمر واقع، لكنه لا يعني أن الولايات المتحدة ليست أكثر دولة غربية صلابة وتأثيراً في السياسات الدولية.
وعلى العكس فإن تصاعد العدوانية بين الولايات المتحدة، وروسيا، والصين سيسمح لواشنطن بإحياء العلاقات العابرة للأطلسي، أداة قيّمة، لتحمل الضغط وتنويع مهاراتها الهائلة والفريدة في مجالي القوة الناعمة والصلبة.
ويعتقد ليتساس في الختام أن بايدن أكثر من قادر على تحقيق هذا التحول الضخم بأسلس طريقة ممكنة.